طهران عزّز التيار المحافظ سيطرته على مجلسي الشورى الإسلامي (البرلمان) وخبراء القيادة إثر الانتخابات التي أجرتها الجمهورية الإسلامية مطلع مارس/آذار الجاري، وفق النتائج الأولية التي أعلنتها وزارة الداخلية حتى مساء الأحد.

وبينما أوشك فرز الأصوات على الانتهاء في انتظار إعلان وزارة الداخلية النتائج النهائية، ذكرت وكالة إرنا الرسمية أن "نسبة المشاركة بلغت 41% على مستوى البلاد"، مسجلة تراجعا بنسبة أكثر من 1.

5% مقارنة مع الانتخابات السابقة عام 2020، وهي أدنى نسبة مشاركة تسجّل في تاريخ الجمهورية.

في حين بلغت نسبة المشاركة في العاصمة طهران 24%، وفق وكالة مهر للأنباء، مما يرجح كفة سياسة جبهة الإصلاحات التي امتنعت عن تقديم قائمة في المركز السياسي للبلاد احتجاجا على إبعاد مجلس صيانة الدستور غالبية مرشحيها، في حين كان الرئيس السابق حسن روحاني قد دعا إلى التصويت الاعتراضي إثر رفض ترشحه لعضوية مجلس خبراء القيادة المكلف بتعيين المرشد الأعلى للثورة وعزله عندما يعجز عن أداء واجباته.

وفي مؤشر على رفض التيار الإصلاحي المشاركة الانتخابات الأخيرة، فقد امتنع الرئيس الأسبق محمد خاتمي (1997-2005) لأول مرة عن التصويت، وذلك بعد مرور أيام فقط على وصفه الجمهورية الإسلامية بأنها "بعيدة جدا من إجراء انتخابات حرة وتنافسية".

إنفوغراف عن الانتخابات الإيرانية (الجزيرة) المشاركة الشعبية

وفي مطلع قراءته لما تمخضت عنه الانتخابات الإيرانية، يشير الباحث السياسي صالح قزويني إلى تعزيز موقع صقور المحافظين في البرلمان الـ12، موضحا أن الانتخابات الأخيرة حملت العديد من المفاجآت، منها النسبة العالية للأصوات الباطلة أو الأوراق البيضاء وذهاب عدد لا بأس به من الدوائر الانتخابية، منها العاصمة طهران، إلى جولة الإعادة في تنافس سيقتصر علی مرشحي البيت المحافظ.

وفي حديث للجزيرة نت، يرجع الباحث الإيراني سبب تراجع عدد الأصوات التي حصدها الفائزون مقارنة مع الدورات الانتخابية السابقة إلى كثرة عدد المرشحين في الانتخابات البرلمانية حيث بلغ 15 ألفا و200 مرشح، مما أدى إلى تشتت الأصوات، إلى جانب مقاطعة بعض الأحزاب السياسية لها والحملات الدعائية السلبية التي قادتها وسائل إعلام أجنبية.

وأضاف قزويني أن امتعاض شريحة من المواطنين الإيرانيين جاء بسبب الأحداث التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) خريف 2022 إثر توقيفها من جانب "شرطة الأخلاق" في طهران بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم، وكذلك تردي الوضع المعيشي أكثر فأكثر منذ تولي الرئيس إبراهيم رئيسي مقاليد الحكم عام 2021، على حد قوله.

دلالة النتائج

من جانبه، يرى مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري، تركيبة البرلمان الجديد "استمرارا للبرلمان الـ11، وأن نتائج الانتخابات التشريعية سوف تؤثر على السياستين الداخلية والخارجية"، معتبرا سيطرة المحافظين على البرلمان نتيجة طبيعية للتنافس الداخلي بين القوائم المنبثقة من البيت المحافظ".

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير زواري إلى عزوف الجمهور الإصلاحي عن التصويت بسبب إبعاد مجلس صيانة الدستور غالبية مرشحيه من المعترك الانتخابي، مستدركا أن المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين -رغم قلتهم- فشلوا في استمالة الناخب الإيراني في الاستحقاق الأخير.

وتابع الباحث الإيراني أنه بعد انتخابات مطلع مارس/آذار الجاري فقد سيطر التيار المحافظ على غالبية المؤسسات الدستورية في البلد، وأن نتائج الاستحقاق الانتخابي سلبت منه أي ذريعة كان بإمكانه اللجوء إليها لتبرير إخفاقاته في حلحلة مشكلات البلد، لا سيما الوضع المعيشي.

باحث إيراني: عجز التيار المحافظ عن تحسين الوضع المعيشي قد ينعكس سلبا على المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة (الجزيرة) السياسة الداخلية

ورأى زواري أن السياسة المؤدية إلى إعادة سيطرة المحافظين على مجلسي الشورى وخبراء القيادة إلى جانب تمسكهم بالحكومة والسلطة القضائية قد تضع تلك السلطات أمام تحد كبير، وأن عجزهم عن تحسين الوضع المعيشي وتطلعات الشعب قد تنعكس سلبا على المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة.

وبينما يستبعد المتحدث نجاح البرلمان الـ12 في مراقبة أداء الحكومة وتشريع القوانين بما يتناسب ومطالب الشعب الاجتماعية والاقتصادية، يحذر من أن تشبث السلطة التشريعية في المرحلة المقبلة ببعض الملفات الحساسة، مثل قانون الحجاب وزيادة الضرائب، قد يجعلها في مواجهة الشعب وتسبب زيادة استيائه.

وخلص إلى أن توحيد السلطات وسيطرة تيار محدد على جميع مفاصل الدولة من شأنه تقويض السلطة وتراجع شعبيته واتساع الهوة بين صفوفه، داعيا الفائزين في الانتخابات البرلمانية إلى تبني نظرة واقعية حيال واقع المجتمع ووضعه المعيشي، بدلا من العزف على وتر المحافظة على المبادئ الثورية.

السياسة الخارجية

من ناحيته، يصف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران محسن جليلوند، تأثير تركيبة البرلمان على سياسة طهران الخارجية بأنه "محدود"، ذلك لأن المجلس الأعلى للأمن القومي هو الجهة المعنية برسم خارطة السياسات الخارجية، وأن البرلمان عادة يناور في إطار الخطوط والسياسات المرسومة سلفا.

وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد الأكاديمي الإيراني أن سيطرة المحافظين على البرلمان سوف تدعم السياسات المناهضة للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، وتوقع أن تسرّع طهران خطى سياستها الرامية إلى التوجه نحو قوى الشرق وفي مقدمتها الصين وروسيا.

واعتبر جليلوند بالقول إن توحيد السلطات في إيران سوف يعزز دعم طهران لحركات المقاومة المتحالفة معها خلال المرحلة المقبلة، مما قد يؤدي إلى زيادة التوتر بالمنطقة. وتوقع استمرار الجدل بين طهران والعواصم الغربية بشأن ملف طهران النووي خلال الفترة المقبلة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی الانتخابات الوضع المعیشی

إقرأ أيضاً:

تركيا.. نواب المعارضة يشتبكون مع حرس وزير الداخلية

أنقرة (زمان التركية) – شهد البرلمان التركي مناوشات صباح اليوم خلال مشاركة وزير الداخلية علي يرلي كايا في إحدى الجلسات.

وأراد نواب حزب الشعب الجمهوري المعارض الاحتجاج على عزل عمدة بلدية أسنيورت المنتمي للحزب وذلك أثناء دخول وزير الداخلية، علي يرلي كايا، إلى قاعة البرلمان للمشاركة في مباحثات لجنة الموازنة والتخطيط.

وذكر نواب حزب العدالة والتنمية الحاكم أن نواب حزب الشعب الجمهوري حاولوا منع يرلي كايا من الدخول إلى القاعة، وفور دخول الوزير تصاعدت التوترات بين نواب الحزبين واندلعت مشاجرة بين الطرفين.

وعقب انتهاء المناوشات، أفاد رئيس اللجنة، محمد موش، أنه لا يمكن قبول إجراء كمنع وزير من دخول قاعة البرلمان.

ونفى نواب حزب الشعب الجمهوري الادعاءات المثارة بشأن منعهم يرلي كايا من دخول قاعة البرلمان، مشيرين إلى أنهم كانوا يرغبون في إبداء رد فعلهم المستنكر لحملة الوصاية على بلدة أسنيورت، وأن التوترات اندلعت بسبب الحرس الشخصي للوزير.

واستمرت التوترات بين النواب والمستشارين بعد انتقال يرلي كايا إلى مقعده، كما انضم نواب حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب الكردي للمناوشات بعد ارتفاع هتافات “من عاشر رفاق السوء أصبح مثلهم” من مقاعد الحزب الحاكم.

ومع تصاعد المناوشات، تم تعطيل الجلسة البرلمانية عشر دقائق.

وفي كلمه له حول الأحداث، قال نائب رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري، علي ماهر بشارير: “تركيا تشارك لقطات مخزية، اليوم جاء السيد الوزير وقبل أن نتصافح قام نائبان بدفعي، بأي حق تقومون بدفعي؟ أنا نائب برلماني، أنا وقفت على الباب وكنت أرغب في التحدث معك، بأي حق فعلتم ذلك؟ هنا البرلمان، نواب هذا البرلمان لم يستطيعوا الدخول لمبنى بلدية أسنيورت لمدة عشرة أيام”.

وأكد بشارير أن النواب رغبوا في التعبير عن رأي ديمقراطي، قائلا: “في ساعات الصباح عقدنا اجتماعا بمشاركة عدد محدود من النواب، وقررنا أن يقف نواب الحزب على باب اللجنة، وأقول للسيد الوزير إنك لم تسمح بدخول نواب البرلمان إلى مؤسسة حكومية، ما المشكلة في أن تقف دقيقتين على الباب لنتحدث، كيف كان ذلك الشعور؟” عندما تم إيقافك.

وذكر بشارير أنه عقب اجتماع صباحي مع النواب منع أمن البرلمان المستشارين من الدخول، دون إبداء سبب، وأضاف قائلا: “تتنصتون على غرف البرلمان وبالتأكيد تتنصتون على الهواتف”.

من جانبه، رد الوزير يرلي كايا على كلمة بشارير قائلا: “لا يمكنك أن تكون عائقا” أمامي عند دخول البرلمان.

وواصل بشارير حديثه قائلا: “هل أنا شخص لن يصافح النواب هنا ولا يتحدث معهم على الباب؟ أنت من أوصلت حدث كان سينتهي في 30 ثانية إلى هذه المرحلة، جاء 200 عنصر حراسة، هل استوعبت حساسية نواب البرلمان الذين انتظروا في بلدية أسنيورت؟”

Tags: أزمة أسنيورتالبرلمان التركيتعيين الوصاةحزب الشعب الجمهوريحزب العدالة والتنمية

مقالات مشابهة

  • السنغال.. الحزب الحاكم يضمن الأغلبية في البرلمان
  • المفوضية العليا: الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية مرهون باستكمال التدقيق
  • مركز يتوقع زيادة عدد المقاعد في البرلمان العراقي لـ 430 مقعداً بالدورات المقبلة
  • مستشار المفوضية: عملية التدقيق في استمارات نتائج الانتخابات البلدية لم تستكمل بعد
  • بزشكيان يضع خطة لنقل العاصمة الإيرانية من طهران
  • مردة: نتوقع الإعلان عن نتائج الانتخابات البلدية الأسبوع المقبل
  • باستيف حزب أسسه شباب وقلب موازين السياسة في السنغال
  • تركيا.. نواب المعارضة يشتبكون مع حرس وزير الداخلية
  • من المصارعة إلى التعليم.. هذه مرشحة ترامب للوزارة التي يريد إلغاءها
  • قرية إيطالية تعرض منازل بيورو واحد لجذب الأمريكيين المحبطين من نتائج الانتخابات