مارس 3, 2024آخر تحديث: مارس 3, 2024
عبدالله جعفر كوفلي
باحث أكاديمي
٣لكل إنسان طريقته الخاصة للتعبير عن نفسه وما لديه من أفكار ورؤى، هذا ما يمنح الحياة طعماً رائعاً وجمالا بجمال فصول السنة.
الكتابة إحدى هذه الطرق وأكثرها أهمية وإثارة باختلاف أنواعها وأساليبها ومن المؤرخين من يربط تاريخ البشرية بتاريخ ظهور الكتابة وكأنه ليس للإنسان حياة قبلها، لولا الكتابة لما كان لنا إطلاع او علم بما كان يجري في الأزمنة القديمة الغابرة.
اختيارنا للكتابة في التعبير عن ذاتنا وطرح أفكارنا وآرائنا لم يكن عبثياً أو محض صدفة، بل كان حباً وهواية وباباً ندخل به إلى عالم يصعب معرفته دون الكتابة، وإيماناً منا بأن الإنسان يجب أن يترك بصمة حقيقية وأثراً من ورائه ولا يكون مجيئه للحياة عارياً مثل خروجه عارياً ملفوفاً بقطعة قماش أبيض للستر لا اكثر، فإن لم نزدد شيئا ً في حياتنا كنا زائدين عنها.
من المؤكد ان كل ما يُكتب لا يُقرأ وإن قُرئ لا يفهم لإن الكاتب كثيرا ً ما يعبر عن خفايا الذاكرة والاسرار المكنونة ويقرأ الأحداث وكل ما تقع عليه العين ويرى ضرورة الكتابة عنه، لكنّ المهم ان يكون الكاتب قادراً على تحريك أفكار قراء ما يكتبه ويحثهم على القراءة والكتابة أو يحفّزهم على ان ما نراه ليس كل شيء بل هناك من الأمور التي لا تعد ولا تحصى خلف الستار وبين السطور والبدء بالتفكير عما يدور من حولهم ومحاولة الوصول الى حقيقة الاحداث.
ما اكتبه نابع من إيماني بأن الحياة قصيرة وتطلب منا كثيراً وعلينا أن نتحمل المسؤولية ولا أن نلوم الآخرين على عدم فعل كذا وكذا.
اكتب محاولاً أن امسح دموع الحزن من الوجوه وأرسم الابتسامة على الشفاه التي غابت عنّها وازرع ألامل بأن التغير قادم لا محالة وعلينا أن نكون مستعدين له ولا نفاجأ ونصطدم ونصاب بالصدمة وحينها يكون الأمر صعباً جداً.
أكتب وسأظل اكتب لأقول لمن حولي إن الطريق مهما كانت طويلة لابد لها من نهاية لتشرق الشمس بنورها وتُنهي ظلام الليل ببزوغ فجر ساطع فيه الامل والإحساس بالأمان والسكينة، والنجاح ما هو إلا محطات من الفشل المعتبر والسقوط والضياع والوقوف ثانيةً وثالثة، أعرف يقيناً أن طريق الوصول إلى القِمة غير مفروش بالورود لانها إن كانت كذلك لرأيت الجميع هناك يسرحون ويمرحون.
لقد حققت بكتاباتي الكثير واهمها أنني عرفت نفسي وذاتي وأملك ما لا يملكه غيري وشعرت بالألم في بحور الكلمات لأنهض منّها ونلقى الدفء بينّ العبارات، فالكلّ يبحث عن الامان والحنان والذكريات السعيدة، تعلمت من الكلمآت لذةً ومتعة وسكون الروح والقلب، وإننا هنا لنقرأ ونبحث ونستنتج ونكتب ونكتشف عما في داخلنا من أفكار ومشاعر ومشاريع وأمور مهمة لأنني مختلف عن غيري وأملك رؤية واضحة ليست بالضرورة أن تكون مثل رؤية آخرى ولكن المهم أن تكون الرؤيتين واضحتين ومتكاملتين وان لا تكونا متناقضتين حد النكران أو الخوف منها.
كتاباتي تعنيني وانا من أقوم برص الحروف والكلمات لتكون جملة مفيدة ومعبرة وأنا المسؤول عنها وأقدّر عالياً جهود الآخرين وأشدّ على أيديهم وأحثهم على المزيد ولا اقف في طريقهم بل احاول ان امسك بأياديهم وأدلهم إلى طريق الصواب وعدم التعثر لأن خير الناس من نفعهم، من المؤكد ان كتاباتي لا تروق للجميع لذا فإني لست ببعيد عن سهام النقد والتشهير والتقليل من قيمة الكتابة وهذه هي الحياة بذاتها ودليل على قدرتي في تحريك الآخرين وان كان بالسلبية التي استفاد منها الكثير لأنها تمنحني القدرة على المواصلة والفرصة للتفكير أكثر والتفوق على الآخرين.
هذا بأختصار كتاباتي وهذا باختصار ذاتيّ وانا وسأبقى أنا أنا وأنت أنت وعلينا ان نعيّش ونتبادل الآراء والأفكار المختلفة دون مشاحنات او كسر القلوب فالطريق يسع الجميع..
من قدرنا المحتوم ان الكتابات غالباً لا يفهمها إلا القليل حينما يكون الكاتب بينهم وبعدّ الرحيل يبدأ المحللين والنقاد بفكّ الكتابات والوقوف على كل حرف وكلمة ليخرجوا منه مغزاها وما كان يريد الكاتب قوله، هذا ان كان هناك ضميراً أو رغبة لذلك يدفع صاحبه الى فعل ذلك.
ما اكتبه ليس لإرضاء احد وإنما هي آرائي ومنشوراتي وتعبر عن ذاتي، لأنكم قد تحبونني في هذا وتشتمونني أو تكرهوني في غيره. المهم انها محاولة جادة لتصحيح المسار ورؤية العالم من زاوية أخرى لانها أوسع بكثير مما نراه.
هذا هو رأيي واحترم كل وجهات النظر التي تخالف دون كراهية الآخرين أو الانتقاص منهم..
المصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
مستقبل الكتابة وأخلاقيات الإبداع في عصر الذكاء الاصطناعي
الشارقة (الشارقة)
ضمن فعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 43، التي انطلقت تحت شعار «هكذا نبدأ»، عُقدت ندوة بعنوان «مستقبل التأليف في ظل التطور التكنولوجي»، بمشاركة الباحثتين في مجال الذكاء الاصطناعي ريم تامر الدندشي، وفاطمة علي حسن، حيث ناقشتا أبرز التحديات والفرص التي يواجهها مجال التأليف في عصر الذكاء الاصطناعي، وتناولتا كيفية تطور عملية التأليف مع ظهور تقنيات متقدمة مثل ChatGPT، وأثر الذكاء الاصطناعي على الكتابة الأدبية.
استهلت ريم الدندشي، التي تشغل منصب مساعد تنفيذي للبحث العلمي في جامعة الشارقة، حديثها بتسليط الضوء على الأهمية التي احتلتها برامج الذكاء الاصطناعي في حياتنا، خلال السنوات الثلاث الماضية، وكيف أصبحت هذه البرامج جزءاً لا يتجزأ من حياتنا وروتين يومنا، حيث وجهت الدندشي سؤالاً للحضور: كم شخصاً يستخدم الـ ChatGPT في يومه، وأجاب معظم الحضور بالإيجاب. بعدها، تطرقت الدندشي لطريقة عمل هذه البرامج، مسلطة الضوء على الدور الكبير الذي تلعبه شركات جمع البيانات لتطوير برامج الذكاء الاصطناعي، وضمان تقديم تجربة متكاملة للمستخدمين.
جوانب قانونية وأخلاقية
من جانبها، أكدت فاطمة علي حسن، رائدة الأعمال، الحاصلة على الماجستير في قانون الملكية الفكرية، أهمية الدور المحوري الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في تقديم حلول مبتكرة لقطاع التأليف والإبداع. وتطرقتْ للحديث عن القضايا القانونية والأخلاقية التي يواجهها العديد من المبدعين، وأبرزها مسألة سرقة الأفكار وحقوق الملكية الفكرية، التي غالباً ما تحدث بسبب الاستخدام غير المنظم أو غير المشروع لتقنيات الذكاء الاصطناعي. وشددت فاطمة على ضرورة وضع ضوابط قانونية صارمة وأطر أخلاقية واضحة تحمي حقوق المؤلفين والمبدعين، وتعزز من احترام الملكية الفكرية، لضمان ألا يتعرض الإبداع البشري للتهديد أو التهميش.
تحديات ملحة
في ختام الندوة، فُتِح باب النقاش مع الجمهور للحديث عن التحديات التي يرونها ملحة، وتخص مجال التأليف والإبداع في عصر الذكاء الاصطناعي، حيث عبّر جمهور الندوة من الكتّاب والمبدعين عن قلقهم فيما يخص مسألة أصالة الأعمال وحمايتها من التقليد. فالتطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي جعل من السهولة إنشاء محتوى مكتوب يشبه أسلوب البشر تماماً، كذلك من التحديات التي تحدثوا عنها أن المبدعين صاروا اليوم يواجهون صعوبة في الموازنة بين الاستفادة من أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين إنتاجهم وبين الحفاظ على لمستهم الإبداعية الخاصة، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى جمود العقل المبدع، وتآكل التفرد الفني.