كيف أسس الإسلام مجتمع التكافل والتراحم والتضامن؟
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
شكلت وثيقة المدينة المنورة قصب السبق بالنسبة لكل دساتير العالم، وتعد أول تجربة سياسية إسلامية بقيادة الرسول الكريم ﷺ، وكان لها دور بارز في إخراج المجتمع من دوامة الصراع القبلي إلى رحاب الأخوة والمحبة والتسامح، إذ ركزت على كثير من المبادئ الإنسانية السامية، كما شكلت الوثيقة العقد الاجتماعي الأول في تاريخ المسلمين وحتى في تاريخ البشرية، وإحدى أهم مرتكزات دولة النبوة، فالنبي المصطفى ﷺ وضع دستوراً ينظم الحياة العامة في المدينة، ويحدد العلاقات بينها وبين جيرانها قبل انصرام العام الأول للهجرة، دستوراً وعقداً سياسياً واجتماعياً لم يسبقه إليها نبي ولا مصلح ولا مليك، وقد اتفقت الوثيقة في مبادئها وأصولها مع المبادئ والأصول العامة والأساسية التي جاء بها الشرع جملة وتفصيلاً.
وأهم تلك المضامين الاجتماعية والقانونية والعَقدية:
ـ المواطنة في دستور المدينة المنورة
كانت يثرب قبل قيام الدولة الإسلامية مقسمة إلى خمسة أجزاء، كل جزء منها تسيطر عليه قبيلة من القبائل، وقد كان الخلاف بين مختلف القبائل مستحكما، فكانوا يعيشون دائما في حروب دامية متواصلة، إلى أن تكونت الدولة الإسلامية، منذ نشأتها بالمدينة تحت قيادة الرسول ﷺ، وعلى أساس دستوري مكتوب، من رعايا مختلف الديانات: المسلمون من المهاجرين والأنصار، وأهل الكتاب من اليهود، وبقايا مشركي المدينة؛ وقد أطلق عليهم رعايا الدولة الإسلامية، وكان ارتباط الأفراد بالدولة ارتباطاً لا يشبه ارتباط الفرد بالفرد؛ لأن الدولة الإسلامية ليست فرداً، وإنما لأن الدولة الإسلامية وهي قيادة سياسية ومنظومة قانونية معاً، يلتزم بها الفرد والدولة، فهذه الآثار هـي الحقوق التي يتمتع بها الفرد في ظل الدولة والواجبات التي يلتزم بها قبلها، وهذه الرابطة هـي الجنسية بمفهومها الحديث، فهم جميعا آمنون بأمان الإسلام، من المسلمين وغير المسلمين، بل لها من الرحابة ما تستوعب بـه العناصر الأخرى دون صهر أو تذويب، قابلة للتوسع والتقلص تبعا لعدد من ينضم إليها أو يتركها باختياره.
ـ الأخلاق الاجتماعية في وثيقة المدينة المنورة
عندما قدم الرسول ﷺ المدينة وجد فيها جماعات متناحرة، فكون منها مجتمعاً موحداً يختلف في جميع مناحي حياته عن المجتمع القديم، ويمتاز عن أي مجتمع يوجد في العالم آنذاك؛ لأنه ارتكز في بنائه على الإسلام الذي حارب الأفكار الجاهلية وهدم المبادئ الفاسدة، والنـزاعات الضارة، وقضى على العداوة التي ولدتها. وأقام بناء المجتمع على أسس راسخة ودعائم قوية، سقطت معها القيم القديمة التي كانت عاملاً في التناحر والفرقة، وجمع بين المسلمين برباط وثيق هـو الإيمان، كما التكافل والتعاضد بين البطون والقبائل والطوائف.
ـ مساواة الجميع أمام القانون
الناس جميعاً سواسية أمام القانون الإلهي، غنيهم وفقيرهم، شريفهم ووضيعهم، المسلم وغير المسلم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هـُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (المائدة:8). فحطمت بذلك التفرقة العنصرية والتمايز بين أعضاء المجتمع المديني، وليس في القانون أي تمييز لأي فئة كيفما كانت أمام مغانـم الحياة العامـة ومغرمها في المدينة؛ لأن المبدأ الإسلامي العادل هـو الغرم بالغنم، وإن كان الله تعالى قد حمل المسلمين عبء التضحية والفداء لإقامة دولة الإسلام، فالكـل سـواء، لا فوارق ولا طبقية بينهم وبين بعضهم إلا طبقاً للمعايير الموضوعية التي قررها الميثاق الإسلامي والمتمثلة بالإيمان والعمل الصالح.
ـ مراعاة حق الجار
بلغ الأمر في الإسلام أن جعل إكرام الجار آية من آيات الإيمان الصادق والتدين الأكيد، قال ﷺ: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِي جَارَهُ»؛ لكي تسود المجتمع المديني علاقات سليمة، ترتكز في الأساس على التعاون على البر، ورعاية الفضيلة، ومنع الأذى، وإقامة الحق بين الناس جميعاً.
ـ ضمان الأمن لطوائف المجتمع وحق الحياة والدفاع المشترك
لما جاء الإسلام آخى بين الناس، أزال ما بينهم من العداوات، ونزع ما في قلوبهم من السخائم، وقضى على خرافة الهامة، وعدها من أباطيل الجاهلية، قال ﷺ: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَلا هـَامَةَ وَلا صَفَرَ، وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الأَسَدِ»، وتثبيت لسيادة القانون الإسلامي الجديد الذي حرم قـتل النفس إلا بالحـق، فأصبح القتل من الكبائر، قال تعالى: ﴿ وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ (النساء:93)، ومن ثم أُلغي ذاك العرف الجاهلي الداعي للثأر، وحفظ الحياة: ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ... ﴾ (البقرة:179)، كما جمعت وثيقة المدينة بين أهل العقائد والأجناس، وجعلتهم مواطنين مكلفين بالدفاع عن الوطن أمام أي اعتداء يفاجئ المدينة من الخارج.
إن التعايش مع الأديان بصفة خاصة، ضرورة من الضرورات الملحة التي يفرضها الحفاظ على سلامة البناء الإنساني، ويمليها الحرص المشترك على البقاء الحر الكريم في عالمنا، لذا نجد أن الإسلام قد سبق الأمم والمنظمات الدولية إلى إعلان نداء السلام العالمي بمقتضى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾، فالإسلام يريد أن يؤكد في ضمير الناس حقيقة راسخة، وهي أن الناس كلهم من أصل واحد، وهو آدم (عليه السلام).كما يظهر أثر وثيقة المدينة في التأسيس لحوار إنساني ومجتمع متكامل بعيد عن العصبيات والمآرب الشخصية وتنكشف فيه حقوق وواجبات كل إنسان في الدولة. وبدا أثر وثيقة المدينة المنورة في السلام العالمي من خلال:
ـ التسامح الديني
لم يعرف الغرب الحرية الدينية ولا التسامح الديني إلا منذ قرن ونيف، وذلك بعد قرون مظلمة من التعصب الديني والاضطهاد والمجازر الرهيبة، ونتيجة لذلك الظلم والعدوان القائم على التعصب الديني والإرهاب الفكري، أعلن الإسلام بصورة صريحة، ووضوح عداوته للتطرف والغلو، سواء في الدين أو في التعامل الأخلاقي البشري، متوخيا في دعوته أسلوباً حضارياً راقياً يقوم على مبدأ التسامح، ويندد بالتعصب الديني، والإرهاب الفكري، وقد أعلن القرآن ذلك بصراحة ووضوح في قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ...﴾ (البقرة:256).
ـ التعايش والتعاون بين الناس داخل الدولة الواحدة
إن التعايش مع الأديان بصفة خاصة، ضرورة من الضرورات الملحة التي يفرضها الحفاظ على سلامة البناء الإنساني، ويمليها الحرص المشترك على البقاء الحر الكريم في عالمنا، لذا نجد أن الإسلام قد سبق الأمم والمنظمات الدولية إلى إعلان نداء السلام العالمي بمقتضى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً﴾، فالإسلام يريد أن يؤكد في ضمير الناس حقيقة راسخة، وهي أن الناس كلهم من أصل واحد، وهو آدم (عليه السلام).
ـ الاعتراف بـالآخر
هذا يتوافق مع التوجيه القرآني لصـاحب الرسالة ﷺ عندمـا أمره ربه تعالى أن يقول لمن لا يستجيب لدعوته: ﴿لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ﴾ (الكافرون:6)، وفي قوله تعالى: ﴿وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ﴾ (الكهف:29)، وهذا أقصى أنواع الاعتراف (بالآخرين) الذي ينطلق من الثقة والاحترام، ومن الرغبة في التعاون لخير الإنسانية في المجالات ذات الاهتمام المشترك.
ـ قيمة حقوق الإنسان في الوثيقة
كانت حياة العرب قبل الإسلام تموج بحركة عاصفة من الشهوات والمآثم، وحب السيادة والعلو، يعيش أفراد المجتمع فيها برباط الولاء للقبيلة، توجههم تقاليد متوارثة، وكان من أولويات الدولة الإسلامية الجديدة، التي أنشأها سيدنا محمد ﷺ في المدينة، أنها رسمت للناس المنهج القويم، الذي يكفل لهم الكرامة الإنسانية، فقد كانت بمثابة فتح جديد في تاريخ البشرية، حينما نص دستورها على أرقى مضامين الحرية والكرامة للإنسان، التي تمكنه من ممارسة حقوقه وحرياته الشخصية في هـذه الحياة، كونها ضرورات إنسانية فردية وجماعية لا سبيل لحياة الناس بدونها، ومن هـذه الحقوق: حق الحرية وحق الحياة وحق حرية الاعتقاد وحق العدل والمساواة وكفالة حرية الرأي وحق الأمن والمسكن والتنقل وحق الفرد في المعونة المالية (التكافل والضمان الاجتماعي)، وغيرها من الحقوق التي كفلها «دستور» دولة الرسول ﷺ، وهي في نظر الإسلام ليست فقط حقوقاً للإنسان وإنما هـي ضرورات واجبة لهذا الإنسان، أي أن الإسلام قد بلغ بإقراره لحقوق الإنسان إلى الحد الذي تجاوز بها مرتبة الحقوق عندما اعتبرها ضرورات.
خلاصة
كشفت وثيقة المدينة المنورة، بأن البعد الإنساني والحضاري تمثلا في المنهج النبوي بكل وضوح، وأن الاهتمام بالمسألة الاجتماعية والعلاقات البشرية ليس أمراً عارضاً، فرضته ظروف طارئة، وإنما هـو سمة أصيلة، واهتمام مركزي في المشروع الإسلامي النبوي والراشدي، ووضعت نظاماً متكاملاً للمجتمع المديني الجديد يختلف كلياً عن الأنظمة التي كانت سائدة في ذلك العصر، واعتنت بالفرد عناية فائقة، وضمنت له من الحقوق ما يجعله يعيش بها إنسانيته في حرية، وعزة، وكرامة، وكلفته بواجبات تجعل منه شخصاً مسؤولاً في المجتمع؛ ينهض بمهمات تخولها مكانته وأهميته، وتدلُّ وثيقة المدينة المنورة على حنكة وعبقرية الرَّسول ﷺ في صياغة موادِّها، وتحديد علاقات الأطراف بعضها ببعضٍ، وتعتبر الوثيقة دليلاً على الفضاء الواسع للقيم الإسلامية وإنسانيتها، فضاء لا يحده الزمان ولا المكان، وهذا يتناسب مع انفتاح المسلمين على العالم اليوم، وفق الحوار ومعاهدات الشراكة على المستويات السياسية والاقتصادية والإعلامية والفكرية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير دولة اسلام سياسة دولة خصائص سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدولة الإسلامیة قوله تعالى
إقرأ أيضاً:
تأملات قرآنية
#تأملات_قرآنية
د. #هاشم_غرايبه
يقول تعالى في الآية 11 من سورة الرعد: “..إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ..”.
ذهب المفسرون الى أن التغيير في حال قوم يوقعه الله بهم يحتمل أن يكون من سيء الى حسن أو العكس، لكن السياق يفيد التغير من الحال السيء الى حال أفضل، ويعزز ذلك الآية المتشابهة مع هذه الآية: “ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ” [الأنفال:53].
لذلك تعتبر هاتان الآيتان من السنن الكونية التي يجري الله الأحداث بموجبها، وتقطعان بأن أحوال الأمم والأقوام ليست أقدارا مكتوبة عليها، بل متغيرة يبدلها الله من حال الى حال، والتغيير مرتبط بتغير نواياها وسلوكاتها.
وعليه فان من يطمحون الى خروج أمتنا من واقعها الحالي المزري، ونهضتها وعودتها الى موقعها الحضاري المجيد الذي كانت عليه، وكانت خلاله في صدارة الأمم، حري بهم أن يتأملوا جيدا في مدلولات هاتين الآيتين.
مما يمكن استخلاصه الحقائق التالية:
1 – إن التعامل الإلهي مع البشر فردي حينما تتعلق المسؤولية عن سلوكاته بذاته، فيحاسبه عما فعل ولا يحمله عاقبة أفعال غيره لأنه ليس له عليه من سلطة، لكنه يحاسب المجتمعات جماعيا عندما تتعلق منتجات الأفراد بالمنتج العام للسلوكات فتصبغ المجتمع بصبغة ذلك السلوك، وتصبح تلك السمة العامة للمجتمع سواء كانت إيجابية أو سلبية مؤثرة على الأفراد وموجهة لسلوكاتهم، مثال على ذلك قوم لوط، اذ لا يعقل أن جميع الأفراد كان لديهم شذوذ جنسي، لكن عوقب الجميع عندما لم يعد الأمر مستنكرا في القيم المجتمعية الجمعية، بل ممارسة مقبولة، ولممارسيه حماية ورعاية من قبل الهيئة الحاكمة، بل وتعاقب من ينتقدها أو يضايق فاعليها (كما نشهده الآن في العالم)، وعندما لم يتصدّ المصلحون لوقفها ولم يستنكرها الصالحون، أصبحت سمة عامة تصبغ المجتمع كله، لذلك أخذ الله المجتمع كله، صالحه وفاسده بالعذاب.
2 – فاسدو المجتمع يحاولون تبرير أفعالهم بأن الله كتب عليهم الضلال، وفي هاتين الآيتين بيان مبطل لادعائهم، وتأكيد على أن ما يصيب الأقوام هو نتاج أعمالهم.
كما بين تعالى في مواضع كثيرة أن الله لا يضل إلا من اختار الضلالة بإرادته وعن سابق عزم وتصميم “سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ” [الأنعام:148].
كما بين أنه تعالى لا يأمر بالمنكر: “وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ” [الأعراف:28]، بل فعل المنكرات هو مما تزينه النفوس الأمارة بالسوء.
3- بناء على ما سبق نتوصل الى أنه لا ينبغي للمؤمنين في زمننا الكالح هذا القعود بانتظار المعجزات، ولا انتظار أن يأتينا الفرج بالاكتفاء بالدعاء، بل علينا الجد والعمل لتغيير هذا الحال الذي ما وصلنا إليه إلا لأن العلماء المصلحين انكفأوا عن أداء واجبهم في التنبيه الى سوء المنقلب، والمؤمنون الصالحون صمتوا عن شيوع المنكرات، وعلى رأسها تقبل أن يحكموا بغير ما أمر به الله، وسكتوا عندما تبين لهم أن قادتها يرفضون الحكم وفق منهج الله، واعترفوا صراحة أنهم ينبذونه ويعتبرونه أرهابا، ويتبعون منهج أعداء الأمة التاريخيين.
ان الحكم بما أنزل الله واجب شرعي، ولا يجوز للحاكم ان كان مؤمنا اتباع منهج غيره، ولا يقبل الله منه ادعاءه بأنه مسلم بمجرد إعلان ذلك طقوسيا على الراية، أوالتظاهر باتباعه من خلال المظاهر الخادعة كالسماح برفع الأذان، او تنفيذ احكام الاعدام بالسيف بدل المشنقة.
الحكم بموجب الشرع يظهر في اتباع ما أمر به الله، وأهمه معاداة من يعادي الدين ويحارب المسلمين، ونصرة إخوانهم في الدين وعدم موالاة من احتلوا ديار المسلمين ولا إلقاء السلم إليهم قبل أن يجلوا عنها.
هل عرفنا الآن لماذا غير الله نعمته التي أنعمها علينا بجعلنا خير أمم البشر، فغيرها الى الأمة الأضعف والتي سلط عليها أراذل البشر الذين كتب عليهم الذلة والمسكنة!؟.
وهل عرفنا أنه لن يزول ذلك، ولن يعيد الله حالنا الى ما كنا عليه من عزة وكرامة، بمجرد الصلاح الفردي وكثرة العبادات، بل بتغيير ما بأنفسنا كمجتمع، من هوان واستكانة لما فرضه الأعداء ووكلاؤهم علينا.