عقدت أوقاف الفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة عدد من الندوات بعنوان "التوبة النصوح" وذلك بعدد من المساجد الكبرى بادارات الأوقاف الفرعية.

يأتي هذا في إطار دور وزارة الأوقاف ومديرية أوقاف  الفيوم  العلمي والدعوي والتثقيفي، وضمن جهودها في نشر الفكر الوسطي المستنير والتصدي للفكر المنحرف وتوعية الشباب.

جاء ذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، وبحضور الدكتور محمود الشيمي مدير مديرية أوقاف الفيوم، وعدد من مديري إدارات الأوقاف الفرعية، ونخبة من الأئمة والقراء والعلماء المميزين، وذلك في إطار الدور التثقيفي ونشر الفكر الوسطي المستنير الذي تقوم به مديرية الأوقاف، وضمن خطة العمل خلال شهر شعبان المبارك.

العلماء: التوبة التامة تكون بالاقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة اليه

وخلال هذه اللقاءات أكد العلماء بأن التوبة التامة تكون بالإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العودة إليه ورد المظالم والحقوق إلى أصحابها، يقولون: التوبة التامة هي التي تقوم على ترك السيئات وفعل الحسنات، حيث يقول سبحانه: "وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "اتَّقِ اللهَ حيثُما كنتَ، وأتبِعِ السَّيِّئةَ الحسَنةَ تَمْحُهَا، وخالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسنٍ"، أما التوبة النصوح فهي التي تصل بالقلب إلى بغض المعصية، ويقولون: لمن ترك الذنوب والمعاصي والسيئات خشية العقاب صاحب توبة، ولمن تركها بغية الأجر والثواب صاحب إنابة، ولمن تركها حياء من الله (عز وجل) واستجابة لأمره سبحانه وتعالى صاحب أوبة، يقول الحق سبحانه: "فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا"، ويقول في حق سيدنا أيوب (عليه السلام): "نِّعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ".

ولفت العلماء الأنظار إلى أنه ليس شرطًا أن يكون الاستغفار من ذنب، فأنت إذا صليت وشعرت أنك لم تؤدِّ الصلاة كما ينبغي، قلت استغفر الله، فقد يكون الاستغفار عن نقص الكمال، فأنت تستغفر الله لأنك تستشعر أنك ما عبدت الله حق عبادته، فأنت تستغفر عن تقصيرك في جنب الله، وفي هذا يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً".

وأشاروا إلى أنه إذا لزم العبد الاستغفار لحقته بشرى نبينا (صلى الله عليه وسلم)، حيث يقول: "مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ"، ويقول الحق سبحانه: "فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا"، ويقول سبحانه: "وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُم مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ"، ويقول سبحانه: "لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ".

وأوضح العلماء أن الاستغفار المنشود الحقيقي هو الذي يكون باللسان والقلب والجوارح في آن واحد، فمن كان يؤذي الناس بيده أو بلسانه فلا يكفي أن يقول (أستغفر الله العظيم) وهو لا يزال يؤذي الناس، بل يستسمحهم فيما كان منه من أذى في حقهم، والإنسان الذي لا يواظب على الصلاة في أوقاتها فلا يكفي أن يقول (أستغفر الله) وهو لا يزال مقصرًا في الصلاة، وكذا الذي يقول (أستغفر الله) وهو لا يخرج زكاة ماله، فاستغفاره الحقيقي يكون بإخراج زكاة المال، والذي يأكل الحرام غشًا أو استغلالًا أو حرامًا لا يكفي أن يقول (أستغفر الله) وهو لا يزال يغش ويستغل ويحتكر، فالاستغفار الحقيقي إقلاع عن الذنب، وطلب المغفرة لما مضى، والندم على ما كان، وعزم على عدم العود، ورد المظالم إلى أصحابها. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أوقاف التوبة التوبة النصوح الفيوم الأوقاف بوابة الوفد جريدة الوفد أستغفر الله وهو لا

إقرأ أيضاً:

الرقيب جل جلاله

يقول الحق سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا» (النساء: 1)، فهو سبحانه وتعالى الرقيب الذى لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء، وهو القائم على شئون خلقه، المطلع على ما تكنه صدورهم، القائم على كل نفس بما كسبت، فهو معنا أينما كنَّا، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَاوَاتِ وَمَا فِى الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ» (المجادلة: 7)، ويقول سبحانه على لسان لقمان (عليه السلام) فى وصيته لابنه: «يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِى صَخْرَةٍ أَوْ فِى السَّمَاوَاتِ أَوْ فِى الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ» (لقمان: 16)، ويقول سبحانه: «وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا» (الكهف: 49)، ويقول سبحانه: «وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ومَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِى ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ» (الأنعام: 59)، ويقول سبحانه: «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق: 16-18)، فهى معية مراقبة، لا يعزب منها عن علمه سبحانه مثقال ذرة فى السموات ولا فى الأرض.
إن صاحب الضمير الحى اليقظ هو الذى يخاف الله (عز وجل) ويسعى لتحقيق مرضاته سرًّا وعلانية، فإذا غابت عنه رقابة البشر وهمَّت نفسه بالحرام تحرك ضميره؛ فيصده عنه ويحول بينه وبين ما يغضب الله، ويذكره بأن هناك الرقيب الذى لا يغفل ولا ينام، حيث يقول الحق سبحانه: «وإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ» (الانفطار: 10)، ويقول جل فى علاه: «وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا» (الإسراء: 13-14)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «ثَلَاثٌ كَفَّارَاتٌ، وَثَلَاثٌ دَرَجَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ; فَأَمَّا الْكَفَّارَاتُ: فَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِى السَّبَرَاتِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَوَاتِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ، وَنَقْلُ الْأَقْدَامِ إِلَى الْجُمُعَاتِ، وَأَمَّا الدَّرَجَاتُ: فَإِطْعَامُ الطَّعَامِ، وَإِفْشَاءُ السَّلَامِ، وَالصَّلَاةُ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، وَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَالْعَدْلُ فِى الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَالْقَصْدُ فِى الْفَقْرِ وَالْغِنَا، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِى السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ».
بهذا الضمير الإنسانى اليقظ يستطيع الإنسان تأدية العبادات على الوجه الأكمل، فتجده خاشعا لله (عز وجل)، مراقبًا له تمام المراقبة فى صلاته وصيامه وحجه وزكاته، لعلمه أن من أسمائه (عز وجل) الرقيب، ثم يتعدى أثر هذه المراقبة إلى بيعه وشرائه, وعمله وإنتاجه، وسائر تصرفاته، وبذلك ينضبط السلوك والتصرفات، وتُحفظ الحقوق، وتُؤدى الواجبات.
ومن ثم فإنه يجب على الإنسان أن يراقب الله تعالى حق المراقبة فى السر والعلن, وهذه المراقبة هى التى جعلت ابنة بائعة اللبن تقول لأمها التى أمرتها أن تمزج اللبن بالماء: إن كان عمر (رضى الله عنه) قد نام فإن رب العزة لا تأخذه سنة ولا نوم، وجعلت راعى الغنم الأمين يقول: إن كان صاحب الغنم لا يرانا فأين الله الذى لا يعزب عن علمه شىء فى الأرض ولا فى السماء؟.

الأستاذ بجامعة الأزهر

مقالات مشابهة

  • "الحصاد الأسبوعي لأوقاف الفيوم".. نشاط مكثف في الدعوة والتوعية المجتمعية
  • انطلاق عشر قوافل دعوية للواعظات بمديريات أوقاف المحافظات
  • انطلاق قافلة دعوية من مسجد سيدي عبدالوهاب بمطوبس في كفر الشيخ
  • انطلاق قافلة دعوية من مسجد سيدي عبد الوهاب بمطوبس في كفرالشيخ
  • ”نعمة الماء وسبل المحافظة عليها”.. ندوات علمية بأوقاف الفيوم 
  • خمس أمسيات دينية بأوقاف قنا بعنوان "الإدمان وأثره في تدمير الإنسان"
  • وكيل «أوقاف مطروح» يفتتح أول كُتّاب القرآن بمشروع المائة حافظ
  • أوقاف الفيوم تنظم 150 ندوة علمية للتوعية بأهمية الماء وسبل الحفاظ عليه
  • الرقيب جل جلاله
  • وكيل أوقاف الفيوم: نعمل على نشر الفكر الوسطي وتطوير الدعوة الدينية باللغات المختلفة