أظهرت عملية تسليم المساعدات التي انتهت بسفك الدماء الأسبوع الماضي مدى يأس سكان غزة، حيث قتل العشرات بعد أن تجمع عدة آلاف حول قافلة نادرة من شاحنات المساعدات إلى شمال القطاع.

ومع الانخفاض السريع في عدد المساعدات التي يتم تسليمها إلى غزة ومعاناة الفلسطينيين للعثور على الغذاء، يحذر عاملون في المجال الإنساني ومسؤولون بالأمم المتحدة من أن المجاعة وشيكة في القطاع.

وبالنسبة لجماعات الإغاثة والأمم المتحدة، فإن تحديد وجود مجاعة رسميا هو عملية فنية. ويتطلب الأمر تحليلا من قبل خبراء، ولا يمكن الإعلان عنه إلا من قبل السلطات الحكومية وكبار مسؤولي الأمم المتحدة.

ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا يتضمن معايير ترتبط بالمجاعة، وتصريحات خبراء عن شدة الجوع في غزة.

ما هي معايير المجاعة؟

خبراء انعدام الأمن الغذائي الذين يعملون على التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي، أو I.P.C، من هيئات الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الكبرى، يحددون المجاعة في منطقة ما على أساس ثلاثة شروط:

عندما تواجه تحو 20 في المئة من الأسر نقصا حادا في الغذاء.

عندما يعاني ما لا يقل عن 30% من الأطفال من سوء التغذية الحاد.

عندما يموت ما لا يقل عن شخصين بالغين أو أربعة أطفال من كل 10.000 شخص كل يوم بسبب الجوع أو المرض المرتبط بسوء التغذية.

نتيجة سوء التغذية والجفاف.. وفاة 15 طفلا بمستشفى في غزة  قالت وزارة الصحة في غزة في بيان، الأحد، إن 15 طفلا توفوا نتيجة سوء التغذية والجفاف خلال الأيام القليلة الماضية في مستشفى كمال عدوان بالقطاع.

ومنذ تطوير تصنيف I.P.C. في عام 2004، تم استخدامه لتحديد المجاعة مرتين فقط: في الصومال عام 2011، وفي جنوب السودان عام 2017. وفي الصومال، مات أكثر من 100 ألف شخص قبل إعلان المجاعة رسميا.

وأعرب محللون عن قلقهم البالغ إزاء انعدام الأمن الغذائي في اليمن وإثيوبيا، في ظل الحروب الأهلية في هذين البلدين، لكنهم قالوا إنه لا تتوفر معلومات كافية من الحكومات لإصدار تقييم رسمي.

وقد حفز تصنيف المجاعة في الصومال وجنوب السودان العمل العالمي وعزز التبرعات الكبيرة. ويشير عمال الإغاثة وخبراء الجوع إلى أن أزمة الجوع في غزة خطيرة بالفعل، مع أو بدون تصنيف المجاعة، وهناك حاجة إلى المساعدات بسرعة.

تحذير من خطر المجاعة في غزة

وفي 1 مارس الحالي، جدد مسؤولون بالأمم المتحدة التحذير من الخطر الوشيك بحدوث مجاعة في غزة. وقال، كريستيان ليندماير، المتحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن البيانات الرسمية تفيد بأن طفلا عاشرا- مسجلا بأحد المستشفيات- مات تضورا من الجوع.

وفي مؤتمر صحفي عقدته وكالات الأمم المتحدة في جنيف قال ليندماير إن العدد الحقيقي للأطفال الذين ماتوا جوعا ربما يكون أعلى من ذلك. وحول استمرار تفشي الأمراض، قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن النقطة الطبية التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني في جباليا- شمال غزة- تستقبل ما يتراوح بين 100 و150 حالة من التهاب الكبد الفيروسي يوميا.

"التجويع كسلاح" في الحروب.. ماذا يقول القانون الدولي؟ تحذر الأمم المتحدة من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة.

وتحذر الأمم المتحدة من أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع، في حين اتهمت منظمات حقوقية إسرائيل باستخدام السلاح كأداة للتجويع، وهي اتهامات نفتها الأخيرة.

وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية مؤخرا إن ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة، محذرا من أن مثل هذه الكارثة ستكون "شبه حتمية" إذا لم يحدث تغيير ملموس.

وإذا انتشرت المجاعة بين السكان في غزة، فإن عدد الذين سيموتون بسبب الجوع أو المرض قد يفوق عدد الوفيات بين المدنيين في الحرب بين إسرائيل وحماس، بحسب تحليل نشرته مجلة "فورين أفيرز".

وتؤكد منظمات أممية أن "نافذة العمل تضيق" لمواجهة مخاطر المجاعة ما لم يتوقف القتال وتحد إسرائيل من أساليب الحصار التي تمنع تنفيذ عمليات إغاثة واسعة النطاق، وفق المجلة ذاتها.

وبعد خمسة أشهر على اندلاع الحرب، يشعر سكان غزة باليأس إزاء قلة المساعدات الإنسانية التي تدخل القطاع، حيث يقول بعض السكان لوكالة فرانس برس إنهم يلجأون إلى أكل أوراق الشجر وعلف الماشية.

في المقابل، تحمّل إسرائيل حماس مسؤولية نقص الغذاء في غزة، وقال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، إيلون ليفي، في تعليقه على اتهامات هيومان رايتس ووتش، في ديسمبر الماضي، إن حماس هي المسؤولة عن أي نقص في غزة.

وكتب في منشور عبر حسابه بمنصة "إكس" هذه "كذبة، إسرائيل لديها القدرة الزائدة على تفتيش أكثر من ضعف عدد شاحنات المساعدات التي تدخل غزة، مازلنا نضخ المياه إلى غزة من خلال خطي أنابيب، ولم نضع أي قيود على دخول الغذاء والماء".

وأضاف ليفي "وجهوا غضبكم إلى حماس التي تختطف المساعدات".

واندلعت الحرب في السابع من أكتوبر عقب هجوم غير مسبوق شنّته الحركة على مناطق ومواقع محاذية لقطاع غزة، أسفر عن مقتل أكثر من 1160 شخصا، غالبيتهم مدنيون، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند إلى بيانات إسرائيلية.

كما احتُجز نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 130 منهم ما زالوا في غزة، بعد صفقة تبادل حصلت خلال هدنة مؤقتة لمدة أسبوع بدأت في نوفمبر الماضي، ويُعتقد أن 31 منهم قتلوا. 

وردت إسرائيل بقصف القطاع واجتياح بري ما أدى إلى مقتل 30035 شخص، معظمهم مدنيون، وإصابة 70457 شخصا آخرين وفقا لأحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الصحة في القطاع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الأمم المتحدة المجاعة فی أکثر من فی غزة

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة

حذر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية بالأراضي الفلسطينية مهند هادي من أن إمدادات الغذاء والدواء والماء والوقود في قطاع غزة معرضة للتوقف بشكل شبه كامل، مما يهدد حياة مليوني فلسطيني.

وقال هادي، في بيان نشره أمس الخميس، إن إسرائيل تمنع منذ 6 أسابيع إدخال الواردات التجارية، مشيرا إلى أن ذلك ترافق مع تزايد أعمال النهب التي تستهدف قوافل المساعدات داخل القطاع.

وتابع أن المخابز تغلق أبوابها بسبب نقص الدقيق والوقود اللازم لتشغيلها.

وقال المنسق الأممي إن الفلسطينيين في قطاع غزة يكافحون للبقاء على قيد الحياة وسط ظروف مريعة وأعمال عدائية لا تتوقف، مشددا على ضرورة تحسين الأوضاع الأمنية في قطاع غزة بشكل عاجل، بما يسمح بتوصيل آمن للمساعدات.

حوالي 29 منظمة تتهم الجيش الإسرائيلي بالتشجيع على نهب المساعدات الإنسانية في غزة pic.twitter.com/Z5czyk9G1f

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) November 17, 2024

وفي جانب آخر، ذكر هادي أنه خلال العام الحالي تعرضت الشاحنات الأممية للنهب 75 مرة، منها 15 مرة منذ الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني، قائلا إنه تم أيضا إطلاق النار على اثنين من سائقي الشاحنات، واقتحام منشآت تديرها الأمم المتحدة 34 مرة خلال المدة نفسها.

كما أشار إلى أن 98 شاحنة تعرضت، السبت الماضي، للنهب في هجوم واحد بقطاع غزة.

وكانت الأمم المتحدة قالت، في وقت سابق، إن القيود العسكرية الإسرائيلية وحالة الفوضى واسعة النطاق أدت لنهب المساعدات في غزة.

مقالات مشابهة

  • الجوع والعطش والقتل.. ثالوث يُلاحق آلاف المواطنين شمالي القطاع
  • «القاهرة الإخبارية»: الجوع يضرب غزة ومسلحون يستولون على شاحنات المساعدات
  • الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات الإنسانية لقطاع غزة الأسبوع الماضي
  • الاحتلال منع ثلثي المساعدات من الوصول إلى غزة الأسبوع الماضي.. والمجاعة تنتشر
  • الأمم المتحدة: إسرائيل منعت ثلثي المساعدات الإنسانية في غزة
  • الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات لقطاع غزة الأسبوع الماضي
  • الأمم المتحدة: الاحتلال منع وصول ثلثي المساعدات لغزة الأسبوع الماضي
  • الأمم المتحدة: حياة نحو مليوني فلسطيني على المحك في غزة
  • الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
  • هكذا تدعم إسرائيل اللصوص المسلّحين الذين يهاجمون شاحنات الأمم المتحدة في غزة