علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
عندما قرَّر الغرب مُمثلًا في القوتين الاستعماريتين: فرنسا وبريطانيا، عبر "وعد بلفور" البريطاني واتفاقية "سايكس وبيكو" وزراء خارجية الدولتين، وِرَاثة الدولة العثمانية وتمزيق الأمة العربية إلى أقطار صغيرة واهنة ومشتتة، تمهيدًا لغرس الكيان الصهيوني في قلبها كمُعطِّل حضاري للأمة، لم يكتفوا بإحلال الصهاينة في أرض فلسطين وتوطينهم قسرًا، وتهجير السكان الأصليين خارج فلسطين ونزوح من تبقى إلى مواطن بديلة لمواطنهم ومدنهم وقراهم الأصلية بفلسطين.
لم يكتفِ الغرب بذلك؛ بل حمى الكيان وأحاطه بجملة من الأضاليل والأكاذيب والزيف، لتضليل العالم ومنهم العرب، زاعمًا أحقية هذا الكيان تاريخيًا في أرض فلسطين؛ حيث تدثّر هذا الكيان المسخ بالديانة اليهودية وبتاريخ اليهود في الجزيرة العربية والأقطار العربية؛ ليُضفي المشروعية الزائفة على وجوده بفلسطين واحتلاله لها.
درس الكيان الصهيوني العرب جيدًا، كما درس الدين الإسلامي كذلك، ودرس اللغة العربية والشخصية العربية حتى يتمكن من اختراق الوعي والعقل الجمعي للأمة، ويُسوِّق نفسه كقوة لا تُقهر بعد كل ذلك.
الصهاينة لم يكونوا السباقين من البشر في الاستعانة بعلم النفس في حروبهم؛ بل سبقهم الألمان في العهد النازي حين أقاموا أكبر مركز للبحوث والدراسات النفسية العميقة، وأوكلوا له دراسة نفسيات الشعوب حول العالم حتى يسهل عليهم اختراقها عبر بواطن الضعف فيها، وتجنُّب بواطن القوة فيها. لهذا تميزت المدرسة الألمانية في فنون الحروب النفسية التي أسسها واشتهر بها جوزف جوبلز، تلك المدرسة التي أرعبت العالم في زمنها، وجعلت شعوبًا وجيوشًا تنهار بفعل خطابها قبل زحف الجيوش واشتعال المعارك على الجبهات.
"طوفان الأقصى" اليوم كشف لنا أهمية علم النفس في الحروب، كما كشف لنا هشاشة الشخصية الصهيونية في ميادين المعارك حين تواجهها الشجاعة والقوة الإيمانية. لذلك نحن في أمسِّ الحاجة اليوم إلى العودة إلى علم النفس، وتحديدًا علم النفس الصهيوني، وهو بلا شك فرعٌ جديدٌ من أفرع علم النفس التي أفرزها الطوفان، وبرهن على ضرورة دراسة الشخصية الصهيونية دراسة تفصيلية دقيقة، وضرورة فصلها عن الشخصية اليهودية التي تتستر خلفها لتضليل الرأي العام العالمي والعربي، والتسلُّل من خلالها للتوسع في جغرافية الوطن العربي بزعم الحق التاريخي، وضرورة عدم التصديق بأن الكيان الصهيوني دولة أو كيان سياسي، تسري عليه قوانين دولية أو قواعد العلاقات بين الدول؛ فالكيان الصهيوني مشروع لمحفل غربي كبير للهيمنة على العالم انطلاقًا من تطويع الأمة العربية والهيمنة عليها.
الشخصية الصهيونية شخّصها وحلَّلها الدكتور المُفكر عبدالوهاب المسيري- رحمه الله- وبدلًا من أن يُدرَّس جُهد هذا المُفكِّر الكبير كزادٍ معرفي كبير للأمة وخارطة طريق لها ولأجيالها، اعتَبَرَ الكثير منا "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"- التي ألّفها المُفكِّر الراحل- مجردَ كتابٍ عابر، وبحثًا كغيره من البحوث.
ما يُقلق الكيان الصهيوني ورعاته اليوم، هي الحرب النفسية العميقة التي تُمارسها ضده فصائل المقاومة في غزة ولبنان، والتي زرعت فيهم الهزيمة والذُل قبل المواجهات العسكرية في الميدان.
قبل اللقاء.. أكثر ما يُؤرِّق الكيان الصهيوني ورُعاته اليوم، هو تناسل فصائل المقاومة في جغرافيات أخرى، وتفشّي ثقافة الجهاد بين أبناء الأمة مُجددًا.
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ايران تفرح مع غزة وتؤكد أن ما جرى اليوم هو أكبر هزيمة للكيان الصهيوني
متابعات
برزت الجمهورية الاسلامية الإيرانية كأحد أعمدة الدعم الصلب للقضية الفلسطينية، منذ اللحظة الأولى لطوفان الأقصى وحتى النصر الذي أجبرت فيه غزة العدو على وقف العدوان بصمودها ومقاومتها.
تحركات شعبية هادرة ومستمرة، ودعم عسكري جاد وحاسم، وجهود دبلوماسية متواصلة، رسمت صورة مشرفة للتضامن الحقيقي، حيث علت في مختلف المدن الإيرانية وشوارعها الهتافات المساندة لغزة في مظاهرات شعبية جسدت وحدة الموقف مع الفلسطينيين طوال أكثر من عام.
لم يتوقف الأمر عند الشعارات، بل امتد إلى تبرعات سخية بالأموال والذهب، حيث تدافعت الأسر الإيرانية، نساءً ورجالاً وأطفالاً، للمساهمة في دعم صمود غزة في مشهد إنساني عميق المعاني. ويؤكد المواطنون الإيرانيون أنهم مستعدون للاستمرار في دعم الشعب الفلسطيني حتى يتحرر، وأنهم لا يمكنهم أن يروا مظلومًا ولا يساعدونه.
ولم تقتصر جهود إيران على الدعم العسكري النوعي الذي ظهر جليًا في عمليتي الوعد الصادق الأولى والثانية، اللتين عززتا موقف المقاومة بوضع حد لطموحات العدو. كما قدمت إيران قادة شهداء في سبيل نصرة غزة، لتجسد التزامها الراسخ بالمقاومة قوةً ودماً، في رسالة واضحة أن دعم فلسطين يتجاوز الشعارات إلى الأفعال الراسخة.
وعلى الساحة الدولية، قاد الشهيدان السيد إبراهيم رئيسي والوزير عبد اللهيان، ومن بعدهما الرئيس مسعود بزشكيان وفريقه، حملة دبلوماسية فعالة، شملت جولات مكثفة وزيارات إقليمية ودولية، حملت صوت غزة للعالم وطالبت بوقف العدوان في المحافل الدولية.
ولم يقتصر الدعم الرسمي والشعبي الإيراني لغزة على تعزيز المقاومة ودعمها منذ انطلاق طوفان الأقصى فقط، بل هو نهج ينسجم مع مبادئ الثورة الإسلامية الإيرانية منذ أكثر من أربعة عقود.
العميد قاآني: وقف إطلاق النار في غزة هو أكبر هزيمة للكيان الصهيوني وذروة الإذلال له
وفي السياق، أكد قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، العميد إسماعيل قاآني، أنه بعد 15 شهرًا من الجرائم اللامحدودة التي ارتكبها الكيان الصهيوني ضد شعبي فلسطين ولبنان، اضطر اليوم إلى قبول وقف إطلاق النار في ذروة الإذلال”.
وفي إشارة إلى وقف إطلاق النار في غزة، قال العميد قاآني: “لقد اضطر مجرمو الكيان الصهيوني المتعطشون للدماء وقتلة الأطفال، بعد 15 شهرًا من الجرائم اللامحدودة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، إلى قبول وقف إطلاق النار، وهذا هو ذروة إذلالهم”.
وأكد قائد فيلق القدس أن “هذا الاتفاق فرض على الكيان الصهيوني، وهذه المفاوضات التي جرت في الأشهر القليلة الماضية هي نتائج نفس المفاوضات السابقة التي رفضتها إسرائيل، وقد أُدرجت كافة البنود التي طالب بها الإخوة الفلسطينيون في اتفاق وقف إطلاق النار الجديد”.
موقف قائد فيلق القدس جاء خلال حفل تكريم الكوادر الطبية التي عالجت الجرحى اللبنانيين في حادث انفجار أجهزة البيجر.
العميد نقدي: يجب أن نطهر المنطقة من عار “إسرائيل”
ومن جانبه، أكد معاون التنسيق في حرس الثورة، العميد نقدي، أن “الكيان الصهيوني قد فشل في جميع المجالات ولم يعد قادرًا على المقاومة، والدليل على ذلك هو الهدنة التي فُرضت، والتي تم فيها قبول جميع الخطوط الحمراء في غزة البطلة”.
وأضاف أن “شهداء المقاومة وجهوا الضربات الرئيسية لجسد الكيان الصهيوني وهزموه، ولم يتبقَّ سوى خطوة واحدة نحو القدس، ونحن، الباسيجيين، مستعدون لاتخاذ هذه الخطوة”.
وتابع قائلًا: “بأمر من قائد الثورة، سنعود مرة أخرى إلى الميدان وسنطهر المنطقة من عار إسرائيل”.
المصدر: موقع المنار