شهدت أدنى مشاركة.. كيف تؤثر نتائج الانتخابات الإيرانية في السياسة الداخلية والخارجية؟
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
طهران – عزّز التيار المحافظ سيطرته على مجلسي الشورى الإسلامي (البرلمان) وخبراء القيادة إثر الانتخابات التي أجرتها الجمهورية الإسلامية مطلع مارس/آذار الجاري، وفق النتائج الأولية التي أعلنتها وزارة الداخلية حتى مساء الأحد.
وبينما أوشك فرز الأصوات على الانتهاء في انتظار إعلان وزارة الداخلية النتائج النهائية، ذكرت وكالة إرنا الرسمية أن "نسبة المشاركة بلغت 41% على مستوى البلاد"، مسجلة تراجعا بنسبة أكثر من 1.
في حين بلغت نسبة المشاركة في العاصمة طهران 24%، وفق وكالة مهر للأنباء، مما يرجح كفة سياسة جبهة الإصلاحات التي امتنعت عن تقديم قائمة في المركز السياسي للبلاد احتجاجا على إبعاد مجلس صيانة الدستور غالبية مرشحيها، في حين كان الرئيس السابق حسن روحاني قد دعا إلى التصويت الاعتراضي إثر رفض ترشحه لعضوية مجلس خبراء القيادة المكلف بتعيين المرشد الأعلى للثورة وعزله عندما يعجز عن أداء واجباته.
وفي مؤشر على رفض التيار الإصلاحي المشاركة الانتخابات الأخيرة، فقد امتنع الرئيس الأسبق محمد خاتمي (1997-2005) لأول مرة عن التصويت، وذلك بعد مرور أيام فقط على وصفه الجمهورية الإسلامية بأنها "بعيدة جدا من إجراء انتخابات حرة وتنافسية".
وفي مطلع قراءته لما تمخضت عنه الانتخابات الإيرانية، يشير الباحث السياسي صالح قزويني إلى تعزيز موقع صقور المحافظين في البرلمان الـ12، موضحا أن الانتخابات الأخيرة حملت العديد من المفاجآت، منها النسبة العالية للأصوات الباطلة أو الأوراق البيضاء وذهاب عدد لا بأس به من الدوائر الانتخابية، منها العاصمة طهران، إلى جولة الإعادة في تنافس سيقتصر علی مرشحي البيت المحافظ.
وفي حديث للجزيرة نت، يرجع الباحث الإيراني سبب تراجع عدد الأصوات التي حصدها الفائزون مقارنة مع الدورات الانتخابية السابقة إلى كثرة عدد المرشحين في الانتخابات البرلمانية حيث بلغ 15 ألفا و200 مرشح، مما أدى إلى تشتت الأصوات، إلى جانب مقاطعة بعض الأحزاب السياسية لها والحملات الدعائية السلبية التي قادتها وسائل إعلام أجنبية.
وأضاف قزويني أن امتعاض شريحة من المواطنين الإيرانيين جاء بسبب الأحداث التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاما) خريف 2022 إثر توقيفها من جانب "شرطة الأخلاق" في طهران بحجة عدم التزامها بارتداء لباس محتشم، وكذلك تردي الوضع المعيشي أكثر فأكثر منذ تولي الرئيس إبراهيم رئيسي مقاليد الحكم عام 2021، على حد قوله.
دلالة النتائجمن جانبه، يرى مدير معهد العلاقات الدولية مجيد زواري، تركيبة البرلمان الجديد "استمرارا للبرلمان الـ11، وأن نتائج الانتخابات التشريعية سوف تؤثر على السياستين الداخلية والخارجية"، معتبرا سيطرة المحافظين على البرلمان نتيجة طبيعية للتنافس الداخلي بين القوائم المنبثقة من البيت المحافظ".
وفي حديثه للجزيرة نت، يشير زواري إلى عزوف الجمهور الإصلاحي عن التصويت بسبب إبعاد مجلس صيانة الدستور غالبية مرشحيه من المعترك الانتخابي، مستدركا أن المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين -رغم قلتهم- فشلوا في استمالة الناخب الإيراني في الاستحقاق الأخير.
وتابع الباحث الإيراني أنه بعد انتخابات مطلع مارس/آذار الجاري فقد سيطر التيار المحافظ على غالبية المؤسسات الدستورية في البلد، وأن نتائج الاستحقاق الانتخابي سلبت منه أي ذريعة كان بإمكانه اللجوء إليها لتبرير إخفاقاته في حلحلة مشكلات البلد، لا سيما الوضع المعيشي.
ورأى زواري أن السياسة المؤدية إلى إعادة سيطرة المحافظين على مجلسي الشورى وخبراء القيادة إلى جانب تمسكهم بالحكومة والسلطة القضائية قد تضع تلك السلطات أمام تحد كبير، وأن عجزهم عن تحسين الوضع المعيشي وتطلعات الشعب قد تنعكس سلبا على المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة.
وبينما يستبعد المتحدث نجاح البرلمان الـ12 في مراقبة أداء الحكومة وتشريع القوانين بما يتناسب ومطالب الشعب الاجتماعية والاقتصادية، يحذر من أن تشبث السلطة التشريعية في المرحلة المقبلة ببعض الملفات الحساسة، مثل قانون الحجاب وزيادة الضرائب، قد يجعلها في مواجهة الشعب وتسبب زيادة استيائه.
وخلص إلى أن توحيد السلطات وسيطرة تيار محدد على جميع مفاصل الدولة من شأنه تقويض السلطة وتراجع شعبيته واتساع الهوة بين صفوفه، داعيا الفائزين في الانتخابات البرلمانية إلى تبني نظرة واقعية حيال واقع المجتمع ووضعه المعيشي، بدلا من العزف على وتر المحافظة على المبادئ الثورية.
السياسة الخارجيةمن ناحيته، يصف أستاذ العلاقات الدولية بجامعة طهران محسن جليلوند، تأثير تركيبة البرلمان على سياسة طهران الخارجية بأنه "محدود"، ذلك لأن المجلس الأعلى للأمن القومي هو الجهة المعنية برسم خارطة السياسات الخارجية، وأن البرلمان عادة يناور في إطار الخطوط والسياسات المرسومة سلفا.
وفي حديث للجزيرة نت، يعتقد الأكاديمي الإيراني أن سيطرة المحافظين على البرلمان سوف تدعم السياسات المناهضة للقوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل، وتوقع أن تسرّع طهران خطى سياستها الرامية إلى التوجه نحو قوى الشرق وفي مقدمتها الصين وروسيا.
واعتبر جليلوند بالقول إن توحيد السلطات في إيران سوف يعزز دعم طهران لحركات المقاومة المتحالفة معها خلال المرحلة المقبلة، مما قد يؤدي إلى زيادة التوتر بالمنطقة. وتوقع استمرار الجدل بين طهران والعواصم الغربية بشأن ملف طهران النووي خلال الفترة المقبلة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الانتخابات الوضع المعیشی
إقرأ أيضاً:
ترامب عن نتائج الانتخابات الألمانية: يوم عظيم
قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه "يوم عظيم لألمانيا" بعد فوز المحافظين الأحد في الانتخابات التشريعية الألمانية التي شهدت تقدما لافتا لليمين المتطرف.
وكتب الرئيس الجمهوري على منصته "تروث سوشال"، "إنه يوم عظيم لألمانيا والولايات المتحدة الأميركية"، بعدما حصل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي المحافظ على قرابة 29% من الأصوات.
وأضاف "كما هي الحال في الولايات المتحدة، سئم الشعب الألماني من الأجندة غير المنطقية، خصوصا في ما يتعلق بالطاقة والهجرة".
وأشارت التوقعات التي نشرتها قناة "زد دي إف" التلفزيونية الحكومية إلى أن تكتل المعارضة الذي يضم حزبي الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي فاز في الانتخابات بعد حصوله على 28.7 % من الأصوات، وتلاه البديل من أجل ألمانيا بنحو 19.8% أي ما يمثل ضعف ما حصل عليه قبل 4 سنوات.
ردود فعل ألمانيةواعترف المستشار أولاف شولتس بالهزيمة في الانتخابات، وهنأ منافسه المحافظ فريدريش ميرتس بالفوز.
وأضاف شولتس في أول رد فعل له "هذه نتيجة انتخابية مريرة للحزب الديمقراطي الاجتماعي، وهي أيضا هزيمة انتخابية"، معتبرا أنه يتحمل المسؤولية عن هذه الهزيمة.
إعلانمن جانبه، أعلن فريدريش ميرتس، زعيم المحافظين الذين تصدروا نتائج الانتخابات، أنه يريد تشكيل حكومة "في أسرع وقت ممكن" في ظل التحديات الدولية الحالية.
وقال ميرتس في برلين "العالم الخارجي لن ينتظرنا، ولن ينتظر مفاوضات ائتلافية مطولة (…). يتعين علينا أن نصبح جاهزين للعمل بسرعة مرة أخرى للقيام بما هو ضروري على الصعيد الداخلي، لكي نصبح حاضرين في أوروبا مجددا".
في المقابل، أشادت زعيمة اليمين المتطرف في ألمانيا أليس فايدل مساء الأحد بـ"النتيجة التاريخية" التي حقّقها حزبها "البديل من أجل ألمانيا" في الانتخابات التشريعية، وقالت إن ذلك يعني أن الحزب أصبح الآن "راسخا بقوة" في المشهد السياسي.
وأضافت لوسائل إعلام محلية أن "يدنا ممدودة" للمشاركة في حكومة ائتلافية مع التحالف الذي يجمع الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في بافاريا الذي حل في المرتبة الأولى وفقا لاستطلاعات الرأي.
ويذكر أن فريديريش ميرتس زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي استبعد أي تحالف مع اليمين المتطرف، لكنه كان قد أثار الجدل الشهر الماضي عندما تقدم بمشروع إلى البرلمان تم إقراره بفضل دعم أصوات حزب البديل من أجل ألمانيا، منتهكا بذلك أحد المحرمات القديمة.
وتوقعت فايدل أنه إذا استمر حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي في رفض التعاون مع حزبها "لتنفيذ إرادة الشعب"، فإن البديل من أجل ألمانيا سوف "يتفوق" عليهم في الانتخابات المقبلة بعد 4 سنوات من الآن.