البرهان يضغط بورقة طهران لحث واشنطن على التدخل لصالحه
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
الجيش السوداني لوح بروسيا وتراجع.. ومناورته بإيران محكومة بالفشل.
البرهان يلعب على حافة الهاوية
سرب مصدر استخباراتي سوداني لصحفية وول ستريت جورنال الأميركية معلومات عن عرض إيراني للجيش يتضمن إقامة قاعدة عسكرية دائمة لطهران على البحر الأحمر، فيما بدا توقيت التسريب غير بريء مع عودة الاهتمام الأميركي بالصراع السوداني.
الخرطوم - بدأ الجيش السوداني متاجرة سياسية جديدة وهذه المرة بورقة إيران التي تطورت العلاقات السياسية والعسكرية بينهما مؤخرا، ويريد الجيش استثمار هذه الورقة في الضغط على الولايات المتحدة للتدخل لصالحه، بعد أن أبدت استعدادا كبيرا للاهتمام بالصراع الدائر بين قوات الجيش والدعم السريع، والذي أوشك على استكمال عامه الأول.
وبعث قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان برسالة مباشرة لواشنطن عبر أحد أذرعه، تؤكد أن الطريق مفتوح نحو تعميق العلاقات مع إيران، وخلط التوازنات التي تريدها الولايات المتحدة في البحر الأحمر، ما لم تبد انحيازا واضحا لدعمه وإنقاذه من الورطة السياسية التي دخلها بسبب صعوبة حسم الحرب عسكريا.
وكشف مصدر سوداني لـ”العرب” أن المحاولة محكوم عليها بالفشل، لأن وضع البرهان لا يسمح له بابتزاز أحد، وإذا كانت هذه القوة هي الولايات المتحدة فالوضع سيكون أكثر خطورة، لأنه حاول من قبل التلويح بورقة روسيا وفشل في ذلك.
وضع البرهان لا يسمح له بابتزاز أي قوة، وإذا كانت هذه القوة هي الولايات المتحدة فالوضع سيكون أكثر خطورة
وقال مسؤول استخباراتي سوداني لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الجيش رفض عرضا من إيران لإمداده بسفينة حربية قادرة على حمل مروحيات ومسيرات إذا وافق على إنشاء قاعدة بحرية لطهران على البحر الأحمر، ومراقبة حركة المرور من وإلى قناة السويس وإسرائيل.
ويشير توقيت الرسالة من خلال صحيفة أميركية إلى أن البرهان على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة إذا تخلت عن موقفها المحايد في الصراع، إذ وجهت انتقادات للطرفين وفرضت عقوبات على شركات وشخصيات تابعة لهما في آن واحد.
والتقط الجيش السوداني المغزى الذي تنطوي عليه زيادة الاهتمام الأميركي بالسودان والذي تمثل في تعيين مبعوث خاص جديد قبل أيام، حيث فهم من الخطوة بأن واشنطن راغبة في زيادة انخراطها خوفا من انفلات الصراع وصعوبة السيطرة على مفاتيحه إقليميا.
ولوّح السودان بورقة إيران تحديدا، لأنه يعلم ما يمكن أن تثيره من هواجس في دوائر غربية، إذا تمكنت طهران من بناء قاعدة عسكرية في أراضيه، تضاف إلى نفوذ إيران في اليمن وما أحدثه من توترات أمنية جراء شن جماعة الحوثي عمليات عسكرية ضد سفن غربية وإسرائيلية تمر عبر جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.
واعترف مسؤول المخابرات السودانية أحمد حسن محمد بأن إيران زودت الجيش بطائرات بدون طيار متفجرة لاستخدامها في القتال، وعرضت تقديم سفينة حربية قادرة على حمل مروحيات إذا منحت الموافقة بإقامة القاعدة.
وبدت الإشارة كأنها تحذيرية، لأن الأسلحة الإيرانية تدفقت على الجيش السوداني في نطاق محدد، ويمكن أن تتزايد عندما يتم توقيع صفقات عسكرية أكثر شمولا، ما يخل بمعادلة الحرب، ويرخي بظلال سلبية على المصالح الأميركية في المنطقة.
وأكد أكاديمي سوداني مهتم بالشؤون الخارجية، تحدث شريطة عدم الإفصاح عن اسمه، أن التوجه نحو بناء علاقات دبلوماسية مع إيران يبرهن على أن قيادة الجيش هدفت للحصول على دعم عسكري يساعدها في إطالة أمد الصراع، وبدت الخطوة دليلا على أن البرهان يسعى لمكايدة واشنطن وحضها على التدخل لصالحه وكسر ممانعاتها حول موقفها الرافض لاستمرار الجيش في السلطة وتسليمها إلى حكومة مدنية.
وأضاف في حديثه مع “العرب” أن إرسال مبعوث أميركي للسودان لا يؤشر على أن هناك تطورا قويا يتعلق بتغير أولويات واشنطن التي مازالت لا تضع حرب السودان في مقدمة اهتمامها، وأن تصورات البرهان المتخبطة تجاه تقاربه مع إيران هدفها تعقيد عملية الحل السياسي ووضع عراقيل أمام القوى الإقليمية المهتمة بوقف الحرب.
وشدد المصدر السوداني على أن توظيف إيران للضغط على الولايات المتحدة لن يجدي نفعاً، وهو أسلوب براغماتي عقيم وليس جديدا على الجنرال البرهان، لأنه حاول بعد الإطاحة بنظام عمر البشير جذب روسيا إلى البحر الأحمر وأخفق، وهو أمر رفضته الولايات المتحدة بشكل صارم وصريح، ووجود قاعدة عسكرية إيرانية ضرب من الخيال، ولا يستطيع الإقدام على ذلك في ظل صراع متصاعد في البحر الأحمر.
الجيش السوداني يلوح بورقة إيران تحديدا، لأنه يعلم ما يمكن أن تثيره من هواجس لاسيما لدى دوائر غربية
وذكرت تقارير أميركية سابقا أن الجيش السوداني نشر طائرات بدون طيار من طراز مهاجر 6 لمنع العمليات الهجومية لقوات الدعم السريع التي سيطرت على أربع ولايات في إقليم دارفور والجزيرة، وجزء كبير من العاصمة الخرطوم، وقيل إن نتائج هذه الطائرات انعكست على مسار الحرب في معارك أم درمان لصالح الجيش.
وثمة اعتقاد أميركي بأن طهران تخطط لاستخدام علاقاتها مع الجيش السوداني لتعزيز تحالفاتها الإقليمية لممارسة المزيد من القوة في الممرات المائية الإستراتيجية.
وأعربت الولايات المتحدة في فبراير الماضي عن قلقها الكبير من وصول شحنات أسلحة إيرانية للجيش، يمكن أن تؤثر على مجريات الصراع في البلاد.
وحذر العضو الجمهوري في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ جيم ريش خلال اجتماع اللجنة لدارسة نشاطات الجماعات الوكيلة لإيران في منطقة الشرق الأوسط، من أن طهران توسع وجودها العسكري سريعا في السودان. وانتقد مسؤولو الأمم المتحدة الحكومة السودانية بسبب القصف الجوي للأحياء المدنية وحرمان المدنيين من المساعدات الإنسانية في دارفور، وهم في أمس الحاجة إليها.
ويؤدي تطوير العلاقات بين طهران والخرطوم إلى ابتعاد الأخيرة عن الدول الغربية وربما اقترابها من محور إيران وروسيا، وكلاهما يطمع في امتلاك منفذ بحري على البحر الأحمر عبر شرق السودان.
كما أن العلاقة سوف تنعكس على علاقات السودان العربية، وتنظر دول عدة لأي مقاربة إيرانية جديدة في البحر الأحمر من خلال أرض السودان بشكل خاص، بريبة كبيرة، حيث تفضي أي قاعدة عسكرية إيرانية إلى خلل فاضح في توازنات القوى، يمكن أن يدخل المنطقة في دوامة تجاذبات مع طهران بعد أن اعتقدت الدول العربية التي تحسنت علاقاتها بها مؤخرا أن الأمور قد تصبح مستقرة معها.
نقلا عن العرب الدولية
////////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الجیش السودانی قاعدة عسکریة البحر الأحمر یمکن أن على أن
إقرأ أيضاً:
خاص عربي21: واشنطن أرجأت عملية واسعة ضد أهداف ومواقع للحوثيين لبعيد الانتخابات
أرجأت الولايات المتحدة الأمريكية، عملية واسعة ضد أهداف ومواقع عسكرية تابعة لجماعة الحوثيين محتملة لتخزين وإطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار ضد السفن في البحر الأحمر، حسبما كشفه مصدر خاص مقيم في واشنطن لـ"عربي21".
وقال المصدر الذي اشترط عدم الإفصاح عن اسمه، إن القوات الأمريكية رصدت خلال الفترة القليلة الماضية مواقع تخزين وإطلاق الصواريخ والمركبات الجوية غير المأهولة من قبل الحوثيين في عدد من المحافظات أبرزها الحديدة وحجة الساحليتين على البحر الأحمر (غربي اليمن) وصعدة، المعقل الرئيس لزعيم الجماعة ( شمال) إضافة إلى العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الجماعة منذ خريف عام 2014.
وأضاف المصدر الخاص المقيم في واشنطن لـ"عربي21"، أن البنتاغون أكملت استعداداتها لشن ضربة عسكرية واسعة على تلك المواقع والمعسكرات الحوثية، قبل أن تقوم بإرجاء العملية حتى الانتهاء من السباق الانتخابي الذي تشهده الولايات المتحدة.
وأشار إلى أن الإعلان عن "الائتلاف الوطني للأحزاب والقوى المحلية" الداعمة للحكومة المعترف بها دوليا من مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، الثلاثاء، والذي حظي بدعم من الإدارة الأمريكية وتحديدا من وزارة الخارجية وبإيعاز منها فيما يتعلق بتوقيت إشهاره، مؤكدا أن واشنطن تريد أن تحظى أي عملية عسكرية قد تعتزم القيام بها ضد جماعة "أنصار الله" ( الحوثي) بدعم من القوى المناوئة لها.
والثلاثاء، أعلنت 23 حزب ومكونا يمنيا ائتلاف سياسيا جديد أسمته "التكتل الوطني للأحزاب اليمنية" في سياق الترتيبات لتشكيل جبهة موحدة من القوى المؤيدة والداعمة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والمناوئة لجماعة الحوثيين.
وقال إن إدارة الرئيس بايدن، تعاني من ضغوط كبيرة يمارسها الجمهوريون بسبب تعاطيها مع الجماعة المدعومة من إيران التي تواصل شن هجماتها على السفن في البحر الأحمر والتي تقول الجماعة أنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى الموانئ المحتلة في فلسطين.
وحول ما يثار عن احتمالية شن عملية برية مدعومة من الولايات المتحدة ضد الحوثيين في محافظة الحديدة التي تعد قاعدة لانطلاق هجمات الجماعة ضد السفن في البحر الأحمر.
وذكر المصدر ذاته، أن شن عملية برية ضد الحوثيين لطردهم من مدينة الحديدة الاستراتيجية من قبل القوات التابعة للحكومة المعترف بها أو القيام بإنزال قوات مظلية لتدمير القدرات العسكرية للجماعة في هذه المدينة الاستراتيجية لاقت بمعارضة من المملكة العربية السعودية، التي بررت أن الظرف الحالي غير مناسب لذلك.
وتابع بأن الرياض أيضا، أبدت تحفظا لإعادة استئناف القتال بين القوات الحكومية والحوثيين، مبررة أن "الوقت ليس في مصلحتها حاليا".
وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلنت جماعة الحوثيين أن الولايات المتحدة وبريطانيا شنتا 15 غارة جوية على العاصمة صنعاءَ ومحافظة صعدة شمال اليمن، فيما أعلنت واشنطن أن قاذفات استراتيجيةً من طراز الطائرة الشبح B-2 شاركت بالقصف.
وذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية، حينها أن هذه هي المرة الأولى التي تُستخدم فيها الولايات المتحدة القاذفة الاستراتيجية الشبحية لمهاجمة الحوثيين في اليمن منذ أن بدأ تحالف تقوده واشنطن شن غارات يقول إنها تستهدف "مواقع للحوثيين" في مناطق مختلفة من اليمن منذ بداية العام الجاري، رداً على هجماتها البحرية.
وتضامنا مع غزة التي تواجه حربا إسرائيلية مدمرة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، استهدف الحوثيون بصواريخ ومسيّرات سفن شحن إسرائيلية أو مرتبطة بها في البحرين الأحمر والعربي.
ومنذ 12 يناير/ كانون الثاني 2024، يشن تحالف تقوده الولايات المتحدة غارات يقول إنها تستهدف "مواقع الحوثيين" في مناطق مختلفة من اليمن ردا على هجماتها البحرية، وهو ما قوبل برد من الجماعة من حين لآخر.