لمياء الهرمودي (أبوظبي)
تساهم المدن المستدامة بفاعلية لتحقيق استراتيجية في الإمارات في الوصول إلى الحياد المناخي، لدورها في مراعاة الأثر البيئي، من خلال تقليل المدخلات المطلوبة من إنتاج الطاقة والمياه والمواد الغذائية، والنفايات من الحرارة، وتلوث الهواء - CO2، والميثان، وتلوث المياه.
 وتركز دولة الإمارات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، من خلال أجندتها التي من شأنها تمكين الوصول إلى الطاقة النظيفة، والحصول على غذاء كاف بأسعار معقولة، والتعليم ذي الجودة، والرعاية الصحية، والنمو الاقتصادي المستدام، والأنظمة البيئية السليمة، وزيادة كفاءة الموارد، بوصفها جميعاً قضايا يتردد صداها بقوة في دولة الإمارات.

 
كما تعهدت الدولة «بألا تترك أحداً خلف الركب» وبالانتقال بالعالم إلى مسار مستدام ومرن.

وقال أحمد باقحوم، الرئيس التنفيذي لمدينة مصدر لـ«الاتحاد»: مع استمرار النمو السكاني في المناطق الحضرية، أصبح تطوير الحلول التي من شأنها الحد من التأثير البيئي للمدن أمراً حيوياً بصورة متزايدة. لقد دأبت مدينة مصدر على تجاوز حدود المألوف في التنمية الحضرية المستدامة لأكثر من 15 عاماً، لكننا لسنا مجرد مدينة مستدامة - بل نحن بمثابة نموذج لمدن المستقبل الخضراء الراغبة في المساهمة في جهود التصدي لحل مشكلة التغير المناخي.
وأشار إلى أن المدينة تضم واحدة من أكبر تجمعات المباني الحاصلة على التصنيف البلاتيني بنظام ليد «LEED» في العالم، وتشهد نمواً سريعاً بفضل مشاريع منها على سبيل المثال، «مصدر سيتي سكوير» و«ذا لينك»، اللذان يضمان مبنيين صفريي الطاقة، بالإضافة إلى المسجد صفري الطاقة الذي أعلنا عنه مؤخراً. ويتم إنشاء هذه المشاريع الجديدة بما يتماشى مع أعلى معايير الاستدامة الدولية. وربما الأهم من ذلك هو أن كل مشروع من هذه المشاريع قابل للتطبيق التجاري على أرض الواقع، من خلال وجود حالة تجارية بالفعل، ما يدل على أنه يمكن تحقيق الاستدامة بتكلفة ميسورة ولأي شخص. مشاريعنا ليست بمعزل عن المجتمع. ومن المفترض أن يتم توسيع نطاقها وتكرارها حتى تصبح كل مدينة حلاً يساهم في التصدي للتغير المناخي.
وأضاف الرئيس التنفيذي لمدينة مصدر: يبدأ نهجنا في التنمية المستدامة بالتصميم السلبي، الذي ينسجم مع المكونات المادية للمبنى والبيئة الطبيعية لتقليل الحاجة إلى الطاقة. وتتضمن الأمثلة على التصميم السلبي الذي يقلل الحاجة إلى التدفئة أو التبريد، غلاف المبنى المحكم، ونسبة الواجهات إلى النوافذ، وتظليل النوافذ، وتوجيه المبنى بعيداً عن أشعة الشمس المباشرة. ولتقليل انبعاثات الكربون والتكاليف بشكل أكبر، نستخدم مواد منخفضة الكربون ومعاد تدويرها كلما أمكن ذلك، ونستخدم مواد قياسية من مصادر محلية لتقليل النفايات والانبعاثات الكربونية المرتبطة بالنقل.

وبدوره قال يوسف أحمد المطوع، الرئيس التنفيذي لمدينة الشارقة المستدامة: يشكل تطوير مجتمعات مستدامة خطوةً أساسية لتحقيق رؤية التنمية المستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. ونفتخر بالتقدم الذي حققته الدولة والأمثلة التي قدمتها للدول الأخرى، حيث أثبتت إمكانية تحقيق حياة مستدامة على الرغم من الظروف البيئية الشديدة. وتتضمن الأمثلة البارزة في هذا السياق المدن المستدامة، بما فيها مدينتنا، التي تحتضن مئات العائلات الراغبة بعيش حياة مستدامة، ودعم رحلة الإمارات لتحقيق صافي صفر انبعاثات، وأهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة. 
وأضاف المطوع: تشكل مدينة الشارقة المستدامة أول مجتمع سكني مستدام في إمارة الشارقة، حيث تم تطويرها، بالتعاون بين هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) وشركة دايموند ديفلوبرز. وتطمح المدينة إلى تحقيق صافي صفر الطاقة، وتوفير حلول عملية للأمن الغذائي وإدارة الماء والطاقة، فضلاً عن الحفاظ على الموارد الطبيعية، وذلك بالتزامن مع تعزيز جودة الحياة لسكانها وحماية الموارد للأجيال القادمة.
وتتضمن أهداف التنمية المستدامة مجموعة من 17 هدفاً مترابطاً صممت لتشكل «خريطة طريق لتحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة للبشر كافة». وضعتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2015 والمراد تحقيقها بحلول عام 2030، هي جزء من قرار للأمم المتحدة يسمى «جدول أعمال 2030».

أخبار ذات صلة الإمارات: سعي مستمر لوقف إطلاق النار في غزة «التعاون الخليجي» يشيد باستضافة الإمارات مجموعة من الأحداث والمؤتمرات

وتعمل الإمارات على تحقيق تلك الأهداف من خلال تنفيذ عدد من المشاريع تحافظ على النظم البيئية والموارد الطبيعية، وضمان استدامتها، من خلال السياسة الوطنية للمجتمعات السكنية الحيوية، والسياسة الوطنية لخفض انبعاثات قطاع النقل، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، أما الهدف 13 فيتضمن العمل المناخي، من خلال الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017 -2050، واستراتيجية الإمارات للطاقة 2050، والبرنامج الوطني للتكيف مع تغير المناخ، ومبادرة ملتقى تبادل الابتكارات بمجال المناخ.
«بصمة خضراء»
تعتبر مدينة مصدر في أبوظبي أبرز مدينة مستدامة في الدولة، حيث تأسست في عام 2008 وتعدّ رؤية رائدة لمدينة المستقبل في أبوظبي. وبهدف أن تصبح المدينة البيئية الأكثر استدامة في العالم، تمهّد مدينة مصدر الطريق من خلال تطوير «بصمة خضراء» للتنمية العمرانية المستدامة في المدن، مقدمةً حلولاً واقعية في مجال المياه وكفاءة استخدام الطاقة والحد من النفايات، وتجمع المدينة بين التقنيات المعمارية العربية القديمة والتكنولوجيا الحديثة، وهي مبنية حول نفق رياح عربي مركزي ضخم ينشر الهواء البارد في الشوارع والأزقة، ليصبح التجول فيها مريحاً حتى عند ارتفاع درجات الحرارة في الصيف.

الاعتماد على مصادر طاقة بصافي انبعاثات صفرية
ومن الأمثلة الأخرى للمدن المستدامة على مستوى الدولة المدينة المستدامة في دبي لاند، وتمتد على مساحة 5 ملايين قدم مربع، وتوفر مجموعة متكاملة من الخدمات والمرافق السكنية الخضراء من دون إحداث أي تأثير سلبي على البيئة، طوّرت المدينة المستدامة من قبل شركة دايموند ديفلوبرز عام 2015، وهي منطقة سكنية تتبع نمط حياة صديق للبيئة وتعتبر من أفضل المدن المستدامة الخضراء في دبي وتعكس رؤية إمارة دبي للمستقبل، حيث إنه المشروع الأول الموفر للطاقة في الإمارات ويقع في شارع القدرة. بنيت جميع عقارات المنطقة بشكل يحفظ ويوفر الطاقة بجميع أنواعها، مع الحفاظ على جميع مظاهر الحياة العصرية.
ومدينة الشارقة المستدامة وهي أول مجمع سكني مستدام في إمارة الشارقة. وتستخدم المدينة الطاقة المتجددة، وتهدف إلى الاعتماد بالكامل على مصادر طاقة بصافي انبعاثات صفرية. وتقوم المدينة بمعالجة مياه الصرف الصحي فيها بالكامل لري المساحات الخضراء، وتعمل على إعادة تدوير أكبر كمية ممكنة من النفايات لتجنب إضافة المزيد منها في المكبات. وتُنتج المدينة خضراوات خالية تماماً من المواد الكيميائية، وتشجع السكان على المشي، واستخدام وسائل التنقل النظيف. مدينة الشارقة المستدامة جاهزة لاستقبال السيارات الكهربائية.
ومن المرجح أن تقوم المدن المستدامة على أسس بيئية تسهم في التقليل من الانبعاثات الكربونية، والتغير المناخي، وتحقيق الاستدامة البيئية فعلى صعيد الغذاء يمكن أن يتم توزيع أماكن مخصصة للزراعة في المجمع لتقديم حلول عالية التقنية، مثل الزراعة العمودية بهدف زيادة إنتاج الغذاء، ودعم جهود الأمن الغذائي في دولة الإمارات العربية المتحدة. كما تم توفير مناطق زراعية، حيث يمكن للسكان تعلم الزراعة لإنشاء مجتمع مستدام ذاتياً. وتعتمد الزراعة الداخلية على أنظمة مختلفة بما في ذلك تقنية الغشاء المغذي (NFT)، والزراعة متعددة الطبقات، وأنظمة الزراعة من دون تربة، فضلاً عن تركيب وحدات الطاقة الشمسية على أسطح الفلل والمباني لتوفير 50% تقريباً من استخدام الطاقة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: المدن المستدامة الإمارات الحياد المناخي الطاقة تلوث الهواء مدینة الشارقة المستدامة التنمیة المستدامة المدن المستدامة دولة الإمارات مدینة مصدر مستدامة فی من خلال

إقرأ أيضاً:

صدمة ترامب تدفع سويسرا لنزع عباءة الحياد والدخول في تحالفات عسكرية

قلبت صدمة قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موازين الأمور في سويسرا، المعروفة بحيادها والنأي بنفسها عن التحالفات الدفاعية والعسكرية في القارة الأوروبية.

فقبل شهرين لم يكن أحد يتصور أن ينجح وزير الدفاع السويسري الجديد مارتين فيستر، الشخصية غير المعروفة والبعيدة نسبياً عن الدوائر السياسية في برن، في اقتناصه المنصب متغلباً على خصم قوي وعنيد وصاحب نفوذ قوي في العاصمة السويسرية.

وتكشف صحيفة فاينانشيال تايمز أبعاد لغز التحول السويسري من الحياد إلى الانخراط المباشر في تحالفات عسكرية، بتفضيلها شخصية فيتسر، الكولونيل السابق في الجيش السويسري الذي سيتولى منصبه وزيراً للدفاع في مطلع أبريل المقبل، والذي عُرف عنه دفاعه المستميت لدخول بلاده في تعاون عسكري دفاعي أوسع نطاقاً مع حلف الناتو وجيران سويسرا في الاتحاد الأوروبي.

وتلخص الصحيفة المسألة مستشهدة بتصريح للكولونيل فيتسر، الشهر الماضي، بأن التعاون والتدريبات والمناورات المشتركة مع حلف الناتو، الذي لا يضم في عضويته سويسرا، كان ضرورياً للغاية، متابعاً أنه بينما لا يحض على أن تكون بلاده عضواً في الحلف، فإن التحالف الدفاعي يبقى ضرورة لأمن أوروبا.

ويعكس تعيين فيتسر واختياره للمنصب الدفاعي الأول في البلاد، كيف بلغ الحال بسويسرا المحايدة وشعورها بالإلحاج والضرورة لتعزيز دفاعاتها، في ظل تهديدات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالتحلل من الضمانات الأمريكية التي لطالما عززت أمن القارة بما فيها دولة جبال الألب، سويسرا.

وفي مؤتمر صحفي حديث بعد انتهاء التصويت على اختياره وزيراً للدفاع الخميس الماضي، قال فيتسر إن الناتو آخذ في التغير، ولا نعلم إلى أي اتجاه يسير لذا فإن قدرات التشغيل البيني، والتعاون مع البلدان الأوروبية أصبحت ضرورية إذا كان الأمن مهماً بالنسبة لنا.

أي تحول في حياد سويسرا يستلزم استفتاءً عاماً وتغييرات دستورية، وهو أمر ربما يستغرق سنوات، حسب فاينانشيال تايمز، التي نقلت عن خبراء أنه رغم ذلك، هناك نقاشات بدأت تحدث على مستويات متعددة في الحكومة السويسرية ربما تقود إلى تحولات دراماتيكية في بلد ترتبط هويتها ارتباطاً وثيقاً بحالة الحياد السياسي التي تبنتها منذ عقود.

ويعلق رئيس الشؤون العالمية والمخاطر الناشئة في مركز جنيف لسياسات الأمن جين- مارك ريكلي، قائلا: لم أر من قبل سيناريو يصور مثل هذا الوضع الذي نحن بصدده الآن.

وأضاف "في العلاقات عبر الأطلنطي كانت هناك مراحل صعود وهبوط، لكن رؤية ابتعاد الولايات المتحدة عن أوروبا، علاوة على ميلها إلى جانب روسيا.. .أرسلت موجات صادمة عبر أوروبا بما في ذلك سويسرا.

وتنقل الصحيفة وجهة النظر ذاتها لدى الأمين العام لقسم الأمن والدفاع في اتحاد سويسميم، الكيان الصناعي وجماعة الضغط، ماثياس زولر، الذي قال هناك شعور بالإلحاح لم يكن موجوداً من قبل"، مضيفاً "أخيراً، كلا الطرفين- البرلمان علاوة على الحكومة- يرى أن هناك شيئاً ما يتعين فعله ولابد من تغييره.

الشعور العام في سويسرا بدأ في التحول نحو زيادة التعاون الأمني مع الدول الأوروبية المجاورة، وفق دراسة نشرتها الصيف الماضي الأكاديمية العسكرية في جامعة إي تي إتش زيورخ ومركز الدراسات الأمنية" التابع لها.

تحظر حكومة برن تصدير الأسلحة إذا كانت الدولة المتلقية لها منخرطة في أي حروب، في الداخل أو خارج حدودها، بما في ذلك أوكرانيا. وهو الموقف الذي أثار سخطاً في أوروبا، ولاسيما من جانب دول مثل ألمانيا، التي مُنعت من إعادة تصدير أسلحة وذخائر، صُنعت في سويسرا، إلى أوكرانيا.

وتستهدف سويسرا الوصول بإنفاقها الدفاعي إلى 1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2030، مرتفعة عن 0.7 في المائة في العام الماضي.

وتعد تلك النسبة أقل كثيراً عن غيرها من المستهدف في البلاد الأوروبية الأخرى، فالإنفاق المستهدف لدى دول "الناتو" يبلغ 2 في المائة، ويتوقع زيادة إلى 3 أو 3.5 في المائة في قمة الحلف في يونيو المقبل، بينما يصر ترامب على حلفائه الأوربيين تخصيص 5 في المائة من الناتج المحلي لبلدانهم.

اقرأ أيضاًترامب: لا أنوي فرض إعفاءات على رسوم الصلب والألومنيوم

ترامب: سأتحدث مع بوتين هاتفيا بشأن الأراضي والسيطرة على المحطات النووية

ترامب يفعّل "قانون الأعداء الأجانب".. لتسريع الترحيل الجماعى

مقالات مشابهة

  • برنامج إنقاذ الغذاء يمتد إلى الشارقة
  • هل يمكن أن تغرق مدينة الإسكندرية المصرية بسبب التغير المناخي؟
  • في ذكرى تحرير طابا.. سيناء تتلألأ بمشروعات عملاقة لتحقيق التنمية المستدامة
  • السويدي: الإمارات جعلت من تمكين المرأة ركيزة للتنمية الشاملة
  • رئيس الوزراء يشهد توقيع وثيقة تعزيز التخطيط والموازنة لتحقيق التنمية المستدامة
  • عرقاب: الجزائر ملتزمة بتطوير الطاقات المتجددة لتحقيق التنمية المستدامة
  • رشا إسحاق: تعزيز الحماية الاجتماعية ضرورة لتحقيق العدالة والتنمية المستدامة
  • نائبة: برامج الحماية الاجتماعية والسياسات أدوات حيوية لتحقيق التنمية المستدامة
  • 25 مليار درهم و60 ألف ساكن.. مدينة أجمل مكان تُحدث نقلة نوعية في عقارات الشارقة
  • صدمة ترامب تدفع سويسرا لنزع عباءة الحياد والدخول في تحالفات عسكرية