ما المقصود بقوله تعالى: «كتب على نفسه الرحمة»؟ سؤال أجاب عنه الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف. 

ما المقصود بقوله تعالى: «كتب على نفسه الرحمة»؟

يقول تعالى : {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} وكلمة "كتب" في لغة القرآن أي فرض فهو سبحانه وتعالى قد فرض الرحمة، وليس أحدٌ يتألى على الله، ولا يفرض على الله، ولا يوجب على الله شيئًا لأنه سبحانه وتعالى هو القاهر فوق عباده، ولأنه سبحانه وتعالى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ}ولأنه سبحانه وتعالى هو ملك ومالك السماوات والأرض وما فيهن وما بينهما، ولذلك فلا يفرض أحدٌ شيئًا على الله سبحانه وتعالى، لكن الله من رحمته، ومن واسع فضله ومَنِّه على العباد {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ولذلك لا يخلف ذلك أبدا، ولا يرجع في حكمه أبدا.

وتابع: فالله سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة، وهو أوفى من وفَّى بالعهود سبحانه وتعالى، هذه العبارة طمأنت الخلق فهي تشبه البداية التي خاطب بها الله الناس في وحيه {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} جمالٌ في جمال، يعني ليس هناك إلا الجمال إذا ما كانت المقابلة مع الله سبحانه وتعالى في ظل الإيمان كتب على نفسه الرحمة، لم يقل إنه كتب على نفسه الرحمة والعقاب أيضًا حتى يعني كتب على نفسه الرحمة والعقاب، بل إنه كتب على نفسه الرحمة فقط، ولذلك قالوا: هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ؛ فهو في الدنيا يرحم الكافر والمؤمن والعاصي والطائع، ويرحم كل شيء من الكائنات فهو رحمن الدنيا، وهو أيضًا رحيم الآخرة فالعفو مقدمٌ عنده على المؤاخذة، ولذلك في الدعاء نقول: (اللهم إنا في حاجةٍ إلى رحمتك ولست في حاجةٍ إلى مؤاخذتنا فاعف عنا على ما كان من عمل) يعني لأنه لا يضره شيء إلا أننا عندما نلتجئ إليه سبحانه وتعالى، ونطلب منه الرحمة فقد طلبناها من عفوٍ غفور، من رحمنٍ رحيم فهو أهلٌ لأن يستجيب لنا، وأن يعفو عنا تقصيرنا وذنوبنا وخطايانا وأخطاءنا، وأنه سبحانه وتعالى أهلٌ لذلك حيث إنه قد كتب على نفسه الرحمة.

ما المقصود بقوله تعالى «فصبر جميل والله المستعان».. ومتى يكون الصبر جميلا؟ ما المقصود بقوله تعالى: «كتب على نفسه الرحمة»؟

جاء في تفسير البغوي لقوله سبحانه وتعالى: (كتب ربكم على نفسه الرحمة) أي : قضى على نفسه الرحمة ، ( أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ) قال مجاهد : لا يعلم حلالا من حرام فمن جهالته ركب الذنب ، وقيل : جاهل بما يورثه ذلك الذنب ، وقيل : جهالته من حيث أنه آثر المعصية على الطاعة والعاجل القليل على الآجل الكثير ، ( ثم تاب من بعده ) رجع عن ذنبه ، ( وأصلح ) عمله ، قيل : أخلص توبته ، ( فإنه غفور رحيم ) قرأ ابن عامر وعاصم ويعقوب " أنه من عمل منكم " " فأنه غفور رحيم " بفتح الألف فيهما بدلا من الرحمة ، أي : كتب على نفسه أنه من عمل منكم ، ثم جعل الثانية بدلا عن الأولى ، كقوله تعالى: " أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون"، (المؤمنون ، 35 ) ، وفتح أهل المدينة الأولى منهما وكسروا الثانية على الاستئناف ، وكسرهما الآخرون على الاستئناف .

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة المؤمنون ما المقصود بقوله تعالى سبحانه وتعالى على الله من عمل

إقرأ أيضاً:

الغايةُ من الصيام

حمزة حسين الديلمي

من الأمور المهمة في استقبال شهر رمضان هي النية وهي عزم وإرادَة على الفعل ولا يشترط التلفُّظ بها؛ فمحلها القلب، وهي أن ينوي المرء بالطاعات التي سيقوم بها خلال شهر رمضان كنية صومه كاملا وَتلاوة القرآن وتدبره وكذلك ترتيب وقته لختمه مرة أَو مرتين أَو أكثر، وأن ينوي ترك الكلام الفاحش والغيبة والنميمة، وأن ينوي فعل الخير والإحسان ومساعدة المحتاجين وما أكثرهم في وضعنا الراهن ولنتذكر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم “لا يؤمن لا يؤمن من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم”.

ونفي كمال الإيمان في الحديث يدل على قسوة قلب من يفعل ذلك وخسة مروءته ودناءة طبعه.

ولا ننسى أن الغاية من الصوم هي تقوى القلوب قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وقوله: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) معناه: لتحصل التقوى لكم، ومن التقوى الابتعاد عن المعاصي وعدم مخالفة أوامر الله العجيب أن المسلسلات لا يتم إنتاجها إلَّا مِن أجلِ عرضها في شهر رمضان فأصبح موسمًا خاصًا لها، وحتى البرامج الساخرة من هذا الفريق أَو ذاك والتي فيها الكثير مما يثير الفرقة والشحناء داخل المجتمع بما تثيره من السخرية وربما بلغت تلك السخرية بعض مفاهيم الإسلام أَو بعض رموزه وكل ذلك يتم تجهيزه واعداده ليتم عرضه في شهر رمضان الذي هو شهر العبادة والتقوى فالله سبحانه وتعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا) وهو أمر من الله سبحانه بقوله اتقوا الله وقولوا قولا سديدا فإذا لم نتقِ الله فما فائدة الصوم سوى الجوع والعطش، رمضان هو شهر ودورة تدريبية لتهذيب أَو ترويض النفس وتعويدها على فعل الطاعات والإحسان والصوم عبادة سرية بين العبد وربه وينمي في الإنسان الإخلاص واستشعار مراقبة الله فهل سيحقّق صيامنا هدفه المرجو منه بنفوسنا؟

اللهم آتِ نفوسَنا تقواها وزكِّها أنت خير من زكاها أنت وليُّها ومولاها اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام ووفقنا فيه لمرضاتك يا رب يا كريم..

مقالات مشابهة

  • لو المراهق عمل في نفسه حاجة بيتحاسب زي الكبير العاقل؟ علي جمعة يجيب
  • مرايا الوحي.. المحاضرة الرمضانية (3) للسيد القائد 1446هـ
  • الغايةُ من الصيام
  • فتاوى :يجيب عنها فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام لسلطنة عمان
  • بالفيديو.. عصام الروبي: صلاح البال منحة ربانية للمؤمنين الصادقين
  • ملتقى الجامع الأزهر يكشف عن معاني اليسر في الصيام وأهم الوقفات مع آياته
  • علي جمعة يكشف عن قواعد الحب بين الرجال والنساء
  • افتقدناك في هذا الشهر الكريم أخانا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله
  • كيف نستقبل رمضان؟ 10 نصائح تجعلك تفوز بالشهر الكريم لا تفوّتها
  • فتاة تسأل: طالما ربنا بيحبنا ليه خلق الجنة والنار؟.. الدكتور علي جمعة يجيب