سواليف:
2025-04-17@11:43:12 GMT

موقف عمومي

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

#موقف_عمومي

د. #هاشم_غرايبه

من قصص العرب، يحكى أنه كان هنالك رجل شهم كريم من بني عجل بن لجيم يدعى “أبو دلف”، وكان له جارٌ جارَ الزمان عليه وتراكمت ديونه حتى بلغت عشرة آلاف درهم، فقال لدائنه: ليس لدي غير هذا البيت أتأخذه مقابل دينك؟، فرد عليه: لكن بيتك هذا لا يساوي أكثر من خمسة آلاف، فقال: صحيح لكن جيرة أبي دلف بالخمسة آلاف الأخرى، فرفض المشتري، ولما سمع أبودلف بذلك تأثر كثيرا، وقال وأنا لا أفرط في جيرة من جعل جيرتي عدل ماله، فدفع عنه ديْنه وأبقاه في بيته.


فيما مضى، كانت قصص الشهامة والمروءة والكرم، سيرة معتادة، وأعرافاً جاريةً، لدرجة أن الناس كانت تخشى أن تعرف بغيرها، وتتجنب الأفعال التي تصف الفاعل بنقيضها، مهما بلغت الكلفة وغلت التضحيات.
فهذا المتنبي وقد عرض له في الطريق عصابة قاطعون لها، لما رأى كثرتهم وأيقن أنه لا حيله له بهم، نوى الهرب بجلده، فقال له خادمه: ألست القائل “الخيل والليل والبيداء تعرفني..”، فقال : قتلتني قاتلك الله، وعاد يقاتلهم حتى قتل.
وظل الحرص على بقاء قيم الشهامة وإغاثة الملهوف، مهما كان الثمن، فهذا الذي وجد في الصحراء رجلا متمددا في طريقه حسبه جريحا أو مريضا، فتوقف وأركبه فرسه وسار الى جانبه، لكنه ما أن تمكن من اللجام حتى وكز الفرس وانطلق بها، فإذ به لص مخادع، لكن المخدوع إذ أيقن استحالة اللحاق به، صرخ به لا ليستعطفه فقد أيقن بالهلاك في بطن الصحراء وحيدا، بعد إذ فقد الراحلة والزاد، بل مستحلفا إياه أن لا يذكر هذا الحدث للناس، مخافة أن تنقطع المروءة بينهم.
لم تنقرض هذه القيم في عصرنا هذا كما يعتقد من حرصوا على (تطوير) ثقافتنا الجمعية باتجاه العلمنة، بدعوى التخلص من القيم (التي يدعونها بالية ولا تناسب العصر)، وما ذاك إلا لأنها قيم يفتقدها الغرب الذي يريدون اتباعه شبرا بشبر، والدليل هو ما نراه في القطاع المستهدف يوميا بالتدمير، فدائما ما يهب الشباب فور تعرض بيت للقصف الى محاولة انقاذ من هم تحت الركام، أو لإطفاء الحريق، غير عابئين بخطر استهدافهم هم أيضا، وغير منتظرين حضور الدفاع المدني والمسعفين، الذين قد لا تستطيع آلياتهم الوصول.
في الغرب أقصى ما يفعله الناس في مثل هذه الحالة الإتصال بالدفاع المدني، ثم ينشغلون بتصوير المشاهد المؤلمة لبيعها كسبق صحفي مثير.
قبل فترة أقدم لص تحت تهديد السلاح على سرقة محل للذهب في عمان، وركض صاحب المحل خلف السارق عبثا، وشاهده رقيب للسير فجازف بحياته وأمسك بالسارق رغم أن ذلك ليس من وظيفته، في أمريكا ينصح الناس بعدم اعتراض اللص والإبتعاد عن طريقه حفاظا على حياتهم.
بر الوالدين.. المروءة.. إغاثة المكروب.. إصلاح ذات البين.. مساعدة المحتاج.. مواساة أهل الميت.. عيادة المريض.. اكرام الضيف..الإحسان الى الجار.. مودة ذي القربى، كل هذه المفاهيم لم تعد موجودة في الغرب، لأنها في نظر النظام العالمي الليبرالي قيما بالية، إذ لا قيمة فيه إلا لما يحقق ربحا، لكنها في مجتمعاتنا ما زالت قيما عليا، نعتز بالإنتماء لها، ونتمسك بها، ليس لأنها مجرد عادات اجتماعية متوارثة، بل لأنها جزء من عقيدتنا الإيمانية، فعلها فيه أجر، وتركها فيه وزر، فبيت العزاء للمتوفى يسمى عندنا بيت الأجر، وكل عمل خير نسعد به الآخرين يسعدنا لأننا نعتبره في سبيل مرضاة الله.
هذه البقية الباقية من قيمنا التليدة، ما زالت في النفوس، نتمسك بها لأنها من صلب عقيدتنا، ونلوذ بها احتماء، تحمي نفوسنا التي أتعبها الكد والشقاء في الركض وراء لقمة العيش، فتواسينا في هذا الزمان الصعب، الذي ما جعله صعبا إلا فساد الفاسدين الذين هم أيدي الطغاة الناهبين المستترة، أكلوا السنبلات الخضر واليابسات، فجعلوا السنين كلها علينا عجافا، وفاقمه جورهم واستبدادهم، وماهم في حقيقتهم إلا أيدي المستعمرين المستترة.
نعتز بكل ما ورثناه من حميد السجايا ونبل الطوايا، لأن تسيّد القيم العليا هي السمة التي تعلي من شأن الحضارة، فهذا هو الرقي الحضاري، وليس التطاول بالبنيان ولا التكاثر في الأموال والاختراعات.

مقالات ذات صلة كلام حساس عن الحملات ضد الأردن 2024/03/04

المصدر: سواليف

إقرأ أيضاً:

"في عالم الحكايات الجميلة".. مسرحية إنشادية للأطفال لتعزيز القيم الثقافية

مسقط- الرؤية

نظمت شركة حكاية للإنتاج المسرحي فعالية مسرحية إنشادية بعنوان "في عالم الحكايات الجميلة"، على مسرح المديرية العامة للتربية والتعليم بمسقط، في الخوير، وقام بأداء المسرحية مجموعة من الفتيات والأطفال العمانيين بمشاركة أمهاتهم، مما أضفى على العرض المسرحي جواً من الدفء العائلي والترابط الاجتماعي.

وقد تفضلت سعادة زهراء بنت محمد اللواتية نائبة رئيس جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة للرقابة على الهيئات والاستثمارات والشركات بالحضور كضيفة شرف. وحظيت الفعالية بحضور مجموعة كبيرة من الأطفال الذين جاءوا برفقة أمهاتهم. وقد أبدت سعادتها اهتماماً كبيراً بهذه الفعالية وذلك لدورها في تعزيز القيم الثقافية والفنية والأسرية بين الأطفال في جو عائلي رائع. و في نهاية الفعالية التي استمرت على مدى ساعتين، من السابعة الى التاسعة مساء، صرحت واحدة من ضيوف الشرف قائلة: " بصراحة المسرحية كانت رائعة وفاقت التوقعات وأحيي النساء و البنات اللاتي كن خلف هذا الأداء الرائع، خصوصا و أن المؤلفة والمخرجة هي طبيبة وأم وقدرت ان تخرج هذا الجهد الفني والأدبي المفيد على مسرح الطفل العماني، و أتمنى أن يعيدوا عرض المسرحية لكي يستفيد منها أكبر قدر من المجتمع".

وصرحت لجين بنت غالب الصبحية، رائدة أعمال وكاتبة في الوعي وجودة الحياة وفاعلة في الحراك الثقافي داخل وخارج السلطنة: "أنا جدا مبهورة بالأداء المسرحي للأطفال الصغار الذين قاموا بأروع أداء وبحماس كبير وأطالب (حكاية للإنتاج المسرحي) بإنتاج مسرحيات أخرى بنفس الطريقة".

حضرت الفعالية غيداء اللواتية مؤسسة صالون غين الثقافي ونادي غيداء للقراءة وهي ناشطة ثقافية ومدربة في مهارات التواصل والإلقاء وإدارة التغيير، التي أظهرت إعجابها بالمسرحية مضمونا وأداء وشجعت شركة حكاية على الاستمرار في نشاطها الثقافي رافدا لمسرح الطفل في عمان.

المسرحية الإنشادية من تأليف وإخراج الدكتورة فضيلة آل حميد وتمثيل أطفال عمانيين وأمهاتهم باللغتين العربية والإنجليزية، مثلن شخصيات حيوانية معروفة في عالم حكايات الأطفال، قدمن عرضاً مسرحياً رائعاً ومذهلاً جذب انتباه وتفاعل الحضور من البداية حتى النهاية. تميز الأداء بالحيوية والإبداع، وشمل مجموعة من أناشيد وقصص الأطفال التي تعبر عن حكايات عالمية جميلة وتحمل في طياتها قيما ومعاني تستفيد منها الأجيال الناشئة.

وبسؤال الدكتورة فضيلة آل حميد مؤسسة حكاية للإنتاج المسرحي ومؤلفة هذه المسرحية و مخرجتها، عن هدفها من هذا العمل المسرحي المفيد، قالت: "أهدف إلى تنمية وتطوير مهارات التمثيل المسرحي لدى الأطفال وإتاحة الفرصة لهم ولنساء مجتمعنا لكي يمارسوا هواياتهم في هذا المجال على مسرحنا، مسرح حكاية للإنتاج المسرحي، وإنتاج أعمال مسرحية تثقيفية وجميلة ومفيدة للأطفال من أدائهم بأنفسهم. وهذه المسرحية هي باكورة إنتاج الشركة.

كان التفاعل بين الأطفال والجمهور ملموساً، حيث شارك الحضور في التصفيق والتشجيع وترديد الأناشيد مع الممثلين، مما زاد من حماس الأطفال على المسرح وأضفى جواً من المرح والمتعة على الجميع.

 

مقالات مشابهة

  • «المجالس».. منصات حية لترسيخ منظومة القيم الإماراتية
  • “عام المجتمع ” ..المجالس ” منصات حية لترسيخ منظومة القيم الإماراتية
  • محمد بن فهد.. موسوعة القيم النبيلة
  • نتنياهو لماكرون: "نرفض إقامة دولة فلسطينية لأنها ستكون معقلا للإرهاب الإيراني"
  • هنو: هدفنا تشكيل وعي مجتمعي متوازن يعكس الهوية الوطنية ويعزز القيم الإيجابية
  • مفتي الجمهورية: القيم الإنسانية في الإسلام صورة من صور الإعجاز الإلهي
  • تجنب وضع هذه الأشياء.. لكى تشعر بالراحة في غرفة نومك
  • متحدث الحكومة: توفير التمويل للأعمال الدرامية التي تعزز القيم الأسرية والوطنية
  • "في عالم الحكايات الجميلة".. مسرحية إنشادية للأطفال لتعزيز القيم الثقافية