واشنطن- عبّر الكثير من المعلقين الأميركيين عن غضبهم من إقدام إدارة الرئيس جو بايدن على استخدام آلية الإسقاط الجوي للمساعدات الإنسانية والإغاثية لمئات الآلاف من سكان قطاع غزة، في ظل استمرار الأوضاع المأساوية ووصولها إلى حد المجاعة شمالي القطاع المحاصر.

ومنذ بدء إسرائيل عدوانها على غزة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تسيطر إسرائيل على عملية إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع بعد اتفاق ثلاثي مع مصر والولايات المتحدة.

وبموجب الاتفاق، لا تسمح إسرائيل إلا بدخول كميات ضئيلة من الغذاء والماء والدواء وغيرها من الإمدادات عبر معبر رفح على الحدود المصرية الجنوبية، وبعد خضوعها لإجراءات تتضمن تفتيش الشاحنات.

وفي ظل الأوضاع الكارثية التي يشهدها قطاع غزة مع استمرار العدوان العسكري، الذي أدى لتخطي أعداد الشهداء 30 ألفا، وما يقرب من 80 ألف جريح، يلقى الكثير من اللوم على إدارة بايدن لدعمها اللامتناهي للموقف الإسرائيلي، تسليحيا وسياسيا ودبلوماسيا واستخباراتيا وماليا.

وأسقطت الولايات المتحدة مساعدات إنسانية على غزة، السبت، ورحّب جيش الاحتلال الإسرائيلي بإسقاط المساعدات جوا، في حين انتقدت منظمات الإغاثة الدولية هذا التكتيك ووصفته بأنه "غير مفهوم وغير كاف على الإطلاق" لتلبية احتياجات 2.2 مليون من سكان غزة، الكثير منهم يواجهون المجاعة.

خبراء: عمليات الإنزال الجوي فرص جيدة لالتقاط الصور والدعاية وإراحة الضمائر المذنبة (رويترز) أسوأ إهانة

وعبر روبرت فورد، الدبلوماسي الأميركي المخضرم، عن إحباطه مما آلت إليه طريقة تعامل إدارة الرئيس بايدن مع إسرائيل فيما يتعلق بعدوانها المستمر على قطاع غزة.

وعلى منصة "إكس" غرد فورد، والذي سبق له العمل سفيرا في سوريا ومن قبلها الجزائر، وقال "لقد رأيت إسرائيل تهين الإدارات الأميركية السابقة، ولكن باستثناء الهجوم الإسرائيلي القاتل عام 1967 ضد مدمرة البحرية الأميركية ليبرتي، يعد إجبار واشنطن الآن على القيام بإسقاط جوي للمساعدات على غزة -كما لو أن أميركا ليست أفضل من مصر والأردن- هو أسوأ إذلال إسرائيلي للولايات المتحدة أراه في حياتي".

i've seen Israel humiliate previous US administrations, but aside from murderous 1967 Israeli airstrike against US navy ship Liberty, now forcing USA to do airdrops of aid to Gaza as if USA is no better than Egypt & Jordan is Israel's worst humiliation of USA i've ever seen.

— Robert Ford (@fordrs58) March 1, 2024

فرصة للدعاية

وأشار المتحدث باسم مجلس الأمن القومي للبيت الأبيض، جون كيربي، إلى خطط الإدارة التوسع في عمليات إسقاط المساعدات جوا. وقال "أستطيع أن أخبرك أن هذه هي أول خطوة، ولن تكون الأخيرة، وسيكون ذلك جزءا من جهد أكبر وأطول ومستدام لزيادة تدفق المساعدات الإنسانية".

وعلى الجانب المقابل، انتقدت وكالات الإغاثة الدولية خطوة إدارة بايدن بإسقاط المساعدات الغذائية على غزة ووصفتها بأنها غير فعالة.

وتعقيبا على الخطوة الأميركية، قال مدير مجموعة الأزمات الدولية بالأمم المتحدة ريتشارد غوان "يشكو العاملون في المجال الإنساني دائما من أن عمليات الإنزال الجوي فرص جيدة لالتقاط الصور والدعاية، ولكنها طريقة رديئة لتقديم المساعدات".

كما كتب سكوت بول من منظمة أوكسفام على موقع "إكس" مهاجما إدارة بايدن، وقال "إن إسقاط المساعدات يعمل في الغالب على إراحة الضمائر المذنبة لكبار المسؤولين الأميركيين الذين تساهم سياساتهم في الفظائع المستمرة وخطر المجاعة في غزة".

وأضاف "في حين تم دفع الفلسطينيين في غزة إلى حافة الهاوية المطلقة، فإن إسقاط كمية رمزية تافهة من المساعدات دون خطة لتوزيعها الآمن لن يساعد الفلسطينيين، بل يهينهم بشدة. وبدلا من عمليات الإسقاط الجوي العشوائي في غزة، على الولايات المتحدة قطع تدفق الأسلحة إلى إسرائيل التي تستخدم في الهجمات العشوائية، والضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن، والإصرار على أن تفي إسرائيل بواجبها في توفير المساعدات الإنسانية، وغيرها من الخدمات الأساسية".

وبالمثل، غرد برايان فينوكين، وهو مستشار بارز بمجموعة الأزمات الدولية، وقال إنه "إذا تنصلت الحكومة الأميركية من استخدام أي نفوذ ذي مغزى لإنهاء الصراع في غزة كما ينبغي، فإنها تتجمل بمحاولات هامشية، وتدابير يائسة وغير كافية لمحاولة معالجة الكارثة الإنسانية الواقعة بالفعل".

تزايد الغضب على بايدن

من جانبه وصف جوستين عماش، عضو الكونغرس السابق والمرشح لمقعد بمجلس الشيوخ عن ولاية ميشيغان، موقف بايدن بالنفاق والازدواجية. وقال "يطالب الرئيس بايدن الكونغرس بتمويل إسقاط القنابل على المدنيين في غزة. وفي الوقت ذاته، يصر على إسقاط المساعدات على المدنيين في غزة أيضا! هذا جنون مطلق في سياسته الخارجية".

President Biden is demanding that Congress fund the dropping of bombs on civilians in Gaza, but, don’t worry, he’ll insist that they fund the dropping of aid on civilians in Gaza, too! This is absolute foreign policy insanity. https://t.co/HfvOCqCyl4

— Justin Amash (@justinamash) March 2, 2024

وقد عبرت الناشطة الأميركية تاليا جين عن إحباطها من سلوك إدارة بايدن واختيارها عدم مواجهة إسرائيل، وقالت "بدلا من التدخل ضد هؤلاء الذين أطلقوا النار على المتجمعين أمام شاحنات المساعدات لمنعهم من الوصول للشاحنات، فأنت فقط تسمح لهم بالاستمرار في فعل ذلك والاستمرار في إرسال الأموال والأسلحة لهم للقيام بذلك".

في حين بعث دايلون وليامز نائب رئيس مركز السياسات العالمية بواشنطن، برسالة غاضبة، ردا على إعلان بايدن بدء عملية الإسقاط الجوي للمساعدات، وتعهده بفعل المزيد لإدخال المساعدات لغزة.

وقال وليامر في تغريدة على منصة "إكس" مخاطبا الرئيس "أخبرتك وكالات الإغاثة أن إسرائيل تحد من المساعدات التي تدعمها الولايات المتحدة إلى غزة، وقد عرضت وسائل الإعلام الرئيسية ذلك. وأكد ذلك المشرعون الأميركيون الذين يزورون المنطقة، ونتنياهو نفسه تفاخر بذلك. طبقْ القانون الأميركي وعلقْ تقديم المساعدات العسكرية لإسرائيل".

دعم بايدن لإسرائيل قابلة النائب الديمقراطي رو خانا بقوله: سياسة معانقة الدببة وتدليل نتنياهو لم تنجح (الفرنسية) "تدليل نتنياهو"

وفي حديث مع الجزيرة نت، أشار السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية الأسبق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، إلى أن "موقف بايدن بالسماح لإسرائيل بإملاء شروطها وتحكمها في دخول المساعدات إلى غزة سيكلفه ثمنا باهظا سواء تجاه السياسة الخارجية للولايات المتحدة، أو تجاه الدعم السياسي الداخلي له".

وعبر السفير ماك عن خيبة أمله من لجوء إدارة بايدن لخيار الإسقاط الجوي للمساعدات. وقال "عمليات الإسقاط الجوي طريقة مهدرة وغير كافية لتقديم المساعدات الإنسانية. وعلى المدى القصير هي فرصة للدعاية فقط، وتعكس الفشل في معالجة المشاكل الحقيقية والمتنامية داخل قطاع غزة".

وفي مشاركة له في برنامج "واجه الأمة" أمس الأحد، شن النائب الديمقراطي بمجلس النواب رو خانا، هجوما على موقف بايدن. وقال "يجب أن تكون هناك عواقب لوقوف إسرائيل في طريق وصول المساعدات الإنسانية الأميركية لغزة. يجب أن نوضح أننا لن نستمر في نقل الأسلحة.. سياسة معانقة الدببة وتدليل نتنياهو لم تنجح".

Rep. @RoKhanna (D-CA) says "there should" be consequences for Israel standing in the way of U.S. humanitarian aid for Gaza: "We should make it clear we’re not going to continue to transfer weapons…The policy of bear-hugging Netanyahu has not worked." pic.twitter.com/6L5ZDDWzex

— Face The Nation (@FaceTheNation) March 3, 2024

وقبل ساعات من اجتماعها مع بيني غانتس، عضو مجلس الحرب الإسرائيلي الذي يشارك في التخطيط للعدوان على قطاع غزة، قالت كامالا هاريس، نائب الرئيس بايدن، إن "الناس تتضور جوعا في غزة، الظروف غير آدمية وإنسانيتنا المشتركة تلزمنا بالتحرك". وأضافت "لا بد أن تفعل الحكومة الإسرائيلية المزيد لزيادة تدفق المساعدات بشكل كبير. لن نقبل أي أعذار".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المساعدات الإنسانیة إسقاط المساعدات الإسقاط الجوی إدارة بایدن قطاع غزة على غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

المبعوث الأمريكي للسودان يعرب عن ارتياحه لتحسن إيصال المساعدات الإنسانية للسودانيين  

 

الخرطوم- أعرب المبعوث الأميركي الى السودان توم بيرييلو الاثنين 30سبتمبر2024، عن ارتياحه للتحسن الملحوظ في إيصال المساعدات إلى السودان حيث تسببت الحرب المستمرة بإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في التاريخ الحديث.

وقال بيرييلو أمام الصحافيين في العاصمة الكينية نيروبي "نحن مرتاحون الى التحسن الكبير وإن كان تدريجيا في إيصال المساعدات الإنسانية".

واوضح أن "عدة مئات من الشاحنات عبرت من مناطق كانت مغلقة في السابق".

انزلق السودان إلى حرب مدمرة في منتصف نيسان/أبريل 2023 بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وهو أيضا رئيس مجلس السيادة والحاكم الفعلي للبلاد، وقوات الدعم السريع بقيادة حليفه ونائبه السابق محمد حمدان دقلو المعروف ب"حميدتي".

واتُهم الجانبان بارتكاب جرائم حرب عبر استهداف المدنيين عمدا ومنع المساعدات الإنسانية.

ويواجه نحو 26 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي، وأُعلنت حالة المجاعة في مخيّم زمزم الواقع في إقليم دارفور.

وأوقعت الحرب التي تم التطرق إليها الأسبوع الماضي على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، عشرات آلاف القتلى وأرغمت أكثر من عشرة ملايين شخص، أي خمس السكان، على اللجوء إلى دول مجاورة.

وأكد بيرييلو أن "الوضع خطير للغاية، ويبدو أن أولئك الذين هم في أفضل وضع لوقفه، يرغبون، على العكس من ذلك، في تسريعه".

وفشلت عدة جولات من المفاوضات الرامية الى إنهاء الحرب. ولم يتم الالتزام بالهدنة التي تم التوصل إليها في بداية النزاع برعاية الولايات المتحدة والسعودية.

وشدد بيرييلو على ضرورة التزام وصول المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين وإن استمرت الحرب، مستنكرا "الإفتقار إلى الإرادة الكافية" لدى الطرفين المتحاربين.

وبدأت الولايات المتّحدة في 14 آب/أغسطس مناقشات في سويسرا لتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية والتوصل لوقف لإطلاق النار، حضرها ممثلون لقوات الدعم السريع، بينما غاب عنها الجيش الذي اعترض على صيغة المفاوضات.

وانتهت المحادثات بعد حوالى عشرة أيام من دون التوصل لاتفاق على وقف لإطلاق النار، لكنّ الطرفين المتحاربين التزما ضمان وصول آمن ومن دون عوائق للمساعدات الإنسانية عبر ممرّين رئيسيين.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • السودان يوجه دعوة إلى الولايات المتحدة بعد مصادقة بايدن على رفع قرار عقوبات
  • بايدن: لا أؤيد مهاجمة إسرائيل لمواقع نووية إيرانية
  • بايدن يوضح موقفه من إمكانية مهاجمة إسرائيل للمنشآت النووية الإيرانية
  • بايدن يأمر الجيش الأميركي بمساعدة إسرائيل في إسقاط صواريخ إيران
  • المبعوث الأمريكي للسودان يعرب عن ارتياحه لتحسن إيصال المساعدات الإنسانية للسودانيين  
  • أردوغان: أوصلنا 30 طنا من المساعدات الإنسانية إلى بيروت وسنواصل مساعداتنا
  • أردوغان: تركيا أرسلت 30 طنا من المساعدات الإنسانية إلى بيروت
  • مصر تكثف إسقاط المساعدات الإنسانية على غزة
  • سيناتور أمريكي: إدارة بايدن تعمل مع إسرائيل لمنع هجوم إيراني محتمل
  • تحسبا لأي هجوم إيراني.. إدارة بايدن تعتزم تعزيز دفاعات إسرائيل