الحكومة اليمنية تستعد لمقاضاة ملاك سفينة روبيمار الغارقة
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
أعلنت الحكومة اليمنية بأنها بصدد رفع قضية دولية ضد ملاك سفينة "روبيمار" البريطانية التي غرقت قبالة المخا للحصول على تعويضات للتقليل من الآثار البيئية الخطيرة التي ستلحق بالأحياء البحرية وسيتضرر منها قطاع كبير من شريحة الصيادين.
وقال وزير النقل اليمني، عبدالسلام حُميد، إن ما جرى في البحر الأحمر ليس بالعملية السهلة، وهي قضية كبيرة وليس بمقدور الحكومة اليمنية لوحدها أن تتحملها، ويجب على المجتمع الدولي والمنظمات والجهات الفاعلة في جانب حماية البيئة تقديم العون والمساعدة لتفادي أضرار هذه الكارثة الخطيرة.
وأشار في تصريح له على قناة "الحدث" إلى أن خلية الأزمة الخاصة بالسفينة التي تم تشكيلها من قبل الحكومة ووزارة النقل عضو، أبلغت على مدار 12 يوما الماضية المنظمات الدولية والجهات الأممية وملاك السفينة بالتحرك العاجل للبحث عن أية شركات إنقاذ لقطر السفينة إلى أقرب ساحل. إلا أن ملاك السفينة والجهات الدولية لم تبدِ أي تجاوب أو جهد بشأن هذا الأمر.
وأضاف الوزير حُميد إن هناك إجراءات قانونية سوف تقوم بها الشؤون البحرية اليمنية عن طريق محام دولي من أجل الضغط على ملاك السفينة لتقديم التعويضات للتخلص والتقليل من الآثار البيئية الخطيرة التي ستخلفها مواد السفينة التي غرقت في مياه البحر.
وقال إن ما يجري في البحر الأحمر وخليج عدن من تصعيد عسكري أو كوارث بيئية قد تحدث فيه ليس مسؤولية الحكومة اليمنية وحدها، ويفترض أن يتحمل المجتمع الإقليمي والدولية المسؤولية أيضا حماية هذا الممر الملاحي الهام. موضحا: منذ اندلاع أزمة البحر الأحمر ارتفعت تكاليف الشحن بشكل كبير وباتت الخطوط الملاحية تتجنب الموانئ اليمنية، ومع غرق السفينة "روبيمار" سوف تتضاعف المعاناة أكثر.
وأكد وزير النقل اليمني أن ميليشيا الحوثي حاصرت الشعب اليمني على مدى 10 سنوات، ودمرت الاقتصاد وحولت الشعب اليمني إلى مجتمع يعيش على المساعدات بنحو 80%، إلى جانب تعطيل كل الخدمات الأساسية والبنى التحتية، واليوم من جديد تواصل هذا النهج وتحاصر الشعب اليمني من خلال استهداف الملاحة الدولية التي تؤثر على المواطنين بدرجة مباشرة.
وأشار إلى أنه تم توجيه رسائل عاجلة عقب غرق السفينة إلى رئيس المنظمة البحرية الدولية، لطلب المساعدة من قبل المنظمة والجهات الدولية في جانب تفادي الآثار البيئية الخطيرة التي ستخلفها، كما تم توجيه رسالة أخرى إلى لجنة الطوارئ لمتابعة المستجدات والتواصل مع المنظمات الإقليمية والدولية، منها الهيئة الإقليمية للمحافظة على البيئة في خليج عدن والبحر الأحمر، ومقرها جدة، وبلادنا عضو فيها.
وجدد الوزير حُميد أن الحكومة حذرت في وقت مبكر من حدوث كوارث بيئية كثيرة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن من جراء الأعمال العسكرية التي تقوم بها الميليشيات الحوثية بقصف السفن التجارية والناقلات المارة في خطوط الملاحة الدولية.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: الحکومة الیمنیة البحر الأحمر
إقرأ أيضاً:
أمريكا وسياستها في البحر الأحمر
تمضي إسرائيل اليوم ومن ورائها أمريكا وبريطانيا والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن إلى تنفيذ فكرة الشرق الجديد، وتنفيذ الخطط الاقتصادية، ومنها الخطط المتعلقة بحركة التجارة العالمية، والسيطرة على مساراتها، وهم ماضون في تحقيق الحلم القديم الذي نشأ بعد تأميم قناة السويس في عام 1956م والمتمثل في إنشاء قناة بن غوريون التي تعمل على تسهيل الحركة بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط في مسارين دون توقف أو إعاقة في حركة منسابة وسهلة لا يمكن لقناة السويس توفيرها بسبب الجغرافيا، والمشروع كبير ويدر دخلا قوميا كبيرا جدا وفق خططه ودراساته المتوفرة .
وقد برزت أهمية البحر الأحمر في منظور السياسة الأمريكية في أعقاب حرب أكتوبر 1973م حين استخدم العرب النفط كسلاح سياسي في سياق المعركة بينهم وبين إسرائيل، وكان للتوسع الأمريكي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام 1990م دور كبير أثناء رسم السياسات الدولية وتحديد خطوطها الرئيسية، وقد تزايد اهتمام أمريكا بالمنطقة العربية بعد تفردها بحكم العالم حيث يشكل البحر الأحمر أحد محاورها المهمة لكونه يمثل طريقا استراتيجيا لحركة المواصلات العالمية، وله علاقة بالعديد من النزاعات الإقليمية والدولية كالصراع العربي الإسرائيلي، والصراع الإيراني الأمريكي، والصراع الأمريكي الصيني، وسعي العديد من القوى الدولية إلى إقامة قواعد عسكرية على سواحله الممتدة لعشرات الآلاف من الكيلومترات.
وتأتي أهمية البحر الأحمر لكونه بحراً عربياً بنسبة تفوق التسعين بالمئة من سواحله، ومن ناحية أهميته في اعتماد التجارة الدولية بين شرق وغرب الكرة الأرضية على استخدام مياهه واحتواء أغلب الدول المطلة عليه على ثروات معدنية وطبيعة خلابة وسواحل مرجانية فضلا عن احتوائه على كميات كبيرة من النفط والمعادن الأخرى.
ومن هنا كان لا بد للولايات المتحدة من مبررات ودوافع تمكنها من السيطرة على هذا الممر المائي المهم على المستويين السياسي والاقتصادي وقد “أعلنت البحرية الأمريكية تأسيس “قوة مهام جديدة”، مع دول حليفة، تقوم بدوريات في البحر الأحمر، وحُددت مهمتها “تعزيز الأمن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن”، وبشكل أدق “التصدي لتهريب الأسلحة إلى اليمن”، وهي ذرائع لمطامع استعمارية وصهيونية خطيرة.
ويمثل البحر الأحمر أهمية ذات بعد استراتيجي بسبب ارتباطه بمنطقة الخليج، فأمريكا ترى ضرورة استمرار تأمين خطوط الملاحة التي يمر بها النفط والغاز عبر البحر الأحمر وقناة السويس، سعيا منها إلى أن تكون أكثر سيطرة على طرق النفط وعلى منابع النفط حتى تحد من دول الاتحاد الأوروبي، ومن خلال تواجدها في البحر الأحمر وفرض هيمنتها عليه تسعى أمريكا إلى إعادة ترتيب المنطقة طبقا لمصالحها الحيوية والفاعلة، كما أن البحر الأحمر يمثل أهمية عسكرية في حال تهديد المصالح الأمريكية من أي قوة عسكرية محتملة تهدد مصالحها، والأهم وجود مصالح استراتيجية مشتركة بين إسرائيل وأمريكا إذ تلتزم أمريكا بضمان أمن إسرائيل في مواجهة أي احتمال عسكري أو اقتصادي يهدد وجود إسرائيل في المنطقة .
” وحضور أمريكا المباشر قد يكون مزمناً بتثبيت تواجدها وتكريس صهيونية البحر الأحمر حتى يكتمل تحالف ” الناتو العربي الصهيوني” ليقوم بمهمة السيطرة على المنطقة وضمان المصالح الأمريكية، حينئذ محتمل أن تقلص الولايات المتحدة من حضورها المباشر في البحر الأحمر، أما في الظروف الراهنة فلا زالت الجزيرة العربية بالغة الأهمية لها، وخاصة مع سعي كل من روسيا والصين إلى فرض نظام متعدد الأقطاب وبالتالي إعادة رسم خارطة التوازنات العالمية ومعها الانتشار العسكري، فالولايات المتحدة منذ انتصارها على المعسكر الاشتراكي أعلنت “الشرق الأوسط” منطقتها العسكرية المركزية ونشرت فيها أساطيلها وهيمنت عبر الخونة والعملاء عليها” .
“خلف هذا التحرك عاملان: استراتيجي، وتكتيكي، الاستراتيجي: وهو متعلق بالسياسة الأمريكية الصهيونية في ضرورة السيطرة على المضايق البحرية وعلى البحر الأحمر بشكل خاص وعلى منابع النفط، فالبحر الأحمر وفق هذه الاعتبارات يقع في قلب الاستراتيجية الأمريكية الصهيونية .
أما البعد التكتيكي، فهو متعلق بتضاعف القوة اليمنية في البحر الأحمر، واستباق احتمالات التسوية السياسية في اليمن لترسيخ الوجود الأمريكي كأمر واقع، وكذلك تفاقم الأزمة الغربية الروسية الصينية وما يرتبط بها من تحركات لهذه الدول على مستوى العالم أشبه ما يكون بتسجيل نقاط في رقعة شطرنج، في الوقت الذي تحتكر فيه روسيا الحضور العسكري في البحر الأسود حتى الآن وتزداد التصريحات الصينية بأحقية سيادتها في بحر الصين الجنوبي. ”
والخلاصة تريد أمريكا أن تضمن ثلاثة أهداف استراتيجية من خلال فرض هيمنتها على البحر الأحمر هي:
– ضمان عدم سيطرة القوى التي تراها معادية لمشروعها في المنطقة وخاصة محور المقاومة وجل ما تخشاه أن يحدث تحالف بين الصين ودول المنطقة أو بين الدول المطلة على البحر الأحمر وروسيا.
– الهدف الثاني: هو ضمان بقاء إسرائيل واستمرارها في المنطقة، فهي تفرض حمايتها لإسرائيل، فاللوبي الصهيوني الضاغط في أروقة البيت الأبيض والمتحكم في مفاصل الدولة والاقتصاد يفرض مثل هذه السياسة على أمريكا فهي مجبرة لا بطلة في الأمر.
– الهدف الثالث: هو ضمان تدفق النفط والغاز عبر البحر الأحمر وعبر المضايق دون أي قلق وهي اليوم أشد حرصا منها بالأمس بعد أن أشعل الدب الروسي فتيل المعركة في جزيرة القرم وتسبب ذلك في تأثر سوق الطاقة في أوروبا، وتركت الحرب أثرا على اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي وعلى أمريكا نفسها، لذلك تخوض حربا مع روسيا بالوكالة من خلال أوكرانيا فهي مع دول الاتحاد الأوربي يدعمون أوكرانيا لوجستيا وعسكريا ويقودون المعركة من خلف جدر أو من بروج مشيدة.
تلك الأهداف كانت وراء تعثر المفاوضات السياسية وبقاء الحال على ما هو عليه حتى تضمن لها موقع قدم في البحر الأحمر دون تهديد من أي قوة عسكرية، فهي ترى أنصار الله كقوة وطنية تحررية معادية لمشروعها لذلك تحاول أن تُفشل أي تقارب سياسي بين صنعاء ودول التحالف العربي ولعلها بعدوانها اليوم تفصح عن هذه الأهداف دون مواربة أو شك.