سواليف:
2025-03-20@00:16:26 GMT

موقف عمومي

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

#موقف_عمومي

د. #هاشم_غرايبه

من قصص العرب، يحكى أنه كان هنالك رجل شهم كريم من بني عجل بن لجيم يدعى “أبو دلف”، وكان له جارٌ جارَ الزمان عليه وتراكمت ديونه حتى بلغت عشرة آلاف درهم، فقال لدائنه: ليس لدي غير هذا البيت أتأخذه مقابل دينك؟، فرد عليه: لكن بيتك هذا لا يساوي أكثر من خمسة آلاف، فقال: صحيح لكن جيرة أبي دلف بالخمسة آلاف الأخرى، فرفض المشتري، ولما سمع أبودلف بذلك تأثر كثيرا، وقال وأنا لا أفرط في جيرة من جعل جيرتي عدل ماله، فدفع عنه ديْنه وأبقاه في بيته.


فيما مضى، كانت قصص الشهامة والمروءة والكرم، سيرة معتادة، وأعرافاً جاريةً، لدرجة أن الناس كانت تخشى أن تعرف بغيرها، وتتجنب الأفعال التي تصف الفاعل بنقيضها، مهما بلغت الكلفة وغلت التضحيات.
فهذا المتنبي وقد عرض له في الطريق عصابة قاطعون لها، لما رأى كثرتهم وأيقن أنه لا حيله له بهم، نوى الهرب بجلده، فقال له خادمه: ألست القائل “الخيل والليل والبيداء تعرفني..”، فقال : قتلتني قاتلك الله، وعاد يقاتلهم حتى قتل.
وظل الحرص على بقاء قيم الشهامة وإغاثة الملهوف، مهما كان الثمن، فهذا الذي وجد في الصحراء رجلا متمددا في طريقه حسبه جريحا أو مريضا، فتوقف وأركبه فرسه وسار الى جانبه، لكنه ما أن تمكن من اللجام حتى وكز الفرس وانطلق بها، فإذ به لص مخادع، لكن المخدوع إذ أيقن استحالة اللحاق به، صرخ به لا ليستعطفه فقد أيقن بالهلاك في بطن الصحراء وحيدا، بعد إذ فقد الراحلة والزاد، بل مستحلفا إياه أن لا يذكر هذا الحدث للناس، مخافة أن تنقطع المروءة بينهم.
لم تنقرض هذه القيم في عصرنا هذا كما يعتقد من حرصوا على (تطوير) ثقافتنا الجمعية باتجاه العلمنة، بدعوى التخلص من القيم (التي يدعونها بالية ولا تناسب العصر)، وما ذاك إلا لأنها قيم يفتقدها الغرب الذي يريدون اتباعه شبرا بشبر، والدليل هو ما نراه في القطاع المستهدف يوميا بالتدمير، فدائما ما يهب الشباب فور تعرض بيت للقصف الى محاولة انقاذ من هم تحت الركام، أو لإطفاء الحريق، غير عابئين بخطر استهدافهم هم أيضا، وغير منتظرين حضور الدفاع المدني والمسعفين، الذين قد لا تستطيع آلياتهم الوصول.
في الغرب أقصى ما يفعله الناس في مثل هذه الحالة الإتصال بالدفاع المدني، ثم ينشغلون بتصوير المشاهد المؤلمة لبيعها كسبق صحفي مثير.
قبل فترة أقدم لص تحت تهديد السلاح على سرقة محل للذهب في عمان، وركض صاحب المحل خلف السارق عبثا، وشاهده رقيب للسير فجازف بحياته وأمسك بالسارق رغم أن ذلك ليس من وظيفته، في أمريكا ينصح الناس بعدم اعتراض اللص والإبتعاد عن طريقه حفاظا على حياتهم.
بر الوالدين.. المروءة.. إغاثة المكروب.. إصلاح ذات البين.. مساعدة المحتاج.. مواساة أهل الميت.. عيادة المريض.. اكرام الضيف..الإحسان الى الجار.. مودة ذي القربى، كل هذه المفاهيم لم تعد موجودة في الغرب، لأنها في نظر النظام العالمي الليبرالي قيما بالية، إذ لا قيمة فيه إلا لما يحقق ربحا، لكنها في مجتمعاتنا ما زالت قيما عليا، نعتز بالإنتماء لها، ونتمسك بها، ليس لأنها مجرد عادات اجتماعية متوارثة، بل لأنها جزء من عقيدتنا الإيمانية، فعلها فيه أجر، وتركها فيه وزر، فبيت العزاء للمتوفى يسمى عندنا بيت الأجر، وكل عمل خير نسعد به الآخرين يسعدنا لأننا نعتبره في سبيل مرضاة الله.
هذه البقية الباقية من قيمنا التليدة، ما زالت في النفوس، نتمسك بها لأنها من صلب عقيدتنا، ونلوذ بها احتماء، تحمي نفوسنا التي أتعبها الكد والشقاء في الركض وراء لقمة العيش، فتواسينا في هذا الزمان الصعب، الذي ما جعله صعبا إلا فساد الفاسدين الذين هم أيدي الطغاة الناهبين المستترة، أكلوا السنبلات الخضر واليابسات، فجعلوا السنين كلها علينا عجافا، وفاقمه جورهم واستبدادهم، وماهم في حقيقتهم إلا أيدي المستعمرين المستترة.
نعتز بكل ما ورثناه من حميد السجايا ونبل الطوايا، لأن تسيّد القيم العليا هي السمة التي تعلي من شأن الحضارة، فهذا هو الرقي الحضاري، وليس التطاول بالبنيان ولا التكاثر في الأموال والاختراعات.

مقالات ذات صلة كلام حساس عن الحملات ضد الأردن 2024/03/04

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

نهيان بن مبارك: محمد بن زايد ملتزم بتعزيز القيم الإنسانية

أكد الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ملتزم بتعزيز القيم الإنسانية، واحترام حقوق الإنسان، وضمان الكرامة لجميع من يعيشون على أرضنا، حيث دعا سموه الدول حول العالم إلى العمل من أجل تحقيق الاستقرار والأمن والسلام الإقليمي والدولي، إضافة إلى تعزيز التنمية والاستقرار لشعوب العالم.
وأشار إلى أن القيم الأساسية لدولة الإمارات تؤكدها رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الذي صرّح بأن فوائد الوحدة في الدولة وصلت إلى جميع الناس، أينما كانوا، سواء في المدن أو الأرياف أو بين البدو، وتأثيرها يشمل جميع جوانب الحياة.
جاء ذلك في ليلة فنية استثنائية، حيث شهد الشيخ نهيان بن مبارك، العرض الختامي للمسرحية الموسيقية الضخمة «راجاديراج - الحب. الحياة. ليلا»، الاثنين، في أوبرا دبي وسط حضور جماهيري كبير.
ويعد هذا العمل أول وأضخم إنتاج مسرحي موسيقي عالمي يروي سيرة شري كريشنا، والذي أعاد تعريف المسرح الهندي بأسلوب Broadway الفريد، مقدماً تجربة بصرية وموسيقية غير مسبوقة تمزج بين العمق الثقافي والتقنيات المسرحية الحديثة.
وأبدى الشيخ نهيان بن مبارك، إعجابه العميق بالإبداع والتميز الفني الذي ظهر في العرض، مشيداً بجميع المشاركين في تنظيم وإنتاج هذا الحدث الثقافي الفريد؛ وأضاف أن عالم اللورد كريشنا هو عالم يقوم على الحب والرحمة والحماية والإخاء والسلام، والوئام، ومن خلال تقديم هذا العرض الموسيقي الرائع عنه في دولة الإمارات، تؤكدون التزام بلدنا بهذه القيم الإنسانية العالمية التي توحدنا جميعاً.
وشدد على أن تقديم هذا العرض الرائع في دبي، يعكس تطلعات دولة الإمارات لأن تكون مجتمعاً قائماً على العيش الصادق، والتعاطف، والتواضع، وحب الله، والتحرر من السلوكيات المنافية للمجتمع، إضافة إلى ذلك، فإن هذا العمل المسرحي يبرز الإنجازات الثقافية والفنية المذهلة للهند، ويعكس تراثها الثقافي العريق، كما يعزز فخرنا المشترك بالعلاقات المتينة والودية بين الهند والإمارات العربية المتحدة، التي نثق في استمرار نموها وتطورها بما يخدم تطلعاتنا المشتركة نحو عالم أكثر سلاماً.
وأضاف الشيخ نهيان بن مبارك: 'يُقال إن الفن هو اللغة العالمية، وشعب الهند أتقن هذه اللغة ببراعة، فمن خلال براعتكم الفنية، وإبداعكم، وتفانيكم، تعمّقون فهمنا المتبادل بطرق ترفيهية وتعليمية مشوّقة، وتلهموننا لتطوير الصفات التي تمكننا من إحداث تأثير إيجابي في مجتمعاتنا والعالم.
وأعرب في ختام كلمته، عن تقديره للدور المحوري الذي يؤديه الفن والموسيقى في تعزيز العلاقات الإيجابية بين الشعوب والمساهمة في تحقيق السلام والوئام العالمي؛ وقال: أتحدث باسم الجميع عندما أعبر عن خالص الشكر والتقدير لجميع الفنانين، والكتّاب، والملحنين، والمخرجين، والمصممين، ومبتكري الأزياء، ومصممي الرقصات، وكل من أسهم في إنجاح هذا العمل المسرحي الفريد، شكراً لمهاراتكم المذهلة، وتفانيكم في خدمة الفن، هذه اللغة العالمية للبشرية.
وحظي العرض بإقبال جماهيري ضخم على مدار ست ليالٍ متتالية في أوبرا دبي، حيث امتلأت القاعة بالحضور المتشوقين لمتابعة هذا العمل المسرحي الاستثنائي الذي يضم أكثر من 180 فناناً، و60 راقصاً، و1800 زي مصمم خصيصاً، و20 أغنية أصلية، ما جعله تجربة فريدة لا تُنسى.
ويؤكد هذا الحدث الثقافي والفني الفريد مكانة دبي بصفتها وجهة عالمية تحتضن الفنون والإبداع، حيث أصبحت منصة رئيسية للأعمال الفنية والمسرحية التي تحتفي بالتنوع الثقافي وتجمع بين الحضارات المختلفة.
ويعكس التزام دولة الإمارات برؤية مستقبلية تعزز قيم التسامح والتعايش والانفتاح على الثقافات العالمية، ما يرسخ مكانتها بصفتها مركزاً للإبداع والفنون، ويعزز مكانتها بصفتها عاصمة عالمية للتنوع الثقافي والحوار الفني.
وبهذا النجاح الكبير، يواصل المشهد الثقافي في دبي تقديم عروض عالمية المستوى، تجذب الفنانين والمبدعين والجمهور من مختلف أنحاء العالم، لتظل الإمارة منارة للثقافة والفن والتسامح، وتعكس روح الحداثة والانفتاح التي تميز الإمارات العربية المتحدة.
(وام)

مقالات مشابهة

  • «الشارقة للصحافة» يناقش دور القيم في بناء المجتمعات
  • ميراث عميق من القيم والمبادئ الراسخة
  • ذياب بن محمد بن زايد: «يوم زايد للعمل الإنساني» مناسبة نستلهم منها القيم الإنسانية التي أسست لاستدامة العطاء الإماراتي
  • ذياب بن محمد بن زايد: نستلهم من "يوم زايد للعمل الإنساني" القيم الإنسانية التي أسست لاستدامة العطاء الإماراتي
  • إلهام شاهين: شخصية اعتماد في "سيد الناس" معقدة نفسيًا ولم أقدم مثلها من قبل
  • الخدعة فی الحرب ليست بالحادثة المستحيلة !
  • بحضور القيادات الدينية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى.. صور
  • بحضور وكيل الأزهر ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى
  • نهيان بن مبارك: محمد بن زايد ملتزم بتعزيز القيم الإنسانية
  • نجم الهنعة