تتجمع العائلات الفلسطينية النازحة في ساعات المساء من كل ليلة، حول نيران أوقدوها بجوار خيام مؤقتة في مدينة رفح أقصى جنوب قطاع غزة بالقرب من الحدود المصرية، بحثا عن الأمان المفقود في ظل استمرار حرب إسرائيلية مدمرة.

ويعاني النازحون في مخيمات النزوح في رفح، أشد المعاناة في ظل البرد القارس والظلام القاتم، وتتجسد معاناتهم، في مواجهة الظروف القاسية والتحديات الكبيرة.

وتعتبر رفح من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في قطاع غزة، بعد إجبار الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من سكان مدينتي خان يونس وغزة ومحافظة شمال القطاع على النزوح إليها بذريعة أنها "منطقة آمنة".

نار الحطب تستخدم للتدفئة وصناعة الخبز -إذا وجد الطحين- بمخيمات النزوح في غزة (الجزيرة) الصعوبات والتحديات اليومية

ومع غروب الشمس، تبدأ الصعوبات والتحديات اليومية القاسية للنازحين، حيث يتسلل البرد القارس ببطء إلى داخل الخيام الصغيرة، ويصيب أجسادهم التي تغطيها ملابس مهترئة أو خفيفة.

ويلتف الناس حول النيران في محاولة يائسة لتدفئة أجسادهم المنهكة، فترتفع ألسنة اللهب الحمراء بين الظلام المُسيطر على المكان، لتوزع شيئا من الدفء والأمل على العائلات النازحة.

ويعاني النازحون من نقص في الأغطية والملابس الثقيلة ووسائل التدفئة التي يحتاجونها في مواجهة الأجواء الشتوية وظروف الطقس الصعبة، مما يزيد من صعوبة الأوضاع الإنسانية وتعقيدها.

كما يتبادلون مع أطفالهم أثناء جلوسهم حول النيران المتلألئة، أطراف الحديث والضحكات الخافتة في محاولة لنسيان مرارة الظروف القاسية والمخاوف الشديدة.

البحث عن ضالة الأمل

وتبحث العائلات في أعين بعضها بعضا عن ضالة من الأمل في هذا الواقع المرير، ويحاولون جاهدين تقديم الدعم المعنوي والنفسي لبعضهم بعضا.

ولا تغادر طائرات الاستطلاع الإسرائيلية الأجواء، مما ينشر مشاعر الخوف والتوتر في أوساط المخيمات، ويزداد القلق من إمكانية شن عملية عسكرية برية في رفح مع تصاعد حدة التهديدات الإسرائيلية.

ويحلم السكان بوقف الحرب الإسرائيلية المدمرة وانتهاء هذا الكابوس المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والعودة إلى منازلهم أو مناطقهم السكنية.

رفح من أكثر المناطق اكتظاظا بالسكان في قطاع غزة ويعاني آلاف من النازحين فيها من نقص الأموال والغذاء (الأناضول) لا خيار سوى موقد النار

ويعبر ناصر الخطيب، الذي نزح من حي الشجاعية -شرقي مدينة غزة- برفقة عائلته والمكونة من 8 أفراد، عن وضعه قائلا "خرجنا من منزلنا دون ملابس ثقيلة والأوضاع صعبة ومأساوية، مما دفعنا لإشعال النيران لتدفئة أطفالنا. البرد شديد ولا خيار لدينا سوى موقد النار".

ويشير الرجل البالغ من العمر (46 عاما) إلى أنهم يعانون -كما الآلاف من النازحين في قطاع غزة- من نقص الأموال والغذاء.

أما فايز حسنين (41 عاما)، من سكان مدينة غزة، والذي نزح لمدينة رفح، فيتحدث عن الصعوبات قائلا "عائلتي 6 أفراد، ولا أملك أغطية وفراشا يكفينا داخل الخيمة، لذلك نلجأ لتدفئة أنفسنا في نيران الخشب والكرتون. نتمنى أن تنتهي الحرب، ونعود لبيوتنا سالمين، أرهقتنا أيام الحرب، ولا نعرف مصيرنا بعد".

ولفت إلى أنه وعائلته يجلسون في ساعات المساء أمام خيمتهم، يتسامرون ويضحكون قليلا لنسيان آلام خلفتها الحرب، في ظل اشتعال نيران الموقد.

الجيش الإسرائيلي طالب سكان مدينتي خان يونس وغزة ومحافظة شمال القطاع بالنزوح إلى رفح بذريعة أنها "منطقة آمنة" (الأناضول)

ويشعر الفلسطينيون بالخوف والقلق جراء التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية على مدينة رفح، التي تضم آلاف النازحين، رغم كثرة التحذيرات الدولية.

يأتي ذلك، بينما تشن إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 حربا مدمرة على قطاع غزة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الحرب الإسرائيلية

وفي شأنٍ متصل، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم الاثنين، ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 30 ألفا و534 شهيدا.

وكانت الوزارة أعلنت أمس الأحد أن الحصيلة الحرب المستمرة منذ 5 أشهر بلغت 30 ألفا و410 شهداء، و71 ألفا و700 مصاب، مضيفة أن قوات "الاحتلال الإسرائيلي ارتكبت 13 مجزرة ضد العائلات راح ضحيتها 124 شهيدا و210 مصابين، خلال الـ24 ساعة الماضية".

وشددت الوزارة على أنه "لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات يمنع الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم".

وتواصل إسرائيل حربها المدمرة، رغم مثولها للمرة الأولى منذ قيامها عام 1948 أمام محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم "إبادة جماعية" بحق الفلسطينيين.

وبالإضافة إلى الخسائر البشرية تسببت الحرب الإسرائيلية بكارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل في البنى التحتية والممتلكات، ونزوح نحو مليوني فلسطيني من أصل حوالي 2.3 مليون في غزة، بحسب بيانات فلسطينية وأممية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحرب الإسرائیلیة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

وسط تصعيد التصريحات الفلسطينية والإسرائيلية.. ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة

أفادت مصادر طبية فلسطينية، اليوم الخميس، “بمقتل 40 فلسطينيًا جراء غارات إسرائيلية على قطاع غزة في الساعات الـ24 الماضية”. كما “اقتحمت قوات إسرائيلية، في وقت مبكر من صباح اليوم، بلدة زعترة شرق بيت لحم، وألقت القبض على فلسطينيين في مدينة نابلس”، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء الفلسطينية.

في سياق متصل، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية “أن المجلس الوزاري الأمني في إسرائيل قرر منح فرصة أخيرة للتفاوض قبل توسيع العملية العسكرية في قطاع غزة”. وأشارت الهيئة إلى أن “أطرافًا دولية تمارس ضغوطًا على حركة حماس لقبول مقترح الوسيط الأمريكي للتوصل إلى تهدئة طويلة الأمد، بالإضافة إلى صفقة لتبادل المحتجزين”.

من جانبه، شن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يوم الأربعاء، هجومًا لاذعًا على حركة حماس، مطالبًا بإنهاء سيطرتها على قطاع غزة وتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية، كما دعاها للتحول إلى حزب سياسي في خطوة وصفها بأنها ضرورية لاستعادة الوحدة الفلسطينية.

جاء ذلك خلال كلمة متلفزة في افتتاح جلسة المجلس المركزي الفلسطيني في مدينة رام الله، حيث طالب عباس حماس بـ”تسليم الرهائن الإسرائيليين”، معتبرًا ذلك خطوة لتقليص الذرائع التي تستخدمها إسرائيل لمواصلة هجماتها العسكرية على القطاع.

وفي ردها على تصريحات عباس، “انتقدت حركة حماس الدعوة لإنهاء سيطرتها على غزة”، معتبرة أن “الرئيس الفلسطيني يصر على تحميل الشعب الفلسطيني مسؤولية الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي”. وأكد القيادي في الحركة باسم نعيم أن هذه التصريحات “مريبة ومشبوهة”، مشيرًا إلى “أنها تأتي في وقت يشهد فيه القطاع تدهورًا شديدًا في الأوضاع الإنسانية”.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه التطورات تأتي في وقت حساس، حيث يضغط المجتمع الدولي على الأطراف المختلفة في محاولة للتوصل إلى حل سياسي يُنهي العنف ويخفف من معاناة المدنيين في غزة

مقالات مشابهة

  • WSJ: غضب شعبي مصري وأردني نتيجة توسع الحرب الإسرائيلية في غزة
  • آلة القتل الإسرائيلية مستمرة في مجازرها وعشرات الشهداء في قطاع غزة
  • السيسي: مصر تقف سداً منيعاً أمام محاولات تصفية القضية الفلسطينية
  • الحرب الإسرائيلية على غزة تتسبب في دمار كبير في قطاع الصيد
  • مقتل جندي صهيوني وإصابة 7 آخرين بكمين للمقاومة الفلسطينية شمال غزة
  • مصرع عنصر جنائى من متجرى المواد المخدرة وهارب من حكم مؤبد عقب تبادل إطلاق النيران مع قوات الشرطة بقنا
  • احذر.. رسائل احتيالية تهدد باختراق «Gmail»
  • ارتفاع حصيلة ضحايا الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم إلى 26 قتيلا
  • وسط تصعيد التصريحات الفلسطينية والإسرائيلية.. ارتفاع حصيلة الضحايا في غزة
  • الاحتلال ينفذ عمليات نسف متكررة في رفح الفلسطينية جنوبي غزة