بتجرد:
2025-02-23@23:18:14 GMT

كاظم الساهر.. أسطورة جمالية تخطت الأزمنة والأمكنة

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

كاظم الساهر.. أسطورة جمالية تخطت الأزمنة والأمكنة

متابعة بتجــرد: الأغنيات والمطربون كُثر في عالمنا!! ولكن هناك ظواهر فنية تسترعي توقفنا عندها كحالات جمالية وإنسانية نحتاجها في زمن قلَّ فيه الجمال الرفيع وقلَّ فيه النغم الأصيل والكلام المليء بالحب والحنين والشوق الحقيقي وليس حب وفن اللذين أشبه بمأكولات سريعة تنتهي متعتها مع آخر لقمة نبتلعها!!

لذلك نحن نبحث عن الجمال الخالد الذي يأسرنا بشكل مذهل ويجعلنا نطرق كثيرا بأرواحنا قبل حواسنا، لأن الجمال ذو القيمة الرفيعة هو الذي يوقظ فطرتنا الأولى يعود بنا إلى زمن الطفولة الأولى وحب الصبا الفطري الأول كما في قصيدة وأغنية “البيانو” التي يصبها ويسكبها كاظم الساهر في أسماعنا وأرواحنا بحرفية نحات وعازف بيانو يتلاعب بأمواج النغم ويرسلهُ في أقصى متاهات الروح.

في هذه الأغنية كاظم يرمم كل الخراب الممتد كامتداد آهات الحروب ويصلح ويرمم بعض أشلاء أرواحنا ويعيد لنا بعض أعمارنا المبتورة قصرا بسبب تراكم الأحزان!! فهو يرشقنا بأمواج نغمية عذبة تطربنا وتأخذنا إلى أقصى مديات الجمال الرزين غير المصطنع.

وأعتقد لو يتم تصوير هذه الأغنية، فهي تحتاج إلى أعظم راقصي بالية، كي تقدم بشكل مذهل.

وأعتقد أغنية “البيانو”هي أعظم ما قدم خلال آخر خمس سنوات لحنا وكلاما وتوزيعا موسيقيا، فالقيصر أبدع ونحت منها وطنا لنا..

في ألبوم “مع الحب” يقدم الفنان كاظم الساهر ثلاث عشرة أيقونة جمالية هي خلاصة تجارب فنية من إبداع لحني وتوزيع وأداء وعزف، لذلك نرى في أغاني “معك، ويا وفية وأغنية البيانو ولا تسألي والباقي” ترتقي العناصر الثلاثة الغناء واللحن والتوزيع الموسيقي إلى أرقى حالات الانسجام والتناغم الجمالي.

أما في أغنية “يا وفية”، فهي لوحة فنية أو ملحمة غنائية استلت من خزائن حبنا الأول. حب النظرة الأول الصادق، الحب الذي ينمو وينتعش ولكن سوء الأقدار وكثرة الحروب والويلات تقطع به سبل الاستمرار بين الأحباء الذين لا يملكون سوى هذه الجواهر التي تشتعل بين أفئدة الصدور وجوانح الأرواح. لذلك تُعد هذه الأغنية أن تكون رسالة اعتذار لمن أحببنا بصدق وشدة، هل سمعتم حين صرخ كاظم في جملة “ولكن من قال لا يبكي رجال!!” هي تعبر عن مشاعر آلاف الرجال الذين بترت سوء الأقدار والظروف أجمل قصص حبهم، كما بترت من قبل الحروب أجمل ذكرياتهم وبعض من أعضاء أجسادهم.

في هذه الأيقونة “يا وفية” قدم كاظم أعذب وأجمل ما يملك من مهارة غنائية ولحنية وعصارة عذوبة صوته المدوي منذ سنوات في أروقة الموسيقى العربية دون منافس لهُ.

أحيانا يتردد السؤال التالي هل خلق الغناء من أجل الحب وحده أم هناك جوانب كثيرة يجب أن يطرقها الفن كما يحدث في الرسم والموسيقى والشعر والرواية؟ أي هل يجب أن يتناغم الغناء مع مواجع الإنسان وقلقهُ ومكابداته الإنسانية والوجدانية؟ في هذا الألبوم أستطاع القيصر أن يجيب عن هذا السؤال، وهو أن الغناء يجب أن يتجاوب مع كل حالات الإنسان الفرحية والحزنية والثورية واضطراباته التي يمر بها في كل انعطافات الحياة.

ففي “أغنية الليل” يقدم كاظم موضوع الوحدة والعزلة بأجمل ما يكون حين يحاصرنا الحنين بشوق إلى ما نفتقد من أحباب وأماكن ومدن. لا أريد أن أتوقف عند كل أغنية وأيقونة من هذا الألبوم ولكن كانت تستوقفني عبارات شعرية وجمل موسيقية تمر بالقلب كما يمر بنا صباحا نسيم عذب من عمق البحر أو صادر من جرف النهر ومرابعهُ الخضراء لتوقظ فينا تلك البراعم الجميلة الراقدة منذ سنين دون حراك.

القيصر قدم في هذا الألبوم أجمل ثلاث عشرة أيقونة مرسومة بأحرف عربية معتقة بالحنين والشوق إلى كل ما نعشق من وجوه ومدن وبلدان، إنهيكتب سيرنا الذاتية وينحتها بسمفونية متفردة قلَّ نظيرها في زمن السرعة المجنون.

وأقول بعد ما أصابنا من انكسار بسبب الوباء والحروب كنا بحاجة إلى ترميم روحي وجسدي لن ينجح به سوى موسيقار بمستوى القيصر كاظم الساهر “أسمعوا يا قلب، والبيانو، ويا وفية، وباقي الأغاني” ستجدون كيف يرمم القيصر أشلاء أرواحنا وجروحنا التي لا تشفى أبدا.. شكرا للقيصر على هذا الجمال.

ناقد فني.

main 2024-03-04 Bitajarod

المصدر: بتجرد

كلمات دلالية: کاظم الساهر

إقرأ أيضاً:

نحن مع التغيير العادل، ولكن ضد التفريط في وحدة السودان

إن السودان اليوم يقف أمام مفترق طرق خطير، حيث يتهدد شبح التقسيم وحدة البلاد وسط صراع محتدم لم يرحم أحدًا، لا من انحاز لهذا الفصيل ولا من وقف في صف ذاك، ولا حتى أولئك الذين التزموا الحياد وظنوا أنهم بمنأى عن المحاسبة التاريخية. إن هذا الوضع الاستثنائي الذي تمر به البلاد سيحاكم الجميع، السياسيين الذين دعموا الحكومة الموازية، وأولئك الذين سعوا لشق الصف الوطني، وحتى من صمتوا عن قول الحق بينما كانت البلاد تتهاوى نحو الهاوية.

التجربة السودانية والانفصال الذي لم يكن درسًا كافيًا

لم يتعظ السودانيون من تجربة انفصال الجنوب في عام 2011، وهو الحدث الذي لا يزال يلقي بظلاله على مستقبل السودان السياسي والاقتصادي والاجتماعي. ففي ذلك الوقت، ظن كثيرون أن الجنوب سينفصل دون أن تتأثر بقية البلاد، وأن استقرار السودان سيظل مضمونًا، لكن الحقيقة جاءت بعكس ذلك. فقد أدى الانفصال إلى تدهور اقتصادي حاد، وفتح الباب أمام مزيد من الأزمات السياسية والأمنية، وأصبح السودان أضعف مما كان عليه.

واليوم، وبعد أكثر من عقد على ذلك الحدث، نجد أنفسنا في مواجهة تحدٍّ مشابه، وربما أشد خطورة، إذ تتكرر السيناريوهات نفسها، من النزاعات المسلحة، إلى التدخلات الخارجية، إلى صمت النخب التي كان يجب أن تكون صوت العقل والحكمة.

أمثلة تاريخية من العالم: كيف ضاعت الدول بسبب الانقسامات؟

إن التاريخ الحديث مليء بأمثلة لدول تفككت بسبب الصراعات الداخلية، ولم تعد كما كانت بعد ذلك:

تفكك يوغوسلافيا: كان هذا البلد موحدًا لعقود، لكن الحروب الأهلية والانقسامات العرقية والسياسية قادت إلى انهياره وتفتيته إلى دول صغيرة، بعضها لم ينجُ من الحروب حتى بعد الاستقلال.

تفكك الاتحاد السوفيتي: رغم كونه قوة عظمى، إلا أن الصراعات الداخلية والضعف السياسي ساهم في انهياره إلى مجموعة دول مستقلة، مما أدى إلى تغير جذري في الخارطة السياسية العالمية.

سوريا وليبيا واليمن: لم تنقسم رسميًا، لكنها تحولت إلى كيانات متصارعة ضمن الدولة الواحدة بسبب الحروب الأهلية والتدخلات الخارجية.

المسؤولية الأخلاقية والوطنية على النخب والمثقفين

من الغريب أن نرى بعض ممن يدّعون المعرفة والعلم يسيرون في طريق يهدد وحدة السودان، وكأنهم لم يدركوا دروس التاريخ. إنهم يتحملون مسؤولية أخلاقية جسيمة لأنهم لم يستغلوا مكانتهم في توجيه الرأي العام نحو الحلول التي تحفظ البلاد من التفكك. إن الانحياز الأعمى لأي طرف على حساب مصلحة الوطن، أو الصمت في اللحظات التي تتطلب موقفًا واضحًا، ليس مجرد خطأ سياسي، بل هو جريمة تاريخية لن تُمحى من ذاكرة الأجيال القادمة.

هذا التخوف لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة قراءة متأنية لواقع مأزوم، تشكل عبر عقود من الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن عقلية النخب التي قادت البلاد لم تكن يومًا بعيدة عن النزعات العنصرية والجهوية، حيث ظل تكالبها على السلطة والثروة هو المحرك الأساسي لصراعات السودان المتكررة. لم يكن هدفها بناء دولة عادلة للجميع، بل كانت ترى في البلاد غنيمة تُقسَّم بين مكوناتها المتصارعة، غير آبهة بمصير العامة والبسطاء الذين دفعوا وحدهم ثمن هذه النزاعات من دمائهم وأرزاقهم وأحلامهم.

إن هذه النخب لم تكتفِ بإشعال الفتن، بل استغلت بساطة الناس وجهلهم السياسي لتجنيدهم في معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل، بينما تظل قياداتها في مأمن، تتفاوض وتتقاسم النفوذ على حساب الوطن والمواطن. هذا الواقع، بكل تعقيداته، يجعل من خطر التقسيم تهديدًا حقيقيًا، وليس مجرد فرضية نظرية أو دعاية تخويفية، لأن البلاد تسير بالفعل نحو سيناريوهات مشابهة لما حدث في دول فقدت وحدتها بسبب الطمع السياسي والفساد الفكري لنخبها.

التحدي الذي يواجه الجميع: هل سيكتب التاريخ خيانة هذا الجيل لوطنه؟

إن السودان اليوم في اختبار حقيقي، والجميع معنيٌّ بالنتائج. فإذا استمرت البلاد في هذا المسار، فسيكتب التاريخ بأحرف من خزي أن هذا الجيل لم يكن على قدر المسؤولية، وأن قادته لم يرتقوا لمستوى الأخلاق والإنسانية والوطنية التي تتطلبها هذه المرحلة الحرجة.

إن الصمت ليس خيارًا، والانحياز الأعمى ليس حلًا، والوقوف ضد المصلحة الوطنية لا يمكن تبريره. الخيار الوحيد هو الانتصار لوحدة السودان، والعمل على إنهاء النزاع، وتوحيد الجهود لإنقاذ البلاد قبل فوات الأوان.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • مهاجم ليفربول السابق يتخطى أسطورة برشلونة في «الليجا»!
  • الدويري .. أتفق مع النتنياهو.. ولكن!!
  • مي سليم: التمثيل أثر على الغناء.. خاص
  • من الشغف إلى النجاح.. دعاء محمد مازن مصممة أزياء متألقة في بيع الجمال
  • نجوم الغناء العربي يحتفلون بيوم التأسيس السعودي
  • مطربة شهيرة: شيرين عبدالوهاب حاربتني وتسببت في ابتعادي عن الغناء
  • سباق الإعمار في ليبيا.. مبهج ولكن!
  • نحن مع التغيير العادل، ولكن ضد التفريط في وحدة السودان
  • في القيم الجمالية!
  • بدل الدعاء في رمضان للمحبوب | ياسمين عز تدعو الفتيات للتركيز على الجمال