نيرة.. حكاية اغتيال البراءة والسقوط الأخلاقى
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
يا نيرة، طعم الحكاية مر، نفس الحكاية القديمة، الخير فى وجه الشر، والعتمة تمحى النور.
كأنك صوت براءة مهزوم، وحلم لم يكتمل لأب وأم كافحا طوال العمر لتحقيقه، أكاد أسمع همس خشوعك فى جوف الليل، وأشعر بجفاف حلقك وأنت تصومين طاعة لربك، أنت الفتاة الدليل على أننا نعيش في غابة مسكونة بالوحوش، وأنت كما العصفور، بريئة فوق العادة.
يا نيِّرة، طعم الحكاية مر.. وأمر ما فيها أن ختامها دم، مر المرار في المبتدأ، أبطال حكايتك الصغار، طلبة فى بداية عمرهم، في طب بيطرى بالعريش، قبح فريد، وسقوط أخلاقي مخيف، فتحوا الباب على مصراعيه لنرى بأعيننا أن الأبناء إن كان منهم مازال بخير، فهناك من ليس كذلك، بعد أن تحولت البراءة إلى مخالب، والغرور إلى بطش وظلم، وتوارت معانى الحلال والحرام، والخطأ والصواب، وتحولت المشاهد التى يمكن أن نشاهدها فى فيلم أو مسلسل تليفزيونى إلى حقيقة مفزعة، فرأينا رؤيا العين كيف يتم ترتيب عملية ابتزاز قذرة بالغش والتدليس، بتلفيق محادثات لم تحدث وسرقة صور خاصة من على الهاتف، بهدف اغتيال فتاة معنويًا إلى حد الإجبار على الاعتذار عن جُرم لم ترتكبه، تحت مشاعر الخوف من هدم المستقبل، والطرد من المدينة الجامعية، والخوف من فضيحة كاذبة!
مقتولة أو منتحرة يا نيرة؟! قد يفصح الجسد الذى أخرجوه من القبر عن الحقيقة، لكن الحقيقة الثابتة الآن أنك ودعت عالمًا قبلت فيه بالانكسار تحت وطأة اتهامات كاذبة لكنك لم تتخيلى أن يؤذيك إلى حد الموت، وموتك المفجع ليس كل المعضلة، فهناك ضمائر ماتت ولم تدفن مثلك، وأناس ظنوا أنهم لن يحاسبوا على فعلتهم، وأدلة لا يمكن استرجاعها وشكوك لا يمكن إغفالها، وأسئلة لا يمكن الصمت عنها!
مخيف كل ما نشر من حوارات وجدها أهلك على هاتفك بعد دفنك، أو نشرها زملاء لك، ما هذا؟! أى شياطين هؤلاء الذين قاموا بتلك الأفعال، أهؤلاء طلبة فى كلية الطب البيطرى حقا؟! هذه الكلية العملية التى ينشغل فيها الطلاب بالعلم والمعامل ويجتهدون فى المذاكرة ليحصلوا على النجاح أو التفوق ويفترض أن قلوبهم تعرف معنى الرفق والرحمة، لا يمكن تصديق إلا أن هؤلاء خرجوا من رحم الانحطاط، مَنْ هذا الفتى الذى شغل مجموعة الدفعة برسائل منذ بداية الليل بأنه سيقوم بنشر صور فاضحة لزميل لم يذكر اسمه "وهو يقصدك ويبتزك بذلك" وظل يلمز ويروج للفضيحة المنتظرة ويفتح باب التصويت على توقيت محدَّد تعتذرين فيه عن فعلتك التى اتهمت بها كذبا؟ كيف ظل الجميع يسايرونه ومنهم من يطلب الدخول على الخاص ليعرف اسم صاحب الفضيحة والصور التى سيتم نشرها؟!
كيف استيقظت من نومك لتكتشفي أنك معرضة للفضيحة بعد أن هددتك زميلتك من قبل بالصور والمحادثات الملفقة؟ تتساءلين بعد أن اطلعت على الأحاديث الدائرة على مجموعة دفعتك: هل أنا المقصودة حقا؟! وتجدين نفسك فى موقف قاس، وبكاؤك لا يشفع عند من تدَّعى أنك تكلمت فى حقها، فتواطأت مع صديقها وأرسلت له صورك التى أخذتها من هاتفك أو صورتها لك خِلسة، وهو الذى أدار ليلة الرعب لفتاة لا يمكن أن تتخيل أن تعرِّض نفسها لهذه المحنة وأن ينال من شرفها هذا التلفيق وهى التى اشتهرت بقيام الليل وكثرة العبادة.
تعرفين وتعرف صديقاتك المقربات أنك تواجهين فتاة تستقوى عليك، وأنك بلا حول ولا قوة، أنت ابنة الذين منتهى أملهم أن يربوا أبناءهم على أفضل وجه، يضحون ويكدون ويدفعون من دم القلب مصروفات الجامعة، ليروا ابنتهم دكتورة تملأ عليهم الدنيا، أنت البناء الذي يبنونه والأمل الذى يعيشونه والسند الذى ينتظرونه، تعلمين يا نيرة أن ما منحه لك أبوك قبل وفاتك، شحن الهاتف وتحويل مائة جنيه، قد لا يساوي قيمة ساندويتش لغيرك من أبناء الطبقة المرفهة، لكنك كنت شاكرة راضية، مجتهدة، متفوقة، فكيف تجدين نفسك محاصرة باتهامات قد تجعل والديك يظنان بك الظنون، كيف تخذلين قلبيهما الطيبين، وكيف تتركين من لا يخافون الله يمسون ظلما شرفك الغالى؟!
هل أردت إمرار العاصفة بعد أن تقطعت بك السبل؟! انكسر قلبك وأنت تعتذرين لفتى مدلل لا خُلق له وفتاة كل ما أرادته هو أن تكسر صورتك النقية وتضعك فى موضع من له زِلة لا يمكن أن يقيم بعدها رأسه، هل تعرفين يا نيرة أن مرضى القلوب وأهل النقص فقط هم من يتهكمون ويسخرون من شخص مثلك لم ير من حوله منه إلا كل خلق رفيع ونقاء قلب، لقد سخروا وتهكموا منك وتنمروا حتى على ملامحك رغم جمالك وبراءتك، فمن هؤلاء يا نيرة؟!
أشكوت واستغثت ولم يغثك أحد، أمررت بكل هذا الوقت العصيب الذى أخذ من وقت مذاكرتك وأرهق عقلك وقلبك وجعلك تشعرين بأن من لا ظهر له يمكن أن يسحقه غيره، فتقربت أكثر وأ…
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: یمکن أن لا یمکن بعد أن
إقرأ أيضاً:
خيط الجريمة.. قصة شخص فى مطروح ردد اسم قاتله كاملا قبل وفاته
"اليوم السابع" يقدم فى سلسلة حلقات على مدار شهر رمضان، "خيط الجريمة" والتي تقدم قصصا تكشف الخيط الذى يساعد رجال الأمن والقضاء على فك طلاسم الجريمة والوصول الى حل اللغز والتعرف على مرتكب الجريمة، تلك القصص التي تعد ليست دربا من الخيال، وإنما هى قصص حقيقة على أرض الواقع، ظل رجال الأمن فترات حتى وصلوا الى "خيط الجريمة".
جريمة قتل بشعة شهدتها منطقة الضبعة بمطروح، بعدما أقدم عامل على قتل شخص مستخدما رقبة زجاجة وأصابه فى منطقة الرقبة بجرح قطعى، واتصل بشقيقه بعد ارتكاب الجريمة لمساعدته على الهروب، إلا أن المجنى عليه قبل وفاته بثوان ردد اسم المتهم كاملا، الأمر الذى سهل عملية القبض عليه وشقيقه.
تعود أحداث القضية رقم 138 لسنة 2022 جنايات قسم شرطة الضبعة، عندما تلقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أمن مطروح، إخطارا يفيد بلاغ بوفاة المجنى عليه، عقب نقله إلى المستشفى لتلقى العلاج بعد التعدى عليه بدائرة القسم.
كشفت تحريات ضباط مباحث قسم شرطة الضبعة، أنه على إثر مشادة كلامية بين المتهم "ه.ع.ف " عامل وبين المجنى عليه "ع.ع.ش"، قام المتهم بالتعدى على المجنى عليه باستخدام آلة حادة رقبة زجاجة مكسورة، وطعنه عدة طعنات فى الصدر والكتف والظهر، ثم قام بالاتصال بشقيقه المتهم الثانى "ا.ع.ف" عامل الذى حضر واصطحبه وأعانه على الفرار، وعقب نقل المجنى عليه إلى المستشفى ردد اسم المتهم الأول ثم توفى، وتحرر محضر بالواقعة وبعرض المتهمين على النيابة، قررت إحالتهم إلى محكمة جنايات مطروح.
مشاركة