انطلقت اليوم أعمال الدورة السنوية الثامنة عشر من المؤتمر الاستثماري ‹‹EFG Hermes One-on-One›› وهو المؤتمر الاستثماري الأكبر من نوعه لبحث فرص الاستثمار في أسواق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وذلك بالتعاون مع سوق دبي المالي (DFM). وتنعقد نسخة العام الجاري بفندق جي دبليو ماريوت مارينا (دبي مارينا سابقًا)، على أن تستمر فعالياته حتى يوم 7 مارس الجاري.


وسوف يناقش المؤتمر، الذي انطلقت نسخة العام الجاري تحت عنوان "استكشاف الفرص الكامنة بالأسواق الناشئة والمبتدئة"، الفرص الاستثمارية الواعدة التي تنبض بها أسواق المنطقة وذلك من خلال طرح الرؤى ووجهات النظر الفريدة وإتاحة الفرص ة للتواصل بين المشاركين في المؤتمر.

 كما سيتضمن المؤتمر سلسلة من الاجتماعات والعروض التقديمية التي تهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون بين مجتمع الاستثمار الدولي والشركات المدرجة في المنطقة، وذلك بحضور كبار المسؤولين الحكوميين، ونخبة من أبرز قادة مجتمع الأعمال وخبراء الاستثمار. وسوف تشهد نسخة العام الجاري مشاركة 216 شركة عاملة في مختلف القطاعات الحيوية من 29 دولة، والذين يعقدون اجتماعات مباشرة مع أكثر من 670 شخصية من كبار المستثمرين الدوليين ومديري الصناديق ممثلين عن 250 مؤسسة مالية من جميع أنحاء العالم.


ومن المقرر أن تشهد الجلسة الرئيسية للمؤتمر كلمة افتتاحية يلقيها كريم عوض الرئيس التنفيذي للمجموعة إي اف چي القابضة، على أن يتبعها حوار تجريه سالي موسى مذيعة أولى في مؤسسة فوربس الشرق الأوسط مع الدكتور محمود محيي الدين المبعوث الخاص للأمم المتحدة لتمويل أجندة 2030، يعقبها حلقة نقاشية بعنوان "ماذا بعد التحول الآلي:

 الاستفادة من تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتحويل الصناعات عبر تحقيق النمو وتعزيز الكفاءة" بمشاركة وائل فخراني، الرئيس التنفيذي لشركة Edenred  في الامارات، ورينيه ليمنز الرئيس التنفيذي لشركة جيديا، على أن يدير هذه الجلسة باتريك فيتزباتريك، رئيس التحرير والشريك الإداري لشركة The Enterprise Company. ثم تختتم الجلسة باستطلاع الرأي المباشر الذي تجريه شركة إي اف چي هيرميس.


وفي هذا السياق، أعرب كريم عوض الرئيس التنفيذي لمجموعة إي اف چي القابضة، عن سعادته بتنظيم مؤتمر ‹‹EFG Hermes One-on-One›› الأكبر من نوعه من جديد، والذي ينعقد في نسخة العام الجاري بالتعاون مع سوق دبي المالي (DFM)، حيث يمثل ذلك التعاون فرصة كبيرة في سبيل تحقيق أهداف المجموعة والتي تتبلور في التزامها بتهيئة مناخ جيد لتنمية فرص الاستثمار في أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالإضافة إلى إتاحة الفرصة لعقد المناقشات البناءة والتي تساهم في تعظيم المردود الإيجابي على تلك الأسواق. 

وأضاف عوض أن التوقيت مناسب جدًا للمستثمرين للتعرف بصورة أكبر على ديناميكيات أسواق المنطقة، وتحديد فرص الاستثمار الواعدة والتغلب على التحديات المحتملة، وذلك في ظل المرحلة الراهنة التي يشهدها العالم سريع التطور وتزامنًا مع ظهور قوى اقتصادية جديدة. وأشار عوض إلى أن المؤتمر يوفر منصة لتحقيق هذا الهدف، حيث يجمع قادة الصناعة وخبراء الاستثمار وصانعي السياسات لتبادل الأفكار وعقد اتفاقيات الشراكة وتحديد المسار المناسب لتحقيق النمو المستدام.


ومن الجدير بالذكر أن أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد واجهت العديد من التحديات الاقتصادية خلال عام 2023، وذلك على خلفية الأوضاع الاقتصادية حول العالم والتحديات المحلية بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية. فقد تراجع النمو الاقتصادي في تلك الأسواق ليصل إلى 2%، مدفوعًا بتراجع إنتاج النفط، والتدابير السياسية الصارمة التي اتخذتها حكومات الأسواق الناشئة. 

ومع استمرار هذه التحديات خلال عام 2024، فلا تزال التوقعات غير مؤكدة مع مؤشرات بتراجع النمو إلى 2.9%. وقد أصبحت الإصلاحات الهيكلية ضرورة حيوية لتجاوز الأوضاع الاقتصادية الراهنة وتحقيق النمو على المدى القصير وتجاوز مختلف التحديات على المدى الطويل، وهو ما يسلط الضوء على ضرورة بذل المزيد من الجهود لمواصلة تحقيق النمو الاقتصادي وتعزيز قدرتها على مواجهة أي تحديات مستقبلية.


ومن جانبه، أعرب محمد عبيد الرئيس التنفيذي المشارك لإي اف چي هيرميس، إحدى شركات إي اف چي القابضة، عن اعتزازه بمواصلة هذا المؤتمر الاستثماري لعب دوره الحيوي في أن يكون حلقة الوصل بين المستثمرين وفرص الاستثمار الواعدة في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وأضاف عبيد أن قاعدة عملائنا دائمة النمو من الشركات المدرجة والتي تعكس نشاط أسواق رأس المال المتنامي في المنطقة قد تمكنت عامًا تلو الآخر من الوصول إلى العديد من فرص الاستثمار الفريدة التي تطرحها أبرز المؤسسات الاستثمارية حول العالم، وهو ما يوفر لهم الاستقرار وتعزيز قدرتهم على تحقيق النمو، وهو ما سينعكس مردوده الإيجابي في صياغة مستقبل أفضل للاقتصاد الإقليمي.

 وأشار عبيد إلى أن هذا المؤتمر يعد بمثابة بوابة شاملة للمستثمرين للوصول إلى الشركات التي تحظى بمقومات واعدة للنمو في المنطقة.

 وأكد عبيد أن المؤتمر يتيح عقد الجلسات الحوارية واللقاءات المباشرة، وهو ما يساهم في تبادل الرؤى والأفكار وفرص الاستثمار، وبالتالي تحقيق النجاح المتبادل بين المستثمرين والشركات على حد سواء.


وسوف تتضمن فعاليات المؤتمر برنامجًا شاملًا يضم الكلمة الرئيسية والحلقات النقاشية وجلسات التواصل التي تغطي أبرز الموضوعات في أسواق منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومن بينها توجهات مجتمع الاستثمار وأحدث المستجدات التنظيمية، وهو ما سيتيح للسادة الحضور الرؤى ووجهات النظر الثاقبة حول سبل وآليات تجاوز التحديات التي تشهدها هذه الأسواق وتحقيق أقصى استفادة من تلك التحديات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: أسواق الشرق الأوسط الاسواق الناشئة الدكتور محمود محيي الدين الذكاء الاصطناعي الفرص الاستثمارية القطاعات الحيوية المسؤولين الحكوميين النمو المستدام الشرق الأوسط وشمال أفریقیا الرئیس التنفیذی فرص الاستثمار تحقیق النمو فی أسواق إی اف چی وهو ما

إقرأ أيضاً:

تركيا في الشرق الأوسط الجديد: لاعب أم صانع قواعد؟

تولي تركيا أهمية مركزية لمنطقة الشرق الأوسط باعتبارها العمق الإستراتيجي لأمنها القومي العسكري والاقتصادي، وسعت أنقرة خلال عقود مضت عبر بوابات الطرق الدبلوماسية المرنة والأدوات الاقتصادية، ثم الخيارات العسكرية، لضمان مصالحها الحيوية الجيوسياسية في المنطقة، وخاصةً مع الدول المحاددة لها؛ حيث تعاملت مع هذه الدول كحقيقة جغرافية وتاريخية وعسكرية تربطها بها على امتداد قرون عديدة، وزاد من ظهور الدور التركي المؤثر وتصاعده خلال العقود الثلاثة الأخيرة، تراجع قدرات دول عربية مهمة كالعراق، وسوريا.

علاقات تركيا مع دول الشرق الأوسط جمعت بين السعي لإحلال السلام من خلال مساهمتها في تخفيف حدة المشاكل بينها وبين هذه الدول بغض النظر عن قربها أو بعدها عن حدودها، وفي ذات الوقت طرح نفسها كشريك استثماري يمكن الوثوق بقدراته بما يجعل من بوابة مشاريع التنمية الاقتصادية في دول الشرق الأوسط وبخاصة الإقليمية منها، مفتاح النجاح في تمكينها من الولوج إلى دوله كقوة مركزية اقتصادية هائلة.

ومثلما نجحت في إيجاد دور مهم لها في تطوير التنمية الاقتصادية، نجحت أيضًا في مطاردة أعدائها أو مواجهتهم عسكريًا، كما هو الحال مع حزب العمال الكردستاني المحظور، وأيضًا خلال أزمتها مع اليونان التي وصلت إلى حدود المواجهة العسكرية؛ بسبب تنازُع البلدين حول جزر في بحر إيجه في العامين: 1987، و1996، بما أظهر قدراتها العسكرية وجرأة قيادتها على اتخاذ القرارات الضامنة لسيادتها ومصالحها.

إعلان

اقتصاديًا وبحسابات منهجية دقيقة سعت أنقرة إلى تقليص حدّة التحسس الإستراتيجي بينها وبين دول الجوار العربي، التي رأت في التوجه التركي محاولة "لعَثْمنة" المنطقة عبر بوابات الاقتصاد، فنجحت في إنشاء مجالس تعاون اقتصادية إستراتيجية مع العراق، سوريا، الأردن ولبنان، كما حقّقت نجاحًا لافتًا في علاقاتها مع دول مجلس التعاون الخليجي، التي شهدت تطورًا متسارعًا وصل إلى حدود إنشاء منتدى تركي- خليجي عربي، بات اليوم أحد مظاهر التوافق الإستراتيجي في مجالات الاستثمار متعدد التخصصات الصناعية، الزراعية، السياحية والعسكرية.

وسلطت المتغيرات الجذرية في الشأن السوري، الضوء على الدور التركي بشقَّيه؛ المعلن وغير المعلن، في التحضير لعوامل نجاح الفصائل المسلحة المعارضة في السيطرة وبشكل سريع ولافت على دمشق والمحافظات والمدن السورية، وأيضًا في تهيئة الأرضية السياسية لقبول هذه المتغيرات من قبل دول إقليمية وعالمية، باستثناء إيران التي تمثل -وفق رؤى هذه الفصائل ومن ورائها تركيا- الداعم الأساس لنظام الأسد طيلة أكثر من 13 سنة.

ما حدث في سوريا أبرز بشكل كبير وخطير الدور التركي المتوقّع في الشرق الأوسط الجديد، وهو أمرٌ حظي، وما زال، باهتمام كبير من قبل مراكز صنع القرار ومؤسسات الدراسات الإستراتيجية الأميركية والغربية، كما شكّل خارطة طريق جديدة لعلاقات أنقرة مع منظومة دول الخليج العربي، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، ودولة قطر، ولعدة أسباب أهمها المتغيرات الإيجابية الحاصلة في سوريا وبدعم تركي مثل تطورًا نوعيًا كبيرًا في تغيير الواقع الجيوسياسي في المنطقة والذي تمثّل بإنهاء الدور الإيراني في سوريا، بما يعنيه من انحسار مشروعها الإستراتيجي في المنطقة.

تركيا الناجحة في تعاملها مع القوى الدولية كالولايات المتحدة، وروسيا، ومعظم دول الاتحاد الأوروبي، سعت لتعزيز نفوذها في المنطقة من خلال سياسة خارجية نشطة، تعتمد على مزيج من الدبلوماسية والقوّة العسكرية، والأخيرة كانت لمعالجة واحدة من معضلات الأمن القومي التركي التي تمثّل الجماعات الكردية في شمال العراق وسوريا مثل وحدات حماية الشعب (YPG)، وحزب العمال الكردستاني (PKK).

إعلان

وتقف قضية الجماعات الكردية المسلحة المعارضة للدولة التركية والتي تصنفها كجماعات إرهابية، كأحد العوامل الرئيسية الدافعة للتحرك التركي بثقله المشهود في حسم الأمور لصالح الفصائل السورية المسلحة.

الجماعات الكردية المعارضة لتركيا التي حصلت خلال السنوات الأخيرة على دعم سياسي أميركي – إسرائيلي تمثل بالاعتراف والدعم اللوجيستي لقوات سوريا الديمقراطية (قسَد)، هذه القوات مثلت في فترة ما بعد الأسد (عقدة) الوفاق الوطني السوري.

لكن تركيا التي كانت ترفض أي صيغة تمنح الأكراد دورًا موسعًا في سوريا، باتت تدرك أن تجاهل القضية الكردية لم يعد خيارًا عمليًا، خصوصًا بعد نجاحها في إقناع زعيم حزب العمال، الكردي المسجون في تركيا عبدالله أوجلان بتوجيه رسالة حثّ فيها مقاتلي حزبه على التخلي عن السلاح وحظر نشاطه العسكري؛ لذلك شجّعت أنقرةُ دمشقَ على منح الأكراد حقوقًا متساوية مع بقية مكونات الشعب السوري، في خطوة تعكس توازنًا جديدًا في تعاملها مع هذا الملف، وكان ثمرة ذلك التوجّه التركي توقيع الرئيس السوري أحمد الشرع، وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي اتفاقًا يقضي "بدمج" كافة المؤسّسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية والحقول النفطية والمنافذ الحدودية في إطار الدولة السورية، وتحت نظام المواطنة المتساوية.

لقد عززت مجريات الأمور من دور تركيا في الشرق الأوسط الجديد، فالقوتان الكبيرتان في سوريا الأسد إيران وروسيا، تعاملتا مع الدخول التركي المحكم لسوريا بشيء من الواقعية بغية الحفاظ على نفوذهما هناك بعد أن تستقرّ الأوضاع، وتتوضح صورة الموقف المضطرب في ذلك البلد.

ومع انحسار المشروع الإيراني وتصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة والضفة، ولبنان، وسوريا، وربما إيران، تبقى تركيا الضامن الوحيد لدول المنطقة التي يمكن الركون إليها للتعامل مع واشنطن وتل أبيب لإيقاف هستيريا العدوان الإسرائيلي، والضغط باتجاه الانسحاب من الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل خلال عملياتها الدموية والتدميرية ضد هذه الدول.

إعلان

إسرائيل تراقب النفوذ التركي في سوريا بحذر شديد، حيث تقدر أهمية العلاقة مع تركيا وضرورة التعامل معها، بخصوصية لتجنب المشاكل الجدية معها؛ فآخر ما تخشاه تل أبيب أن تحادد تركيا عبر بوابة سوريا، كما تولي موضوع الشراكة الإستراتيجية بين دمشق وأنقرة والتي تشكّل قضية إنشاء قواعد دفاع جوي تركية عاجلة وسط البلاد لحماية الأجواء السورية جانبًا كبيرًا من المتابعة.

وهذا يفسّر قيام إسرائيل خلال الفترة التي أعقبت نجاح الثورة السورية بشنّ عمليات عسكرية عديدة داخل الأراضي السورية، كما قضمت مناطق أخرى تشكل مواقع إستراتيجية عسكرية مهمة داخل الأراضي السورية. إضافة إلى سعيها لإثارة ما يزعزع الاستقرار والأمن داخل سوريا لمشاغلة تركيا عبرها تحسبًا لأي تطورات جيوسياسية خلال السنوات المقبلة .

العراق الذي شهد أدوارًا متعددة للمليشيات الموالية لإيران، والتي تعتبر تركيا ندًا عقائديًا لها، تحرك رسميًا لكسب ودّ أنقرة لأسباب عديدة، منها ما يتعلق بإطلاق الحصص المائية لنهرَي دجلة والفرات، وأخرى لكبح جماح المليشيات الكردية التركية في شمال العراق، وفسح المجال الجوي والأرضيّ والاستخباراتي لتركيا لملاحقتها، مع منحها التراخيص لإقامة معسكرات لقواتها في مناطق حيوية بمحافظات دهوك ونينوى كمنطلقات لأعمال عسكرية دائمة.

ومع كل ذلك فإنّ الحكومة العراقية تعلن إدانتها بعضَ العمليات العسكرية التركية داخل العمق العراقي في كردستان العراق. وأيضًا توسّع العمليات العسكرية في المنطقة، وزيادة الحضور العسكري والاستخباراتي في كل الشمال العراقي، لكن بذات الوقت لا تمتلك هذه الحكومة الكثير من أوراق الضغط على أنقرة لثنيها عن ذلك، خصوصًا مع تصاعد موازين التبادل التجاري بين البلدين والتي قدّرت بـ(20) مليار دولار، والمشروع الاقتصادي الإستراتيجي الكبير المتمثّل بـ(طريق التنمية) لربط ميناء الفاو العراقي بالحدود التركية بسكك حديد وطرق برية بقيمة 17 مليار دولار.

إعلان

إيران، التي كانت حتى يوم سيطرة الفصائل المسلحة السورية على دمشق، تمثل القوة الرئيسية لنظام الأسد بما تعنيه (القوة) من معانٍ أمنية واستخباراتية واجتماعية وعقائدية، لكن، وخلال أيام معدودة وبشكل دراماتيكي انهارت هذه (القوة) لتحل محلها تركيا، وبشكل أكثر إحكامًا وتحكمًا بمجريات الأمور، وبات الدور التركي من حيث الوزن والتأثير في المشهد السوري والإقليمي، هو الأبرز والأكثر تنظيمًا.

 وتتميز أنقرة عن طهران بقدرتها على الحوار الإيجابي في الساحة الدولية والإقليمية والمحلية من خلال قدراتها الاقتصادية والعسكرية المؤثرة في المنطقة دون الولوج في مشاريع مذهبية طائفية ميزت الحراك الإيراني.

كما أن الولايات المتحدة ترحب- خصوصًا بوجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب في فترته الرئاسية الثانية- بسوريا المتوافقة مع تركيا، بما يعني تحجيم دور إيران في هذا البلد. سياسات ترامب المعلنة تجاه طهران والإستراتيجية التي ستتبعها إيران في مواجهة هذه السياسات ستعني الكثير في تمكين تركيا من الولوج بقوة إلى الشرق الأوسط الجديد، لأن أية عمليات عسكرية ستوجَّه نحو إيران ستعني تفرّد أنقرة بمشهد الشرق الأوسط المقبل.

لقد حرصت تركيا على طمأنة دول الخليج العربي بموضوع ملء الفراغ في سوريا بعد سقوط بشار الأسد لضمان مصالح جميع الدول، ووقفت المملكة العربية السعودية في مقدمة المؤيدين لهذا التغيير، وكذلك بقية دول مجلس التعاون الخليجي التي رأت ضرورة دعم السلطات الجديدة دوليًا، والحفاظ على وحدة وسلامة أراضي سوريا، ومنع الجماعات المتطرفة من نشر الفوضى فيها وفي المنطقة.

 ونجحت تركيا إلى حد كبير في تحقيق التعاون مع الرياض لتنسيق رؤية مشتركة لمستقبل سوريا ومنع أي خلاف أو تنافس قد يؤدي إلى توترات بين البلدين، هذا التنسيق يعني فيما يعنيه كسب الاهتمام الدولي لرفع العقوبات المفروضة على سوريا الأسد والتعامل من النظام الجديد بإيجابية ودعم إعادة إعمار البلاد، وتقديم المساعدات الإنسانية والاقتصادية للشعب السوري، وهو موقف ما كان ليكون قبل أقل من عقد من الزمن، لكن نجاعة السياسة الخارجية التركية الفاعلة آتت تأثيرها في المشهد التركي- الخليجي بوضوح.

إعلان

منذ أكثر من عقدين من الزمن والعالم يسمع ترديد دول كبرى ومؤسسات بحثية عديدة، مصطلح "الشرق الأوسط الجديد"، وقد كانت هذه التلميحات أو الإعلانات بصيغها المختلفة تأتي من قادة تحرّكوا فعلًا تجاه الشرق الأوسط؛ بهدف تغييره مثل الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش ووزراء خارجيته ودفاعه، بالإضافة إلى إفادات وتهديدات قادة إسرائيليين، ومحللين سياسيين، ومراكز دراسات المستقبلات.

وقد ظن الكثيرون عام 2003 أن إيران ستكون لاعبًا أساسيًا في مراكز قوى هذا الشرق الجديد بحسب القدرات التي منحتها لها ظروف سقوط نظام صدام حسين، واحتلال العراق، والتسهيلات الأميركية لانسياحها في هذا البلد، وسوريا، ولبنان وسواها.

لكن إيران لم تحسن التعامل مع هذا المتغير، وسعت إلى تأسيس مشروعها الشرق أوسطي المرتكز على مفهوم "تصدير الثورة"، بما تسبّب في زعزعة الأمن الإقليمي، وظهور التيارات الجهادية الإرهابية التي جعلت الشرق الأوسط منطقة غير آمنة ومصدرًا للإرهاب.

لهذا السبب، ومع تطلّعها النووي غير المرغوب به دوليًا وإقليميًا، فإن الدور التركي بإسلامه "العلماني"وتحالفاته الإستراتيجية مع حلف شمال الأطلسي، وعلاقاته الوثيقة مع المنظومة الغربية والشرقية، وأيضًا محيطه العربي، وتميزه اقتصاديًا كأحد أهم الاقتصادات الفاعلة عالميًا وإقليميًا، يبقى هو الخيار الأمثل لشرق أوسط جديد تعاد به موازنات المنطقة، وتتحدد فيه آمال وتطلعات دوله بما يسمح بظهور مناطق اقتصادية هائلة تجعل طريق السلام والاستقرار والأمن غاية جميع دوله.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • العُلا تستضيف أول قمة لـ”صنّاع المحتوى” في الشرق الأوسط
  • «أبوظبي للصادرات» يشارك في مؤتمر «تي إكس إف»
  • سلطان بن أحمد القاسمي يشهد انطلاق أعمال مؤتمر مقاصد القرآن الكريم بين التأصيل والتفعيل
  • 3.5% نمو صادرات كوريا إلى الشرق الأوسط
  • انطلاق أعمال المؤتمر الدولي الثالث للدراسات الإسلامية في أبوظبي
  • انطلاق أعمال الدورة العاشرة لـ«اللجنة القنصلية الليبية التونسية المشتركة»
  • برعاية أمير منطقة المدينة المنورة.. انطلاق أعمال الدورة الـ45 لندوة البركة للاقتصاد الإسلامي غدًا
  • تركيا في الشرق الأوسط الجديد: لاعب أم صانع قواعد؟
  • طهران تؤكد: جولة التفاوض المقبلة مع واشنطن خارج الشرق الأوسط
  • انطلاق النسخة الرابعة عشرة من مؤتمر "جيبكا للبلاستيك" في الرياض.. الأحد المقبل