إسقاط الجولاني.. تصاعد الاحتجاجات ضد المتشددين بشمال سوريا
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
لليوم السادس على التوالي تتعالى الهتافات في شمال غرب سوريا ضد "هيئة تحرير الشام" وقائدها أبو محمد الجولاني، في حالة ليست "نادرة"، لكنها أوسع وأشد زخما، قياسا بغيرها من الاحتجاجات، ويرى مراقبون وناشطون أنها تختلف أيضا بزاوية التوقيت والسياق العام.
وكان المحتجون خرجوا لأول مرة إلى الشوارع في يوم 27 من فبراير، وبدأوا بالتدريج يوسعون رقعة المظاهرات، حتى وصلت خلال الأيام الماضية إلى وسط مدينة إدلب، المكتظة بالسكان.
يرددون شعارات تطالب بـ"إسقاط الجولاني" وتبييض السجون التي تتبع لفصيله وكسر الاحتكار المفروض من جانبه على المشهد الاقتصادي والسياسي والأمني، كما يحملون لافتات تطالب بالكشف عن المفقودين.
ويوضح منسقو الحراك لموقع "الحرة" أن مسارهم الاحتجاجي "لن يتوقف" حتى يحققوا مطالبهم المعلنة.
ورغم أنهم لا يفضلون نزولهم إلى الشوارع في الوقت الحالي بما شهدته "تحرير الشام" داخليا خلال الفترة الأخيرة أو بمعنى "اغتنام الفرصة"، يشيرون من جانب آخر إلى "حالة شعبية تقوم على المطالبة بالحقوق، وإعادة التذكير بها من جديد".
ومنذ سنوات تسيطر "هيئة تحرير الشام" على مناطق واسعة في شمال غرب سوريا، وتتوزع بين محافظة إدلب ومناطق في ريف محافظتي اللاذقية وحلب.
وجاء ذلك بعدما عَمل قائدها "الجولاني" على تصفية كافة منافسيه في الساحة، من فصائل عسكرية صغيرة وكبيرة (جهادية ومعتدلة)، حتى استأثر بالقيادة الإدارية والخدمية والعسكرية لإدلب.
"نقطة تحوّل"لكن سلسلة تطورات مفاجئة وقعت خلال الأشهر الماضية جعلت حالة الاستئثار بالمنطقة من جانب الجولاني مهددة.
وكانت الشرارة الأولى التي فتحت باب التهديد إقدامه على اعتقال قادة من الصف الأول في "تحرير الشام"، بتهم تخص "العمالة للخارج والتواصل مع جهات خارجية".
وعلى رأس المعتقلين القيادي البارز "أبو ماريا القحطاني"، وقادة آخرون من الجناح العسكري لـ"تحرير الشام"، فيما تمكن عيسى الشيخ (أبو زكور) من النجاة بعدما فر إلى مناطق ريف حلب الشمالي الخاضعة لسيطرة فصائل "الجيش الوطني".
ولم يدم الاعتقال طويلا بسبب ضغوط تعرض لها قائد "تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقا)، مما دفعه مع جهازه الأمني للإفراج عنهم بالتدريج وتقديم اعتذارات من جانبه ظهرت في عدة تسجيلات مصورة، في مشهد أعطى مؤشرا عن حالة من ضعف.
وبينما كانت أوساط بعض القادة المفرج عنهم تطلق النيران احتفالا بخروجهم تأكدت عائلة أحد المقاتلين من فصيل "جيش الأحرار" (لا يتبع لفصيل الجولاني) من مقتله تحت التعذيب في سجون "الهيئة".
المقاتل يدعى عبد القادر الحكيم ويعرف بـ"أبو عبيدة تل حديا"، وكانت "تحرير الشام" اعتقلته قبل نحو عشرة أشهر بتهمة "العمالة"، وبعدما قتلته تحت التعذيب دفنته في مقبرة بمنطقة الشيخ بحر بريف حلب.
وعادت عائلته لتنقل جثمانه إلى بلدته تفتناز الواقعة شرقي إدلب بعد بلوغها الخبر، وسط أجواء غضب واسعة، ولتبدأ هنا القصة.
"الحالة تراكمية"ورغم أن الكشف عن مقتل المقاتل في سجون الفصيل المسلح تحت التعذيب فتح باب الاحتجاجات المناهضة للجولاني وفي مدينة سرمدا أولا، يوضح منسقو الحراك ومن بينهم عبد الرحمن طالب أن ما يحصل منذ ستة أيام هو "نتاج احتقان".
الناشط طالب يتحدث عن عن 3 مطالب هي: إسقاط الجولاني وكف ممارسات جهاز الأمن العام التابع له عن المدنيين وإخراج المعتقلين في السجون والكشف عن المختفين قسريا.
مطالب بإسقاط قائد "هيئة تحرير الشام"ويقول لموقع "الحرة": "هناك حالة تراكمية. الناس استغلت الظرف وأصبحت الاحتجاجات الآن تكبر مثل كرة الثلج".
لا توجد أي قيادة للحراك الشعبي ضد الجولاني وفصيله العسكري، ومع ذلك تبرز جهود لفئة من الشبان بينهم طالب والصحفي أسامة خلف.
ويضيف طالب أنهم سيستمرون بالحراك، مشيرا إلى "جلسات يعقدونها ويقيمون من خلالها المشهد والمطالب".
ويوضح الصحفي أسامة خلف أن "الناس التي نزلت إلى الشوارع تخرج على نفس الهتافات".
ويقول لموقع "الحرة": "توجد مطالب صريحة بتفعيل دور النقابات وإسقاط الجولاني وحل الهيئات التي كانت موجودة سابقا ومصدر سلطتها تحرير الشام".
كما يطالب المتظاهرون بمنع الاحتكار السياسي والتجاري من جانب "تحرير الشام"، ورفض "احتكار السلم والحرب"، وفق خلف.
ويضيف أن الهدف "تذكير الناس بحقوقها. لكي تتحرك من جديد وتؤجج روح الثورة كون غالبيتهم باتوا في طور الملل".
"مفترق طرق"وتصنف الولايات المتحدة الأميركية "هيئة تحرير الشام" وقائدها "الجولاني" على قوائم الإرهاب.
وكانت قد عرضت مكافأة مالية مؤخرا للجهة التي تقدم أي معلومات عن الأخير أو أماكن تواجده في الشمال السوري.
والآن يرى مراقبون أن الصراع الأخير الذي خاضه وارتداداته القائمة وما تبعه من احتجاجات متواصلة يجعله أمام "مفترق طرق"، وفق قول الباحث السوري في "مركز جسور للدراسات"، وائل علوان.
ويعتقد علوان في حديث لموقع "الحرة" أن المظاهرات الحالية "بمثابة استثمار للخلافات الداخلية في فصيل الجولاني"، وأنها تشكل تحديا إضافيا على "الهيئة" بعد التحدي البنيوي الذي دخلت فيه.
ولا يقتصر الاستثمار على فئة دون غيرها، بل يشمل، حسب علوان، الحاضنة الشعبية بكل ما فيها من مدنيين مستاءين من الأوضاع الاقتصادية والقبضة الأمنية ومنتسبين سابقين لفصائل قضت عليها "تحرير الشام".
ويضيف أن "الجولاني وفصيله (تحرير الشام) بات يمر الآن بمفترق طرق"، وأنه سيذهب إلى "احتواء المشكلات الداخلية وتقديم تنازلات على المستوى الداخلي والخارجي".
وفي غضون ذلك يتوقع علوان أن "يتجه لاحتواء المظاهرات وليس مواجهتها". وفي كلا الحالتين يعطي ذلك مؤشرا عن حالة الضعف.
ويتابع: "المركزية الشديدة التي كانت تتمتع بها تحرير الشام في السابق تتأثر الآن بالسلب كثيرا، سواء فيما يتعلق بحكم إدلب كما في السابق أو مستوى العلاقة مع بقية المكونات الأمنية والعسكرية".
"تيارات ودعوات"وتظهر بيانات "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" أن "تحرير الشام" قتلت ما لا يقل عن 505 مدنيين منذ الإعلان عن تأسيس "جبهة النصرة" في سوريا في يناير 2012، وحتى نهاية عام 2021.
وتوضح أيضا أن ما لا يقل عن 2327 شخصا لا يزالون قيد "الاحتجاز التعسفي" أو الاختفاء القسري في سجونها.
ورغم أن الاحتجاجات الشعبية المتواصلة حتى الآن تأخذ طابعا شعبيا مناهضا بقوة لسياسات الجولاني وفصيله العسكري يرى خبراء في شؤون الجماعات الجهادية أن المشاركة لا يمكن حصرها بفئة واحدة.
يعتقد الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، عرابي عرابي أن المشاركين في الاحتجاجات ينقسمون بين 3 تيارات.
الأول يحظى بدعم وتحريض من عسكريين أطلق سراحهم مؤخرا بعدما اتهموا بـ"العمالة".
ويرتبط الثاني بجهات معارضة لـ"الهيئة" معروفة في السابق، بينما يضم التيار الثالث المدنيين المتضررين من الفصيل العسكري وسياساته بمختلف الاتجاهات.
ويرى عرابي في حديث لموقع "الحرة" أن الزخم سيكون "مرهونا بتحركات هيئة تحرير الشام والإصلاحات التي قد يقومون بها".
ويستبعد الباحث من جانب آخر أن تصل "تحرير الشام" إلى نقطة التصدع الكبير، مع ترجيحه لفكرة "تراجع الجولاني إلى الخلف في بعض الملفات".
ويقول المحامي والحقوقي السوري، فهد الموسى إن "المظاهرات نتيجة إرهاصات متراكمة"، وإنها "تشبه بدايات 2011 وخصوصا بعد التصرفات التي حصلت وبعد التضييق".
ومع ذلك يضيف لموقع "الحرة" أن المشاركة فيها تنسحب على أفراد من فصائل قضت عليها "تحرير الشام" تتحرك الآن من منطلق "الثأر القديم".
ويشارك فيها أيضا "أفراد من حزب التحرير الذي عمل الجولاني على تصفيته بالتدريج واعتقال أعضائه"، بالإضافة إلى "شباب ثوري نقي يطالب ويحلم بالديمقراطية لكنه لا يملك القوة الناعمة"، وفق المحامي السوري.
ويتوقع الموسى أن "تكبر المظاهرات ويزداد زخمها في الأيام المقبلة، كوننا مقبلين على الذكرى الـ13 للثورة السورية".
ويشير أسامة خلف وهو أحد منسقي الحراك الشعبي إلى أنهم أطلقوا دعوات علنية من أجل "تحييد المظاهرات عن أي فصائلية أو شيء يخص الأحزاب ومطالبها السابقة".
ويضيف أن الواقع الآن تغير عن السابق، وأنه "لم يعد هناك خوف من القبضة الأمنية".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: هیئة تحریر الشام من جانب
إقرأ أيضاً:
تحرير 41 ألف مخالفة مرورية خلال يوم
وجهت الإدارة العامة للمرور، حملات مرورية مكثفة لتحقيق الإنضباط وتطبيق قانون ولوائح المرور على قائدى السيارات وضبط المخالفين.
صحة الإسماعيلية: ضبط مركز للنساء والتوليد بدون ترخيص تموين الإسكندرية: ضبط 3 طن كبده فاسدة بالأسواقوأسفرت الجهود خلال 24 ساعة عن ضبط (41725) مخالفة مرورية متنوعة .
ونجحت الجهود في ضبط (1576) مخالفة السير بدون تراخيص، و(29) دراجة نارية مخالفة، و( 25226) مخالفة تجاوز السرعة المقررة، و( 1488) مخالفة التحدث فى الهاتف المحمول أثناء القيادة، و(8) مخالفات موقف عشوائى، و(12) مخالفة شروط التراخيص، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وتواصل أجهزة وزارة الداخلية حملاتها لضبط المخالفات المرورية.