موقع النيلين:
2024-10-05@09:45:42 GMT

علي عسكوري: حد الدهشة..!

تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT


يدهشنى هذا التكلس والعقم الذى ترزح فيه كل القوى السياسية يميناً ويساراً ووسطاً. فالكل متزمت متمترس سجين للماضي البعيد والقريب… الكل يدور ويدور ويدور لينتهي إلى ذات النقطة التى بدأ منها… ليعود مرة أخرى ليدور ويدور حتى ملّ الدوران من دورانه.

والله إنى لأعجب..كيف لم تهز هذه الحرب الكارثية طريقة تفكيرنا ونمط حياتنا.

.! كيف لا يقف كل منا مع نفسه ويسأل: ما عساه أن يفعل لوقف سفك الدماء و معالجة الأسباب الجذرية التى أودت بنا إلى ما نحن فيه من هوان وأودت ببلادنا وركلتها إلى ذيل الشعوب!

هل توقف أي تنظيم سياسي ليطرح أسباب هذه الكارثة على عضويته لإعمال العقل والفكر ثم الخروج برؤية جديدة للتعايش في بلادنا..؟

من نافلة القول أن الأفكار والأطروحات القديمة التى تحملها القوى السياسية يساراً ويميناً ووسطاً هى التى أفضت بنا إلى ما نحن فيه من مهلكة وذلة وهوان.

يخطيء من يظن أن الكارثة بدأت في ١٥ أبريل! ماذا فعلنا لقرابة ال٧٠ عاماً الماضية لنتجنب ما حدث! أيدولوجيات تالفة وصراعات عقيمة و (ركوب رأس) جهلول و حرص على إقصاء الآخرين وحرمان المخالفين من حقوقهم الأساسية والزج بهم في السجون دون ذنب حتى صار تمضية سنين العمر في سجن كوبر أكثر ما يفتخر به الساسة… وهو في حقيقته شهادة بعارنا الوطنى وأننا لا نتحمل بعضنا البعض وإن أطنبنا ترديد المستهلك من القول أننا ديمقراطيون !
أنظر فقط إلى أسماء مئات الأحزاب التى تمور بها الساحة وستجد أن كلها تدعي الديمقراطية…تدعي ذلك أحزاب اليسار وتدعيه قوى اليمين وقوى الوسط فالكل ديمقراطي رغم أن الديمقراطية أندر سلعة فى بلادنا… بل معدومة تماماً…! لكن أحزابنا على كل حال تدعيها..(واللى ما يشتري يتفرج)!

الكل يتربص بالآخر لتسوية حسابات تاريخية وكلما تمت تسوية حساب قديم فتح حساب جديد..! إلى متى نعيش في تسوية الحسابات وتسديد الضربات تحت الحزام!

لماذا ننافق بعضنا البعض! تتحدث الأحزاب عن الديمقراطية وهى كاذبة…!
فمثلاً جماعة قحط حالياً – بعد (النيولوك)- (تقدم) مضت إلى ما لايمكن أن يتصوره مواطن سوي للتحالف مع مليشيا مجرمة تدمر الدولة والمجتمع حد السواء. كل ذلك من اجل تسديد حسابات ( carried over) مع الجيش ومع من تسميهم الفلول! و بالطبع من سخف القول ومن السذاجة المفرطة أن تتوقع (تقدم) أن قادة الجيش وضباطه ومن تسميهم (الفلول) سيسلمون أعناقهم لها لتنصب لهم المشانق في الساحات! هذا إمعان مفرط في السذاجة.
فالكل يعلم أن تقدم تسعى للعودة للحكم – دون وجه حق- على حصان المليشيا الأعرج الذى تعلفه القوى الأجنبية. ترى لماذا يطلبون ما ليس لهم، حتى إن دمرت البلاد وتشرد سكانها في فجاج الأرض!

إلا أن الأنكى من ذلك زعمهم بأنهم ديمقراطيون يسعون لإقامة الديمقراطية في بلاد دمرها شططهم وشبقهم للسلطة وما هم ببالغوها حتى يلج الجمل في سم الخياط! لقد أدخلوا أنفسهم في تحد مع الشعب السوداني وسيخسرونه. لن تنفعهم تقارير أمريكا ووساطاتها ولا الإمارات وأموالها وعتادها وحصانهم الأعرج يترنح ولن يكمل السباق!

غير أن كل المشهد يدهش لدرجة ينعقد لها لسان المرء..! فالكل يدور في ذات الأفكار القديمة التى ذرتها رياح التغيرات العالمية وطوتها حقب التاريخ… ولكنها عندنا خالدة وباقية كنهر النيل لا نتزحزح عنها قيد أنملة وإن تزحزح جبل توتيل! (يموت الزمار وأصابعه بتلعب) كما يقولون!

إن لم تخرجنا هذه الحرب – وما ارتكبته المليشيا من جرائم يندى لها الجبين في حق المواطنين والبلاد – فلن نخرج قط مما نحن فيه وستذهب ريحنا وستتكالب علينا الأمم تلتهمنا يساراً ويميناً ووسطاً. تلك هي حتميات التاريخ… ويجب ألا يستخف شخص بهذا القول وهذه الحتمية.. فتاريخ البشرية كله محصلة لالتهام القوي للضعيف؛ ونحن اليوم – شعب ودولة – في أضعف حالاتنا. شفاه كثيرة من حولنا تتلمظ في انتظار سقوط الثور .. وإذا سقط الثور كثرت السكاكين!

إن المخرج الوحيد لبلادنا هو تجميع الأفكار والممارسات القديمة كلها وتوضيبها وحرقها وذر رمادها في نهر النيل، فقد جربناها جميعها وانتهت بنا إلى ما نحن فيه.

لا حل – إذن- سوي البحث عن فكرة جديدة تماماً، فكرة توحدنا تجمع شعثنا، تقرب صفوفنا توحد إرادتنا تذكرنا أن الطريق الذي سلكناه أوشك أن يضيع بلادنا وقد أضاع أجيالاً مسبقاً في صراع أغلب أسبابه مفتعلة حتى نسينا أننا مواطنون يجمعنا وطن واحد أولى مهامنا الحفاظ عليه كما ورثناه، وأن حق الأجيال القادمة علينا يقتضي أن نترك لها وطناً تبنيه وتعيش فيه إن فشلنا في بنائه فلا يجب علينا التفريط في جغرافيته.

ما يدهشنى أن الحرب تدور بشراسة والوطن يتآكل ومازال البعض يتحدث عن الاشتراكية (الله يطراها بالخير) أما الآخر فيترنم جزلاً بشرع الله، أما شتات السواد الأعظم فلا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب.

قال تعالى : “وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ” الشوري

وقال تعالي:
” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ”! الرعد
وقال دريد بن الصمة:
بذلت لهم نصحي بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد..

هذه الارض لنا

علي عسكوري

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: إلى ما

إقرأ أيضاً:

حرب أكتوبر.. «نَصْرٌ اللَّهِ الْمُبِينُ»

قال تعالى: «وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ» الآية رقم ( ١٠) من سورة الأنفال، لقد مضى واحد وخمسين عاما، على حرب العزة والكرامة ونَصْرٌ اللَّهِ الْمُبِينُ لمصر وللأمة العربية والإسلامية ، وهو نصر السادس من أكتوبر العاشر من رمضان عام ١٩٧٣م، وهذا النصر الذى هو من عند الله، جاء بقوة واصرار وعزيمة قواتنا المسلحة الباسلة، فى إعادة بناء جيشها الوطنى القوى، على أسس نفسية ومعنوية ودعمه ماديا لكى يجتاز فيها أصعب الفترات بعد نكسة ٥ يونيو من عام ١٩٦٧م، والتى تسببت فى وجود جُرْحاً عميقاً غائِراً، ليس فى جسد كل مواطن مصرى فحسب، بل فى جسد الشعوب العربية والإسلامية كلها، لأن بسبب هذه النكسة فقدت مصر سيادتها على جزء عزيز غال من أرضها وهى «سيناء المباركة»، اغتصبها عدو غادر وجعلها متسعاً لأراضيه العربية التى اغتصبها، ولكن لم يستمر الاحتلال الصهيونى للأرض «المباركة» طويلاً، إذ سرعان ما التأمت صفوف خير أجناد الأرض من جديد، بروابطهم التى تزداد تماسكا وقوة، وتلك هى العقيدة السائدة  لأبناء المؤسسة العسكرية المصرية، منذ نشأتها وإلى أن يرِثُ الله الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا.

وعلى ذلك رفضت مصر الاخضاع أو الاستسلام، فى أن يفرض الاحتلال الإسرائيلى البغيض سيطرته الكاملة على أرض «سيناء»، ونهب ثرواتها النفيسة سواءً كانت مادية أو تاريخية، حيث بدات مرحلة الصمود بعد سواد الهزيمة الدامس إلى مرحلة الردع وصد العدوان ، ثم بداية حرب الاستنزاف فى الربع الأول من عام ١٩٦٩- الى بعد منتصف عام ١٩٧٠، والتى جذبت انتباه العالم عن مدى القوة العظيمة للقوات المسلحة  فى تحقيق أهدافها، فى تكبيد قوات العدو خسائر فادحة فى عدد  الأرواح والمعدات... وإذا كانت هذه الحرب قد جذبت الأنظار إليها فى شجاعة وتفوق سواعد  قواتنا الباسلة، إلا أنها كانت النور الوهاج لمعركة النصر والعبور لأ كتوبر العظيم ، حيث إنه لا سبيل أمام هذه السواعد سوى الحرب الحتمية، لاسترداد الأرض المباركة التى أخذت بغطرسة قوة الاحتلال وصلف غروره ، وهذا ما تحدث به الزعيم الراحل جمال عبدالناصر فى إحدى خطبه، بقوله «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»، ثم أن للجيش المصرى هدف آخر هو محو عار الهزيمة والثأر لكرامته، وتحطيم أسطورة قوة الجيش الذى لا يقهر، وقد تحقق ذلك بتسلح قواتنا بالعلم والإيمان بالله، ومواصلت التدريبات والمشاريع العسكرية الشاقة... من أجل التخطيط والتمهيد للعبور العظيم، مُهْتَدِينَ بقول الله تعالى «وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ» الآية رقم (١٠) من سورة الأنفال.

وقد جاء قرار العبور من  الرئيس الراحل محمد أنور السادات وتوقيته، الساعة الثانية وخمس دقائق بعد ظهر السادس من أكتوبر ١٩٧٣م، وعلى أساسه عبرت قواتنا المسلحة قناة السويس، وحطمت أقوى خط دفاع تحصن به جيش الاحتلال الصهيونى، وهو «خط بارليف» وهذا الخط على غرار «خط ماجينو» والتى اعتمدت عليه الجمهورية الفرنسية كقوة محصنة ضد زحف القوات الألمانية وكان ذلك بعد انتهاء الحرب الكونية الأولى ١٩١٤-١٩١٨، إلا أن الخط الذى شيده العدو على الضفة الشرقية لقناة السويس طول امتداد الساحل الشرقى لها، كان فيه أكبر العوائق الطبيعية وأقوى التحصينات العسكرية التى تخيل لجيش الاحتلال، بأن جيش مصر لا يستطيع عبور القناة، ولا حتى الزحف إلى تحرير أرض سيناء، ولكن تجاوز الأبطال كل هذه العقبات لتسلحهم بالعلم والمثابرة وبذل الجهد والعطاء، واستطاعو أن يخترقو هذا الخط الحصين والساتر الترابى الضخم المنيع، ثم انطلقت نيران المدافع على أرض «سيناء»، حولتها إلى حمم وبركان فوق رؤوس جيش الاحتلال، الذين لا يستطيعون الصمود أمام هدير قوات جيشنا العظيم، وانتهت الحرب فكان النصر حليف مصر والعرب، وأصبح هذا النصر طريق مصر إلى السلام، وهنا تتجلى عبقرية «السادات» فى قراره للحرب وقراره للسلام واسترداد ما تبقى من الأرض الأسيرة التى تحت سيطرة الأعداء، بالحرب ثم التفاوض إلى معاهدة السلام سنة ١٩٧٩، هذا هو جيش مصر العظيم قلب مصر النابض وخط دفاعها الشرعى الأول، وقوة ردع لكل عدو متغطرس تسول له نفسه المساس بكيان البلاد أو يهدد أمنها واستقرارها، واختتم مقالى هذا بالآية الكريمة قال تعالى «يَاَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ» الآية رقم (٧) من سورة محمد ثم اختتمه أيضا بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله الشريف فى تعظيم وتمجيد جيش مصر بهذا القول، عن عمرو بن العاص رضى الله عنه: حدثنى عمر رضى الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إذا فتح الله عليكم مصر بعدى فاتخذوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجند خير أجناد الأرض» فقال له أبو بكر: ولم ذلك يا رسول الله؟ قال: «لأنهم فى رباط إلى يوم القيامة».

مقالات مشابهة

  • صوتهن قوة وأدوارهن فخر
  • مصرع نحو 80 شخصاً بانقلاب سفينة في جمهورية الكونغو الديمقراطية
  • حرب أكتوبر.. «نَصْرٌ اللَّهِ الْمُبِينُ»
  • تونس..هل تعيش “الانقلاب الأبيض” على الديمقراطية…؟
  • لقاء بين بعثة الجامعة العربية ووزارة الخارجية لتعزيز الديمقراطية في تونس
  • ما هي الأزمات التي تواجه المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس؟
  • بيان للجبهة الديمقراطية يتوعد بمحاصرة «الحرية والتغيير»
  • مسؤول أمريكي: وتيرة العمل في قطاع الدفاع الروسي تثير الدهشة
  • مرحبا باليسار علي لسان الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم
  • بيان مهم من الجبهة الديمقراطية-جامعة الخرطوم