الجزيرة:
2025-02-23@05:58:55 GMT

وباء القلق المالي يجتاح العالم

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

وباء القلق المالي يجتاح العالم

في أعقاب التحولات الاقتصادية غير المسبوقة وارتفاع معدلات التضخم لمستويات قياسية، اخترقت قوى "القلق المالي" بهدوء الأسر والمجتمعات في جميع أنحاء العالم.

يغوص هذا التقرير في نسيج المخاوف المعقد الذي ينسجه الارتفاع المستمر في تكاليف المعيشة وركود الأجور. فبينما يعيد التضخم تشكيل المشهد الاقتصادي، برز القلق المالي كتحد عالمي، يتجاوز الحدود ويؤثر في الأفراد في جميع مناحي الحياة.

قلق مالي وسط الضغوط التضخمية

يعدّ التضخم الشبح الذي يطارد استقرار الاقتصادات على مستوى العالم، إذ لم يؤدّ إلى ارتفاع الأسعار فحسب؛ بل زرع -أيضا- بذور الضائقة المالية في المجتمعات.

وأدى تفاعل تكاليف المعيشة المرتفعة مع الأجور التي تكافح من أجل مواكبة هذه الظاهرة، إلى بروز ظاهرة تعرف باسم "القلق المالي".

وتصف جينا فياس لي، عالمة النفس الإكلينيكي، في تدوينة بدورية لجامعة بيرمنغهام البريطانية الأمر بأنه "التوتر أو القلق أو عدم الارتياح الذي يعاني منه الناس بسبب وضعهم المالي".

وتشير فياس لي إلى أن هذه المشاعر عابرة للطبقات والفئات السكانية المتنوعة، من أولئك الذين يعيشون على رواتبهم إلى الأثرياء التقليديين.

ارتفاع الأسعار سنة بعد سنة أثر في الأفلاراد والمجتمعات (رويترز)

ويعزو كيري بابس أستاذ الاقتصاد في جامعة كارلتون الكندية في حديث للجزيرة نت السبب الجذري لهذا القلق، إلى أنه يكمن في إخفاق التكيف بمجاراة الارتفاعات التضخمية، وليس ارتفاع معدلات البطالة.

ويقول إن التأثير كان واضحا بشكل كبير في السنوات الأخيرة -أو ما اصطلح على تسميتها عالم ما بعد كوفيد- حيث تستمر الأسعار بالارتفاع سنة بعد سنة، وهو ما أدى إلى ردود فعل من جانب المؤسسات المالية التي لجأت إلى التشديد النقدي لاحتواء الضغوط التضخمية.

وعلى الرغم من نجاعة هذه الطريقة في مواجهة التضخم على الورق، فإنها -وفقا لبابس- لا تضع في حساباتها حجم الضغوط التي تفرزها على المواطنين، وهو من أهم الانتقادات الموجهة لها.

ورغم  نجاح بعض الدول في خفض معدلات التضخم، فإن القلق المالي لا يزال قائما، خاصة بين أصحاب الأجور المنخفضة الذين يتصارعون مع حد أدنى للأجور أقل نسبيا، وفق ما قاله بابس.

تأثيرات متصاعدة

القلق المالي ليس مجرد قلق عابر؛ بل هو حالة مزمنة لها عواقب بعيدة المدى. حيث كشفت دراسة بريطانية أجراها بنك "كريدت سبرينغ" عن أن 30% من الأشخاص أبلغوا عن تدهور الصحة العقلية منذ بداية الأزمة الاقتصادية.

وفي الولايات المتحدة، أظهر استطلاع أجرته شركة "بانك ريت" أن 52% من المشاركين شعروا بالتأثير السلبي للمال على صحتهم العقلية، مع تصدر مدخرات الطوارئ غير الكافية قائمة المخاوف.

هذا القلق المتزايد، كما لاحظت جينا فياس لي في تدوينتها، يترجم إلى ضعف التركيز في العمل، والعلاقات المتوترة، والتأثير السلبي في الرفاهية الشخصية.

87% من الأميركيين ينظرون إلى التضخم كونه عامل ضغط كبير، متجاوزا كل المخاوف الأخرى منذ 2007 (غيتي)

يسلط مسح الإجهاد في أميركا لعام 2022 -الذي أجرته جمعية علم النفس الأميركية- الضوء على انتشار القلق المالي في كل مكان، حيث أشار 87% منهم إلى التضخم كونه عامل ضغط كبير، متجاوزا كل المخاوف الأخرى منذ 2007.

شبكة من الهشاشة الاقتصادية

ويجد القلق المالي جذوره في عدم اليقين بشأن المستقبل، الذي يتفاقم بسبب تاريخ من الحرمان، والدخول المنخفضة أو غير المستقرة، وارتفاع النفقات، وشبح الديون الذي يلوح في الأفق.

ويؤدي التفاعل بين هذه العوامل إلى خلق أرض خصبة للتوتر والقلق، مع ظهور تكاليف الإسكان بشكل خاص، كونها عامل ضغط رئيس في معظم الدول.

ولا يقتصر القلق المالي على الحسابات الرقمية؛ فهو يتخلل كل جانب من جوانب حياة الفرد. حيث تتدهور العلاقات تحت الضغط، ويصبح النوم بعيد المنال، وتتخذ آليات التكيف أشكالا مدمرة، بدءا من المقامرة كمصدر دخل بديل، إلى اكتناز الأموال بسبب الحاجة الماسة إلى الأمان.

لمعالجة القلق المالي بشكل مباشر يجب على الأفراد اعتماد تدابير استباقية (شترستوك) إستراتيجيات المواجهة

ومع استمرار القلق المالي في مسيرته التي لا هوادة فيها، يُنصح الأفراد بكسر حاجز الصمت. ففي حين أن المحظورات المجتمعية غالبا ما تحجب المناقشات المتعلقة بالمال، فإن البحث عن الدعم المهني يصبح أمرا ضروريا.

وتؤكد جينا فياس لي التأثير الكبير للمساعدة المهنية، وتسليط الضوء على إمكانية كسر دائرة القلق، والدخول في التخطيط المالي طويل المدى.

ولمعالجة القلق المالي بشكل مباشر، قالت فانيس لوسون الباحثة في علم النفس الاقتصادي بجامعة كارلتون الكندية إنه يجب على الأفراد اعتماد تدابير استباقية:

أخذ فترات راحة قصيرة لتخفيف التوتر الفوري. إنشاء ميزانيات شاملة للأسرة. المشاركة النقابية تبرز هنا كونها مصدر قيم للدعم الاجتماعي، من حيث التفاوض من أجل زيادة الأجور، والدفاع عن الحقوق، وتوفير الاستقرار أثناء التغييرات الاقتصادية أو التنظيمية. طلب المساعدة المهنية عندما تصبح الضائقة دائمة.

والخلاصة أنه مع مواجهة العالم لموجات من عدم اليقين الاقتصادي، يظهر أن كسر الصمت واللجوء إلى الدعم المهني تبرز كخطوتين أساسيتين للتخفيف من تأثيرات القلق المالي المتصاعد، وتعزيز المرونة، وتمكين الأفراد من التنقل في المشهد الاقتصادي القاتم.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

متحور جديد من جدري القرود يثير القلق.. تفشٍ واسع يلوح في الأفق!

شمسان بوست / متابعات:

حذّرت دراسة من تسارع انتشار فيروس إمبوكس (المعروف سابقا بجدري القرود) في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مع ظهور متحوّر جديد أكثر قدرة على الانتقال بين البشر، مما يزيد المخاوف من تفشٍ أوسع.

وأجرى الدراسة باحثون من جامعة التقنية في الدنمارك ومعاهد بحثية من ست دول مختلفة: الكونغو الديمقراطية، رواندا، الدنمارك، المملكة المتحدة، إسبانيا، وهولندا، ونُشرت نتائجها في مجلة نيتشر ميدسن Nature Medicine في فبراير/ شباط الجاري، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.

ويُعرف المتحور بأنه نسخة متغيرة من الفيروس الأصلي، تَحدث بفعل طفرات جينية أثناء تكاثره، مما قد يؤدي إلى اختلاف في قدرته على الانتشار أو شدة تأثيره على المصابين.

ما فيروس إمبوكس؟
عرّفت منظمة الصحة العالمية جدري القرود على أنّه مرض فيروسي يسببه فيروس ينتمي إلى عائلة الفيروسات الجدرية (Poxviridae)، وهي نفس العائلة التي تضم فيروس الجدري البشري. ويتميز المرض بظهور طفح جلدي يمر بعدة مراحل قبل الشفاء، إلى جانب أعراض أخرى مثل الحمى، وآلام العضلات، وتضخم الغدد الليمفاوية.

واكتُشف الفيروس لأول مرة في عام 1958 لدى قردة المختبر، ومن هنا جاء اسمه، وسُجلت أول إصابة بشرية فيه عام 1970 في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وشهد جدري القرود عدة تحوّلات منذ اكتشافه، حيث ظل انتشارُه محدودا في أفريقيا عقودا، قبل أن يتفشى عالميا عام 2022، وانتقل إلى البشر على نطاق واسع، بعد الاعتقاد السائد أن جدري القردة ينتقل أساساً من الحيوانات مثل القوارض والقردة إلى البشر

وبناء على التحليلات الجينية، ينقسم الفيروس إلى نوعين رئيسيين يختلفان من حيث مناطق الانتشار وشدة الأعراض:

كلايد 1 (Clade I): ينتشر في وسط وشرق أفريقيا، ويُعد الأكثر خطورة. يضم السلالة الفرعية كلايد 1 إيه (Clade Ia) المنتشرة في الكونغو والسودان، وكلايد 1 بي (Clade Ib)، التي تثير القلق حاليا بسبب قدرتها المتزايدة على الانتقال بين البشر.
• كلايد 2 (Clade II): ينتشر في غرب أفريقيا، وهو أقل خطورة من سلالة كلايد 1. يضم السلالة الفرعية كلايد 2 إيه (Clade IIa) الأقل خطورة بين جميع الأنواع الفرعية، وكلاد 2 بي (Clade IIb) المسؤولة عن التفشي العالمي بين البشر الذي بدأ في عام 2022.
المتحوّر الجديد وانتشاره السريع
رُصد المتحوّر كلايد 1 بي لأول مرة في سبتمبر/ أيلول 2023 بمدينة كاميتيغا، جنوب كيفو في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وكشفت التحليلات الجينية أنه تطور إلى ثلاثة أنواع فرعية، أحدها انتشر إلى مدن أخرى داخل الكونغو، ثم إلى دول مثل السويد وتايلاند.

ويختلف انتشار كلايد 1 بي عن التفشي في 2022، مع تسجيل ارتفاع في الإصابات عند الأطفال والعاملين الصحيين.

وكشفت الأبحاث أن كلايد 1 بي قد يزيد من خطر الإجهاض لدى النساء المصابات، وهو تطور غير مسبوق في تاريخ انتشار الفيروس.

إصابات متزايدة ومخاطر صحية جديدة
بلغ عدد الإصابات المؤكدة بالمتحوّر الجديد كلايد 1 بي حتى 5 يناير/كانون الثاني الماضي أكثر من 9500 حالة في جمهورية الكونغو الديمقراطية وحدها، مع نسبة وفيات تقدر بـ 3.4%، أي ما يعادل 323 حالة وفاة تقريبا.

وحلل الباحثون المشاركون في الدراسة عينات من 670 مريضا مصابا بالفيروس، وكشفت النتائج أن الإصابات توزعت على 52.4% من النساء و47.6% من الرجال، معظمها انتقلت عبر الاتصال الجنسي. كما سُجلت 7 وفيات بين المرضى الذين خضعوا للتحليل.

وتعرضت 8 من أصل 14 امرأة حامل مصابة بالفيروس للإجهاض، مما يشير إلى احتمال ارتباط الفيروس بارتفاع مخاطر فقدان الحمل.

إجراءات عاجلة لاحتواء التفشي
يرى الباحثون أن استمرار انتشار هذا المتحوّر دون تدخل فوري قد يؤدي إلى تفشٍ عالمي جديد. لهذا، يدعو العلماء إلى استجابة محلية ودولية عاجلة للحد من خطورته. وتشمل الإجراءات الضرورية تعزيز المراقبة الصحية لرصد الحالات الجديدة بسرعة، وتكثيف حملات التوعية الصحية حول طرق انتقال الفيروس والوقاية منه، إلى جانب توسيع نطاق التطعيم في المناطق الأكثر تضررا، وإصدار تحذيرات السفر إلى المناطق الموبوءة.

ويؤكد الخبراء أن التراخيَ في اتخاذ التدابير الوقائية قد يسمح للفيروس بالتحوّر أكثر، مما يزيد من صعوبة احتوائه لاحقا.

مقالات مشابهة

  • 10 علامات تشير إلى معاناتك من اضطراب القلق.. تعرف عليها
  • من التوازن المالي إلى الاستدامة الاقتصادية
  • مراسل سانا: وصول فريق طبي قطري إلى مطار دمشق الدولي مكون من اختصاصيين بجراحة القلب من مؤسسة حمد الطبية ومستشفى سدرة للطب ضمن “مشروع القوافل الطبية” الذي ينفذه الهلال الأحمر القطري في عدة دول حول العالم
  • متحور جديد من جدري القرود يثير القلق.. تفشٍ واسع يلوح في الأفق!
  • البنك المركزي: السياسات النقدية تراقب التطورات الاقتصادية لمواجهة التضخم
  • ديالى تفعل خلية الأزمة لمواجهة وباء الحمى القلاعية
  • مسلسل «ظلم المصطبة» يرصد سطوة التقاليد العرفية في الريف
  • ريال بات رمزا لعملة السعودية.. ما الذي نعرفه عن رموز عملات العالم؟
  • لازم يتعالج .. اعرف أعراض مرض القلق
  • بعد طرح مسلسل إخواتي لها.. أضرار تقع على الفتيات بسبب هوس عمليات التجميل