هكذا يؤثر بتر الأطراف على الأطفال.. وهذه أفضل طرق دعم ضحايا الحروب
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
يحكي جراح الأطفال الأردني بلال عزام عن أصعب المواقف التي تعرض لها خلال عمله في غزة حين سأله طفل يبلغ من العمر 5 سنوات "عمّو هل ستكبر يدي معي حين أكبر؟"، ظنا منه أن أطرافه ستنمو مرة أخرى بعد إجرائه عملية بتر.
يتساءل الطبيب متأثرا: كيف سيعيش هذا الطفل 60 أو 70 عاما دون يديه؟
أما الطبيب الفرنسي باسكال أندريه فيقول بعد قضائه أقل من أسبوعين في المستشفى الأوروبي بخان يونس في غزة، إن "القناصة الإسرائيليين يطلقون النار على رؤوس البالغين ويستهدفون أرجل الأطفال حتى لا يتمكنوا من اللعب مرة أخرى".
في حين أوضحت منظمة "أنقذوا الأطفال" الخيرية، ومقرها بريطانيا، في بيان صدر في يناير/كانون الثاني 2024، أن متوسط عدد الأطفال الذين تعرضوا لبتر إحدى الساقين أو كلتيهما في غزة كل يوم يتجاوز 10 أطفال، مشيرة إلى أن العديد من عمليات البتر تتم دون تخدير.
فكيف يؤثر بتر الأطراف على الأطفال نفسيا ومستقبليا؟ وهل يمكن لهم أن يتكيفوا مع البتر؟
تجارب صادمة تظل مدى الحياةتقول المستشارة النفسية الدكتورة وفاء أبو موسى للجزيرة نت إن تجربة الفقد عند الأطفال تعد أحد أكثر الظروف قسوة على نفسياتهم، خصوصا في ظل استمرار الحرب التي تثير مشاعر الخوف والقلق، "فهم ليسوا في مأمن لحماية أنفسهم، كما لا يملك ذووهم حمايتهم".
وتضيف "تجربة فقد الطفل أحد والديه أو طرف أو عضو من جسده هي تجربة صادمة تؤثر على عقله ونفسيته مدى الحياة، لكن النظريات العلمية الحديثة تتيح سبلا للدعم ومساعدته على استعادة توازنه النفسي وحمايته من اضطرابات ما بعد الصدمة".
دكتورة وفاء محمد أبو موسى: قد لا يعود الطفل لحياته الطبيعية كما كانت قبل صدمة الفقد لكنه يستطيع التأقلم حال توفر الطرف البديل (الجزيرة)وتقول المستشارة التي تعمل في الدعم النفسي للأطفال والمراهقين في فلسطين منذ أكثر من 20 عاما، إن من المهم أن يتلقى الطفل الذي تعرض للفقد "سبل الدعم الآمنة مثل الوجود بجانب أناس كبار يثق فيهم، يعرفهم ويعرفونه، وأن يكون في مكان بعيد عن العنف سواء القصف أو رؤية مشاهد الدماء أو غيرهما".
حجم الصدمة يرتبط بالعمروفي تعليقها على أسئلة الأطفال البريئة مثل "هل ستكبر يدي معي حين أكبر؟"، تقول إن هذا النوع من الأسئلة يعني أن "الطفل ما زال لا يدرك ما حلّ به وهذا رحمة من رب العالمين، فالتفكير البسيط لطفل صغير قد يوحي له بأن قدمه سترجع مرة أخرى، وفيما بعد حينما يتم شفاء الجرح ويبدأ في التدرب على الحركة من خلال كرسي متحرك أو عبر تركيب أطراف صناعية، سيتقبل الأمر بالتدريج".
واستدركت "إذا كان سن الطفل يتجاوز 10 سنوات، فبالطبع سيدرك مدى الخسارة التي تعرض لها، ويكون الفقد في هذه الحالة مؤلما جدا وصادما".
وتؤكد وفاء أن الأثر النفسي الناتج عن عملية الفقد يتوقف بشكل كبير على عمر الطفل وحجم الصدمة، "إذ يدرك الطفل الأكبر غالبا أن حياته لن تصبح مثلما كانت، وهنا يحتاج الطفل إلى دعم نفسي وجلسات علاج حتى يتهيأ لتقبل حياته الجديدة، ويتم التخفيف عنه من خلال تركيب أطراف صناعية بشكل سريع".
وإذا لم يتم تعويض الأطفال "فسيؤثر هذا على نفسياتهم بشكل كبير، ويصيبهم بالإحباط وخيبة الأمل، ويشعرهم بمشاعر العجز، ويجعل شخصياتهم مهزوزة، كما سيؤثر دون أدنى شك على أهدافهم وخططهم المستقبلية. الاهتمام والرعاية النفسية لهذا الطفل بعد صدمة الفقد يعدان من أكثر الأشياء التي تهيؤه للصمود وتقبل ما هو آت".
كما تلفت وفاء إلى أن الروح المعنوية لمن يعيش معهم الطفل مهمة للغاية، و"تساعد كثيرا إذا كانت إيجابية وقوية؛ فالأطفال لا يشعرون بالخوف لسماع صوت القصف أو رؤية المشاهد الدامية فقط، وإنما قد يتحول ذلك إلى شعور بالهلع حينما يرون الخوف على وجوه الكبار من حولهم".
وتستطرد "عادة ما يتطلع الصغير إلى الكبار من حوله على أنهم مصدر للحماية. فإذا رأى مصدر الحماية مهزوزا، سيشعر بالخوف وستؤثر الصدمة فيه بشكل كبير. لذلك من المهم أن يتماسك الأهل من أجل الصغار، وألا يظهروا حزنهم على ما تم فقده بقدر الاهتمام بمن نجا من الأطفال حولهم. أطفال غزة يحتاجون إلى أن يروا أناسا أكثر شجاعة وأكثر قوة في المواجهة لتخطي الصعوبات بأمان وسلام نفسي".
وتشير وفاء أبو موسى إلى أنشطة الدعم النفسي البسيطة من مثل:
التربيت على الكتف. المسح على الرأس. الاستماع لكلام الطفل. منح الطفل ورقة وألوانا للرسم للتعبير عما بداخله. إشغال الوقت بعد عملية البتر أو الفقد.قد يعجز الطفل أحيانا عن التعبير عن مشاعر الصدمة من خلال الكلام، و"بالتالي يجب اللعب معه ودفعه للرسم إن أمكن، وأن نستقبل جميع تعبيراته بشكل واع ومتفهم لما يمر به من ظروف".
بتر الأطراف يؤثر على النموكما تقول وفاء إن اللعب احتياج أساسي للطفل، إذ "يساعده في نموه العقلي والنفسي والجسدي؛ فالركض والتسلق والقفز أفعال تساعد على النمو السليم، لكن في حالة بتر الأطراف أو فقد بعض الأعضاء الحركية، فإن ذلك يحد من الحركة، ويبطئ بالتالي من مستوى النمو العقلي والجسدي، أو يجعله ينمو بوتيرة أقل كفاءة".
ويمكن للحواس الخمس أن تقوم بدور فعال في التعويض، "إذ إن لها أثرا فعالاً في اكتمال النمو. إذا أمسك الطفل بالألعاب وسمع الأصوات وتأمل بحاسة البصر وأحسن استخدام حاسة التذوق واللمس، فإن ذلك مما يساهم في اكتمال نمو حواسه ويزيد التناسق السمعي والبصري لديه. لذلك، من المهم تزويد الأطفال بالأطراف الصناعية البديلة، وتدريبهم على استخدامها بجودة مع تقديم أنشطة اللعب النفسي والدرامي في برامج الدعم النفسي للأطفال الناجين من الحرب".
وتختم المستشارة النفسية بالقول "بالطبع قد لا يعود الطفل لحياته الطبيعية كما كانت قبل صدمة الفقد، لكنه يستطيع التأقلم والقبول الكامل لما فقد ما دام الطرف البديل توفر وأعانه على القيام ببعض الأدوار التعليمية والاجتماعية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بتر الأطراف إلى أن
إقرأ أيضاً:
"هجرة الماء".. أفضل عرض متكامل بمهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي، جوائز مسابقات الدورة التاسعة، في حفل الختام بقصر ثقافة شرم الشيخ، وحصد العرض المسرحي "هجرة الماء"، التابع للهيئة العامة لقصور الثقافة أفضل عرض متكامل، في مسابقة مسرح الطفل والنشء، بجانب شهادتي تميز في التمثيل والغناء، لكل من الطفلة فريدة محمد، والطفلة فريدة الملاح.
وهنأ الكاتب محمد ناصف، نائب رئيس الهيئة، فريق العمل وأبطال العرض، مشيدا بنشاط مسرح الطفل وعروضه، ومؤكدا استمرار الهيئة في تقديم الدعم الكامل لأنشطة الطفل وفي مقدمتها المسرح.
العرض المسرحي "هجرة الماء" تأليف هاني قدري، ومن إخراج مصطفى فجل، ديكور آية سعد ووليد فرحات، ديجيتال ديكور إبراهيم أبو بكر، تنفيذ ملابس بسمة صابر، أشعار محمود القناوي، تصميم استعراضات عمر صالح، ألحان عبد الله رجال، مساعدا إخراج محمود القناوي وأحمد سمير.
وتدور أحداثه حول اجتماع مصادر المياه في العالم واتفاقها أنها لم تعد تحتمل استمرار الإنسان في تلويثها وإهدارها، وتقرر المصادر جميعها هجرة كوكب الأرض، فكيف يكون مصير الأرض بدون مياه.
العرض إنتاج الإدارة العامة لثقافة الطفل برئاسة د. جيهان حسن، وقدم بإشراف الإدارة المركزية للدراسات والبحوث برئاسة د. حنان موسى، وبالتعاون مع إقليم غرب ووسط الدلتا الثقافي برئاسة أحمد درويش وفرع ثقافة الغربية برئاسة وائل شاهين.
"هجرة الماء" بطولة مجموعة من مواهب المركز الثقافي بطنطا: محمود القناوي، أحمد سمير، فريدة الملاح، شروق قاسم، عبد الرحمن كارم، هويدا محمود، حنين أيمن، كنزي تامر، شريهان سامي، روفيدا ياسر، هبة هاني، جنى عمرو، سامي محمد، محمد أشرف، جنى حسن، تغريدة تجمد، محمد فوزي، عمر عابد، أسيل محمد، يوسف كارم، ايسل عواد، بدر سعيد. غناء: رودينا السيد، نورين محمد، فريدة محمد، علا طارق، ملك عبد المجيد.