من غير المألوف في زمن التبعية والانبطاح المسيطر على عديد من دول العالم ومنها الدول العربية والإسلامية- باستثناء محور المقاومة – أن تجرؤ دولة على الوقوف في وجه من تزعم أنها تقود العالم وتتحكم فيه ( أمريكا ) سيما إذا كانت الدولة (كاليمن ) والتي تصنف أنها من ضمن أفقر دول العالم، موقف اليمن من القضية الفلسطينية موقف كل اليمنيين بمختلف فئاتهم وتوجهاتهم ومذاهبهم موقف ثابت داعم للقضية الفلسطينية لا يتغير، بيد أن الموقف الرسمي لليمن صار أكثر وضوحا بعيدا عن الأساليب والأدوات الدبلوماسية التي تنتهجه غالبية الدول وهو الغموض سيما في المواقف الحاسمة والحساسة والتي لا تقبل القسمة على اثنين، أما أن تكون مع أو ضد كالعدوان على غزة، وقد انتهجت قيادة الدولة اليمنية سيما المحررة من التبعية لدول الخليج موقفا واضحا أذهل العالم وأعجب به معظم شعوبه وهو الوقوف في وجه محور الشر في العالم إسرائيل وأمريكا وبريطانيا دون خوف أو وجل، فاليمنيون باتوا اليوم يعرفون أن أمريكا هي من تشعل أرى الحرب في كثير من دول العالم كما أشعلت العدوان على اليمن وحشدت لذلك العديد من الدول العربية والأجنبية ولا يعني ذلك انها تبرأت بعض دول الخليج من وزر ذلك العدوان بل ان السعودية والإمارات شريك أساسي في التخطيط والتنفيذ والتمويل ولن ينسى اليمنيون ذلك، واللافت في العدوان الصهيوني الصليبي الأمريكي على غزة ليس فقط بسالة وشجاعة وجسارة أبطال المقاومة الفلسطينية وإنما أيضا تضافر حركات المقاومة في لبنان والعراق واليمن ووقوف الجميع في وجه دول الاستعمار والهيمنة العالمية وتمريغ أنوفهم في الوحل، ولعل الموقف اليمني الداعم لأهل غزة أكثر ما شد أنظار شعوب العالم، ويرى المختصون والخبراء والمحللون في الشأن السياسي والعسكري أن اليمنيون استطاعوا جر الأمريكان والبريطانيين لتذكيرهم بما نسوه أو تناسوه بان اليمن مقبرة الغزاة وأن اليمن مستنقع من يدخله لن يخرج منه إلا وهو يجر معه ذيول الخيبة والحسرة والندامة، كما أن اليمنيين لم ينسوا بعد العدوان الأمريكي الخليجي على بلادهم لأكثر من ثمان سنوات خلت، ولن يجد اليمنيون أكثر حجية وسبباً من استغلال العدوان على غزة لضرب عصفورين بحجر، فمن جهة مساندة إخوانهم الفلسطينيين في حربهم ضد عدو الأمة العربية والإسلامية اللدود (اليهود) من جهة وهو واجب ديني وقومي وإنساني وأخلاقي وهذا الموقف من شيم اليمنيين وأخلاقهم وعاداتهم عبر التاريخ وسيظل، ومن جهة ثانية يرى كثير من اليمنيين في العدوان على غزة فرصة ثمينة لا يمكن تفويتها دون تلقين أمريكا وبريطانيا ومعهم الصهاينة درسا لن ينسوه ورد الصاع صاعين جراء ما اقترفته أياديهم القذرة في العدوان على اليمن وغزة، وأن تلك النزعة السادية المتعطشة للقتل والدمار وتركيع الشعوب من قوى الاستعمار والاستكبار والاستحمار (أمريكا وبريطانيا )، يجب وضع حد لها وتدخلاتهم السافرة في شؤون الدول العربية والإسلامية، الأكيد أن شعوب الدول العربية والإسلامية والعالم الحر قد أفاقت من غفلتها وه المعنية اليوم وغدا بتحريك المياه الراكدة في بلدانها بما يحقق لشعوب الأمة الحياة الكريمة بعيدا عن التبعية والانبطاح للغرب والأمريكان !!
.المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
دنابيع السياسة العربية.. من دنبوع اليمن إلى دنبوع فلسطين
محمد الجوهري
تصريحات الرئيس الفلسطيني المزعوم محمود عباس (أبو مازن) عن مجاهدي حماس في غزة، وألفاظه النابية بحقهم، لا تقدم جديداً سوى المزيد من السقوط الأخلاقي للسلطات العميلة التي تستمد شرعيتها من البيت الأبيض، الحليف الرئيسي للكيان الصهيوني. وهذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل هي عُرف سياسي متفشٍّ في أغلب الجمهوريات العربية، حيث تبقى تلك الأنظمة خانعة كماً وكيفاً، مقابل بقائها في السلطة الوهمية، واستفادة أصحابها من بعض الامتيازات الخاصة، كالأرصدة الضخمة وممارسة الفساد بحق الشعوب دون حسيب أو رقيب.
ولم يعد خافياً أن عباس وأفراد عائلته يملكون مصالح مشتركة مع الاحتلال، وبسببها لا يزال في السلطة منذ أكثر من عشرين عاماً، حيث ترتبط هذه المصالح باستمرار خدماته للكيان الصهيوني. وينطبق هذا الوضع على أعضاء حكومته العميلة، المشاركين في قمع الشعب الفلسطيني، وتبرير كل إجرام إسرائيلي بحقه، كما هو الحال في غزة والضفة، حيث ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات قتل وخطف علني، بتواطؤ عباس وأزلامه.
في اليمن، كما في فلسطين، توجد حكومتان: إحداهما مرضيٌّ عنها دولياً وتحظى بدعم أمريكي، وأخرى منبوذة دولياً لكنها تستمد قوتها من الشارع اليمني. ومن البدهي أن تقف الأخيرة مع الشعب الفلسطيني في مظلوميته الكبرى، حيث لا ضغوطات غربية تمنعها من ذلك، بخلاف الأخرى التي يتمنى أعضاؤها أن يكون لهم موقف مشرف من غزة، لكن ذلك يتعارض مع مصدر شرعيتهم في البيت الأبيض، ما يفقدهم إياها بمجرد إعلان تضامنهم مع الشعب الفلسطيني.
وعلى هذا القياس تتشكل أغلب الحكومات العربية؛ فإذا أراد شعبٌ ما أن يسترد حريته، صُدم بالهيمنة الأمريكية التي بدورها تفرض عليه حكومة شكلية لا شرعية لها سوى من المجتمع الدولي، الذي تهيمن عليه الغطرسة الأمريكية. ولهذا، فإن ظاهرة “الدنابيع” هي الأكثر انتشاراً في عالمنا العربي.
وكلمة “دنبوع” -في الأصل- تشير إلى الفار عبد ربه منصور هادي، فهذا لقبه، وهو ليس أول رئيس شكلي في المنطقة، لكن غباءه الشديد فضح عمالته وتبعيته للسعودية وأسيادها الغربيين في أكثر من موقف، وأهمها تصريحه العفوي بشأن تفاجئه بالعدوان السعودي على بلاده، رغم أن الأخيرة زعمت أن عاصفة الحزم كانت بطلب منه. وله أيضاً تصريح سابق يكشف عبوديته لنظام عفاش، حين أكد أنه لم يستلم أي سلطة من سلفه سوى العلم الجمهوري.
مطلع العام 2022، اضطرت السعودية إلى استبدال الدنبوع بآخر لا يقل عنه عمالة للغرب، وهو المرتزق رشاد العليمي الذي لا يقل عنه ولاءً للخارج، إذ يطالب منذ عام ونصف بتدخل أمريكي لاحتلال بلاده بحجة حماية الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر، في سقوطٍ أخلاقي لا نظير له في التاريخ اليمني الحديث أو القديم. فالعليمي لا يبالي بأي معايير أخلاقية، ولا يكترث لأي دوافع سوى عبوديته للمال، كما لا يحرص على تقديم أي صورة مشرفة له أمام المجتمع اليمني، إذ إن الشرف ليس من دوافعه هو وأمثاله في مجلس الثامنة الخونة الموالي للغرب والصهاينة.
وهكذا يتجلى المشهد العربي في صورته القاتمة: زعامات مستوردة، أنظمة مصطنعة، لا شرعية لها إلا بقدر خدمتها لمصالح الاستعمار الغربي، ولا قيمة لها لدى شعوبها إلا بمقدار ما تُمعن في قهرهم ونهبهم. وما محمود عباس سوى حلقة صغيرة في سلسلة طويلة من دنابيع السياسة العربية الذين ما إن تهب عليهم رياح التحرر حتى ينكشف عوارهم، ويسقط قناع الزيف عن وجوههم الباهتة.
ولم يكن عباس حالة شاذة؛ فقد سبقه ولحقه كثيرون، كأنور السادات، الذي رهن القرار المصري لواشنطن، ووقع اتفاقيات الاستسلام مع الصهاينة، ثم سُمّي عهده “عصر الانفتاح على الغرب” ولو على حساب كرامة مصر، وكذلك خلفه حسني مبارك، الذي جعل من مصر مخفراً كبيراً لحماية حدود الكيان الصهيوني في وجه المقاومة الفلسطينية، وبارك حصار غزة لسنوات طويلة.
وكذلك حال ملوك الخليج والأردن، فالشرعية هناك مطلقة للطغاة، وليس للشعب أي حق في الحديث عن حقوقه المصادرة، وأولها حق التعبير والتضامن مع الشعب الفلسطيني، وكل هؤلاء، وأمثالهم، يثبتون حقيقة أن الاحتلال العسكري ليس الشكل الوحيد للاستعمار، بل إن أخطر أشكاله هو الاحتلال السياسي الداخلي، عبر وكلاء صغار بلباس الزعماء.