ياسر عرمان

 

السفير علي الصادق في لقائه مع نائب مدير برنامج الأغذية العالمي على هامش مؤتمر انطاليا بتركيا في مارس الجاري، طلب منه الأخير إرسال المساعدات الإنسانية للمدنيين في دارفور عبر دولة تشاد، وقد رفض ذلك بحجة إن الحدود تستخدم لإرسال الأسلحة للدعم السريع. وصدرت تصريحات مماثلة من قادة الجيش في هذا الصدد.

هنالك خلط متعمد من كيزان الخارجية في بورتسودان حول قضية إرسال المساعدات الإنسانية للمدنيين من جهة وقضية إرسال السلاح من الجهة الأخرى، فهم لا يسيطرون على حدود تشاد واذا كان هنالك سلاح سيدخل أو دخل، فإنه لا يحتاج إلى منظمة الغذاء العالمي بعد عام من الحرب، ومنظمة الغذاء العالمي غير متخصصة في إرسال السلاح فهنالك إجراءات لضمان عدم إرسال السلاح في مثل هذه الحالة. وكيزان الخارجية معادين للمدنيين في دارفور وغيرها.

أود أن أطرح بعض الأفكار للسفير علي الصادق ولقادة الجيش علها تساهم في إنقاذ المدنيين من أهلنا في دارفور وتبعد عنهم استخدام الطعام كسلاح، واستغرب لموقف الرافضين لإيصال الطعام للمدنيين في دارفور سيما من أبناء وبنات دارفور في حكومة بورتسودان.

أولا: موضوع منظمات الإغاثة الدولية التي انتقلت لتشاد لمساعدة المدنيين في دارفور، وهي تطلب الإذن من بورتسودان متعلق بالسيادة وليس بسيطرتهم على الحدود السودانية-التشادية، والسفير علي الصادق يدرك إن استخدام مبدأ السيادة بشكل متعسف سوف يضر بسيادة السودان إن وجدت الآن، في وجه العواصف الإقليمية والدولية وتطور مفهوم حماية المدنيين في مواجهة السيادة، فقليل من الحكمة افضل من هرطقات كيزان الخارجية.

ثانيا: هنالك تجارب أفضل للدولة السودانية يجب الأخذ بها والقياس عليها.

ثالثا: في عام ١٩٨٨، قام الأمين العام السابق للأمم المتحدة بيريز دوكيلار بتكليف مدير منظمة اليونسيف آنذاك جميس قرانت- ذو السمعة الواسعة- بتنظيم عملية خاصة للاغاثة في السودان، كان ذلك على أيام حكومة رئيس الوزراء الراحل السيد الصادق المهدي، الذي عقد بدوره مؤتمرا في الخرطوم للمنظمات والوكالات العاملة في ٨ مارس ١٩٨٩، وتزامن ذلك مع استيلاء الحركة الشعبية على أجزاء واسعة من الحدود السودانية مع كل من كينيا وإثيوبيا ويوغندا، وهو وضع مماثل لما يحدث الآن في الحدود التشادية-السودانية.

رابعا:  المماثلة الأخرى للوضع الحالي، كانت هنالك نذر مجاعة في ١٩٨٨ في جنوب السودان سيما في بحر الغزال، وهنالك نذر مجاعة اليوم في دارفور وبقية السودان بسبب الحرب في كلا الحالتين. أرسل الدكتور جون قرنق رسالة لذلك المؤتمر المنعقد في الخرطوم- والذي بالطبع لم تدع له الحركة الشعبية- وكلف لاحقا الدكتور لام اكول بالتوصل لاتفاق، الذي بدوره التقى بجميس قرانت في أديس أبابا، وتوصلت الحكومة والحركة الشعبية لأشهر إتفاق دخل قواميس العمليات الإنسانية العالمية، وهو عملية (شريان الحياة) بالسودان.

خامسا: على أيام حكم الكيزان تم تطوير منطقة لوكي شوقيو في كينيا، وبعض نقاط العبور الدولية بين السودان ودول الجوار التي لا تسيطر عليها الحكومة السودانية آنذاك، بما في ذلك اتفاق سويسرا لوقف إطلاق النار الإنساني في جبال النوبة/جنوب كردفان الذي توسطت فيه سويسرا والولايات المتحدة، الذي وقع يوم السبت ١٩ يناير، ٢٠٠٢.

سادسا: التجربة السابقة قامت على أساس وجود طواقم من الحكومة آنذاك تقوم بفحص المساعدات الإنسانية وتتأكد بأنها تحتوي علي مواد إغاثة وليس أسلحة ثم تقوم المنظمات بإرسال الإغاثة، ويمكن أن يتم ذلك داخل الأراضي التشادية وبموافقة الحكومة التشادية سيما وأن السفير علي الصادق قد التقى مؤخرا مع محمد صالح النضيف، وزير خارجية تشاد.

أخيرا:  استخدام الطعام كسلاح فوق إنه جريمة حرب يضر بوحدة السودان وإنهاء الحرب ويكفي ما جرى منذ أغسطس ١٩٥٥. إن بلادنا تطرق أبوابها المجاعة وتحتاج لوقف شامل وإنساني لإطلاق النار قبل رمضان، على الأقل لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد، يفتح الطريق لإمكانية عودة النازحين واللاجئين، واستئناف المشاريع الزراعية لنشاطها، والإغاثة ووقف الحرب وحماية المدنيين قبل السياسة.

 

الوسومالنازحين دارفور علي الصادق ياسر عرمان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: النازحين دارفور علي الصادق ياسر عرمان

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح في غزة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أصدرت مجموعة تضم أكثر من ثلاثين خبيرًا مستقلًا من الأمم المتحدة بيانًا، اتهمت فيه إسرائيل بعرقلة دخول المساعدات الإنسانية، معتبرة أن ذلك يمثل "عسكرة المجاعة" وانتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، في ظل تعثر اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

يأتي ذلك بعد قرار إسرائيل في 2 مارس بوقف تدفق الإمدادات إلى القطاع، متذرعة بأن المساعدات أصبحت "المصدر الرئيسي لإيرادات" حركة حماس، وهو ما أثار إدانات دولية واسعة.
 

ويرى خبراء الأمم المتحدة أن إسرائيل، بوصفها قوة احتلال، تتحمل مسؤولية قانونية بموجب القانون الدولي الإنساني لضمان توفير الاحتياجات الأساسية لسكان غزة، بما يشمل الغذاء والإمدادات الطبية. وأكدوا أن استخدام القيود على المساعدات كأداة ضغط سياسي قد يرقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وفقًا لنظام روما الأساسي.
 

يتزامن هذا التصعيد مع تعثر تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق الهدنة، حيث تسعى إسرائيل إلى تمديد وقف إطلاق النار حتى منتصف أبريل، بهدف الإفراج عن مزيد من الرهائن، بينما تشترط القضاء على حماس ونزع سلاح القطاع. في المقابل، تصر حماس على الانتقال إلى وقف دائم لإطلاق النار، مع الاحتفاظ بسيطرتها على غزة، مما يعمّق الانقسام بين الطرفين.
 

مع استمرار تعليق المساعدات، تتزايد المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في غزة، حيث يواجه السكان نقصًا حادًا في الغذاء والدواء والخدمات الأساسية.

وفي ظل غياب توافق سياسي واضح، تبقى المخاوف قائمة من تحول القيود المفروضة إلى أداة عقابية جماعية تزيد من معاناة المدنيين وتؤدي إلى تصعيد جديد في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • معتقلون يكشفون عن إعدامات وتعذيب على أيدي الدعم السريع السودانية
  • كمرد جبريل .. أبدأ بحواكير دارفور كنتقدر!
  • مناوي : حزب الأمة انتهى برحيل الأمام الصادق المهدي
  • مصر والأزمة السودانية- دلالات تحرير الأسرى
  • السودان ومشهد اللا يقين
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم المجاعة كسلاح في غزة
  • الأمم المتحدة: الوصول إلى مخيم زمزم المتضرر فى السودان “أصبح شبه مستحيل”
  • العدل الدولية: السودان يرفع دعوى قضائية ضد الإمارات بالمحكمة
  • تقرير أممي يوثق انتهاكات واسعة النطاق بحق آلاف المحتجزين من قبل قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في ولاية الخرطوم
  • السودان يقاضي الإمارات في محكمة العدل الدولية .. والامارات تدعو لرفض الدعوى السودانية ضدها على الفور