صواريخ الاحتلال تمنع رسالة "نحن على قيد الحياة"| معاناة الفلسطينيين بغزة من أجل مكالمة تليفون والحلم إجراء اتصال واحد
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
من منزلهما في الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل، تحاول رنا، 46 عاماً، وزوجها علاء البالغ من العمر 54 عاماً، الوصول إلى أسرتهما في غزة، وتقول رنا: "الآن، عندما أريد الاتصال، أتصل بكل فرد من أفراد الأسرة واحدًا تلو الآخر، وأتصل بهم أربع أو خمس مرات لمعرفة من يتصل، فقط أخبرني أنك بخير، وهذا كل شيء، ولست بحاجة إلى المزيد"، ولكن في أغلب الأحيان يكون الأمر عديم الجدوى، وتقول إن الأمر قد يستغرق أيامًا قبل أن تتلقى رسالة نصية من أي شخص من الأهل بغزة،
وبحسب التقرير الذي نشرته صحيفة NPR الأمريكية، فلم ترغب الأسرة في استخدام أسمائها الكاملة خوفا من انتقام السلطات الإسرائيلية، ووفقا لشركة Netblocks، وهي شركة تتعقب انقطاع خدمات الإنترنت في مناطق الصراع، كان هناك حوالي 10 انقطاعات في الاتصالات السلكية واللاسلكية في غزة منذ بداية الحرب، حتى قبل بضعة أسابيع، وهنا يرصد التقرير أبعاد أخرى للحرب، وكيف تسخر تل أبيب أهداف صواريخها لمنع الناس بغزة من إرسال رسالة للخارج، بأننا مازلنا على قيد الحياة، وهنا نرصد تفاصيل الحرب حول مكالمة هاتف.
عندما قطعوا الاتصالات بكينا وقلنا قتلوا الجميع
وتستكمل السيدة الفلسطينية روايتها عن المعاناة من أجل مكاملة هاتف، وتقول رنا: "عندما قطعوا الاتصالات، بكينا ونحيب، خلاص، لقد قتلوا الجميع"، فبالنسبة للأشخاص الذين يعيشون في قطاع غزة، كان التواصل مع العالم الخارجي خلال الحرب صعبًا للغاية، وذلك في ظل حرب ممنهجة تتبعا تل أبيب لمنع وصول صوت أهل غزة إلى الخارج.
وقد أدى انقطاع التيار الكهربائي وتدمير البنية التحتية للاتصالات والهجمات الإلكترونية المزعومة إلى جعل العديد من الفلسطينيين غير قادرين على إجراء مكالمات لسيارات الإسعاف أو إبقاء أفراد الأسرة على اطلاع دائم بأحوالهم، كما أعاقت منظمات الإغاثة من تقديم الخدمات المنقذة للحياة.
دمرت الحرب البنية التحتية الحيوية
في المقر الرئيسي لشركة الاتصالات الفلسطينية (بالتل) في مدينة رام الله بالضفة الغربية، هناك نحو اثنتي عشرة شاشة مراقبة مثبتة على جدران مركز عمليات الشبكة، يعرض بعضها أرقامًا ورسومًا بيانية، بينما يعرض البعض الآخر خرائط لغزة، وبالتل هي واحدة من شركتين فقط تقدمان خدمات الإنترنت والخلوي في قطاع غزة، (الشبكة الأخرى هي Ooredo، وهي شركة مملوكة لقطر).
حمزة نصيف، رئيس العمليات الأساسية لشركة الاتصالات الفلسطينية، يقف في مركز العمليات بمقر شركة بالتل في رام الله، الضفة الغربية، ويقول نصيف إن شركة بالتل لديها أكثر من 500 برج اتصالات في غزة، وقد تم تدمير 80% منها خلال الحرب، ويشير حمزة ناصيف، رئيس عمليات شركة بالتل، إلى خريطة غزة التي تحتوي على العشرات من الأعلام الحمراء الصغيرة في أعلى وأسفل المنطقة، بالإضافة إلى القليل من الأعلام الخضراء، وتشير الأعلام الحمراء إلى المواقع التي تم تدميرها أو خارج الخدمة، ولا يزال عدد أقل بكثير من تلك الخضراء يعمل.
التحديات المعقدة سبقت الحرب
فيما يقول مأمون فارس، المقيم في رام الله والذي كان مسؤولاً عن الاستجابة الطارئة لشركة بالتل في غزة منذ بداية الحرب: "إن العمل في هذا الجزء من العالم أمر صعب للغاية، فذلك حتى في وقت السلم"، ويضيف فارس: "تشغيل الاتصالات للفلسطينيين أمر معقد من قبل الحكومة الإسرائيلية لأنها تسيطر على حدود الأراضي الفلسطينية، وكذلك الواردات والصادرات، مما يجعل من الصعب جلب الإمدادات.
ويتعين على شركة بالتل أن تحصل على إذن من الجيش الإسرائيلي للذهاب إلى غزة لإصلاح كابلات الألياف أو توصيل وقود الديزل اللازم لمولدات الطاقة. يمكن أن تستغرق هذه العملية أيامًا، وتخضع الشركة أيضًا لرقابة حماس في غزة والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، علاوة على ذلك، كان أحد شروط اتفاقيات أوسلو التي وقعتها إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في عامي 1993 و1995 هو أن تسيطر إسرائيل على جميع الاتصالات الخلوية والتكنولوجيا التي بناها الفلسطينيون، وفي الواقع، وبسبب القيود التي تفرضها الحكومة الإسرائيلية، لم تعمل غزة إلا عبر خدمة الجيل الثاني الخلوية - وهو نظام قديم تم إغلاقه في العديد من البلدان.
أكثر من مجرد مزود اتصالات
وخلال الحرب بين إسرائيل وحماس، عمل وكلاء خدمة عملاء بالتل كمراكز اتصال للطوارئ، محاولين ربط أفراد الأسرة المفقودين ببعضهم البعض، أو الاتصال بسيارات الإسعاف، ويقول محمود عساف، مدير مركز الاتصال في رام الله، إن الشركة أصدرت تعليمات لموظفي خدمة العملاء بإعطاء دقائق مجانية لأي شخص يتصل برقم هاتف في غزة، حيث تأثر موظفينا عاطفياً أثناء العمل أثناء الحرب، ويضيف: "تخيل أن أحداً يتصل بك بشأن شخص عزيز عليك على وشك الموت، وبصفتك وكيل عملاء، لا يمكنك المساعدة جسديًا".
فيما يوضح فارس، رئيس قسم دعم الشركات في شركة بالتل، أن الشركة معتادة على العمل في أوقات الحرب، لكن هذه الحرب غير مسبوقة، وتايع: "حجم الدمار أصبح أسوأ فأسوأ، فقد تم قصف مبنى مكتبنا الرئيسي – وكان ذلك الأول من نوعه بالنسبة لنا، وبعد ذلك، تم قصف مكاتب الصرافة ومراكز البيانات لدينا واحدًا تلو الآخر، فإسرائيل قامت بتخريب الاتصالات في غزة مرتين عن طريق قطع الكابلات التي تمر عبر إسرائيل عمدا".
معاناة الإصلاح في ظل جرائم تل أبيب
وعندما يحدث تلك الاستهدافات للبنية التحتية للشركة يوضح فارس، أن الشركة تحاول حل المشكلة من خلال مناشدة الاتحاد الدولي للاتصالات، أو الحكومة الأمريكية للتوسط مع الإسرائيليين، فإذا لم ينجح ذلك، فإنهم يناشدون المنظمات الإنسانية مثل الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر، ثم ينتظرون ليروا ما إذا كان بإمكان أي شخص الضغط على الجيش الإسرائيلي لإنهاء انقطاع التيار الكهربائي.
ووفقا للصحيفة الأمريكية، يقول المسئول بشركة بالتبل، إن بقية حالات انقطاع التيار الكهربائي ترجع إلى تدمير إسرائيل للبنية التحتية الأوسع في غزة، وتمتد شبكات الألياف الضوئية على طول الشوارع التي تم تجريفها، وتم تدمير مواقع الراديو، كما أثر انقطاع التيار الكهربائي والصعوبات الفنية الأخرى على منظمات الإغاثة، فقبل بضعة أسابيع، أراد الصليب الأحمر توفير خدمة الإنترنت لأحد مكاتبه، ويتذكر فارس قائلاً: "أخبرناهم أنه ليس لدينا كابل بطول 200 متر للاتصال بمكتبكم".
وقد أدى انقطاع الاتصالات إلى إعاقة قدرة مجموعات الإغاثة على القيام بعملها، وتقول جولييت توما، مديرة الاتصالات في وكالة الأمم المتحدة التي تقدم المساعدات إلى غزة ، لإذاعة NPR في يناير: "بالنسبة لعمليات الإغاثة وتنسيق تقديم المساعدات، من الصعب للغاية عدم وجود خط هاتفي" .
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: انقطاع التیار الکهربائی شرکة بالتل رام الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
بعد مرور عامين على الزلزال المدمر.. معاناة الناجين تتواصل بلا انقطاع
ورغم مرور عامين، لا تزال أصداء الزلزال المدمر تطارد عمر أيدين، كهربائي يبلغ من العمر 51 عاما، نجا مع والدته المسنة وأطفاله من الكارثة التي دمرت منزله في مدينة إسكندرون الساحلية، ضمن مقاطعة هاتاي الأكثر تضررا.
بعد عامين على الزلزال المدمر الذي ضرب جنوب تركيا، لا تزال تداعياته تثقل كاهل عمر أيدين والعديد من الناجين. ففي شتائه الثالث، يجد الأب الوحيد لثلاثة أطفال نفسه عالقا بين جدران وحدة سكنية مؤقتة أشبه بحاوية شحن، يصارع ليس فقط آثار الكارثة، بل أيضا وطأة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي تضغط على البلاد بأسرها.
في السادس من فبراير 2023، ضرب زلزال مدمر بقوة 7.8 درجة جنوب وجنوب شرق تركيا، أعقبه زلزال قوي آخر بعد ساعات، ما أسفر عن دمار هائل طال مئات الآلاف من المباني وأودى بحياة أكثر من 53,000 شخص. كما لقي 6,000 آخرون مصرعهم في المناطق الشمالية من سوريا المجاورة.
ورغم مرور عامين، لا تزال أصداء الزلزال المدمر تطارد عمر أيدين، كهربائي يبلغ من العمر 51 عاما، نجا مع والدته المسنة وأطفاله من الكارثة التي دمرت منزله في مدينة إسكندرون الساحلية، ضمن مقاطعة هاتاي الأكثر تضررا.
ويقول أيدين، الذي يعيش الآن في وحدة سكنية مؤقتة ضمن "مدينة الحاويات"، إن أصوات المنازل المنهارة وصرخات الاستغاثة لا تزال تتردد في ذهنه. وأضاف في حديثه لوكالة "أسوشيتد برس"، "ما زلت أرتجف عندما تخطر ببالي تلك اللحظات".
بعد انهيار منزله إلى قسمين، اضطر أيدين وأسرته إلى الاحتماء في خيمة بدائية صنعها من صفائح بلاستيكية وقطع خشب، وقضوا فيها أربعة أيام قاسية تحت وطأة البرد. واليوم، يواصل الأب الوحيد كفاحه لتأمين احتياجات أسرته، معتمدا على معاش الدولة الضئيل، الذي بالكاد يغطي نفقاتهم.
ورغم خبرته ككهربائي، إلا أن فرص العمل في إسكندرون نادرة، مما يزيد من معاناته، خاصة مع احتياجات ابنه الأكبر، البالغ من العمر 26 عاما، الذي يخضع لعلاج السرطان، ويضطر إلى السفر بانتظام إلى مستشفى في أضنة، على بعد 135 كيلومترا.
أما ابنته الصغرى، فهي لا تزال في المدرسة، في حين ينتظر ابنه الأوسط بدء خدمته العسكرية وهو حاليا عاطل عن العمل.
"الحياة في مدينة الحاويات صعبة، والظروف الصحية قد تكون سيئة"، يقول أيدين، الذي تأهل للحصول على أحد المنازل الحكومية الجديدة قيد الإنشاء، لكنه يساوره القلق بشأن تأثيثه وتحمل تكاليف المعيشة فيه. وأضاف بأسى: "لا أملك حتى دبوس، فكيف سأتمكن من تدبر أموري عندما يحين وقت الانتقال؟"
أفادت وكالة الأناضول الحكومية يوم الخميس أن صلوات خاصة أقيمت في المساجد لتكريم الموتى، فيما زار الناجون المقابر للصلاة لأحبائهم، وتركوا القرنفل على قبورهم، وقدموا تعازيهم لزملائهم الزوار.
Relatedشاهد: عام على زلزال تركيا المدمر.. المنكوبون يكافحون من أجل إعادة بناء سبل بيوتهم وحياتهم"لو عظمة منهم على الأقل".. بعد عام على زلزال تركيا المروع.. عائلات لا تزال تبحث عن رفات ذويهاوقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مؤخرا، إنه تم الانتهاء من 45% من المساكن المتضررة من الزلزال بحلول نهاية عام 2024. وتهدف الحكومة إلى تسليم ما مجموعه 452,983 وحدة سكنية وتجارية ومساحات عمل أخرى بحلول نهاية عام 2025.
وقال جيسي تومسون، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في تركيا، إن ما يقرب من نصف مليون شخص ما زالوا في مدن الحاويات المؤقتة بعد عامين من وقوع الزلزال.
وأضاف تومسون: "لا يزال مئات الآلاف يواجهون تحديات هائلة في تأمين الدخول المستدامة، مع ارتفاع الاكتئاب واليأس"، وتابع "إن الطريق إلى التعافي طويل وشاق، ويتطلب الدعم المستمر والتضامن".
وأوضح أيدين لـوكالة "أسوشيتد برس"، أنه عندما يضع رأسه على الوسادة، يصلي ألا يستيقظ ليواجه يوما آخر.
وتابع الرجل المثقل بالهموم قائلا: "أقسم، كل يوم عندما أذهب إلى الفراش وأضع رأسي على الوسادة، أدعو الله ألا يوقظني في الصباح."
أما سونغول إرول، الأم لطفلتين تبلغان من العمر 7 و3 سنوات، فهي تعيد بناء حياتها ببطء في سامنداغ، إحدى البلدات الأخرى في محافظة هاتاي، بعد أن قضت أشهرا في الخيام والمساكن المؤقتة.
بمساعدة الأموال التي قدمها الهلال الأحمر التركي لدعم الشركات الصغيرة، تمكنت من استئجار متجر وإعادة فتح عملها في بيع معدات الصيد مثل الطعم والشباك والسكاكين. كما حولت غرفة في الجزء الخلفي من المتجر إلى مساحة معيشية لها ولابنتيها، اللتين تأثرت صحتهما بشدة جراء الظروف الصعبة في الخيام ومنزل الحاويات.
وفي مكالمة فيديو مع وكالة "أسوشيتد برس"، قالت سونغول، التي لا تزال تطاردها صور المباني المنهارة في سامنداغ: "كل ما أحلم به هو الانتقال إلى منزل من طابق واحد، بعيدا عن الأبنية السكنية."
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية زلزال بقوة 6.4 درجة يهز جنوب تايوان ويخلف 27 إصابة زلزال بقوة 5.4 درجة يضرب باتانغاس في الفلبين الشرع يدعو أردوغان لزيارة سوريا في أقرب وقت ويقول "الدم السوري اختلط بالدم التركي في معارك التحرير" رجب طيب إردوغانضحايازلزال تركيا وسوريا زلزال