رن جرس الباب، فتوجهت لمعرفة من الطارق، ووجدت مجموعة من الأطفال ينظرون لي بعيون مترقبة، ونظرات خجلة، وتحدثت طفلة صغيرة قائلة: إحنا بنجمع فلوس عشان نعلق زينة رمضان.
تدفق نهر من الذكريات في عقلي، تذكرت في طفولتي استعدادات شهر رمضان المبارك، تجمع الأطفال حول مجموعة من الأوراق والكشاكيل القديمة يشكلون منها أشكالاً زخرفية، وقد تساعدهم الأمهات والأخوات الكبار في تلك المهمة، ثم تأتي المرحلة الأصعب، وهي توفير خيوط سميكة أو دوبارة ومادة لاصقة، وهي مسئولية الكبار، فتقوم الأم بإعداد خليط من الدقيق والماء- ربما توجد مكونات أخرى مثل النشا- ورفعه على النار حتى يتحول إلى مادة تصلح للصق، ويتبارى الأطفال في لصق الأوراق على الخيوط السميكة لتصبح فروعًا من الزينة، ويتولى الشباب تعليقها بين البلكونات.
يأتي بعد ذلك دور الشباب، والرجال في صنع فوانيس ضخمة ومجسمات للكعبة المشرفة باستخدام الأخشاب والقماش والسلوفان الملون، مع إضافة اللمبات، وتوصيل الكهرباء، ليضيء الشارع طوال شهر رمضان، وتجدر الإشارة إلى حرص كل سكان الشارع على مشاهدة تلك المهام، والمشاركة فيها إن أمكن.
ثم مع مرور السنوات ظهرت الشرائط الملونة، والفوانيس الجاهزة بكل أحجامها لتحل محل الزينة التقليدية المصنوعة يدويًا، واقتصر دور الشباب في مهمة تزيين الشارع بها، وبالرغم من جمال الشكل وجودة الصنع إلا أنها أفقدت الأسر المصرية متعة التجمع لصنع زينة رمضان، وفرحة التعاون في تصميمها وتجهيزها ولصقها وتعليقها.
رويدًا رويدًا صار الأمر مقتصرًا على دفع مبلغ مالي للأطفال من أجل شراء الزينة الجاهزة!!
أشعر بأن الأجيال الجديدة مسكينة، فقدت فرصتها في الاستمتاع بمثل هذه الأوقات الراسخة في أذهان الأجيال الأكبر سنًّا، ولم تعد استعدادات شهر رمضان تحمل البهجة والسعادة كما كانت في الماضي، خاصة في ظل الارتفاع الجنوني للأسعار، مما أجبر المواطن المصري على إعادة ترتيب أولوياته، وإلغاء بعض البنود غير الأساسية ضغطًا للنفقات، ونتيجة لذلك تقلصت مخصصات زينة رمضان وربما تنعدم تمامًا مع استمرار حالة التدهور المعيشي للطبقات الكادحة، لكن يستمر المصري في بذل الجهد محاولاً إدخال السرور في قلوب من حوله ولو بأبسط الأشياء.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
سميرة عبد العزيز تتألق في ندوة "النقد الفني".. ذكريات مع عبد الناصر وأهمية النقد في مسيرتها
كرّمت وزارة الثقافة الفنانة القديرة سميرة عبد العزيز في ندوة بعنوان "النقد الفني"، التي أقيمت بدار الأوبرا المصرية بتنظيم من المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية.
تضمنت الندوة مناقشات هامة حول دور النقد الفني في إثراء الحركة المسرحية، بحضور نخبة من الفنانين والنقاد.
وقفة حداد على عاطف أبو شهبةبدأت الندوة بالوقوف دقيقة حداد على روح فنان العرائس ورائد المسرح الورقي عاطف أبو شهبة، الذي وافته المنية. كان هذا التكريم الرمزي بمثابة لفتة وفاء لإسهاماته الكبيرة في المجال الفني.
ذكريات مع عبد الناصر ودخول الفناستعرضت سميرة عبد العزيز تجربتها في دخول عالم التمثيل، موضحة رفض والدها دخولها المجال الفني في البداية. وأشارت إلى أن تكريمها من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر غيّر هذا الموقف تمامًا، حيث قال لها والدها: "ما دام أن الزعيم جمال عبد الناصر كرّم الفن، فهذا دليل على قيمته".
من "وطني عكا" إلى الريادة المسرحيةتحدثت سميرة عن بدايتها المسرحية من خلال عملها في مسرحية "وطني عكا"، التي استمرت على خشبة المسرح لمدة ثمانية أشهر، ووصفتها بأنها انطلاقتها الحقيقية في المسرح. وأضافت أنها تعتبر نفسها ابنة النقد الفني الذي لعب دورًا محوريًا في إبراز موهبتها منذ الستينيات.
أهمية النقد الفني في مسيرة الفنانأكدت سميرة على أهمية النقد الفني في تسليط الضوء على الفنانين وأعمالهم، واعتبرت المقالات النقدية أداة فعالة لدعم الفنانين وتطوير الساحة الفنية. وأشادت بالدور البنّاء الذي لعبه النقاد في تشكيل وعي الجمهور وتقديره للفن.
إشادة بالحراك الثقافي الحاليأعرب الفنان إيهاب فهمي، مدير المركز القومي للمسرح، عن سعادته بتنظيم هذه الندوة، مشيدًا بالحراك الثقافي الذي تشهده وزارة الثقافة بقيادة الدكتور أحمد فؤاد هنو. وأوضح أن المركز يسعى لتعزيز الوعي المسرحي من خلال الندوات والحلقات النقاشية التي تهدف إلى التعريف بالرموز الفنية وتاريخ النقد الفني.
ختام الندوة بتكريم خاص
اختتمت الفعالية بتكريم الفنانة سميرة عبد العزيز والناقد المسرحي الكبير محمد بهجت، حيث أهداهما المركز شهادتي تقدير على مشاركتهما الفعالة في الندوة. تأتي هذه الفعالية ضمن جهود وزارة الثقافة لإبراز رموز الفن المصري وتسليط الضوء على إسهاماتهم في تعزيز الهوية الثقافية.