دينا جوني (دبي)  

أخبار ذات صلة مجلس شباب اللغة العربية يقدِّم ورشة تدريبية عن المحتوى الرقمي «أبوظبي للغة العربية» يوفر سلسلة «نتكلم العربية» لمسافري «الاتحاد للطيران»

تطوّر جامعة زايد ثلاث أدوات ذكية في تشخيص صعوبات التعلّم والقراءة عند طلبة الجامعات المدارس والأطفال، بالإضافة إلى إطلاق منصة إلكترونية تتضمن الكثير من الأدوات التعليمية القيّمة من أدب الأطفال وفيديوهات تربوية وتدريبية للمعلمين وأدوات تشخيص ومعلومات بيانية متعددة.

 
وقالت الدكتورة هنادا تامير، مديرة مركز «زاي» لبحوث اللغة العربية وأستاذ كرسي في جامعة زايد في حوار مع «الاتحاد»: إن تدريس اللغة العربية لمدة 45 دقيقة، خلال يوم كامل يكون فيه التعليم باللغة الإنجليزية أو أي لغة أخرى كما هو حال كثير من المدارس، لن يخرّج طلبة ناطقين بـ«العربية»، لافتة إلى أن المطلوب هو تغيير بعض التشريعات لدعم اللغة الأم. 
وأكدت أن مجلس التعليم يمكن أن يشكّل الكيان الثابت في تقديم الحلول الجذرية في تطوير تدريس اللغة العربية في الدولة، من خلال سياسة واضحة مبنية على بحوث ورؤية. 
واعتبرت أن اللغة العربية هي لغة المستقبل، واقتصادها لم تُطرق أبوابه بعد، وستفتح آفاقاً جديدة في أعمال التجارة والاقتصاد والفنون والهندسة والتجارة والإعلام، مشيرة إلى أهمية استقطاب الصنّاع والأدمغة لدراسة جميع الاحتمالات الضخمة للغة سيصل عدد المتكلمين بها إلى حوالي 750 مليون بحلول عام 2030. 
وشرحت تامير أنه عوضاً عن التفكير فيما يمكن أن نقدّمه للغة العربية، لا بدّ من النظر في الاحتمالات الكبيرة التي تحملها، في زمن الذكاء الاصطناعي والإعلام الرقمي الجديد، لافتة إلى أن الناطقين باللغة العربية يبلغ عددهم اليوم حوالي 500 مليون، ومتوقع في عام 2030 أن يصل إلى 750 مليون عربي، وهو ما يمثّل فئة مستهدفة متصاعدة في عالم الأعمال والاستثمار. 
واعتبرت أن هذا الرقم قد يشكّل همّاً اقتصادياً، لكن في الوقت نفسه يفتح أبواباً جديدة في المنطقة والعالم مع تغيّر التركيبة السكانية في العديد من الدول، مشيرة إلى أن الاقتصاد اللغوي يشمل الكثير من القطاعات، منها التجارة إلى الفنون، الإعلام، الكتابة، التعليم والهندسة وغيرها.
وأضافت: ماذا يوجد أفضل من اللغة العربية بكل تجلياتها في زمن اقتصاد المعرفة لتأخذ مكانتها عالمياً، ولتتحول إلى اللغة التي تدرّ المكاسب على المستثمرين في مختلف المجالات؟ 
ولفتت إلى أن المنطقة فقدت لقرون عنصر الإبهار، إلا أن ما حصل في السنوات الأخيرة وما قدّمته المنطقة وخصوصاً دولة الإمارات في «إكسبو 2020» و«كوب 28»، وبعدها قطر في كأس العالم، يحوّل أنظار الشباب العربي إلى اللغة العربية وجمالياتها وإمكاناتها والاعتزاز بها، بعدما انبهر طويلاً بالثقافة الغربية وماكينتها الإعلامية. 
وقالت: إن الزمن بطيء و«استئناف الحضارة» يحتاج إلى وقت، وقد بدأت بالفعل دولة الإمارات في تحقيق ذلك.
تحديث التشريعات 
أوضحت د. تامير  أنه لا يوجد تشريع لغاية اليوم يلزم تدريس «العربية» قبل عمر الست سنوات، الأمر الذي يعطي الطالب فكرة ورسالة ضمنية أن لغته الأم غير مهمة، وأكدت أن تدريس 45 دقيقة في النهار باللغة العربية، وتوزيع بقية الحصص على مواد اللغة الإنجليزية لن يخرّج طلبة ناطقين بـ«العربية»، واصفة الأمر بـ«الأسطورة». 
كما أكدت أنه المطلوب تغيير بعض التشريعات بالاعتماد على نتائج الدراسات والبحوث، فتوصيات البحث العلمي الرصين تقول إنه لغاية الصف الرابع يجب أن تكون كل المواد باللغة الأم مع حصة واحدة باللغات الأخرى، على أن تطرح المدارس بعد ذلك مواد اللغة الثانية. 
وأشارت إلى أهمية تقديم دروس اللغة العربية للناطقين بغيرها في المؤسسات الحكومية والخاصة، وعدم منح ترخيص لحضانة أطفال أو مدرسة روضة ما لم تقدّم ما لا يقل عن 10 ساعات لغة عربية أسبوعياً، وقالت إنه عالمياً، الوقت المخصص للغة الأم في المدارس يبلغ 242 ساعة في السنة، 30% منها للقراءة، والواقع هنا يقول إن المدارس تقدّم 140 ساعة في السنة للغة العربية، يخصص القليل منها للقراءة. 
وقالت: إن جامعة زايد أطلقت مبادرة لتدريب الطلبة على الحديث العلني باللغة العربية الفصحى، وخلال ساعة واحدة تقدّم للمشاركة نحو 200 طالب وطالبة، واعتبرت مقولة أن الشباب لا يحب اللغة العربية غير صحيحة، وخصوصاً في منطقة الخليج العربي.
تدريب
لفتت د. تامير إلى ضرورة تغيير أساليب تدريب المعلمين التي غالباً ما تعتمد على استيفاء عدد ساعات محدد خلال العام، من دون الغوص في المحتوى وما يدعو إليه البحث العلمي. 
ودعت إلى أهمية التدريب على مفهوم لغوي واحد كل عام، مثل الفهم القرائي والتهجئة والسجع وغيرها، ليكون التدريب مركزاً ومكثفاً، فيتمكّن المعلم من مهاراته بنهاية كل عام دراسي. 
مكنز لغوي
حاز «مركز زاي» منحة من مركز أبوظبي للغة العربية للعمل على تصنيف مستويات الكلمات، بالتعاون مع جامعة نيويورك أبوظبي، وسيقدّم هذا المشروع مكنزاً من 10 ملايين كلمة مرتبة، بحسب صعوبتها، وتوزيعها على المراحل التعليمية كمخرجات لا بد للطالب من إجادتها بنهاية كل صف دراسي.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: جامعة زايد المدارس الأطفال اللغة العربية اللغة الإنجليزية اللغة العربیة للغة العربیة جامعة زاید إلى أن

إقرأ أيضاً:

أبعد من مسألة «تتلظى»

ليست المشكلة هى الجدل الذى أفتى فيه من يعلم ومن لا يعلم، فى امتحان اللغة العربية للثانوية العامة هذا العام، حول ما قيل إنه شكوى الطلاب وأولياء الأمور من صعوبته، وخروجه عن المنهج، بسبب سؤال عن معنى كلمة «تتلظى». حدثت الضجة، رغم أن السؤال وضع بدائل للاختيار فيما بينها. ليست تلك هى المسألة. إنها غربة اللغة العربية فى بلادنا وتهميشها والاستهانة بها لصالح اللغات الغربية والأجنبية عموما، لا كلمة «تتلظى».
فكرتنى الضجة المفتعلة والمختلقة لتتلظى، بالأستاذ «حمام» المدرس البائس فى فيلم غزل البنات، الذى ما أن أخذ يصحح لتلاميذ الفصل الشياطين جهلهم باللغة العربية ومعانيها، وسخريتهم منه ومنها، ليدخل الثعلب فى لغتهم «يحتال» فى كبرياء، ويتملك «الغيط» من الأسد، ويقول له يا «أبلة» حتى تسببوا فى فصله من المدرسة. فكرتنى الضجة بمظاهرات أولياء الأمور قبل سنوات حين تصدت لهم السلطات التنفيذية لمنعهم من مواصلة حملات الغش الجماعى عبر استخدام الميكروفونات، لقراءة الإجابات الصحيحة لأوراق الامتحان أثناء تأدية أبنائهم له. حينذاك خرجت القضية من سياق اعتداء صارخ على القانون والقيم التعليمية والخلقية، إلى ما تم وصفه بعنف الأجهزة الأمنية فى التصدى لأولياء أمور يعتدون عليه وعليها، ويهدرون كل القيم، ولا يجدون فيما كانوا يفعلونه، أى جريمة لا تعليمية ولا خلقية ولا قانونية!
لكن الواقع يقول إن الاثنين، الآباء والأبناء ضحية لنظام تعليمى مهترئ، يقدس سياسة الحفظ والتلقين، عن نظم الفهم والإدراك وتنمية العقول. وتُركت مهام مصيرية مثل وضع مناهجه، لموظفى الوزارة مع كامل الاحترام لهم. لكن شغل وظيفة فى وزارة التعليم، لا يعنى القدرة المعرفية والفكرية والثقافية لوضع المناهج التعليمية، التى أخذت تكتفى بتستيف مواد دراسية فى كتب مدرسية، الهدف الأول منها هو الربح المادى، وتيسير اجتياز الامتحانات للطلاب، والنجاح بها، لا تكوين خبرة معرفية وثقافية ولا تنمية الوعى والإدراك. ومنذ عقود، بات النظام التعليمى بمجمله، ساحة للتجارب المتراكمة والفاشلة، حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من حالة تعليمية متردية يتخرج طلابه فى التعليم الأولى والجامعى وهم لا يعرفون لا القراءة ولا الكتابة، ولا لغتهم القومية.
يكشف امتحان اللغة العربية للثانوية العامة السنة الحالية، جانبا من هذا التردى. فمعظم الأسئلة يغيب عنها أى بعد جمالى، أو قيمة إنسانية عليا رفيعة المستوى، أو مسئولية اجتماعية، وفضلا عن ذلك تعبر عن ذوق سقيم. فالسؤال الذى تنسب إليه المشكلة يقول: أى من الكلمات التالية تعبر عن معنى عبارة «تتلظى القلوب من نعمتك».. تتطلع أو تتناسى أو تحقد أو تتحسر؟!
ولو أن المناخ العام السائد يعتنى باللغة العربية، ويتأمل فى مفردات معانيها ولا أقول جمالها، ويفكر بعقلانية، لا بمشاعر عاطفية عشوائية بدائية، تبحث عن المصالح فى الخربات، ما كانت تتلظى تصبح مشكلة. وكلمة تتلظى هنا واضحة المعنى عن الحسد والحقد والحُرقة واللهب، وهى فى النص القرآنى «نارا تلظى» أى لهيب النار. وفى رباعيات الخيام تقول الست ثومة: أطفئ لظى القلب بشهد الرضاب، أى أن القبلات تخفف حرقة قلوب العاشقين. لكن البحث دائم عن مشجب نعلق عليه الأخطاء والخطايا، فكانت «تتلظى».
أما ما هو مدهش ويدعو للاستغراب، أن يزج مجمع اللغة العربية نفسه فى المشكلة فيزيدها تعقيدا حين يعطى لها بعدا دينيا ليس واردا بها. ويدلى رئيس المجمع بتصريحات صحفية تزيد الطين بللا، حين يطالب بإلغاء درجة هذا السؤال من أجوبة الامتحان. أما السبب فجاء أكثر غرابة من الطلب، إذا استشهد بنص قرآنى لا علاقة له بجملة السؤال، متسائلا: تتلظى هنا بمعنى تشتعل، فكيف يمكن أن تشتعل القلوب بسبب النعمة، ناسيا أنها تشتعل القلوب حسدا من النعمة التى آل إليها صاحبها، أى إن الاشتعال حسدا للشخص على نعمته، لا على النعمة نفسها.
لم تكن المأساة تكمن فى تتلظى فقط. فقد ورد فى سؤال آخر فى نفس الامتحان ما يلى: استنتج مبعث سعادة المنفق الذى قصده الكاتب فى قوله «لأنك ملأت الأيدى الفارغة، وسترت الأجساد العارية». ولا اعتراض على أن الخيارات التى منحها السؤال للطالب، يمكن أن تجلب السعادة للإنسان، مثل إحراز المكانة والتضحية من أجل الآخرين، وقضاء حوائج الناس، والحياة والتعفف، لكنها بجانب ركاكتها ترسخ لدى جيل يستعد للالتحاق بالجامعة، أن السعادة تتحقق بالتبرع، الذى بات فى السنوات الأخيرة يعزز الحلول الفردية للمشاكل بدلا من البحث الجماعى عن حلول اجتماعية. وهى فضلا عن ذلك تطرح السؤال التالى: إذا كانت تلك هى نماذج لامتحانات اللغة العربية فى المدارس الثانوية، فما هى يا ترى نوعها فى الأزهر؟!
فى هذه المعركة اختلطت المفاهيم والقيم للتغطية على أصل الداء وفصله، وهو امتهان اللغة العربية فى كافة المجالات، والتدهور الشامل فى كافة المراحل التعليمية، والتعدد العشوائى لمناهجه وأنواعه، التى فرقت عن قصد بين تعليم الفقراء وتعليم الأغنياء، وذلك هى جوهر المسألة.
 

مقالات مشابهة

  • مقرر لجنة بالحوار الوطني: مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي رسالة ثقة في الاقتصاد الوطني
  • نائب رئيس المفوضية الأوروبية: نقدم 5 مليارات يورو لدعم الاقتصاد المصري
  • تفاصيل انطلاق مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي (فيديو)
  • مدير مكتبة الإسكندرية يشيد بعودة الاهتمام باللغة العربية بعد طمسها عدة أعوام
  • «خزانة الكُتب» تعرض الإصدارات الحديثة لمركز أبوظبي للغة العربية
  • مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي.. نقل خبرات وجذب استثمارات بقيمة 7.4 مليار يورو
  • أبعد من مسألة «تتلظى»
  • إصدارات مكتبة الملك عبدالعزيز العامة باللغة الكورية تجذب زوار معرض سيئول
  • روسيا.. العثور على مخطوطة باللغتين العربية واليونانية تعود إلى القرن الـ15
  • هل تم تسريب أسئلة امتحان اللغة العربية للتوجيهي؟.. التربية تجيب