داليا عبد الرحيم: دول الساحل والصحراء تحقق أدنى معدلات التنمية في العالم.. خبير: القارة الإفريقية محاطة بحزام إرهابي.. والتنافس التركي الإيراني في منطقة الساحل أثر على التنمية في إفريقيا
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
قالت الكاتبة الصحفية والإعلامية داليا عبد الرحيم، مقدمة برنامج “الضفة الأخرى”، ونائب رئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة لملف الإسلام السياسي، إن المقصود بدول الساحل والصحراء على الصعيد الجغرافي هي تلك المنطقة الممتدة من جانب وأسفل دول المغرب العربي من المحيط الأطلسي وحتى القرن الإفريقي مرورا بالصحراء الكبرى؛ وأبرز دولها موريتانيا وتشاد والنيجر ومالي ونيجيريا وبوركينا فاسو، موضحة أن الحدود بين تلك الدول مفتوحة ومتداخلة ولا يوجد فيها تضاريس أو فواصل أو موانع طبيعية؛ وإنما هي حدود تشكلت على خلفية احتلال الدول الغربية في الفترة الاستعمارية؛ لذلك هي حدود غير مستقرة وغير منضبطة أمنيا وسياسيا.
وأضافت "عبد الرحيم"، خلال برنامجها “الضفة الأخرى”، المذاع على قناة "القاهرة الإخبارية"، أن تلك المنطقة تتميز بوفرة مواردها الطبيعية من معادن وغاز وبترول؛ مما جعلها مطمعا للقوى الأجنبية التي سعت منذ القرن التاسع عشر وما زالت حتى الآن تنهب وتستغل موارد وخيرات تلك البلدان، وتفرض هيمنتها ووصايتها ونفوذها السياسي، وتعمل أجهزتها الأمنية والمخابراتية على وجود أنظمة وحكومات تضمن وتسهل لها تلك الهيمنة وذلك النفوذ.
وأوضحت أنه على الصعيد السكاني تتميز بالتنوع والتعدد العرقي والقبلي والديني والثقافي؛ مما يؤدي للصراع على السلطة والثروة والنفوذ، ويدفع التكوينات السكانية المتباينة والتي يغذيها الولاء القبلي والعرقي والديني للانزلاق لجحيم الحروب الأهلية؛ خاصة في ظل ضعف وإنهاك السلطات المركزية بسبب غياب الديموقراطية وتفشي الفساد السياسي والإداري والمالي وعدم القدرة على إحكام السيطرة وتأمين الحدود، مشيرة إلى أنه مع ضعف قدرات الحكومات في توفير الحد الأدنى من الخدمات الأساسية للسكان وغياب العدالة في توزيع الثروات والخدمات نتيجة لسياسات الاستحواذ والانفراد من قبيلة أو عرق بعينه بالحكم وتهميش وعزل باقي مكونات المجتمع المحلي تشهد مناطق عديدة من دول الساحل والصحراء أوضاعا إنسانية كارثية من ندرة الغذاء والمياه الصالحة للشرب وغياب الرعاية الصحية وتفشي الأوبئة والأمراض، ووفقا لتقارير الهيئات الدولية فإن معدلات التنمية البشرية في منطقة الساحل والصحراء تعتبر من أدنى معدلات التنمية في العالم.
ولفتت إلى أنه من تلك الخصوصية الجغرافية والسكانية ومع سياسات التدخل والنفوذ الأجنبي وضعف وهشاشة الحكومات والأنظمة الوطنية، وما تسببه من عدم استقرار سياسي وأمني وقصور وفشل في تسيير دفة الحكم تتوفر الظروف الملائمة لتواجد جماعات الجريمة المنظمة، والتي يمكن رصد أبرز مجالات أنشطتها في تجارة المخدرات؛ حيث قدرت تقارير دولية أن 20% تقريبا من المواد المخدرة التي تصل إلى أوروبا قادمة من أمريكا الجنوبية تصل عن طريق بعض دول الساحل والصحراء؛ كما ازدهرت في السنوات الأخيرة تجارة الأسلحة وتهربيها بما فيها الأسلحة المتطورة عالية التكنولوجيا في تلك المنطقة، بالإضافة إلى تجارة البشر وتهريب الفارين واللاجئين إلى دول أوروبا ودول الشمال الإفريقي عن طريق "القوارب" أو بالطرق البرية؛ كما تحولت عمليات خطف الرهائن من السائحين من دول الغرب إلى مصدر دخل وتمويل تدر ملايين الدولارات على العصابات والتنظيمات المسلحة في تلك المنطقة، وأيضا تسيطر جماعات الجريمة المنظمة وبعض جماعات الإرهاب على عمليات تهريب السيارات والمواد الغذائية والسجائر في تلك المنطقة.
وأكدت أن واحد من أبرز مهربي السيارات والمواد الغذائية والسجائر في منطقة دول الساحل والصحراء هو مختار بلمختار القائد البارز في جماعة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا ومؤسس تنظيم المرابطون والقيادي المنشق عن تنظيم القاعدة، وذاعت شهرته باسم "مختار مارلبورو"؛ لتخصصه في تهريب السجائر الأجنبية وتجارة الأسلحة وعمليات خطف السائحين والإفراج عنهم بعد دفع الفدية من دولهم، وتحصل على أكثر من 100 مليون دولار كفدية لمختطفين أجانب في عمليتين منفصلتين في أقل من عام (من ديسمبر 2008 وحتى نوفمبر 2009)؛ وقت أن كان مسؤول فرع الصحراء في تنظيم القاعدة.
ونوهت بأنه عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ما أسمته التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، وخلال أقل من شهر أسقطت حكم طالبان في أفغانستان باعتباره ملاذًا وحاضنًا لتنظيم القاعدة؛ الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات 11 سبتمبر وخرجت القاعدة وبالأدق جزءا كبيرا من قياداتها وعناصرها من جبال أفغانستان والمدن التي احتوت معسكراتها إلى الشتات، منهم من عاد إلى بلادهم في الشرق الأوسط ودول أسيوية، وقطاع كبير قُدر وقتها بخمسة آلاف عنصر توجه إلى العراق؛ حيث يتواجد تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي كان يقوده أبو مصعب الزرقاوي؛ الذي كانت له رؤى وتوجهات عقيدية وحركية لا تتفق تمامًا مع قيادة القاعدة المركزية وخاصة مع أسامة بن لادن، ومن بطن فرع القاعدة في العراق خرج تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والذي تحول فيما بعد إلى الدولة الإسلامية في العراق والشام، والذي عُرف اختصارا بـ"داعش"، موضحة أن جوهر الخلاف الفقهي والفكري بين القاعدة وداعش كان يكمن في أولويات الجهاد كما يزعمون؛ القاعدة كانت ترى ضرورة مواجهة العدو البعيد وهي دول الغرب وأمريكا، ومن هذا المنطلق كانت توجه عملياتها وأهدافها؛ بينما تبنى داعش مفهوم العدو القريب، والمقصود به الدول العربية والإسلامية ليقيم على أرضها دولته المزعومة "دولة الخلافة" وبعدها ينطلق لمحاربة العدو البعيد دول الغرب وأمريكا.
وأشارت إلى أن الأيام والأحداث أثبتوا خطأ وقصر نظر الاستراتيجية الأمريكية والغربية في التعامل مع ظاهرة الإرهاب في حالة القاعدة؛ حيث دعمت أمريكا مجاهدي تنظيم القاعدة في أفغانستان في سياق ما عُرف بالحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي، وقتها رأت الإدارة الأمريكية أن داعش ينقل أخطار الإرهاب إلى دول المشرق، وكلنا نتذكر مقولة كونداليزا رايز وزيرة الخارجية الأمريكية الأسبق "دعهم يتحاربون على أراضيهم"؛ معتقدة أن من سيكتوي بنيران إرهاب داعش هم العرب والمسلمين وعلى أرضهم بعيدا عن دول الغرب؛ مؤكدة أن هذا القصور وغياب المفهوم الشامل لمخاطر الإرهاب وكيفية مواجهته على الصعيد الإقليمي والدولي وفر المناخ المناسب لشتات القاعدة والمنشقين عنها لنقل أفكارهم وفروع تنظيماتهم الإرهابية من القاعدة وداعش ومن التنظيمات التي تولدت من الصراع الذي نشأ بين التنظيمين خاصة بعد ما سُمي بثورات الربيع العربي؛ حيث انفتحت فضاءات ملائمة للصراع والتنافس بين داعش والقاعدة في العراق وسوريا وليبيا؛ لينتقل بعدها لاستهداف مناطق نفوذ جديدة، وبحثا عن ملاذات آمنة في القارة الإفريقية، وبذلك شهدنا موجات المد والتنامي وتصاعد الأخطار والمطامع لجماعات الإرهاب في القرن الإفريقي ودول الساحل والصحراء؛ مستغلين الأوضاع السياسية والأمنية والمعيشية في تلك البلدان؛ مع استمرار التراخي وغياب الإرادة والرؤية الواضحة من الدول الكبرى والهيئات الدولية في صياغة استراتيجية متكاملة وشاملة لمواجهة الإرهاب.
وقالت إن بداية تنامي وتوالد جماعات الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء جاء عقب خروج القوام الرئيسي لتنظيم القاعدة من أرض أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر 2001؛ لتبدأ العناصر التي عُرفت بـ"العائدون من أفغانستان" في تشكيل بؤر إرهابية في ملاذات جديدة فتتشكل بوكو حرام في نيجيريا في 2002، ويتنامى فرع القاعدة في المغرب الإسلامي في 2007 ليشمل ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وينشطر التنظيم ليشكل في 2011 جماعة الجهاد والتوحيد في غرب إفريقيا.
وأضافت أنه بعد إعلان ما يُسمى دولة الخلافة في العراق والشام في 2014، وبعد أقل من عام يتشكل تنظيم داعش في الصحراء الكبرى في منطقة المثلث الحدودي بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو، مستغلا عدم قدرة تلك الدول على تأمين والسيطرة على حدودها، ومع تواجد هذا العدد الكبير من التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء برز التنافس والصراع بين تلك التنظيمات لفرض السيطرة واكتساب الأنصار والتوسع في مناطق نفوذ جديدة؛ فتصاعدت عمليات الإرهاب ضد حكومات تلك البلدان والمصالح الغربية فيها ونال السكان المحليين النصيب الأكبر من الخسائر في الأرواح والممتلكات.
وكشفت عن التنظيمات المتطرفة في منطقة الساحل والصحراء، موضحة أن تنظيم بوكو حرام تأسس في نيجيريا عام 2002 على يد زعيمها محمد يوسف، تُسمي نفسها جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد، تعني عبارة بوكو حرام باللغة المحلية (التعليم الغربي حرام)، تقوم بتكفير الحكومة النيجيرية، وأكدت الاستخبارات الأميركية أنها رصدت وجود علاقة بينها وبين أسامة بن لادن، وأنه أرسل مساعدًا له ومعه مبلغ ثلاثة ملايين دولار ليسلمها لـعدد من التنظيمات المتطرفة في المنطقة منها جماعة بوكو حرام، وفي 2019 أعلنت حصولها على أسلحة متطورة، وطائرات مسيّرة ليست في حوزة الجيش النيجيري.
ولفتت إلى أن جماعة أنصار الدين تأسست في ديسمبر عام 2011، بمدينة كيدال شمالي مالي على يد زعيمها إياد آغ غالي، وهو واحد من أشهر قادة الطوارق، الذين خاضوا معارك عنيفة ضد حكومة مالي في تسعينيات القرن الماضي، قبل أن تبرم حركات الطوارق المسلحة اتفاقًا مع نظام مالي عام 1996، وفي مارس من العام 2013 أدرجت الولايات المتحدة الجماعة على لائحة المنظمات الإرهابية.
وأكدت أن جماعة نصرة الإسلام والمسلمين تأسست في مارس من العام 2017 أعلنت الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل (أنصار الدين وجبهة تحرير ماسينا وتنظيم المرابطون وجناح الصحراء التابع لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي) ائتلافها تحت تكتل "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين"، وفي 2 مارس عام 2018 أعلنت مسؤوليتها عن هجومي واغادوغو (عاصمة بوركينا فاسو) الذي استهدف مقر رئاسة أركان الجيش ومبنى السفارة الفرنسية، وخلف 8 قتلى.
وأشارت إلى أن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تأسس في 25 يناير عام 2007 بعد تغيير اسمه من الجماعة السلفية للدعوة والقتال، عند تأسيسه تولى قيادته عبد المالك درودكال، الملقب بأبي مصعب عبد الودود، الذي قتلته القوات الفرنسية في يونيو عام 2020، إثر عملية عسكرية في شمال مالي، ثم تولى بعده أبو عبيدة يوسف العنابي، ومن أشهر عملياته، هجوم بالسيارات المفخخة على قصر الحكومة بالجزائر العاصمة، خلف 30 قتيلًا و220 جريحًا في 11 أبريل عام 2007، كما قامت الجماعة بخطف عدد الأجانب والسائحين الأجانب.
واستطردت بأن جماعة الجهاد والتوحيد في غرب إفريقيا تأسست في أكتوبر عام 2011 بعد انفصالها عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، أعلنت في عام 2013، اتحادها مع تنظيم الموقعون بالدم، الذي يقوده الجزائري المختار بلمختار لإنشاء جماعة المرابطون، وتبنت خطف 7 دبلوماسيين جزائريين في أبريل من العام 2012، كما قامت خطف 3 أوروبيين في أكتوبر من العام 2012 غربي الجزائر.
وتابعت أن تنظيم داعش في الصحراء الكبرى تأسس في 15 مايو عام 2015 نتيجة لانقسام داخل جماعة المرابطون، وينشط في مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وقد وسع نشاطه في المناطق الصحراوية الشاسعة المعروفة بالمثلث الحدودي، حيث تلتقي حدود الدول الثلاث: مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وقد نفذ التنظيم الكثير من العمليات في بوركينا فاسو ومالي.
وقالت إن هناك أرقاما مفزعة لعدد العمليات الإرهابية وعدد الضحايا من الأبرياء من السكان المحليين، ومما يدلل على تنامي موجات الإرهاب في دول الساحل والصحراء خلال العاميين الماضيين أن أكثر من نصف من وقعوا ضحايا للإرهاب في القارة الإفريقية ينتمون لدول تلك المنطقة، وكانوا ضحايا لأنظمة هشة غير قادرة على توفير الحماية والأمن لرعاياها؛ بل أن بعض تلك الأنظمة متورط في تحالفات ومصالح مع بعض جماعات الإرهاب في بلادها أو في بلاد مجاورة، ومع غياب الدعم الدولي الحقيقي وغياب الرؤية الواضحة لسبل مواجهة الإرهاب تظل يد الإرهاب تعربد وتبطش وتنمو وتتكاثر.
من جانبه قال الدكتور رمضان قرني، الخبير في الشئون الإفريقية، ومدير التحرير السابق لمجلة آفاق إفريقية والتي تصدر عن الهيئة العامة للاستعلامات في القاهرة، إن هناك حزامًا إرهابيًا يُحيط بالقارة الإفريقية، وهذا الأمر لم يكن موجودًا من قبل، بسبب انتشار الإسلام الصوفي ذو النزعة الروحية، موضحًا أن العمليات الدولية ضد الجماعات الإرهابية أدت للجوء العناصر الإرهابية إلى القارة الإفريقية كملاذ آمن.
وأضاف "قرني"، خلال حواره مع الإعلامية داليا عبد الرحيم، ببرنامج "الضفة الأخرى"، المذاع على فضائية "القاهرة الإخبارية"، أن المنطقة الأشد سخونة على صعيد العمل الإرهابي هي منطقة دول الساحل والصحراء في غرب إفريقيا التي تشهد العديد من التنظيمات الإرهابية مثل القاعدة وداعش، وبعض التنظيمات المحلية مثل "نصرة الإسلام"، و"الموقعون بالدماء"، ثم بعد ذلك انتشرت الظاهرة الإرهابية في منطقة الجنوب الإفريقية مثل "حركة الشباب" التي تنتمي لتنظيم "داعش"، موضحًا أن نيجيريا تعاني منذ فترات ليست بالقليلة من مواجهات مع تنظيم "بوكو حرام"، وهناك تخوفات دولية من تحرك الظاهرة الإرهابية لدول إفريقية جديدة، مشيرا إلى أن الظاهرة الإرهابية أصبحت تتعلق بمعظم الدول الإفريقية.
وأوضح أن الاتحاد الإفريقي تحدث عن خطورة الظاهرة الإرهابية على الدول الإفريقية، وهذا بمثابة ضوء أحمر يُوجه الدول الإفريقية إلى خطورة وتمدد هذه الظاهرة، مؤكدًا أنه لا يوجد عنصر أو عامل واحد لتفسير الظاهرة الإرهابية، مشيرًا إلى أن كل دولة إفريقية شهدت تمتد الظاهرة الإرهابية بمتغيرات داخلية وإقليمية، فعلى سبيل المثال تمتدت حركة "شباب الصومال" نتيجة انهيار الدولة الصومالية في نهاية التسعينات، فوجود دولة فاشلة لا تستطيع التحكم في مقاليد الأمور يعتبر مقدمة لوجود التنظيمات الإرهابية، حيث تحولت الصومال إلى ملاذ للتنظيمات الإرهابية.
ولفت إلى أن إقليم منطقة القرن الإفريقي يعد من أكثر المناطق التي تعاني من الجوع والتصحر، وبالتالي انتشر الإرهاب في هذه المنطقة مرتبط ببعض العوامل البيئية، موضحًا أن انتشار الإرهاب في منطقة الساحل والصحراء كان نتيجة انتشار الفساد، خاصة في جمهورية مالي، مشيرًا إلى أن غياب الإرادة الدولية لمواجهة هذه الظاهرة الإرهابية ساهم في انتشار الإرهاب في إفريقيا.
ونوه بأن القارة الإفريقية مظلومة، والتحركات الإقليمية في الدول الإفريقية مرتبطة ببعض التحركات الاقتصادية أو السياسية، موضحًا أن هناك استنفارا دوليا وبالتحديد من قبل فرنسا بعد الانقلاب الذي حدث في النيجر، ووصل هذا الاستنفار للتهديد بالتدخل العسكري، بهدف الحفاظ على القواعد العسكرية لحلف الناتو واليورانيوم، مشيرًا إلى أن هناك حشدا دوليا من قبل الولايات المتحدة وفرنسا للتحرك لمواجهة تنظيم داعش داخل موزبيق، وهذا بهدف الحفاظ على مصالح الشركات الدولية التي تعمل في مجال النفط، وهذا دليل على أن المجتمع الدولي لا يتحرك لمواجهة هذه الظاهرة إلا من أجل الحفاظ على مصالحه.
وأشار إلى أن الاتحاد الإفريقي بدأ متاخرًا في التحرك ضد الظاهرة الإرهابية، موضحًا أن الاتحاد الإفريقي لديه العديد من الإشكاليات في مواجهة الإرهاب، فهو ليس سلطة فوق الدول، وهو انعكاس لإرادة الدول، وهناك بعض القوى الإقليمية التي تساير الأمور وفق سياستها الخارجية، والاتحاد الإفريقي يُحاول أن يخلق موائمات بين هذه القوى لمحاربة الإرهاب، موضحًا أن أغلب عمليات قوات حفظ السلام التي يقودها الاتحاد الإرهابي تكون بتمويل دولي، وهذه القوى الدولية لديها مصالح من هذا التمويل، مشيرًا إلى أن الاتحاد الدولي لديه الكثير من الإشكاليات المتعلقة بمواجهة الإرهاب مثل إشكالية توفير التمويل.
وأكد أن هناك مجموعة من المؤسسات ما دون الإقليمية تتواجد في إقليم القارة مثل "الإيجاد"، وهذه المنظمات دورها أكثر فاعلية من الاتحاد الإفريقي، حيث أن هذه المنظمات لديها قوات أكثر فاعلية من الاتحاد الإفريقي، ولذلك هناك ضرورة لإحداث نوع من التشبيك بين هذه المنظمات الإقليمية والاتحاد الإفريقي لكي يكون فاعلاً.
وأوضح أن بعض الدول الإفريقية تحتوي على نموذج فج في التنمية، حيث أن هناك دولاً إفريقية تحقق معدل نمو كبير للغاية وتسمى بالنمور الإفريقية، وفي نفس الوقت هناك أرقام صادمة تتعلق بقضايا الفقر والمجاعة في هذه الدول، منوهًا بأن منطقة الساحل تحتوي على العديد من الثروات مثل اليورانيوم الذي يعد أحد الثروات المهمة، مشيرًا إلى أن جزء مهم من الأزمات في هذه الدول يتعلق بتوزيع الثروات، وسوء إدارة الدولة، مما يؤدي إلى حدوث الانقلابات في فترات متقاربة، مثلما حدث في دولة مالي.
واستطرد أن الدول الغربية تستنزف الثروات في الدول الإفريقية مثل فرنسا، مشيرًا إلى أن هناك بعض الدول طردت النفوذ الفرنسي مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو، وبدأت هذه الدول تتحدث عن عملة بديلة للفرنك الفرنسي.
ولفت إلى أن المرأة الإفريقية لعبت دروًا اقتصاديًا كبيرًا في القارة السمراء، وهناك نماذج من رؤساء الدول من السيدات، وفي مرحلة معينة كان رئيس الاتحاد الإفريقي امرأة، موضحًا أن المرأة عنصر فاعل في جماعة "بوكو حرام" وهذه ظاهرة استثنائية جدًا في إفريقيا، خاصة في نيجيريا، لا سيما وأن المرأة لم تلعب دروًا في العمليات الإرهابية في الصومال أو العديد من الدول الأخرى، وهذا الأمر قاصر فقط على نيجيريا.
وتابع أن هناك نوعًا من التنافس الدولي في منطقة الساحل بين تركيا والصين وإيران، وهذا التنافس على ثروات هذه المنطقة أضر بالتنمية في هذه الدول، موضحًا أن المجتمع الدولي لم يعاني من مواجهات مع التنظيمات الإرهابية الإفريقية مثلما حدث مع القاعدة وداعش، حيث أنشأ تحالفا لمواجهة هذه التنظيمات التي مست مصالح القوى الدولية بصورة مباشرة.
وأضاف أن تنامي الشعور القومي القوي مع روسيا ضد فرنسا في دول الساحل نموذج فج لتدخل الدول الكبرى في هذه الدول، مشيرًا إلى أن الدعاية بين الغرب وروسيا عن مواجهة الإرهاب في هذه الدول تعكس أرقامًا صادمة، مشيرا إلى أن المجتمع الدولي انشغل بالكثير من القضايا الأخرى مثل الحرب في قطاع غزة، والحرب الروسية الأوكرانية، وهذا أثر على مواجهة التنظيمات الإرهابية، منوهًا بأن المجتمع الدولي في حاجة إلى استفاقة إنسانية لمواجهة الإرهاب في الدول الإفريقية.
وأشار إلى أن التعهدات الدولية لتعويض الدول الإفريقية عن التغيرات المناخية لم تزد عن 13 مليار من أصل 100 مليار، وهذا دليل على أن المجتمع الدولي بعيد بشكل كامل عن دعم القارة السمراء، موضحًا أن أهم ما يميز التجربة المصرية في مكافحة الإرهاب يتمثل في تركزها على العديد من العناصر، وليس العنصر الأمني فقط.
واختتم أن مواجهة الإرهاب في مصر كانت تشمل البعد الثقافي والأمني والقانوني، حيث أكدت مصر أمام الأمم المتحدة على أن مكافحة الإرهاب أحد حقوق الإنسان.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الضفة الأخرى دول الساحل والصحراء مالی والنیجر وبورکینا فاسو فی منطقة الساحل والصحراء التنظیمات الإرهابیة دول الساحل والصحراء الظاهرة الإرهابیة أن المجتمع الدولی الاتحاد الإفریقی القارة الإفریقیة المغرب الإسلامی الدول الإفریقیة مواجهة الإرهاب جماعات الإرهاب فی غرب إفریقیا القاعدة وداعش مشیر ا إلى أن من التنظیمات فی هذه الدول تلک المنطقة أن الاتحاد التنمیة فی عبد الرحیم الإرهاب فی العدید من بوکو حرام دول الغرب فی العراق من العام الدول ا أن هناک فی تلک
إقرأ أيضاً:
عام ساخن في الساحل.. اشتداد الأزمة مع إيكواس وإغلاق القواعد الغربية
شهدت بلدان منطقة الساحل الإفريقي خلال العام 2024 أحداثا وتطورات متسارعة، إذ باتت هذه البلدان منطقة صراع دولي بين روسيا والغرب.
وتعيش غالبية دول منطقة الساحل، حالة من عدم الاستقرار، فيما يواصل العسكر الممسكون بالسلطة في هذه البلدان معارك على جبهات متعددة، بينها مواجهة الجماعات المسلحة بالمنطقة وتقليم أظافر الغرب خصوصا فرنسا المستعمر السابقة لدول المنطقة، والتصدي لقرارات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا.
وتدهورت العلاقات الأوروبية مع دول الساحل بعد موجة الانقلابات العسكرية التي عرفتها هذه الدول منذ العام 2020، وتصاعد التوتر أكثر منذ أن دعت حكومة مالي مقاتلين من مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة، لدعمها في قتال المتمردين الأزواديين.
إنهاء الحضور العسكري
وشكل العام 2024 نهاية الحضور العسكري الغربي في منطقة الساحل الإفريقي، حيث أنهت أربع من دول الساحل مختلف الاتفاقيات المتعلقة بالحضور الغربي وأغلقت القواعد العسكرية الفرنسية والألمانية والغربية بشكل عام.
وبدء إنهاء الحضور الغربي من مالي التي ألغت كافة الاتفاقات العسكرية مع الغرب ودعت القوات الفرنسية والألمانية لمغادرة أراضيها.
وقد استكملت فرنسا قبل أشهر انسحابها من مالي وأغلقت قواعدها العسكرية في هذا البلد، تلتها ألمانيا التي سحبت أيضا قواتها وغادرت الأراضي المالية.
من جهتها أعلنت النيجر وبوركينافاسو إنهاء الاتفاقيات العسكرية مع فرنسا، حيث من المقرر أن يغادر آخر الجنود الفرنسيين المنتشرين في النيجر نهاية كانون الأول/ ديسمبر الجاري.
بدوره أعلن الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي عزمه إغلاق القواعد العسكرية الفرنسية في السنغال، مستندًا إلى مبدأ السيادة كذلك.
أما التشاد فقد حددت يوم 31 كانون الأول/ ديسمبر الجاري موعدا لمغادرة آخر جندي فرنسا أراضيها.
وبدأت فرنسا بالفعل نقل نحو ألفي جندي فرنسي ومعدات عسكرية خارج التشاد، فيما أعلنت الخراجية التشادية أن فرنسا نقلت بالفعل سلاحها الجوي وإن المقاتلات الفرنسية غادرت الأراضي التشادية بشكل كامل.
ويرى متابعون أن هذه التحركات تعكس تزايد الضغوط على فرنسا في المنطقة بعد سلسلة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها دول الساحل، وتثير تساؤلات بشأن مستقبل العلاقات بين فرنسا وبلدان الساحل.
تفاقم الأزمة مع إيكواس
وبلغت الأزمة بين دول الساحل الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا ذروتها في العام 2024 حيث قررت دول الساحل رسميا مغادرة لـ"الإيكواس" وأعلنت عن تحالف جديد فيما بينها.
وقد أمهلت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" مالي وبوركينا فاسو والنيجر، 6 أشهر من أجل إعادة النظر في قرارها الانسحاب من المنظمة، لكن الدول الأربعة أكدت أن قرارها مغادرة "الإيكواس" لا رجعة فيه، متهمة هذه المنظمة الغرب أفريقية بمحاولة ابتزازها والضغط عليها، معتبرة إياها أداة تستخدم من طرف "فرسا القوة الاستعمارية السابقة لهذه البلدان الثلاثة".
منطقة بدون تأشيرة
بلدان الساحل الأفريقي الأربعة مالي والنيجر وبوركينا فاسو، أعلنت نفسها "منطقة بدون تأشيرة بالنسبة لأي مواطن من البلدان الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا"، مضيفة أن لمواطني دول "الإيكواس" الحق في "الدخول والتنقل والإقامة والخروج من أراضي الدول الأعضاء بتحالف الساحل وفقا للنصوص المعمول بها".
وأفاد بيان للدول الأربعة، بأن القرارات تأتي كذلك "وفاء لأهداف ومثل ميثاق الأمم المتحدة والقانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي"، و"استرشادا بروح الأخوة والتضامن والصداقة"، و"الالتزام بتعزيز العلاقات الممدة منذ قرون بين شعوب إفريقيا".
معارك على حدود الجزائر
وشكلت المعارك العنيفة التي اندلعت على الحدود المالية الجزائرية خلال الأشهر الماضي، أبرز الأحداث التي شغلت الرأي العام في منطقة الساحل.
فقد شهدت الحدود المالية الجزائرية خلال مايو الماضي، اشتباكات ضارية بين الجيش المالي مدعوما بقوات "فاغنر"، والحركات المسلحة الأزوادية "الطوارق".
ودارت المواجهة بشكل خاص في منطقة تينزاواتين الواقعة على بعد 233 كلم شمال شرق كيدال على الحدود مع الجزائر، وأسفرت عن مقتل العشرات من المقاتلين الطوارق ومن الجيش المالي.
وقد أثارت الهجمات التي شنها الجيش المالي مدعوما بفاغنر، ضد المسلحين الأزواديين قرب الحدود مع الجزائر استياء السلطات الجزائرية.
ودعا الممثل الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة أغسطس الماضي، إلى وضع حد لهذه "الانتهاكات" وفرض عقوبات على الضالعين في الهجمات قرب حدود الجزائر، وهو ما أغضب باماكو التي وصفت تصريحات المسؤول الجزائري بـ"الدعائية غير الصحيحة".
ومع بداية العام 2024 فقدت الجماعات الانفصالية المسلّحة السيطرة على مناطق عدة بشمال مالي بعد هجوم شنّه الجيش وبلغ ذروته بسيطرته على مدينة كيدال، معقل الحركات الأزوادية.
وفي إطار التوتر بين مالي والجزائر استدعت الحكومة المالية سفير الجزائر لديها في كانون الأول/ ديسمبر الماضي؛ احتجاجا على ما وصفته بـ "أفعال غير ودية" وتدخل الجزائر في شؤون مالي.
استدعاء السفير جاء بعد لقاء الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالإمام محمود ديكو، المعارض للعسكر الممسكين بالسلطة في مالي.
وأكد وزير الخارجية الجزائري، حينها تمسك بلاده بمبادئ تعزيز السلم والأمن في مالي، وأكد أهمية الحوار الوطني وتحقيق المصالحة لضمان استقرار البلاد.
انهيار اتفاق السلام
وشهد العام 2024 أيضا انهيار اتفاق السلام الذي تم التوقيع عليه في عام 2015 بين الحكومة المالية والمتمردين الانفصاليين "الطوارق"، في خطوة زادت من حالة عدم الاستقرار في البلد.
وكان الاتفاق ينص على جملة من القضايا بينها دمج المتمردين السابقين في الجيش المالي، فضلا عن توفير قدر أكبر من الحكم الذاتي لمناطق الشمال المالي.
ووضع اتفاق الجزائر حدا لمعارك اشتعلت في 2012، إثر إعلان الحركات الأزوادية الاستقلال والانفصال عن مالي، بعد مشاركتها في معارك ضد الجيش الحكومي.
انتخابات تشاد وتصعيد سياسي بمالي
عام 2024 عرف أيضا انتخابات رئاسية في تشاد فاز فيها محمد ادريس ديبي من الجولة الأولى بنسبة 61 بالمئة من الأصوات، فيما وصفتها المعارضة بالمزورة، حيث قال مرشح المعارضة الرئيسي سوكسيه ماسرا، إن الانتخابات "سرقت".
وفي حين عاد الهدوء إلى التشاد بعد حراك المعارضة الرافض لنتائج الانتخابات الرئاسية، اندلعت أزمة سياسية جديدة في مالي بعد أن أقال الرئيس الانتقالي المالي عاصيمي غويتا يوم 20 نوفمبر الماضي رئيس الحكومة شوغيل كوكالا مايغا، الذي انتقد مؤخرا تمديد الفترة الانتقالية.
وجاءت إقالة مايغا الذي كان يشغل المنصب منذ العام 2021، بعد أيام من توجيهه انتقادات علنية للمجلس العسكري، أعرب فيها عن أسفه لإبعاده عن اتخاذ القرارات، وتحدث عن الضبابية التي تخيم على الفترة الانتقالية الحالية.
إقالة رئيس الحكومة المالية أدخلت البلاد في أزمة سياسية جديدة، إذ عرفت العديد من المدن المالية مظاهرات حاشدة بعضها رافض لإقالته وأخرى تدعم قرار الحاكم العسكري بخصوص الإقالة.
معارك ضارية في بحيرة تشاد
وودعت دول الساحل العام 2024 بمعارك ضارية بين بين الجيش التشادي ومقاتلو جماعة بوكو حرام، بمنطقة بحيرة تشاد.
وأسفرت هذه المواجهات عن مقتل 96 عنصرا من جماعة بوكو حرام، فيما أكد الجيش التشادي مقتل 15 من جنوده وإصابة آخرين في المعارك الضارية مع بوكو حرام.
وتعرضت التشاد، على مدى الأشهر الأخيرة لهجمات من بوكو حرام، حيث شن مقاتلو الجماعة أواخر أكتوبر الماضي هجوما على قاعدة عسكرية في منطقة بحيرة تشاد أسفر عن سقوط نحو 40 قتيلا، وفق السلطات المحلية.
ويعتقد مراقبون أن العام 2025 سيكون أيضا حافلا بالتطورات والأحداث بالساحل الإفريقي، في ظل تزايد الاهتمام الروسي بالمنطقة والخطر الذي تشعر به أوروبا التي تخشى تمدد روسيا أكثر في القارة السمراء معقل فرنسا.