«يونيسف»: دعم 1000 روضة وعدد من مراكز تنمية الطفولة المبكرة في مصر
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
أكد جيرمي هوبكنز، ممثل منظمة اليونيسف في مصر، أن المنظمة تقف بقوة وعزم إلى جانب الحكومة المصرية الرشيدة، وتعرب عن التزامها الراسخ بضمان حصول كل طفل في مصر على الرعاية والدعم الذي يحتاج إليه منذ الولادة، موضحا أن الخبرة الواسعة التي تتمتع بها اليونيسف، بجانب تواجدها وحضورها الميداني، يضعنا في مكانة فريدة تتيح لنا الإسهام في مختلف القطاعات، وتعزيز التدابير والجهود المبذولة على صعيد المجتمع بأسره، فضلًا عن الارتقاء بالنظم من أجل دعم ومؤآزرة الآباء ومقدمي الرعاية والأسر.
وأضاف هوبكنز خلال كلمته في فعالية إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة بحضور عدد من الوزراء، أن اليونيسف تتعهد بالتعاون مع الحكومة المصرية والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية، للعمل على تطوير السياسات والبرامج الرامية إلى تعزيز تنمية الطفولة المبكرة، وتدعم اليونيسف بالفعل ما يقرب من 1000 روضة من رياض الأطفال، ومراكز تنمية الطفولة المبكرة في جميع أنحاء مصر.
واستكمل أن علاوة على ذلك، فإن الشراكة بين اليونيسف والمجلس القومي للطفولة والأمومة تكتسب أهمية كبيرة لإنشاء آليات تنسيق مستدامة ومتعددة القطاعات، وهي ضرورية أيضًا للإشراف على تنفيذ الاستراتيجية وضمان العمل المتماسك والفعال.
دمج مبادرات تنمية الطفولةوأضاف: «تعاوننا مع وزارة التخطيط والوزارات الأخرى ذات الصلة له أمر بالغ الأهمية لدمج مبادرات تنمية الطفولة المبكرة في الخطط الحكومية، وضمان اتباع نهج موحد لتنمية الطفولة المبكرة والحفاظ عليها باعتبارها أولوية وطنية، معربا عن خالص التهنئة بإطلاق هذه الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة المبكرة ذات الأهمية الكبيرة والتي تأتي في الوقت المناسب تمامًا».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الاستراتيجية الوطنية لتنمية الطفولة الحكومة المصرية اليونيسف في مصر اليونيسف تنمیة الطفولة المبکرة
إقرأ أيضاً:
حين تصبح حماية الطفولة معركة وجودية
تستحق واجهة الطفل على منصة «عين» التي دشنتها وزارة الإعلام الخميس الماضي أن ننظر لها أبعد، وأعمق كثيرا من كونها مشروعا إعلاميا يضاف إلى مشاريع الوزارة الرائدة، إنها، في الحقيقة، استجابة كبرى ضمن مشاريع عمانية وعربية ودولية أخرى لإنقاذ الطفولة من حالة الاختطاف وإعادة هندسة الوعي الطفولي المبكر بعيدا عن القيم الإنسانية السوية.
ومن يقرأ تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، والكثير من الدراسات في نقد الإعلام الموجّه للأطفال، يدرك حجم الكارثة؛ فالطفل لم يعد كائنا يتشكل عضويا داخل ثقافته الأم، بل أصبح مشروعا مفتوحا لتشكيل مزيج مضطرب من الاستهلاك، والانعزال، والتشظي القيمي. لم تعد شاشات العالم، كما حلم التنويريون يوما، وسيلة للمعرفة والترقي، بل أداة تفكيك للهوية وتمييع للانتماء الإنساني الأصيل.
وفي هذا السياق، تأتي تجربة منصة «عين للطفل» محاولة لتجاوز الانفعال اللحظي نحو رؤية فلسفية أعمق تتمثل في محاولة إعادة تعريف وظيفة الإعلام الموجه للأطفال باعتباره حقلا أخلاقيا، لا مجرد نشاط اتصالي. المنصة، كما تشير فلسفتها المعلنة، تحاول أن تبني للطفل فضاء معرفيا وعاطفيا محميا، يراعي إشباع حاجاته النفسية والوجدانية دون التخلي عن مهمة حفظ هويته وتمكينه من التفكير الحر المسؤول.
ولا يمكن فهم أهمية هذا المشروع إلا حين ندرك أن الطفل اليوم ليس متلقيا عاديا، بل يشارك في إنتاج معناه الخاص عبر تفاعله مع الشاشة، كما أثبتت الكثير من الدراسات حول «جيل الشاشة»، حيث لا يتعلق الخطر فقط بما يشاهده الطفل، بل بكيفية تشكيل وعيه من خلال التدفق المعلوماتي غير الخاضع لمعايير الهوية والأخلاق.
ولذلك فإن الرهان الكبير الذي تخوضه واجهة الطفل في منصة «عين» ليس تقنيا فقط إنما هو بكثير من الأشكال رهان وجودي ينطلق من محاولة الإجابة عن أسئلة من قبيل، هل يمكن بناء طفل عربي معاصر، يحيا داخل الزمن الرقمي دون أن يفقد انتماءه إلى الإنسان الكلي وقيم مجتمعه العميقة؟ هل نستطيع أن نقدم له محتوى يدمج بين الجاذبية الشكلية والأصالة المعرفية؟ وهل بمقدورنا أن نربّي في داخله شغف الاكتشاف دون أن نسلمه لآلة الاستهلاك المعرفي المعولم؟
ومثل هذا النقاش أوسع بكثير من إنتاج «قصص مصورة» أو «برامج تعليمية مبسطة»، ولكن الأمر يتعلق بمحاولة جادة لصناعة جهاز مناعي ثقافي داخل عقل الطفل وقلبه، كما دعت إليه أدبيات اليونسكو في تقاريرها حول «وسائل الإعلام والأخلاقيات الرقمية للأطفال».
هذه التجربة التي أنتجتها وزارة الإعلام تستحق أن تُقرأ كنموذج أولي لمشروع أوسع يتمثل في بناء منظومة رقمية كبيرة وواسعة مبنية على قراءة واعية بآلية تشكيل «المواطن الرقمي الصالح» يكون قادرا على أن يتفاعل مع معطيات التقنية دون أن تبتلعه، وعلى أن يسهم في بناء عالمه الجديد دون أن ينسلخ عن جذوره.
ولكن، حتى ينجح هذا المشروع، لا يكفي إنتاج منصة واحدة، بل ينبغي أن تصاحبها ثورة ثقافية كاملة في إدراك دور الإعلام التربوي، وإعادة بناء المناهج التربوية، واستحداث سياسات عامة تجعل من حماية الطفولة الرقمية جزءا لا يتجزأ من مشروع النهضة الوطني والعربي الأوسع.
إن أي تأخر في البدء بمثل هذا المشروع من شأنه أن يترك فجوات كبيرة، فالطفولة لم تعد مجرد مرحلة عمرية، إنها الآن ميدان لصراع عالمي على القيم والمبادئ والهوية. وإذا لم نبنِ اليوم فضاءات معرفية حقيقية لأطفالنا، سيبنيها الآخرون بما يخدم رؤاهم هم لا رؤانا.
إن «عين الطفل العماني» يمكنها أن تكون نقطة ضوء في زمن تغرق فيه الكثير من الشاشات بألوان زائفة، والضمان الوحيد لاستمرار هذا الضوء ألا نكتفي بأن نُدهش الأطفال بما يُعرض عليهم، بل أن نراهن على عقولهم، ونغرس في قلوبهم جسورا ممتدة بين جذورهم العميقة وأحلامهم البعيدة.