رأي اليوم:
2024-10-02@04:05:35 GMT

السفير منجد صالح: عندما تُلعلعُ الزغاريد

تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT

السفير منجد صالح: عندما تُلعلعُ الزغاريد

السفير منجد صالح أعراسنا الفلسطينية هي مُكوّن اساسي من تراثنا من ثقافتنا من فرحتنا من ايامنا وليالينا، نقتنصها حتى من بين انياب الليث، نبحث عنها بين ازهار جبال فلسطين، بين ازهار الزنبق والاقحوان والريحان والقرنفل البلدي عبق الرائحة. في سنوات الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، كانت الاعراس الشعبية في القرى والارياف الفلسطينية تستمر اسبوعا أو يزيد، تتخللها الافراح والليالي الملاح ودبكة الرجال على “ركح” البيادر الفسيحة، برائحة بقايا قش القمح والعدس، على ضوء نجمات درب التبّانات التي تُزيّن سماء فلسطين في الليالي الصافية المقمرة الدافئة وقت الحصاد.

أما النساء فكانت تلفّ وتدور برتابة وترتيب في حلقات الرقص الشعبي باثوابهن الثراثية الفلسطينية الجميلة منذ كنعان وحتى شعب الارص المقدّسة المباركة التي باركنا حولها. تنطلق حناجرهن وتصدح بالاغاني والاهازيج الشعبية: ” يا حبيل لولو قش مابلولو. واحنا الكفلاويّات في الكاس ما ننداس”. وتشق عنان السماء زغاريدهن المضطردة عالية الترددات متسقة الايقاع، فتهتز البيادر من قوة وقع نغمة هذه الزغاريد وتبدو النساء وكأنّهن كروانات تغنّي على افنان خضراء.  ويردّ الرجال بحماس بضربات اقداهم في دبكة “الطيّارة” وعلى انغام عزف “الشبّابه” فتخالهم فعلا يطيرون امتارا على البيادر، على ترددات صوت العجاوي النبيه الفصيح يرتجل الشعر والزجل و”حوبس يابو ميّالة حوبس ردّ الخيالة، من عادانا لنعاديه وبالبارود نشنّع بيه، وكركز يا حليليّا عالشمال وماليّا حاميا ابو الشباب خيّال المُهرة الاصيلة”. حفّزني وفتح شهيّتي ودفعني قُدما إلى الامام للخوض في برّ ومياه الود والحب والانسجام ما جرى ويجري في الاسبوعين الاخيرين من افراح اعراس في عائلتنا الممتدة من كفل حارس وإلى سلفيت ورام الله وحتى جنين. يوم الجمعة الماضية كنّا على موعد في ربوع مدينة جنين مع “حفل حنّاء هديل”، ابنة شقيقتي فاطمة، حيث يقطنون في جنين. هديل ربما اخذت كثيرا من اسمها “هدبل الحمامة” فهي كاليمامة الحانية رقة وجمالا وفصاحة وادبا. انهت دراسة طب الاسنان من الجامعة الامريكية في جنين وهي تعمل الآن طبيبة اسنان “شاطرة”. خُطبت قبل عامين مع زميلها طبيب الاسنان الشاب المهذّب محمد الريماوي، من بيت ريما قضاء رام الله ويملك عيادة اسنان في بلدة دير السودان،مسقط رأس الزميل مراد السوداني، الامين العام للاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين. هديل ومحمد الريماوي سيتزوّجان بيمن الله وبركته ومشيئته يوم الجمعة القادمة في صالة افراح في بيت ريما مسقط رأس العريس، وستخرج العروس هديل ان شاء الله برفقة الجاهة الكريمة إلى بيت ريما من بيت خالها السفير منجد صالح الكائن في شارع الشجر في رام الله. أمّا يوم أمس، يوم الجمعة فقد كنّا افراد العائلة جميعها ومع عموم أهالي بلدة كفل حارس، بلدة الانبياء والشهداء والزيتون،ومع الاصدقاء والاحبّاء والانسباء، على موعد جميل مهيب رخيم عميم بهيج، حفلة عرس الشاب المهذّب محمد، ابن شقيقتي نعمة، مديرة المدرسة المُخضرمة، على الآنسة اللطيفة عزّة زهد من مدينة سلفيت. كان حفلا بديعا تخللته الاغاني الشعبية ودبكة ” الدحّية” الشعبية الفلسطينية. كان محمد العريس ككصعة عسل تحيط بها آلاف النحلات المزهوّات المتحرّكات دبكة ونطّا وفرحا. جدير بالذكر أيضا أن حفلة حنّاء العروس عزّة، استاذة الرياضة، كانت جرت قبل اسبوعين في صالات سلفيت الكبرى في مدينة سلفيت مسقط رأسها. جدير بالذكر والتنويه أيضا والقول والاستزادة من الشعر بيتا أو بيتين أو ثلاثة، في هذا المقام والمجال والصدد، أنّ سيّدة وآنسة تألقتا أيّما تألق في هذه الحفلات: ” الاولى شقيقتي أم العريس محمد وحماة أو خالة العروس عزّة، التي بدت بثوبها الطويل الجميل وكأنها تنافس الشابات الصغيرات جمالا وأناقة وشبابا، مع انها جدّة لعدة احفاد. أما الثانية فهي الآنسة الرقيقة طويلة القدّ والبنان، ابنتي الحبيبة كارمن بثوبها الفلسطيني التراثي الجميل في حفلة الحنّاء وتوبها الاحمر الطويل الانيق الذي زيّنها ليلة العرس أمس، بل قل أن قدّها الفارع وجمالها الهادئ هو الذي زيّن ثوبها الاحمر فزاده جمالا على جمال. ابنتي وحبيبتي التي اعطيتها حين مولدها اسما اندلسيّا كارمن، قادما من عبق مجد الاندلس،من مدينة غرناطة، فهي تُسمّى “مدينة الكارمينات”، وكارمن أو الكارمن هي الزهرة، الوردة المُعلّقة في الحديقة الاندلسية. دامت الافراح في دياركم وديارنا العامرة. كاتب ودبلوماسي فلسطيني

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

ما بين اغتيال السيد نصر الله وناقة صالح.. نتيجة واحدة: فدمدم عليهم ربهم!

مضت أربع وعشرون ساعة على إعلان خبر شهادة السيّد حسن نصر الله، العقل في حالة من الذهول، لا يستوعب ولا يكاد يصدّق، والسؤال الذي يدقّ جدران القلب بقوّة: كيف تجرؤوا على هذا الفعل؟ كيف سوّلت لهم أنفسهم وأين ذهب بهم غرورهم ليتخذوا قرارا بهذا الوزن؟ كيف غلبت شقوتهم، وكيف طوّعت لهم أنفسهم وسوّل لهم غرورهم أن يقدموا على هذه الجريمة بهذا الوزن الثقيل الكبير وما ستؤول عليهم عاقبة أمره، هل فكروا بعاقبة أمرهم هذا؟؟

لقد استخفّوا بدلالات تحملها هذه الشخصيّة، لقد أرست قواعد الروح الثائرة شقت طريقا وصنعت نموذجا وأخرجت للناس تجربة ناجحة ملهمة مذهلة، ولم يكن الأمر دراسة نظريّة أو فكرة قويّة، بل كانت ملحمة في زمن ضاعت فيه شمس الحرية في بلاد استمرأت الذلّ والعبودية، في مواجهة مكشوفة مع كلّ قوى الشرّ العالمية الواقفة والداعمة بكل ما تملك من قوّة لكيان عربد وقتل وأثخن وتبّت أركانه بجبروت القوّة.

نشأ حزب الله في هذه البيئة القاسية الصعبة وقام على أنقاض سلسلة من الهزائم العربيّة، وكان لقيادة السيّد نصر الله الدور الأكبر في قلب المعادلة، سنوات من القيادة القويّة والإرادة، وإذ به يكسر أنف هذه الغطرسة العالميّة، ويحقق سلسلة من الانتصارات التي أفضت إلى هذا النموذج، وكان بذلك ملهما لكلّ القوى المقاومة الثورية، محليّا وعالميّا.

القرآن يقصّ علينا قصّة ناقة صالح المعجزة، معجزة نبيّ ظاهرة بيّنة، تحمل للبشرية الخير الوفير واللبن السائغ للشاربين، وأهم من هذا أنّها علامة لهم من الله على صدق نبيّهم وما آتاهم به من وحي السماء، اجتمع شقوتهم، من لا يرون الخير، بل يرون الشرّ كلّه في هذا الخير العظيم، ماذا دهى عقولهم حتى يفكّروا ويخططوا ويتآمروا على عقر هذه الناقة؟ ما هي أهدافهم السياسيّة وأين رؤيتهم الحضارية، وما هو مستواهم الأخلاقي الذي يدفعهم إلى قتل من يجود للناس بكلّ هذا الخير، ما هيّ جبلّتهم وما هي طبيعة جيناتهم الوراثية؟ ما هي المصلحة السياسيّة وماذا يترتّب على ذلك من شقاء للبشريّة؟ كلّ هذا لم يدخل حساباتهم.

لقد قرروا عقر الناقة وقُضي الأمر، طمس الله على هذه القلوب الملتوية وهذه النفوس المتغطرسة المتعجرفة، أعمى الله بصيرتهم بما انحرفت عليه نفوسهم النكدة. الغرور وقوّة البطش وجبروت شهوة القتل سحب سوداء تجعلهم لا يرون شمس الحق ولا نور هذه الآية الباهرة المشرقة الربانية المعجزة العظيمة. فماذا كانت النتيجة؟

دمدم الله عليهم، صورتهم التي تملك عيونا ولسانا وسمعا وماكينة إعلامية، قدراتهم الكبيرة على الفعل والقتل وفن الجريمة، وجودهم وكيانهم بكل ما فيه من بهرجة وبطر وأشر وجلبة وصوت وصورةِ حياة ظنّوا أنّها بمنأى عن العاقبة الوخيمة وعن يد العدالة الربانيّة العظيمة، بكلمة واحدة ألغى الله وجودهم بما كسبت أيديهم وبما أرادوا أن يلغوا الحق بالجريمة، دمدم الله عليهم، أنهى كلّ شيء يحمل اسمهم ويترك أثرا لهم.

ما فعل أشقاهم (نتنياهو) وما تآلفت عليهم قلوبهم الشقيّة من كبار الاشقياء فيهم (بن غفير وسموتريتش) وكلّ هذا المجتمع النكد الذي سار خلفهم وأيّد فعلهم؟ كلّ هذه الجوقة التي اتخذت القرار لم تفكّر بالعاقبة، ولم يتخلّف منهم أحد ولم يعقّب، بل تكالبوا على هذا الأمر من بوار وهلاك وكذلك تكالب معهم الأمريكان وكثير من العربان، لم يستمعوا لما قال لهم نبيّهم ولا لأية قيمة إنسانيّة بشريّة، فقط كان الصوت صوت غرورهم، فأعمى الله بصيرتهم، استدرجهم لما فيه حتفهم، لو نظر أحدهم قليلا إلى الأمام فنظر إلى ما ينتظرهم، ولكنها سنة الله في الذين ظلموا أن تأخذهم نشوة جبروتهم دون وصول نظرهم إلى العاقبة التي تنتظرهم.

النتيجة أيها الإخوة الكرام قاطعة حاسمة لا ريب فيها، "فدمدم عليهم ربهم". الله وحده سبحانه يهيئ الأمور إلى هذه النتيجة، دمّروا وقتلوا في غزّة وأمعنوا فيها ما شاء لهم بما أمدّتهم قوى الطغيان العالمية من أدوات للقتل والجريمة، ثم جاءوا لبنان ليمعنوا أيضا في الدمار والقتل. النتيجة القريبة التي لا ريب فيها أن يدمدم الله عليهم بعباده الأوفياء الصالحين. عقروا ناقة الخير والنور، عقروا قيم الإنسانية العظيمة، عقروا الحريّة بل عقروا فلسطين الغالية العزيزة، وأنكروا حقوق شعب بالكليّة، عقروا المسجد الأقصى وعقروا الحياة بكلّ معانيها الجميلة، هم الآن سائرون بقوّة وسرعة نحو: "فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسوّاها".

والأمر ليس إيمانا غيبيّا بل هو ممكن في سياقاته الموضوعية، فالمقاومة التي قادها السيّد نصر الله ومن معه فكرة وثقافة وفعل وقوة ومشروع حياة.

مقالات مشابهة

  • مقاتلو كتيبة جنين يحتفلون بالصواريخ الإيرانية التي استهدفت “إسرائيل” (فيديو)
  • قوات إسرائيلية خاصة تقتحم قرية برقين جنوب جنين وتحاصر منزلاَ
  • محمد بن زايد يهنئ الصين بمناسبة الذكرى الـ 75 لتأسيس الجمهورية الشعبية
  • عبدالله آل حامد: “اليوم الإماراتي للتعليم” يجسد المكانة التي يحظى بها العلم في فكر محمد بن زايد
  • وزير الدفاع يبحث مع السفير السعودي مستجدات الوضع اليمني
  • وزير الدفاع يبحث مع السفير السعودي مستجدات الوضع في اليمن
  • نادي السد الرياضي يتوج بطلاً لتصفيات أندية محافظة مأرب.
  • ما بين اغتيال السيد نصر الله وناقة صالح.. نتيجة واحدة: فدمدم عليهم ربهم!
  • شاهد.. فيديو من داخل الطائرات الإسرائيلية التي أغارت على مدينة الحديدة
  • نحن لا نُهزم .. عندما ننتصر ننتصر وعندما نُستشهد ننتصر .. نصر الله