اكتشاف الإصابة بألزهايمر يتاح قريبا بفحص دم.. فماذا عن العلاج؟
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
أصبح اكتشاف الإصابة بمرض ألزهايمر بمجرد اختبار دم بسيط قاب قوسين أو أدنى من أن يتحقق فعليا بعد سنوات طويلة من البحوث، وسيشكل بالتالي تطورا ثوريا في هذا المجال، لكن المرضى أنفسهم لن يلمسوا الفائدة منه ما لم تتوفر علاجات فاعلة لهذا المرض بعد طول انتظار.
وقال طبيب الأعصاب جوفاني فريسوني، أحد أبرز الأخصائيين الأوروبيين في مرض ألزهايمر لوكالة الصحافة الفرنسية: "ستغير المؤشرات الحيوية للدم الطريقة التي نجري بها التشخيص".
ويشكل التشخيص بهذه الطريقة منذ سنوات أحد محاور التركيز الرئيسية للبحوث المتعلقة بهذا المرض الذي يعد الشكل الأكثر شيوعا من الخرف، ويؤثر بشكل لا رجعة عنه على عشرات الملايين من الأشخاص حول العالم.
وتتمثل الفكرة في توفير القدرة من خلال اختبار دم بسيط، على رصد مؤشرات تكشف الآليات الفيزيولوجية التي يبدأ بها المرض.
وتوصل العلماء إلى معطيات عن آليتين رئيسيتين، من دون التوصل إلى فهم كامل للتفاعل بينهما، أولاهما عبارة عن تكوين ما يعرف بلويحات بروتين الأميلويد في الدماغ، التي تضغط على الخلايا العصبية وتدمرها في النهاية، والثانية تراكم بروتينات أخرى تسمى تاو داخل الخلايا العصبية نفسها.
وتتوفر أصلا فحوص تتيح اكتشاف الإصابة بألزهايمر، أحدها بواسطة البزل القطني (أو الشوكي)، والثاني بواسطة إحدى تقنيات التصوير الطبي وهي التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET). ولكن نظرا إلى أن هذه الفحوص طويلة وثقيلة ومكلفة، يكتفي كثير من المرضى بالنتائج السريرية، كفقدان الذاكرة الشديد.
اختبارات الدم
وفي تقنية البزل القطني يقوم مقدم الرعاية الصحية بإدخال إبرة مجوفة في المساحة المحيطة بالعمود الفقري (الفضاء تحت العنكبوتية) في أسفل الظهر لسحب بعض السائل النخاعي (CSF) وفحصه أو حقن الدواء، وفقا لجامعة جونز هوبكنز.
وسبق أن طرحت في السوق بعض اختبارات الدم، ولكن عمليا لا يستخدم سوى القليل منها في انتظار توفر بيانات عن فائدتها الحقيقية. إلا أن العديد من الدراسات أثبتت في الأشهر الأخيرة فاعلية بعض اختبارات الدم في رصد العلامات الداخلية للمرض.
ونشرت أبرز هذه الدراسات في يناير/كانون الثاني الماضي في مجلة "غاما نورولودجي". وخلصت الدراسة التي استندت إلى متابعة وضع نحو 800 شخص، إلى أن اختبار الدم يمكن أن يكشف عن كمية غير طبيعية من الأميلويد أو عن بروتينات تاو بفاعلية مماثلة للفحوص المعتمدة في الوقت الراهن.
والأهم من ذلك، أن فاعلية هذا الاختبار ثبتت في مرحلة ما قبل سريرية، حتى قبل ظهور الأعراض المعروفة لهذا المرض.
وأبدت الأوساط الطبية عموما ارتياحها إلى هذا التقدم المهم، رغم بعض الثغرات، ومنها ضرورة تأكيد هذه الفاعلية في الممارسة العملية، إضافة إلى أن هذا الاختبار يظهر فقط وجود آليات فيزيولوجية لا تؤدي بشكل منهجي إلى الخرف.
خطوة أولى
واعتبر أخصائي طب الأعصاب بارت دي ستروبر في تعليق عبر منصة مركز "ساينس ميديا سنتر" البريطاني أنها "دراسة ممتازة تقرب إلى حد كبير إمكان استخدام اختبار دم عادي لرصد مرض ألزهايمر".
وفي المملكة المتحدة، أصبح هذا التطور حقيقة واقعة تقريبا. ويهدف البرنامج، الذي بدأته العديد من المنظمات المناهضة لمرض ألزهايمر، منذ العام الماضي إلى اختبار مدى فائدة اختبارات الدم هذه داخل نظام الرعاية الصحية البريطاني.
غير أن اكتشاف الإصابة بالمرض في مرحلة مبكرة يفقد أهميته في غياب أي علاج فاعل. ومع ذلك، يأمل كثير من أطباء الأعصاب راهنا في أن تحقق الأدوية النتيجة المرجوة.
فبعدما أخفقت البحوث طوال عقود في التوصل إلى علاجات، يبدو أن ثمة دواءين واعدين، أحدهما من شركة "إلاي ليلي"، والآخر من "بايوجين" (Biogen)، يستطيعان إبطاء تطور مرض ألزهايمر عن طريق مهاجمة لويحات الأميلويد.
ومع أن فاعليتهما محدودة، وآثارهما الجانبية حادة، يرى كثر من أخصائيي طب الأعصاب أنهما خطوة أولى نحو علاجات أخرى أكثر فاعلية.
وفي ضوء ذلك، يؤمل في أن يسهم التمكن من استخدام اختبار دم بسيط لرصد مرض ألزهايمر في أسرع وقت ممكن من زيادة فاعلية أي دواء.
وثمة تفصيل مهم هو أن فحص الدم أتاح التشخيص المبكر لدى مرضى يعانون أصلا ضعف الذاكرة، لا لدى أي كان.
اختبار المؤشرات الحيوية
وقال فريسوني "لا فائدة اليوم من اختبار المؤشرات الحيوية للدم لدى الأشخاص الذين لا يعانون عجزا إدراكيا، فهذا لن يؤدي إلا إلى الضرر".
فماذا يفيد اكتشاف ارتفاع خطر الإصابة بالمرض إذا لم تتوفر وسائل ملموسة لمنع ظهوره؟ ومع ذلك، لا يستبعد فريسوني أن يصبح فحص مرض ألزهايمر حقيقة ذات يوم.
وقال "نحن نختبر حاليا بعض الأدوية الهادفة إلى تقليل خطر الإصابة بمرض ألزهايمر". وأضاف "ربما، في غضون 5 أو 10 سنوات، سيصبح ذلك في الممارسة السريرية. عندها، سأكون قادرا على أن أوصي بقياس المؤشرات الحيوية للدم (كأداة فحص)، ولكن ليس اليوم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المؤشرات الحیویة اکتشاف الإصابة مرض ألزهایمر اختبار دم
إقرأ أيضاً:
اختبار تاريخي يمهد لإنترنت غير قابل للاختراق
تمكن باحثون من تحقيق إنجاز تاريخي بنقل آني كمي بين حاسوبين كميين، مما يثبت صحة عقود من الأبحاث النظرية ويفتح آفاقًا جديدة نحو تطوير شبكات اتصالات آمنة وأجهزة كمبيوتر كمومية متقدمة.
وقاد هذا الإنجاز فريق بحثي تحت إشراف دوجال ماين، طالب الدراسات العليا في الفيزياء بجامعة أكسفورد، الذي أكد أن هذا الاكتشاف يمهد الطريق لإنشاء “إنترنت كمومي” يعتمد على معالجات موزعة تتمتع بأعلى مستويات الأمان.
الإنترنت الكمومي هو نوع جديد من الشبكات يعتمد على مبادئ الميكانيكا الكمومية لنقل المعلومات بطريقة أكثر أمانًا وسرعة مقارنة بالإنترنت التقليدي. يعتمد هذا النوع من الإنترنت على التشابك الكمومي والتشفير الكمومي لضمان نقل البيانات بطريقة مستحيلة الاختراق وفقًا للقوانين الفيزيائية.
أهم مفاهيم الإنترنت الكمومي:
التشابك الكمومي (Quantum Entanglement): ظاهرة فيزيائية حيث يصبح جسيمان مترابطين، بحيث إن أي تغيير في أحدهما يؤثر فورًا على الآخر، بغض النظر عن المسافة بينهما.
التشفير الكمومي (Quantum Cryptography): يستخدم خاصية فيزياء الكم لضمان أن أي محاولة للتجسس على البيانات ستغير حالتها، ما يجعل الكشف عن الاختراق ممكنًا.
النقل الآني الكمومي (Quantum Teleportation): تقنية تتيح نقل المعلومات الكمومية بين جسيمين متشابكين دون الحاجة إلى انتقال المادة نفسها.
فوائد الإنترنت الكمومي:
أمان غير قابل للاختراق: أي محاولة تجسس يتم اكتشافها فورًا.
سرعة فائقة في نقل المعلومات: بفضل خصائص التشابك الكمومي.
ثورة في الحوسبة: يمكن أن يعمل مع الحواسيب الكمومية لتقديم قدرات معالجة غير مسبوقة.
من الخيال العلمي إلى الواقع: فهم النقل الآني الكمي
على الرغم من ارتباط مفهوم النقل الآني بالأفلام والخيال العلمي، إلا أن العلماء نجحوا في تحويله إلى واقع ملموس. ومع ذلك، فإن النقل الآني الكمي لا يعني نقل الأجسام ماديًا، بل يركز على نقل المعلومات الكمومية، وهي البيانات الأساسية التي تحدد حالة النظام الكمومي.
في تجربة جامعة أكسفورد، قام الباحثون بتشابك كيوبتات (بتات كمومية) موجودة في معالجات كمومية منفصلة، تفصل بينها مسافة مترين تقريبًا. ومن خلال قياسات دقيقة، تمكن الفريق من نقل المعلومات الكمومية بين المعالجات، مما سمح بتحديد حالة الكيوبت المتشابك بشكل فوري.
تأثيرات الاكتشاف على الاتصالات والحوسبة الكمومية
يعد الحفاظ على تماسك البتات الكمومية أحد التحديات الرئيسية في بناء أجهزة كمبيوتر كمومية كبيرة. ومن خلال النقل الآني الكمي، يمكن توصيل وحدات كمومية صغيرة لتشكيل نظام أكبر، مما يسهل عملية التوسع ويحسن الأداء العام. كما أن هذا الاكتشاف يضع الأساس لشبكة إنترنت كمومية مستقبلية، قادرة على نقل المعلومات الكمومية بأمان عبر مسافات طويلة باستخدام التشابك الكمي والنقل الآني. وقد يؤدي ذلك إلى تحول جذري في أمن البيانات، حيث يصبح من المستحيل اعتراض الاتصالات بشكل سري.
التحديات التي تواجه النقل الكمي
على الرغم من هذا الإنجاز الكبير، لا يزال الباحثون يواجهون عقبات تقنية كبيرة قبل أن تصبح أجهزة الكمبيوتر الكمومية متاحة على نطاق واسع. فالتوسع في بناء هذه الأجهزة يتطلب سنوات من العمل الهندسي المكثف واكتشافات فيزيائية جديدة. بالإضافة إلى ذلك، يعمل العلماء على تحسين استقرار البتات الكمومية والحفاظ على التشابك الكمي عبر مسافات أكبر، مما يعد ضروريًا لدمج هذه التقنيات في البنى التحتية التكنولوجية الحالية.
نحو مستقبل واعد
يُعد هذا الإنجاز علامة فارقة في تطور الحوسبة الكمومية، حيث يظهر مدى سرعة تقدم الأبحاث في هذا المجال. ومع استمرار العلماء في تحسين هذه التقنيات، يقترب مفهوم النقل الآني من أن يصبح حقيقة عملية قابلة للتطبيق.
ووفقًا لمجلة “ساينس أليرت”، فإن استخدام الروابط الفوتونية في ربط الوحدات الكمومية يمنح النظام مرونة كبيرة، مما يسمح بترقية أو تبديل الوحدات دون تعطيل الشبكة بالكامل. وهذا يمكن أن يؤدي إلى توسيع استخدامات التكنولوجيا الكمومية، وتحويل شبكات الكمبيوتر إلى أدوات قادرة على استكشاف الفيزياء في أدق مستوياتها.
يمثل النقل الآني الكمي بين حاسوبين كميين تقدمًا كبيرًا في الفيزياء النظرية والتطبيقية. لا يثبت هذا الاكتشاف جدوى الأفكار التي كانت تُعتبر سابقًا مجرد نظريات فحسب، بل يفتح أيضًا الباب أمام ثورة في مجال الاتصالات الآمنة والحوسبة الكمومية، مما يعيد تشكيل مستقبل التكنولوجيا.
البيان
إنضم لقناة النيلين على واتساب