فيكتوريا وودهول.. يوم تجرأت امرأة لأول مرة على الترشح لرئاسة أميركا
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
فيكتوريا وودهول ناشطة أميركية وزعيمة حركة "حق المرأة في الاقتراع"، ولدت عام 1838، واشتهرت بأنها أول امرأة تترشح لرئاسة أميركا أوائل سبعينيات القرن الـ19، وأول امرأة تعمل في مجال السمسرة في وول ستريت بنيويورك. عملت في الإعلام ثم انتقلت إلى إنجلترا وعاشت واستقرت فيها حتى وفاتها عام 1927.
أسست مع أختها صحيفة روجت من خلالها لأفكارها "التحررية"، إذ عرف عنها أنها "ناشطة ثورية نسوية"، وأثالت كثير من مقالاتها الجدل لمخالفتها القيم والأخلاق التي كانت سائدة في مجتمعها، واستمرت كذلك إلى أن اعتنقت المسيحية في أواخر حياتها وغيرت قناعاتها.
ولدت فيكتوريا كلافلين (اشتهرت لاحقا باسم فيكتوريا وودهول) في بلدة هومر الريفية بولاية أوهايو، عام 1838 لأبوين غير متزوجين هما روكسانا كلافلين، والمحامي روبن بوكمان كلافلين الذي كان يعرف بأنه شخص محتال.
كانت فيكتوريا الطفلة السابعة لأبويها اللذين أنجبا 10 أطفال، وعاشت طفولة تعيسة، إذ تعرضت للجلد والتجويع والاعتداء الجنسي من والدها في طفولتها، حسب كاتبة سيرتها الذاتية باربرا غولدسميث.
كانت فيكتوريا أمية خلال السنوات الأولى من حياتها، ولم تتلق التعليم إلا بعد بلوغها سن الـ11، إذ ذهبت إلى المدرسة ثلاث سنوات فقط ثم أجبرت على تركها بعدما حرق والدها طاحونة العائلة عمدا للحصول على تعويض من شركة التأمين، لكن كشف أمره واضطر لمغادرة البلدة مع عائلته.
وبعدما كبرت تعاونت مع أختها تينيسي سيليست كلافلين التي تصغرها بـ7 سنوات على تأسيس شركة للأوراق المالية وصحيفة في مدينة نيويورك.
تينيسي سيليست كلافلين أخت فكتوريا الصغرى التي أنشأت معها صحيفة وشركة للأوراق المالية (مواقع التواصل الاجتماعي) حياتها الشخصيةعندما كانت فيكتوريا في الـ14 من عمرها، التقت كانينغ وودهول، الذي كان طبيبا يبلغ من العمر 28 عاما، وبحسب بعض الروايات فقد اختطف فيكتوريا وتزوجها.
وسجل زواجهما في كليفلاند يوم 23 نوفمبر/تشرين الثاني 1853، وكان زوجها هذا مدمنا على الكحول والدعارة. وقد أنجبت منه طفلين أحدهما أصيب بإعاقة ذهنية، وكثيرا ما رددت فيكتوريا أن إدمانه الخمر كان السبب في إعاقة ابنهما.
لم يكن زواج فيكتوريا الأول سعيدا، وكان عليها أن تعمل لتعيل أطفالها، ولم يستمر طويلا، وسرعان ما طلقت زوجها إلا أنها احتفظت بلقبه.
عام 1866، تزوجت فيكتوريا للمرة الثانية من العقيد جيمس هارفي بلود، الذي خدم في جيش الاتحاد أثناء الحرب الأهلية الأميركية، لكنها تطلقت منه عام 1876.
وبعد ذلك بعام انتقلت مع أختها للعيش في بريطانيا، وواصلت نشاطها السياسي هناك وألقت العديد من المحاضرات، وفي إحدى محاضراتها التقت بالمصرفي جون بيدولف مارتن، الذي أعجب بها وتزوجها رغم معارضة عائلته لهذا الزواج، ومنذ ذلك الحين عرفت باسم فيكتوريا وودهول مارتن.
التجربة المهنيةآمنت فيكتوريا منذ شبابها بالحركة الروحانية الجديدة التي نشطت في القرن الـ19، وكانت من أتباع المتصوف النمساوي فرانز ميسمر، وبسبب اعتناقها هذا المذهب الروحاني، اعتقدت أنها تمتلك قدرات خاصة، إذ ادعت أنها تستطيع التواصل مع 3 أشقاء ماتوا في بلدتها وأنها تستطيع شفاء المرضى.
ولأن عائلتها كانت تعمل في مجال ما يصطلح عليه بـ"الطب البديل"، فقد انخرطت فيكتوريا في بداياتها في هذا العمل، بعد ادعائها أنها تستطيع التواصل مع الأرواح.
الأختان فيكتوريا وودهول وتينيسي كلافلين تجلسان محاطتين بزملائهما المدافعين عن "حق المرأة في التصويت" (غيتي)وفي بدايات شبابها استطاعت كسب بعض المال من العمل في مجال التنويم المغناطيسي، لكنها لم تنتقل من الفقر إلى الثراء الفاحش إلا بعد أن دخلت مجال السمسرة والاستثمارات في السوق المالية، فكانت مع أختها تينيسي كلافلين، أول امرأتين تعملان في هذا المجال بنيويورك، إذ افتتحتا عام 1870 شركة وساطة في وول ستريت حملت اسم "وودهول، كلافلين، وشركاؤهما".
حققت الشركة أرباحا هائلة في بورصة نيويورك، من خلال تقديم المشورة للعملاء الأغنياء وذوي النفوذ، الذين كسب بعضهم الملايين جراء اتباع نصائح وودهول في سوق الأسهم، ومنذ ذلك الوقت أصبحت شركة الأختين حديث الصحف، ووصفتهما بـ"ملكات التمويل"، وقد أثار ذلك غيرة العاملين في المجال من الرجال، وتعرضت الأختان نتيجة ذلك لاتهامات بالفجور والدعارة لعملهما وحدهما في السوق دون وجود رجل يشرف عليهما.
لم تأبه الأختان لتلك الاتهامات، بل على العكس وسعتا مجال أعمالهما، وفي عام 1870، استخدمتا الأموال التي جمعتاها من العمل في مجال السمسرة لتأسيس صحيفة خاصة بهما، كان الهدف منها دعم فيكتوريا وودهول في رحلتها للترشح لمنصب رئيسة الولايات المتحدة الأميركية.
وكانت وودهول من المدافعات البارزات عن حقوق المرأة، وقد ألقت خطابا مثيرا للإعجاب أمام اللجنة القضائية بمجلس النواب دافعت فيه عن حق المرأة في التصويت، لتكون بذلك أول امرأة تتحدث أمام لجنة في الكونغرس، وكانت كذلك ثاني امرأة في الولايات المتحدة تقدم التماسا شخصيا إلى الكونغرس بهذا الخصوص.
وانضمت وودهول كذلك إلى رابطة العمال الدولية، ودعمت أهدافها بمقالات في جريدتها. وكان يشار إليها على أنها ناشطة نسوية اشتراكية، فقد كان مفهومها لإعادة التنظيم الاجتماعي والسياسي، مثل كارل ماركس، يعتمد على الاقتصاد.
وفي مقال بعنوان "حق المرأة في التصويت في الولايات المتحدة" عام 1896، خلصت إلى أن "حق الاقتراع ليس سوى مرحلة واحدة من السؤال الأكبر المتمثل في تحرير المرأة. والأهم من ذلك مسألة وضعها الاجتماعي والاقتصادي. إذ إن استقلالها المالي يكمن وراء كل هذه الحقوق".
وعندما غادرت وودهول الولايات المتحدة إلى بريطانيا عام 1877، انخرطت في نشاطات سائقي السيارات، وانضمت إلى نادي السيارات للسيدات، وعرفت بأنها أول امرأة تقود سيارة في هايد بارك في لندن، وفي الطرق الريفية الإنجليزية.
وودهول أمام اللجنة القضائية بمجلس النواب بواشنطن عام 1871 للمطالبة بحق المرأة في التصويت (غيتي) ترشحها لرئاسة أميركافي 2 أبريل/نيسان 1870 أعلنت فيكتوريا وودهول ترشحها لرئاسة الولايات المتحدة الأميركية، إذ تم ترشيحها من قبل حزب الحقوق المتساوية، الذي تم تشكيله حديثا في 10 مايو/أيار 1872، في مدينة نيويورك.
وفي عام 1871 تحدثت وودهول علنا ضد احتكار الرجال للمناصب الحكومية، واقترحت وضع دستور جديد وتشكيل حكومة جديدة بعد ذلك بعام. وقد تمت المصادقة على ترشيحها في 6 يونيو/حزيران 1872، مما يجعلها أول امرأة تترشح لهذا المنصب في تاريخ الولايات المتحدة.
أثارت حملة وودهول جدلا في الأوساط السياسية بسبب ترشيح زعيم حركة الحقوق المدنية للأميركيين الأفارقة، فريدريك دوغلاس لمنصب نائب الرئيس، إذ لم يكن مقبولا اختلاط البيض والسود في الحياة العامة.
قوبل ترشح فيكتوريا وودهول بالاستهجان من قبل كثيرين، وتم التشهير بها بسبب آرائها العامة غير المحافظة، والتي خالفت فيها قيما أخلاقية اعتبر الحديث عنها من المحظورات.
كرست وودهول صحيفتها لنشر مقالات روجت فيها لأفكارها، مما قاد لاعتقالها مع أختها وزوجها، قبل أيام قليلة من الانتخابات بتهمة "نشر الأخبار الفاحشة"، وتم احتجازهم في سجن شارع لودلو قبل أن ينالوا البراءة بعد 6 أشهر.
لم تحصل وودهول في نهاية المطاف على أي أصوات انتخابية في انتخابات عام 1872، وهي الانتخابات التي حصل فيها 6 مرشحين مختلفين على صوت انتخابي واحد على الأقل، ونسبة ضئيلة، ولكنها غير معروفة، من الأصوات الشعبية.
حاولت وودهول مرة أخرى الترشح للرئاسة في عامي 1884 و1892، وذكرت الصحف أن محاولتها عام 1892 توجت بترشيحها من قبل "اتفاقية ترشيح المرأة الوطنية لحقوق المرأة" في 21 سبتمبر/أيلول، دون أن تحصل في النهاية على المنصب.
الصحفي الأميركي فريدريك دوغلاس الذي عانى من العبودية وطالب بإلغاء عقوبة الإعدام عام 1879 (غيتي)آراؤها المثيرة للجدل
عندما كانت فيكتوريا لا تزال تعتنق المذهب الروحاني، نشرت آراء مخالفة لقيم مجتمعها آنذاك عبر صحيفتها وكذلك عبر الخطابات العامة التي كانت تلقيها، على الرغم من تراجعها عنها جميعا بعد اعتناقها المسيحية.
فقد نادت بحق المرأة في إقامة علاقة مع الرجل خارج إطار الزواج، ونددت بتعامل المجتمع مع المرأة المطلقة آنذاك، وطالبت بالحرية التامة للمرأة في تطليق زوجها، وانتقدت تسامح المجتمع مع خيانة الزوج لزوجته، وكانت ممن نادى بالمساواة بين الرجل والمرأة، وأعربت في أحد مقالاتها عن دعمها لشرعنة الدعارة.
أصبحت مجلتها سيئة السمعة بسبب تناولها لهذه المواضيع المحظور نقاشها حينئذ، إضافة إلى مواضيع أخرى مثيرة للجدل مثل التربية الجنسية وحق المرأة في ارتداء التنانير القصيرة وتحديد النسل وغيرها.
لكن آراءها تغيرت تماما بدءا من عام 1875، فقد تخلت عن الروحانية حتى وصفت الروحانيين بالمحتالين، واعتنقت المسيحية. ومنذ ذلك الحين بدأت بكتابة مقالات ضد الاختلاط، ووصفته بأنه "لعنة المجتمع"، كما تنكرت لآرائها السابقة حول العلاقات خارج إطار الزواج، وبدأت تركز على العفة والأمومة والزواج والكتاب المقدس في كتاباتها.
الوفاةعلى الرغم من أن فيكتوريا زارت الولايات المتحدة عدة مرات، إلا أنها عاشت واستقرت في إنجلترا حتى وفاتها عام 1927 في بلدة بردنس نورتن قرب مدينة مانشستر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة أول امرأة فی مجال
إقرأ أيضاً:
وزير الدفاع الألماني ينسحب من الترشح لمستشار الحزب.. الطريق ممهد لشولتس
أبلغ وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس أعضاء الحزب الديمقراطي الاجتماعي الحاكم أنه لن يترشح لمنصب مستشار عن الحزب في الانتخابات المبكرة في فبراير/ شباط، ما يمهد الطريق للمستشار أولاف شولتس للترشح لولاية ثانية.
وقال بيستوريوس في مقطع مصور نُشر عبر قنوات الحزب على وسائل التواصل الاجتماعي "أبلغت للتو قادة حزبنا ومجموعتنا البرلمانية أنني لن أترشح لمنصب مستشار اتحادي. هذا قراري السيادي والشخصي بشكل كامل".
تراجعت شعبية المستشار أولاف شولتس ما طرح إمكانية استبداله بوزير الدفاع بوريس بيستوريوس الذي يحظى بشعبية حسب استطلاعات للرأي.
ومن المتوقع إجراء انتخابات مبكرة في فبراير/ شباط المقبل بعد انهيار الائتلاف الحاكم الثلاثي الذي يقوده شولتس في وقت سابق من هذا الشهر، عقب قراره بإقالة وزير المالية السابق كريستيان ليندنر.
ومطلع الشهر الجاري، دخلت ألمانيا في أزمة سياسية كبيرة مع انهيار الائتلاف الحكومي الهشّ إثر إقدام المستشار أولاف شولتس، على إقالة وزير المالية وانسحاب بقية وزراء الحزب الليبرالي من الحكومة، لتجد البلاد بذلك نفسها أمام انتخابات مبكرة محتملة في مطلع العالم المقبل.
والأربعاء، قال المستشار شولتس إنّه أقال وزير المالية كريستيان ليندنر لأنّه "خان ثقتي مرارا.. العمل الحكومي الجدي غير ممكن في ظل ظروف كهذه"، وليندر هو زعيم الحزب الليبرالي الشريك في الائتلاف الحكومي.
وبعد ساعات قليلة من الإقالة، أعلن بقية الوزراء الليبراليين انسحابهم من الحكومة التي فقدت بذلك أغلبيتها في مجلس النواب.
ويأتي هذا التغيير السياسي الكبير في أسوأ وقت ممكن لألمانيا، إذ إنّ القوة الاقتصادية الأكبر في أوروبا تعاني حاليا من أزمة صناعية خطيرة، وتشعر بالقلق بسبب فوز الجمهوري دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتّحدة وما لهذا الفوز من تداعيات على تجارتها وأمنها، بحسب ما ذكرت "فرانس برس".
وفي معرض تبريره لقراره إقالة وزير المالية، قال شولتس: "نحن بحاجة إلى حكومة قادرة على العمل ولديها القوة لاتخاذ القرارات اللازمة لبلدنا".
ويتولى شولتس المستشارية عبر ائتلاف من ثلاثة أحزاب هي الحزب الاشتراكي الديمقراطي بزعامته، وحزب الديمقراطيين الأحرار بزعامة ليندنر، وحزب الخضر.
وأشار المستشار الى أنه يعتزم طرح الثقة بحكومته أمام البرلمان مطلع العام المقبل، وأن التصويت قد يحصل في 15 كانون الثاني/ يناير المقبل، قائلا: "عندها يمكن لأعضاء البرلمان التقرير ما إذا كانوا يريدون تمهيد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة".