على ضفاف البحر الأحمر، تتكشف فصول مأساة حزينة، فالسفينة "روبيمار"، التي كانت يومًا ما مفخرة البحار، ترقد الآن في قاع البحر، ضحية للهجوم الحوثي الغادر، تاركةً وراءها ظلالا داكنة من الدمار الذي قد يعيد رسم مستقبل الحياة البحرية نحو الأسوأ.

وتحتوي السفينة الغارقة على حمولة تقدر بـ41,000 طن من المواد الكيميائية الخطيرة، بما في ذلك الفسفات والنيتروجين وأبو كاسيوم، التي تهدد بإطلاق أحماض الكبريتيك والنيتريك السامة في مياه البحر الأحمر الصافية.

ولهذا فإن تأثيراتها البيئية المدمرة لا تقتصر على الشواطئ القريبة فحسب، بل قد تمتد لتشمل دولا مجاورة، مثل: إريتريا وجيبوتي، مهددة بذلك التنوع البيولوجي الغني الذي يعج به البحر الأحمر.

ويرى الدكتور خالد النجار أستاذ الجغرافيا السياسية ورئيس مركز الدراسات البيئة أن المواد الكيميائية التي استقرت الآن في أعماق البحر، تنتظر مصيرها المحتوم لتذوب في الماء وتتحول إلى مستحلب خطير، مما ينذر بكارثة بيئية قد تفوق في تأثيرها حوادث التسرب النفطي السابقة بعشرة أضعاف.

ويحذر الدكتور النجار في حديثه لنيوزيمن، من التداعيات الكارثية التي لا تقتصر على البيئة البحرية وحدها، بل تمتد لتشمل الحياة البشرية أيضًا، موضحا أن حوالي 126,000 صياد يواجهون خطر فقدان مصدر رزقهم، وما يقرب من 850,000 طن من المخزون السمكي اليمني مهدد بالزوال.

التيارات المائية والرياح تلعب دورًا حاسمًا في تشتت هذه الملوثات، مما يزيد من تعقيد مهمة السيطرة على الوضع وفقا لما ذكره الدكتور النجار.

وفي ظل هذه الظروف القاسية، يتعلق الأمل بأن تظل هذه المواد السامة محتجزة داخل السفينة لتجنب كارثة أكبر، لكن، ومع كل يوم يمر، تتعاظم المخاوف من أن تصبح هذه الكارثة حقيقة مؤلمة تؤثر على الحياة في البحر الأحمر وما وراءه لسنوات قادمة.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

اليمن في مهمة إسقاط هيبة أمريكا

يمانيون../
“اليمنيون مستمرون في مهمة إسقاط هيبة الولايات المتحدة، وهيمنتها في الشرق الأوسط، بالضربات الموجعة بالصواريخ والمسيّرات، ولا يزالون يمتلكون مفاجآت وأسلحة ستفاجئ أمريكا وحلفاءها”.. هكذا قال المحلل الجيوسياسي والصحفي البرازيلي بيبي اسكوبار.

وأضاف: “اليمنيون هم الشعب العربي الوحيد على وجه الأرض، الذي يدافع عن فلسطين والفلسطينيين، ويساند غزة عسكرياً لإنهاء حرب الإبادة، كواجب إنساني ومبدأ أخلاقي، وموقف غير قابل للنقاش لا رجعة فيه روحياً وعقائدياً”.

وإذ أكد خسارة أمريكا في الحرب على اليمن، وفشل عدوانها الذي بدأته في 15 مارس الفائت، وأدى إلى استشهاد 107 مدنيين وجرح 223 أشخاص حتى يوم الأربعاء 9 أبريل 2025، أشاد بمواقف اليمن تجاه القضية الفلسطينية ونصرة غزة.

الترسانة المدهشة

يؤكد الباحث في معهد واشنطن -لم يذكر أسمه – بقوله: “اليمن مجتمع قبلي يمتلك تاريخا عسكريا طويلا، والبيئة اليمنية أوجدت أمة محاربين أشداء يصعب إخضاعهم، ما يجعل تدمير قدراتهم العسكرية أمراً مستحيلاً”.

وأضاف لمجلة البحرية الأمريكية (ذا ماريتايم إكزيكيوتيف)، المتخصصة في الشؤون البحرية: “اليمنيون طوروا بنية تحتية عسكرية، وترسانة قوية من الطائرات المسيّرة والصواريخ؛ مثل صواريخ سكود و’إس إس-21’، مخزنة في أماكن متفرقة، ومحصنة جيداً، ما يجعل القضاء عليها مهمة صعبة”.

.. والشريك المباشر

من جهتها، أكدت المحامية المقيمة في جنوب أفريقيا، سوزارن بارداي، أن واشنطن لا تُوسع نطاق الحرب بعدوانها الجوي على اليمن فحسب، بل تتدخل مباشرةً في الصراع المتجذر مع العدوان “الإسرائيلي” المتواصل على غزة.

وقالت، في مقال بصحيفة “ميل آند غارديان” الشهيرة في جنوب أفريقيا بعنوان “البحر الأحمر يشتعل.. أمريكا تقصف اليمن واليمنيون يستهدفون سفن إسرائيل”: “بدلاً من الدعوة إلى إنهاء جرائم العدوان “الإسرائيلي”، اختارت الولايات المتحدة الوقوف إلى جانب الظالم، مُعاقبة الضحية والمقاوم”.

وأضافت: “العدوان الأمريكي على اليمن يُعد انتهاكاً مباشراً للقانون الإنساني الدولي، ويعتبر من جرائم الحرب وفقاً لاتفاقيات جنيف؛ كونه يُسهم في دوامة العنف وجرائم الحرب، ويستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن”.

المؤكد في عقيدة الناشطة الحقوقية بارداي، أن التواجد العسكري لأمريكا، والاستعراض الصارخ للقوة، وشن الحرب ضد اليمنيين، متجاهلة القانون الدولي، يثبت مرة أخرى أن التزامها بحقوق الإنسان ليس أكثر من مجرد خطاب أجوف، لا يؤدي إلا إلى عدم الاستقرار وتفاقم التوترات، وتعريض التجارة العالمية للمخاطر.

.. والحصار المشروع

بدوره، أقرّ الحقوقي الأمريكي كريج موكيبر بمشروعية قرار الحصار البحري الذي تفرضه صنعاء ضد الملاحة “الإسرائيلية”؛ دعماً لغزة في القانون الدولي.

وقال، في مقال على منصة “ماندو وايس”، إن صنعاء تفرض الحصار البحري في سياق محاولة لوقف حرب الإبادة الجماعية والحصار غير القانوني الذي تفرضه “إسرائيل” على غزة.

وأضاف: “على الرغم من إستناد صنعاء على أساس قانوني يتعرض اليمن لقصف وحشي بعدوان أمريكي في سبيل حماية “إسرائيل”، ومحاولة إفلاتها من العقاب على الجرائم، التي ترتكبها بحق المدنيين في غزة”.. مؤكداً أن العدوان الأمريكي على اليمن ليس لأنه يخترق القانون الدولي، بل لأنه يطبقه، والإعلام الغربي يعرف ذلك، لكنه يحجب هذه الحقيقة عن العالم.

.. والشعب الذي لا مثيل له

يقول العضو السابق بمجلس الشيوخ الأمريكي السيناتور الأميركي، ريتشارد بلاك، في مقابلة تلفزيونية: “لا يوجد شعب في العالم يتمتع بالقدرة على الصمود مثل اليمنيين، هؤلاء الناس ولدوا محاربين جاءوا إلى الميدان للدفاع عن غزة”.

يضيف: “لقد تعرض اليمن للقصف عدة مرات، لكن لا أعرف شعب يتمتع بهذه القدرات على الصمود مثل اليمنيين، إذا قتل شخص منهم ينهض آخر ويأخذ مكانه، إنهم ليسوا أشخاصا يتجولون حول العالم، ويغزون بلدا آخر، بل إنهم محاربون يحمون وطنهم، ولا شيء آخر ذو قيمة بالنسبة لهم”.

ما يريد السيناتور ريتشارد قوله: “إن اليمنيين يهاجمون سفن “إسرائيل” في البحر الأحمر، ليسوا كقراصنة على السفن، بل لإسناد غزة ضد العدوان والحصار “الإسرائيلي”، وقد وضحوا ذلك للعالم أجمع”.

.. والبيئة الخطرة

وكان قائد قوات الاتحاد الأوروبي “اسبيدس”، الأدميرال فاسيليوس غريبريس، أقر منتصف الأسبوع لصحيفة “ذا ناشيونال” بصعوبة معركة البحر الأحمر مع القوات اليمنية، واصفاً الوضع بـ”شديد الخطورة”.

وقال: “نعمل في بيئة خطرة بمواجهة هجمات اليمنيين في البحر الأحمر، وأجبرت السفن على تغيير مساراتها من رأس الرجاء الصالح، مما أدى إلى زيادة التكاليف”.

وأضاف: “قواتنا لا تضمن تأمين البحر الأحمر للسفن، والحلول العسكرية لن تحل المشكلة، واليمنيون لن يتوقفوا إلا بالحلول الدبلوماسية”.

.. والمعركة المستمرة

واستأنفت قوات صنعاء الحظر البحري على سفن “إسرائيل” في البحر الأحمر، في 12 مارس 2025، واستهدفت حاملة الطائرات الأمريكية “هاري ترومان”، ومدمراتها، عدة مرات في البحر الأحمر، ولاتزال تستهدفها بالصواريخ والمسيَّرات إلى اليوم؛ إسناداً لغزة بعد منع الكيان إدخال المساعدات الإنسانية، ومعاودة عدوانه على القطاع.

وأطلقت أكثر من 1170 صاروخاً باليستياً، وفرط صوتي، ومسيّرة، إلى عُمق الكيان، وكبَّدت قوات دول العدوان الأمريكي – البريطاني – “الإسرائيلي”، في المواجهات البحرية، قرابة 230 قِطعة بحريَّة تجارية وحربية؛ ضمن معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدّس”، خلال 15 شهراً إسناداً لغزة ومقاومتها.

وأسقطت 22 طائرة نوع ‘إم كيو 9’، منها أربع طائرات أثناء العدوان الأمريكي – السعودي على البلاد، و18 طائرة كانت آخرها يوم الأربعاء 9 أبريل 2025، فوق أجواء محافظة الجوف، في معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، التي أعلنتها صنعاء في نوفمبر 2023؛ إسنادا لغزة، عقب انطلاق عملية “طوفان الأقصى”، في 7 أكتوبر 2023.

السياســـية – صادق سريع

مقالات مشابهة

  • كاتب أميركي: هكذا تفوق الحوثيون على واشنطن
  • البحر الأحمر وباب المندب… مفاتيح الصراع مع القوى العظمى
  • اليمن في مهمة إسقاط هيبة أمريكا
  • الغارديان: وحدة إسرائيلية قتلت 15 مسعفا في غزة بقيادة جنرال يحتقر الحياة البشرية
  • الصحة الفلسطينية: غزة تواجه كارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة
  • اعتراف امريكي جديد بـ”تسيّد” “قوات صنعاء” في البحر الأحمر
  • «الصحة الفلسطينية»: غزة تواجه كارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة
  • أمريكا والسعودية تبحثان القضاء على تهديدات الحوثيين في البحر الأحمر
  • المدينة المنورة.. حظر صيد أسماك الناجل والطرادي لمدة شهرين
  • وزارة البيئة تطلق الفيلم الوثائقي الترويجي لمحميات جزر البحر الأحمر