مبالغ هائلة.. كم تجني مافيا معبر رفح من وراء ابتزاز المحاصرين في غزة؟
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
حصلت "عربي21" على أرقام تقريبية للمبالغ الهائلة التي تجنيها مافيا معبر رفح المدعومة من جهات سيادية في مصر، مقابل تسهيل عمليات سفر المحاصرين المضطرين للمغادرة من قطاع غزة.
وتتواصل عمليات الابتزاز ودفع الإتاوات على معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، برعاية وترتيب من جهات أمنية عليا، رغم نفي السلطات المصرية حدوث ذلك مرارا.
ويُجبر الفلسطينيين الذين يعانون ويلات حرب وحشية في غزة، على دفع مبالغ مالية كبيرة، مقابل السفر خارج القطاع، ما خلق أزمة عبور معقدة على المعبر الذي يعد النافذة الوحيدة لأهالي غزة نحو العالم الخارجي.
ترتيبات جديد بعلم الدولة
وفي خطوة للإمعان أكثر في ممارسة البلطجة والابتزاز على المعبر، أعلنت شركة "هلا" التي تعد واجهة لجهاز المخابرات العامة، ويملكها رجل الأعمال، إبراهيم العرجاني، عن افتتاح مكتب رسمي لها في مدينة نصر بالعاصمة المصرية، القاهرة، من أجل تنظيم عمليات الابتزاز، بتسجيل الراغبين بالسفر من غزة إلى مصر، نظير مبالغ كبيرة وغير مسبوقة.
ووفق شهادات لـ"عربي21"، فقد حددت الشركة أسعار التنسيق لتمكين المسافرين من المرور، ويتوجب على من يخطط للسفر دفع مبلغ مالي قدره خمسة آلاف دولار نقدا، في فرع الشركة في مدينة نصر، على أن يدفع من هم دون ستة عشر عاما ألفين وخمسمئة دولار.
كما أجبرت الشركة المسافرين على الدفع مسبقا من أجل حجز موعد للسفر، وعلى الراغبين في ذلك انتداب شخص لتسليم المبلغ كاملا ونقدا في فرع الشركة، على أن يتم خصم جزء من المبلغ حال لم يتمكن المسافر من السفر لأسباب أمنية، أما حال تخلفه من تلقاء نفسه عن السفر، فإنه يفقد المبلغ كاملا.
والمفاجئ أن تلك الممارسات لم تقتصر على الفلسطينيين فقط، بل وصلت حد تحصيل مبالغ إضافية من من المصريين العائدين من غزة إلى مصر، حيث يجبر هؤلاء على دفع ستمئة وخمسين دولارا نقدا وفي فرع الشركة أيضا، رغم أن السفارة المصرية في رام الله أعلنت منذ بدء الحرب أنها ستعمل على إجلاء المصريين في غزة، وصارت لاحقا تصدر قوائم بأسمائهم من أجل تمكينهم من العودة، لكن ذلك لم يعفهم من دفع المبلغ المذكور، رغم أنهم مصريون، وعائدون إلى وطنهم.
ووفق شهادات لـ"عربي21"، فإن دفع هذه المبالغ الكبيرة لا يعني التمكن من السفر بشكل سريع، ففي واحدة من هذه الشهادات، قال "محمود" المقيم في بلجيكا، إنه أرسل مبلغ قدره خمسة آلاف دولار لصديقه المقيم في القاهرة، من أجل تسجيل زوجته المحاصرة في غزة للسفر، لكنه تفاجأ أنه الشركة طلبت منه ألف دولار إضافية من أجل تسريع العملية، وإلا سيضطر للانتظار شهر على الأقل، وهذا يعني أن الشركة تحصّل مبالغ إضافية من وراء عمليات تعجيل السفر لمن يدفع أكثر.
وقال "محمود"، إنه اضطر فعلا لدفع مبلغ إضافي لتسريع السفر، وبعد نحو أسبوع تمكنت زوجته من المغادرة باتجاه القاهرة، ولاحقا وصلت إلى وجهتها النهائية في بلجيكا.
ابتزاز القطاع التجاري
ولا يتوقف نفوذ شركة هلا عند حد تمكين الأفراد من السفر مقابل المال، بل تعمل أيضا في قطاع التوريد التجاري للبضائع إلى قطاع غزة، عبر معبر رفح، مقابل مبالغ مالية كبيرة.
وقالت مصادر فلسطينية لـ"عربي21" إن بعض التجار في غزة يتواصلون مع الشركة ويكلفونها بشراء البضائع من السوق المصرية، ومن ثم تقوم بشحنها إلى قطاع غزة المحاصر عبر معبر رفح، وذلك مقابل مبلغ يتراوح بين خمسة وسبعة آلاف دولار مقابل كل شاحنة، فضلا عن أموال إضافية أخرى تحصلها الشركة من عمليات شراء البضائع، إذ تعمد إلى إضافة علاوة على المنتجات التي تشتريها من السوق المصرية، لصالح التجار في قطاع غزة.
وقال مصدر حكومي فلسطيني لـ"عربي21" إن الشركة المصرية المذكورة، تؤخر دخول المساعدات إلى المحتاجين في قطاع غزة، بعد أن زاحمت هذه الشاحنات، وقلصت الحصة اليومية منها، لصالح عبور قوافل أخرى للقطاع التجاري.
ولا تتمكن سوى بضعة عشرات من شاحنات المساعدات من العبور يوميا إلى قطاع غزة، الذي يحتاج يوميا إلى أكثر من ستمئة شاحنة لضمان استمرار الحياة، ولكن من هذه الحصة اليومية تقوم الشركة بتنسيق عبور بين 12 إلى 17 شاحنة تجارية إلى القطاع الذي يعاني الجوع والحصار جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ 150 يوما.
كم جنت مافيا المعبر؟
واستنادا إلى كشوفات المسافرين التي حصلت "عربي21" على عدة نسخ منها، يبلغ متوسط عدد المغادرين الفلسطينيين من غزة بواسطة تنسيقات شركة هلا حوالي 275 شخصا يوميا، بين بالغين وأطفال، ما يعني أن مبالغ مالية هائلة تجنى من هؤلاء الذين وجدوا أنفسهم مضطرين لدفع إتاوات باهظة ليتمكنوا من السفر.
كما وجدت "عربي21" أن حوالي 90 مصريا في المتوسط، يتمكنون من السفر من غزة يوميا عبر الآلية ذاتها، بين بالغين وأطفال، استنادا إلى كشوفات سفر تتعلق بالجالية المصرية في غزة.
وقال فلسطينيون ومصريون لـ"عربي21" إنهم أجبروا على دفع رسوم إضافية غير تلك التي حددتها الشركة، بهدف تسريع عمليات سفرهم، وإلا ستوضع أسمائهم في ذيل قوائم المسافرين، وربما تتأخر لأسابيع وأشهر حال لم يدفعوا مبالغ أخرى غير السابقة، تراوحت بين 700 إلى 1000 دولار.
وأظهرت بيانات حللتها "عربي21" أن الشركة تجمع يوميا أكثر من مليون ونصف المليون دولار من وراء عمليات الابتزاز التي تمارسه على الفلسطينيين في معبر رفح، سواء من حركة الأفراد المسافرين، أو من حركة دخول الشاحنات التجارية إلى غزة. ما يعني أنها حصلت على ما يزيد عن 225 مليون دولار منذ بدء الحرب والعدوان على غزة قبل 150 يوما.
لمن تتبع شركة "هلا"؟
وقد دشن العرجاني شركة هلا للسياحة في عام 2021 في أعقاب معركة سيف القدس، كجزء من شروط تخفيف المعاناة عن أهالي غزة وتسهيل خروجهم من القطاع، والشركة تعد تابعة لجهاز المخابرات العامة.
وفي مقابلة له مع موقع "اليوم السابع" عام 2014، قال العرجاني إن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية يمتلك 51 في المئة من أسهم الشركة، بالشراكة مع شركتين يملكهما جهاز المخابرات العامة.
ومع تصاعد الانتقادات، نفى رئيس الهيئة العامة للاستعلامات ضياء رشوان، في تصريحات نقلتها وكالة "أنباء الشرق الأوسط"، ما أسماه "مزاعم التحصيل الرسمي لأية رسوم إضافية على القادمين من غزة"، وكذلك ما أثير عن "تقاضي أي جهة غير رسمية لأي مقابل مادي نظير العبور إلى الأراضي المصرية".
وإزاء تلك الأوضاع التي وصفها البعض بـ"الفضيحة"، واعتبروها جريمة لا تقل عن جرائم الإبادة الدموية الإسرائيلية وأكدوا أنها "متاجرة في الدماء الفلسطينية"، يجدر التساؤل حول أسباب إنكار السلطات المصرية وتجاهلها لعمليات الابتزاز تلك.
موقع للابتزاز والفساد
وفي تعليقه على تلك التساؤلات، وعلى الإنكار المصري، قال مساعد وزير الخارجية المصري سابقا السفير الدكتور عبدالله الأشعل: "عادة تلتزم السلطات الصمت في الأمور الخطيرة الصحيحة".
وفي حديث سباق لـ"عربي21"، أضاف: "معبر رفح لايزال موقع ابتزاز، ومصدرا للفساد، وهو جزء من صور الفساد الكبرى الشائعة على جميع الألسن".
وتساءل: "ماذا يُنتظر من السلطات؛ أتعترف؟، أم تنكر، وتكون كاذبة؟، ومعاذ الله أن تكون كاذبة".
السياسي المصري والمرشح الرئاسي الأسبق، يرى أن "فساد رجال المعبر ليس فرديا وإنما ظاهرة عامة في مصر كلها".
من جانبه، قال الباحث المصري في الشؤون الأمنية أحمد مولانا، إن "محاولات التربح من حصار غزة ليست جديدة، فهي بدأت منذ العام 2007، عبر أخذ عمولات على التهريب من الأنفاق، ثم للسماح بمرور الأفراد من معبر رفح".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى مولانا، أن "الجديد، هو استثمار المعاناة (معاناة الفلسطينيين) في مضاعفة المبالغ المطلوبة إلى ثلاثة وأربعة أضعاف".
ويعتقد أن "استمرارية ذلك تشير إلى أنه يحدث بإشراف قادة في الأجهزة السيادية، ممن يتربحون من معاناة الشعب الفلسطيني".
وأضاف: "ولعل هذا أحد أبرز دوافع التضييق على التنقل عبر معبر رفح، فمن جهة لإرضاء إسرائيل، ومن جهة أخرى لمراكمة الثروات الشخصية من المال الحرام".
وأكد الباحث المصري، أن هذا "يبرهن على أن الفساد في مصر مؤسسي، ولذا يتراجع تصنيفها باستمرار ضمن مؤشرات النزاهة والشفافية الدولية".
وأوضح أنه "وسواء كان هذا ضمن مخطط إيجاد بيئة دافعة للتهجير قسريا أم لا، فإن النتيجة واحدة، وهي تحويل غزة إلى سجن يُقتل فيه السكان بتعاون إسرائيلي مصري".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية معبر رفح غزة الابتزاز الفلسطينيين المخابرات شركة هلا فلسطين غزة المخابرات معبر رفح ابتزاز المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة معبر رفح قطاع غزة من السفر من غزة من أجل فی غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب وأوكرانيا.. إنقاذ أم ابتزاز أم خيانة أم فوضى؟
كييف- قلب اللقاء الأميركي- الروسي في المملكة العربية السعودية، الطاولة على أوكرانيا حتى وإن لم تحضر، لدرجة أن كِييف كفّت عن طلب دعم واشنطن صراحة، وعن المواربة في تصريحات مسؤوليها حول كل ما يصدر عن الإدارة الجديدة للولايات المتحدة.
وبات واضحا أن سلطة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مستاءة جدا من سياسات وإجراءات واقتراحات وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، التي باتت بمجملها أشبه بإملاءات تستغل حاجة أوكرانيا للسلاح والمال، وتقرر منفردة كيف ستكون نهاية الحرب الروسية على البلاد، وكم وكيف ستدفع كييف مقابل الدعم.
ظهر الاستياء الأوكراني بداية بإعلان زيلينسكي إرجاء زيارة كانت مقررة الأربعاء إلى الرياض، رفضا لمصادفة قد تجمعه وجها لوجه مع الوفد الروسي، أو قد يُدفع إليها من قبل الأميركيين ربما، مع التشديد على رفض أي اتفاق لا تشارك فيه أوكرانيا وتركيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
أغاضت مواقف زيلينسكي ترامب على ما يبدو، الذي أثنى على "رغبة حقيقية لدى الروس بوقف الحرب"، وشدد على أهمية إجراء انتخابات لن ينجح فيها زيلينسكي "الدكتاتور" لأن "شعبيته لا تتجاوز 4%"، كما قال إن الأخير لا يعرف أين ذهبت نصف المساعدات الأميركية البالغة 300 مليار دولار.
إعلانثم حمل زيلينسكي بشدة على تصريحات ترامب الأخيرة، مشيرا إلى أن بلاده صرفت على الحرب 320 مليار دولار، منها 200 مليار من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى معا.
وانتقد زيلينسكي لقاء الرياض، معتبرا أنه كان في مصلحة الروس الذين قدموا أنفسهم "كضحية"، وأن "الولايات المتحدة ساعدت بوتين على الخروج من عزلة استمرت عدة سنوات".
كما انتقد رغبة إدارة ترامب بالاستحواذ على 50% من معادن البلاد النادرة دون أي ضمانات أمنية بالمقابل، مؤكدا أنه قال "لا".
زيلينسكي يتحدىليس هذا وحسب، فزيلينسكي تحدّى ترامب في موضوع الشعبية، وقال إن أرقامه تستند إلى ما يروجه الروس، وإن الانتخابات بعد نهاية الحرب هي التي ستظهر حقيقة شعبيته، مشددا على أن 1% فقط من الأوكرانيين يقبلون بتقديم تنازلات للروس.
وفي هذا السياق، سارعت وزارة التحول الرقمي إلى نشر بيانات حول "ثقة الأوكرانيين بالرئيس"، أظهرت أنها لا تقل 48%، وزادت بعد تصريحات ترامب بواقع 0.7% خلال يوم واحد فقط؛ ولفتت الوزارة أيضا إلى أن "مستوى ثقة الأوكرانيين بزيلينسكي أعلى بنسبة 4-5% من مستوى ثقة الأميركيين بترامب".
كما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد كييف الدولي لعلوم الاجتماع في الفترة ما بين 4 و9 فبراير/شباط أن شعبية زيلينسكي تبلغ نحو 57%.
بعيون الأوكرانيينللأسباب السابقة وغيرها الكثير، يبدو أن التوتر تسلل إلى العلاقات الأوكرانية -الأميركية، وأن الثقة تتراجع بين الجانبين؛ لتتباين بحدة نظرة وآراء الأوكرانيين تجاه شخص وأفعال ترامب، وأبرزها أن الأوكرانيين اليوم، ورئيسهم زيلينسكي، كفّوا عن القول إن ترامب قادر على إجبار بوتين على مفاوضات عادلة ووقف الحرب، بل إنهم يشككون بنزاهة موقفه كوسيط حتى.
يقول فولوديمير فيسينكو، مدير مركز الدراسات السياسية "بنتا" للجزيرة نت، إن الولايات المتحدة في ظل الرئاسة الثانية لترامب لن تكون شريكا إستراتيجيا رئيسيا لأوكرانيا كما كانت في ظل الرئيس السابق، جو بايدن، "وربما لن تكون شريكا موثوقا به على الإطلاق".
إعلانوأضاف "يجب ألا نعتمد على دعم الولايات المتحدة في عملية التفاوض. ترامب وإيلون ماسك يكرهان زيلينسكي كما هو معروف وواضح، وبالنظر إلى موقفه الشخصي، ستكون هناك مخاطر كبيرة، وقد نضطر إلى تقديم تنازلات أكبر".
ومن وجهة نظره أيضا "علينا الحفاظ على بقايا علاقات الشراكة مع الولايات المتحدة، وتجنب المواجهة معها؛ وبالمقابل، من الضروري تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبي وتركيا في أسرع وقت ممكن، لرسم موقف وإستراتيجية تفاوضية مشتركة، وكذلك مع الصين، لأن مشاركتها ستؤدي إلى تحييد مخاطر التفاوض التي تنشأ عن ترامب".
ابتزاز وغموضويذهب بعض الأوكرانيين إلى اتهام ترامب صراحة بابتزاز بلادهم وإهانتها، والتحذير من "انقياد أعمى خلف شخص يلفه الغموض".
وكتبت السفيرة والدبلوماسية السابقة، لانا زيركال، في موقع "نوفا فريميا" أن "عروض الجانب الأميركي على أوكرانيا لاستيراد المعادن الثمينة سياسية أكثر مما هي اقتصادية، وهي أقرب إلى الابتزاز، وستؤدي إلى استعمار يحرمنا عائدات نصف ما نملكه".
وأضافت "لا يصح المضي كالعميان خلف شخص غامض مثل ترامب، لتوقيع صفقات لا تعرف مدتها وكم ستدر على صندوق البلاد، وللجلوس والتفاوض مع عدو لا يمكن التنبؤ بنواياه أيضا (بوتين)".
ومن الأوكرانيين فئة ترى أن أقوال وأفعال ترامب دليل "خيانة" أميركية بعد طول تعهدات لكييف، أو فوضى "ترامبية" إن صح الوصف، تجتاح العالم ولا تستثنِ أوكرانيا.
يقول كاتب الشؤون السياسية في موقع "نوفا فريميا"، إيفان ياكوفينا، للجزيرة نت، إن "ما يحدث نوع من الخيانة دون شك، وفي الوقت نفسه، ثمة حالة فوضى خلقتها إدارة ترامب، مع كندا والمكسيك والدانمارك وبنما والعالم العربي وأوكرانيا".
ويضيف "تصريحات ترامب تبدو مرتجلة عادة، تناقض بعضها، فهي حادة ومهينة دون مبرر أحيانا، ومنطقية في أحيان أخرى. ترامب ببساطة غير معتاد على لغة الخطاب الدبلوماسي. إنه يتحدث كرجل سكران وبدأ يشارك أسرارا وأفكارا مع من حوله، ويقرر ويحكم دون وعي"، على حد وصفه.
إعلان
الهيبة والجائزة
ورغم أن أوكرانيا دخلت بسبب ترامب نفقا جديدا لا تعرف نهايته، بقيت فيها أصوات لا تزال ترى فيه صانع سلام، ولكن لأهدافه، وعلى مقاسه الخاص.
أما ياروسلاف هريتساك، المؤرخ وأستاذ العلوم السياسية في "الجامعة الكاثوليكية" الأوكرانية، فقال للجزيرة نت "باعتقادي، يريد ترامب أن يدخل التاريخ كصانع سلام ويحصل على جائزة نوبل. قضية أوكرانيا هي مسألة هيبة بالنسبة له، يريد من خلالها إجبار بوتين على الاعتراف بأنه (ترامب) أقوى منه، وأن الأخير لن يفوز في هذه الحرب أبدا".
ويدلل هريتساك على هذا الرأي بالقول إن "ترامب يصغي فعلا لإيلون ماسك وبعض أفراد عائلته وأنصاره الذين يكرهون أوكرانيا وزيلينسكي شخصيا، لأنهم يعتبرون أنهم جزء من مؤامرة مناهضة بقيادة هيلاري كلينتون وجو بايدن وكامالا هاريس، لكن من المؤشرات الإيجابية كانت تعيينات الوزير مارك روبيو والمستشار مايكل فولتز والمبعوث كيث كيلوج".
ويتابع موضحا "هؤلاء، على عكس آخرين، لا يعتبرون الصين تهديدا رئيسيا، بل روسيا، ويدركون أهمية أوكرانيا ومستعدون لمساعدتها. وقد لا يكون الوضع جيدا، لكنه ليس في غاية السوء، وترامب يترك مجالا لمناورة السياسيين المهرة في النهاية"، على حد قوله.