صدى البلد:
2025-02-02@18:47:50 GMT

نهى زكريا تكتب: سفينة نوح 2024

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT

القصص فى القرآن تُقارب الثلث منه، وهذه النسبة الكبيرة تعنى أهمية معرفة الماضى؛ كى نستفيد منه فى الحاضر، ومن القصص التى أتذكَّرها هذه ألأيام هى قصة سيدنا نوح الذى زرع شجراً وانتظر نموه، ثم بعد ذلك قطع خشبه؛ ليبنى سفينة على الأرض، ورغم ذلك لم يُؤمن به قومه لحساباتهم الدنيوية، ونسوا أنه نبى يملك من المعجزات ما لا يعلمون.

هكذا هم البشر مع الذين ينظرون للأمام دائمًا ولا يلتفتون للخلف، وأبرز مثالٍ على ذلك فى عهدنا اليوم، الرئيس السيسى، الذى بدأ حُكمه ببناء بنية تحتية وشيَّد منشآت ومصانع، ومهَّد لها الطرق والكبارى، ليصرخ مَنْ يجهلون ويَعادون الإصلاح والتطور: "هل نأكل طرقًا وكبارى؟"، والإجابة التى لم يعلموها بالطبع، هى أننا سنأكل (من الطرق والكبارى).

هناك مشروع القطار العالمى الذى سيربط بين رأس الحكمة وما حولها، وأيضًا محور الضبعة السريع، وكذا محور الساحل الشمالى، إضافةً إلى ميناء ومطار، والأجمل أنه يوجد مقرٌ للحكومة ومجلس الوزراء فى المنطقة، كل ذلك سيتم افتتاحه خلال عامين.


والحِكمة من رأس الحكمة هى بيع الصحراء بمائة ألف جنيه للمتر بعد تعميرها، بدلاً من بيعها بألف جنيه للمصريين قطعًا، ومن الممكن ألا نستفيد منها فى الحالة الأخيرة.

مَنْ كان يتخيَّل أن هذه المشروعات ستكون سببًا رئيسيًا فى الوصول لمشروعٍ عملاق مثل رأس الحكمة، وأتذكَّر قوله تعالى هنا: "وَفارَ التَّنُّورُ"، بحالة الغليان التى وصل إليها أعداؤنا المنتظرون سقوط مصر، فما كان منهم إلا السباب والشتائم بشكلٍ يُوضح كم الحقد والغل الذى بداخلهم، وبدأوا فى نشر أسطوانتهم القديمة؛ وهى أن مصر تبيع أرضها، والحقيقة هذا كلام يُعتبر دليلاً كافيًا على جهلهم الشديد، والسؤال: لماذا لم يتهم هؤلاء مصر ببيع أرضها عندما أنشأت شركة إعمار الإماراتية أكثر من كمبوند على أرض المحروسة؟!

الحكاية بكل بساطة أن مصر لديها من الخيرات الطبيعية الكثير والكثير، لكنها لا تملك العملة الصعبة للاستثمار، فاتفقت مع الإمارات على "شراكة" وليس الأمر بيعًا وشراءً كما يُروِّج المرجفون فى المدينة، لتكون مصر بالأراضى الصحراوية والإمارات بالتمويل، كما اتفق البلدان على النسبة والمستفيد الأكبر هو مصر، وفى المستقبل سوف يكون هناك فرص عمل للشباب وخير وفير قادم، وكل شىء حدث لمصلحة مصر، أى أنه بشروطها، فالجميع يعلم أن مصر بها أزمة سيولة دولارية، فدفعت الإمارات 35 مليار دولار مساهمةً فى المشروع.

هل هذا يعنى بيعًا، وأننا سنقوم ذات يوم لنجد دولة الإمارات قد زرعت علمها فى رأس الحكمة وطلبت من المصريين فيزا قبل دخولها، إنها حقًا أفكارٌ صبيانية لعقولٍ أصغر!

لقد صرَّحت وكالة "فيتش" بأن اتفاق مصر والإمارات لتطوير مشروع رأس الحكمة سيُخفِّف ضغوط الديون الخارجية على مصر، كما سيُسهل من إمكانية تعديل سعر الصرف، ومؤخراً خفَّضت الوكالة التصنيف الائتمانى لمصر بالعملة الأجنبية على المدى الطويل إلى مستوى "B –" من مستوى "B"، مع منحها نظرة مستقبلية مستقرة، تماشيًا مع التوقعات.    

وأعتقد أن هذا المشروع كان صدمة لها ولباقى الوكالات الشبيهة، كل هذه الحروب وذلك الغضب من مشروعٍ واحدٍ، فماذا لو علم الكارهون والحاقدون أن صندوق قطر للاستثمار QIA ‏سيُوقِّع قريبًا عقود ريفيرا العلمين -اسم المدينة الجديدة- والتى ‏تبدأ من القصر الرئاسى فى العلمين حتى سيدى عبدالرحمن.

وهناك مناقشات بشأن إنشاء منطقة صناعية صينية كبرى على البحر المتوسط؛ لتوفير احتياجات السوق المحلى والتصدير للأسواق الأوروبية والأمريكية، ومقترح تسوية المعاملات التجارية بالعملات المحلية للبلدين، وآخر بإنشاء فرع لبنك صينى داخل مصر بالتنسيق مع الجهات الصينية المعنية، بما يُسهم فى تيسير حركة التبادل التجارى بين البلدين.

نعم هى بداية قوية للاستثمار فى مصر، وكل ذلك يعود الفضل فيه للرئيس السيسى الذى أعلن فى فترة حكمه الأولى أنه ليس لديه برنامج انتخابى، لكن المفاجأة أن البرنامج كان سفينة نوح 2024.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: رأس الحکمة

إقرأ أيضاً:

منى أحمد تكتب: قيثارة السماء الخالدة

خمسون عاما على رحيلها ولكن صوتها سيظل حاضرا، فقد سكنت بإبداعها الروح والعقل والوجدان العربي الذى توراثت عشقه الأجيال وتبقى أم كلثوم حالة خاصة جدا تماثل فى الإبهار والإعجاز والخلود رسوخ الأهرامات ومكانة إِبداعية لم يستطع أحد أن يقترب منها. 

شيئان ثابتان لا يتزحزحان فى الشرق الأوسط ،الأهرامات وأم كلثوم فعندما يحين موعد حفلتها الشهرية ليلة الخميس الأول من كل شهر منتصف القرن الماضي ،كانت الحياة تتوقف وتخلو الشوارع من المحيط إلى الخليج ،فى القاهرة كما فى الدار البيضاء وتونس وبيروت ودمشق والخرطوم والرياض وبغداد، الجميع  ملتفا حول الإذاعة المصرية يستمعون إلى أم كلثوم.

تفتح الستار وتطل من ورائه الساحرة بحنجرتها الذهبية فتنتفض الصالة ضجيجا، تحية لها  ثم الصمت في حرم الجمال جمال ،عندما تشدو أداؤها  يآسر كل فرد على حدة ويخلق حالة توحدا كاملا بين المسرح والحضور، تتأرجح بين الشجن والنشوة وسحرمن نوع خاص.

ومثلما كان صوتها اِستثنائيّ كان جمهورها يشبهها بهيئته المميزة فكان يستعد لحضور حفلاتها بالملابس الرسمية  وكأنها مراسم ملكية فهم فى حضرة سيدة الغناء العربى.

أنه وهج اِمرأة فاقت في هيمنتها على الشعوب حدود السيطرة ,هي الوحيدة التى أستطاعت أن تجمع العالم العربي على إختلاف مذاهبه وطبقاته تحت راية إبداعها فصنعت المستحيل وكسرت الحواجز الجغرافية بل والسياسية نعم السياسية.
ففي عام 1967 كان برونو كوكاتريكس مالك صالة الأوليمبيا قد سارعلى نهج الاِنفتاح على الموسيقى الشرقية,وأثناء زيارته للقاهرة قبل حرب67ولقائه بوزير الثقافة المصري د.ثروت عكاشة أقترح عليه اِستَضافَة الأوليمبيا لأم كلثوم.

بالفعل ذهب كوكاتريكس إلى فيلا أم كلثوم فى الزمالك, يقترح عليها إقامة حفلين خريف 67 يومى 13و15 نوفمبر 1967, إلا أنه فوجئ بطلبها آجرا لم يدفع لفنان عالمى حتى تاريخه,وهو ما كان محل خلاف لكنه فى النهاية رضخ لطلبها ,فهى أيقونة الشرق التى يجتمع على حبها الملايين من المحيط للخليج.

حدثت نكسة67 وكانت أجواء النكسة تلقى بظلالها على كل عربى فى جميع دول العالم ,وظن كوكاتريكس أن أم كلثوم لن تحيى الحفلتين المتفق عليهما, لكنه فوجئ بإصرارها على إحياء الحفلات,فقد عقدت العزم على التبرع بأجر حفلاتها كاملة للمجهود الحربي.

وبدأ التجهير للحفل ومع الأجر الكبير لكوكب الشرق أضطر مسرح الأوليمبيا لمضاعفة ثمن التذاكر, التى كانت تترواح فى ذلك الوقت مابين 30 ل50 فرنك فرنسي إلى 300 فرنك لتحقيق المردود التجاري.

واِصطَدَمَ كوكاتريكس بأن الغالبية العظمى من العرب المقيمن بفرنسا، لا يستطيعون شراء تذاكر بهذا المبلغ الخيالى بحسابات هذة الحقبة نظرا لمستواهم المادى المحدود.

وبعد مرور شهرين من طرح تذاكر الحفل لم يبع منها إلا عددا قليل، فلم يتوقع أحد أن تغرد الست خارج الوطن أعقاب النكسة، ويستشعر كوكاتريكس خطورة الخطوة التي أقدم عليها بلاِتِّفاق مع أم كلثوم على هذا الآجر الخيالى، واِعتَبَرَها صفقة خاسرة فلم يسبق له طيلة مسيرته الطويلة أن شعر أنه على حافة الإفلاس مثلما شعر بذلك في صفقة أم كلثوم.

لكن وما أن وطأت قدم كوكب الشرق عاصمة النور،وتأكَّدَ إِحيائها الحفلتين حتى بدأ توافد الحضورمن كل الأطياف والطبقات، العمال بجانب السفراء والأمراء بجانب المغتربون العرب الذين يتوافدون من جميع أنحاء أوروبا إلى باريس.

وتم مد جسور جوية خصيصا بين دول الشرق الأوسط وباريس لنقل المريدين لفن الست،والغريب أن الفرنسيون أحتلوا20% من المقاعد رغم حاجز اللغة،وحضر اليهود الشرقيون بكثافة، الأمر الذى أثار دهشة مديرالمسرح فسال أحدهم عن سبب وجوده فى حفل عائده موجه لدعم جيش مصر فأجابه إنها أم كلثوم.

لم تنته رحلة فرنسا عند هذا الحد ولم يتوقف الاِحتفاء بأم كلثوم فى فرنسا طيلة أسبوع بعد حفلتها، وكرمها الرئيس الفرنسي شارل ديجول فى رسالة وصفا فيها الست (بضمير الامة)، وبدلا من الأحساس بالهزيمة كان صوت أم كلثوم تجسيدا لمصر المنتصرة مبددا لأثار العدوان.

انها أم كلثوم التى جمعت بين قوة الصوت وتعدد طبقاته، وبين القدرة المتفردة علي الأداء المتنوع فكانت تؤدى الجملة اللحنية الواحدة بأكثر من طريقة من خلال  طبقات صوتية مختلفة ومقامات موسيقية متباينة، تضفى فيها من إبداعها الكلثومى علي اللحن والكلمة، متمكنة من أَدَواتها التى وهبها الخالق ،فحنجرة قوية وصوت يتلألأ بأداءات متغايرة يضاف إليها الكايزما الساحرة والعبقرية الفطرية التى كانت تتمتع بهما كوكب الشرق.

مقالات مشابهة

  • منى أحمد تكتب: قيثارة السماء الخالدة
  • مناولة 750 ألف طن من البضائع في ميناء السويق خلال 2024.. ورسو 1.065 سفينة
  • تقدم ملموس.. مدبولي يلتقي وزيري الصناعة والاستثمار الإماراتيين لمتابعة مشروعات رأس الحكمة
  • رئيس الوزراء يبحث مشروعات رأس الحكمة مع وزيري الصناعة والاستثمار الإماراتيين
  • بيت الحكمة ينظم ندوة دولية عن السوسيولوجيا العربية وأحوالها بمشاركة كبار منظريها
  • لطلب الذرية من الله.. صينية زكريا طقس اجتماعي ممزوج بالإيمان (صور)
  • يسرا زهران تكتب: عدم دفع أجور عادلة للعاملين يضعف قدرة المستهلكين على الطلب.. ويؤدي لإضعاف الاقتصاد ويضر صاحب العمل
  • عائشة الماجدي تكتب: (جودات)
  • توقيع مذكرة تفاهم في جامعة الحكمة حول تأثير الخطف والإخفاء القسري على المرأة
  • وفد من المكتبة الوطنية الفرنسية يزور «بيت الحكمة»