لماذا يرفض حزب الله مساجلة التيار العوني في مواقفه الاعتراضية؟
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": قرر حزب الله تخطي "الصدمة" الاولى الكبرى التي أتته من رئيس التيار وهو في لقاء ليلي في الضاحية الجنوبية جمعه مع السيد حسن نصرالله، رافضا بشدة طلب السيد منه السير في خيار واحد لانتخاب زعيم "تيار المردة" سليمان فرنجية للرئاسة الاولى. ولم يكتفِ باسيل بهذا القدر اذ انه وبمجرد وصوله صبيحة اليوم التالي الى مكتبه في ميرنا الشالوحي أذن باطلاق حملة اعتراض سياسية - اعلامية ضد فرنجية مسقطاً بذلك تمني نصرالله عليه بأخذ فرصة للتفكير بهذا العرض ومن ثم العودة الى لقاء آخر.
فهم الحزب آنذاك ان باسيل اراد ابلاغه رسالة فحواها انه لم يعبأ باستمرار تفاهمه مع الحزب وانه صار مستعدا للخروج منه إلا اذا قبل الحزب بشروطه وخياراته ومنها الذهاب الى اسم آخر للرئاسة الاولى.
وبعدها ظلت الامور بين الطرفين في مربع التكهن والضبابية الى ان ظهر الرئيس عون اخيرا ليعلن موقفه الرافض لحرب المساندة التي يخوضها الحزب بل ويدينها ويعتبرها توريطا للبنان. ورغم ان باسيل حاول كما قيل التخفيف من حدة الامر بظهوره لاحقا، إلا ان ما زاد في التأزم هو ان خمسة من نواب التيار بدأوا بشكل متعاقب استكمال هجوم عون على اداء الحزب العسكري. فبدا الامر بالنسبة الى الحزب انه "امر عمليات" يوحي بان التيار وجد فرصته الاخيرة للخروج النهائي من "تفاهم مارمخايل" مختارا فترة حساسة عند الحزب. واللافت وفق مصادر على صلة بالحزب ان المادة الخطابية الجدية لرموز التيار أتت بعد تطورين مهمين:
- انه ينسف اطروحة ايجابية قدمها باسيل في مستهل حرب الاسناد، فبدا الامر بمثابة انقلاب على ذلك الموقف الاوّلي من جهة، وايذانا بفتح التيار صفحة جديدة من جهة اخرى.
- ان التيار يقدم فلسفة جديدة لهذه الخطوة فحواها الاعتراض على النهج العسكري للحزب وإدراجه في خانة "سوء التقدير"، وانه يرسم علامات استفهام كبيرة حول هذا الفعل. وأياً يكن من امر، فان تعليمات الحزب الاساسية والحازمة هي عدم الدخول في اي سجال مع التيار الى اجل غير مسمى، لان "الحزب منهمك في مسألة اخرى هي أهم في تقديره".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
رسائل ود من حزب الله للحكّام الجدد في دمشق
كتب ابراهيم حيدر في" النهار": مع موقف لافت أطلقه أخيراً أحد وزيري "حزب الله" مصطفى بيرم وقال فيه "إننا نحترم خيار الشعب السوري، ونحن منفتحون ومرتاحون إلى تصريحاتهم"، بدا جليّاً أن الحزب اتخذ قراره النهائي في شأن التعامل مع التحوّل السياسي الكبير في سوريا الذي تكرّس بسقوط نظام بشار الأسد، وحلول حاكمين جدد محله هم بالأساس على طرف نقيض مع الحزب.
والواضح أن هذا القرار قائم على إبداء الاستعداد لفتح صفحة جديدة مستقبلاً مع الحكام الجدد في عاصمة الأمويين.
لم يكن كلام الوزير بيرم الرسالة الإيجابية الأولى من جانب الحزب إلى السلطة الوليدة في سوريا، إذ ثمة من يعتبر أن الامين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم أصدر مقدمات انفتاحية عندما صدر عنه في إطلالته الإعلامية الأخيرة كلام ليّن بدا فيه وكأنه يقول: لقد أخذنا علماً بأمرين:
الأول أننا خسرنا بهذا التحوّل طريق الإمداد الأساسي لنا.
والثاني أننا ننتظر مآلات المخاض السوري لنبني على الشيء مقتضاه.
وبهذا المعنى كان واضحاً أن الحزب يقر أمام جمهوره المفجوع والعالم الخارجي بفقدان حليف تاريخي ثابت دافع عنه ودفع أثماناً باهظة للحيلولة دون سقوطه سابقاً، وهو نظام بشار الأسد، وخسرنا استطراداً جغرافيا أساسية كانت إضافة إلى أنها خط إمداد أساسي، قاعدة ارتكاز خلفي مكين.
فضلاً عن ذلك كان الحزب بهذا الكلام يأخذ لنفسه مهلة لتقليب الأمر المستجد، في العاصمة السورية على وجوهه كافة. وللأهمية شكل الحزب خلية من ذوي الاختصاص والمعرفة أوكل إليها مهمة إصدار الحكم النهائي على أداء الحكام الجدد الذين نجحوا في تحقيق غلبة وحسموا صراعات ممتدة منذ عام 2011 وبالتالي نجحوا في قلب كل المعادلات القديمة، وقضى القرار النهائي بـ:
- طيّ صفحة معاداة الحكام الجدد خصوصاً وقد أطلقوا منذ دخولهم دمشق خطاباً رصيناً ينمّ عن وعي وإحاطة.
- أن الحزب تلقى عبر قنوات عدة خفية معطيات تشفّ عن رغبة الحكام الجدد في المضيّ قدماً في نهج تعامل جديد يقوم على التصالح سعياً منهم إلى نيل الاعتراف بشرعية حكمهم.
وبناءً على ذلك بدا الحزب كأنه يقرّ بالأمر الواقع المستجد وبالمعادلات الآتية معه، وأقر أيضاً بضرورة الأخذ بسياسة تقنين الخسائر وتضييق دائرة المعادين والاستعداد لمرحلة انفتاح مستقبلية على دمشق الجديدة يجب العمل لفتحها بهدوء وتدرّج.
وإن كان أمراً ثقيل الوطأة على الحزب أن يعترف دفعة واحدة بأنه بات لزاماً عليه الإذعان للأمر الواقع الفارض نفسه بعناد في سوريا وأنه بات عليه استطراداً بعث رسائل إيجابية للحاكمين الجدد في دمشق وصفها البعض بأنها "رسائل غزل"، فإن الأمر كان قليل الوطأة وخفيف الحمل عند الطرف الآخر من الثنائي الشيعي أي حركة "أمل"، إذ لم يكن صعباً على رموز الحركة أن يتجاهلوا الحدث السوري رغم حماوته وأن يعتصموا بحبل الصمت حيال التحوّل الذي هزّ المنطقة. الذين اعتادوا التعبير عن موقف الحركة قالوا صراحة إنهم يلتزمون بتوجيهات أتتهم من رئيس الحركة الرئيس نبيه بري، ومع ذلك كان واضحاً للراصدين أن الحركة لم تعد منذ زمن المعتمد الأول للنظام في دمشق ما يوجب عليها التحرك، وتحديداً مع تسلم الرئيس بشار الأسد الحكم خلفاً لوالده إذ من يومها ساد فتور أقرب إلى البرودة بين الطرفين، وانحدر الأمر إلى قطيعة في الآونة الأخيرة بفعل تطورات كثيرة.
ولكن هذا الصمت من جهة عين التينة لا ينفي أن في أوساطها كلاماً مكتوماً ينطوي على انتقادات توجّه لأداء عنوانه "سوء تقدير" حمّل كلّ الساحة الشيعية أوزاراً وأثقالاً وخسائر كارثية.