بوابة الوفد:
2024-11-24@00:05:41 GMT

بتوع الأتوبيس

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

لا أعرف لماذا طاوعتنى نفسى وهرول عقلى خلف قدمى يلبى نداء: «فاضى كرااااسى.. حصرى.. أكتوبر.. فاضى كرااااسى»، فهل جاء هذا الانصياع تأثرًا بنظرية العقل الجمعى وسلوك القطيع، أم كان ذاك الانسياق تعايشًا مع فلسفة اقتناص الفرص واغتنامها، واتباعًا لوجدان عشش فيه «اللى سبق أكل النبق»!!

كانت الأجواء ليلية هادئة، أو هكذا ظننت، حتى وجدتنى بقوة الدفع الذاتى داخل الأتوبيس الكبير، تقودنى نظرات خاطفة نحو أجساد ملأت مقاعده واستقرت فوقها، متأملًا وجوهاً غمرتها لذة نصر ونشوة فوز بعد حرب، فاقت غنائمها مكاسب «الكبار» فى معارك طاحنة، تقدمت خطوة تلو أخرى، وصوت الرجل يخترق أذنى: «فاضى كراسى.

. أكتوبر.. حصرى.. فاضى كراسى»، فكانت كل خطوة شاهد عيان على كذب هذا النداء، وشاهدًا حياً على صدق مقولات «جوزيف جوبلز، وزير الدعاية النازية فى عهد هتلر»: «اكذب حتى يصدقك الناس.. وأعطنى إعلامًا كاذبًا أعطك شعبًا بلا وعى»، وقبل أن أهرب من هذا الفخ مغادرًا من الباب الخلفى، أكرمنى الله وعشت لحظات لذة النصر التى ذكرتها قبل قليل وجلست.

دقائق معدودات وامتلأت المساحات الشاغرة، وبدأت الرؤية تضيق شيئًا فشيئًا، واستمر الناس فى الصعود والسباق والركون، وبدأت الحكايات تنسال مع انسياب «الكمسرى» بين الجدران المتشققة، وتحول صوته الحماسى إلى نبرة استجواب ومدافع وجهت فوهاتها نحو أهل الشر.

«الكمسرى»: بقولك الكارنيه لو سمحت.

الرجل:.. وأنا بقولك هيئة.

«الكمسرى»: بقولك ده شغلى.. البطاقة أشوفها لو فيها الوظيفة.

وبعد أمواج من المد والجزر، قال له الرجل يائسًا خجلًا: نزلنى هنا، وكان له ما أراد وغادرنا، وصعد آخرون، ومرت لحظات من الهدنة الصامتة، حتى عادت طلقات المدافع ودوى إطلاق النيران مع رجل تجاوز الستين، لم يجد سوى درجات سلم الباب مكانًا يستقر عليه.

«الكمسرى»: تذكرتك؟

الرجل بحدة وغضب: أنا قطعت.. إنت لازم تكون شوَّاف.. ده شغلك لازم تكون عارف قطعت لمين ولسه مين!!

أصر«الكمسرى» على تنفيذ «فرمانه»: تذكرتك؟!

احتد الحوار وتدخل «أهل الأتوبيس» يطالبون صاحب الفرمان بترك العجوز، ولكنه أبى واستمر فى العناد والاقتراب، وبدأت الأيادى تساند اللسان، وانتقلنا إلى مرحلة «نزل إيدك»، وكاد الحوار ينقلب «لعركة كبيرة»، ووجدت سيدة كريمة تلفت انتباهى لما يحدث: طب ما يطلَّع التذكرة والموضوع يخلص.. هو فيه إيه يا أستاذ.. ده شغله برضه!، أجبتها: عند حضرتك حق.

ترك الرجل الستينى الأتوبيس والتفت لكلام السيدة، وانهال بالسباب واللعنات على الجميع دون تفرقة بين «بتوع الأتوبيس» و«بتوع الميكروباص» وصولًا إلى أصحاب المرسيدس، واستمر غضبه فى التصاعد: إنتوا عليه ليه يا جدعان.. مش كفاية الغلا اللى إحنا فيه.. ربنا أعلم باللى جوانا مش عارفين نعيش.. أرمى نفسى تحت عجلات الأتوبيس عشان أستريح!!

تم منعه من تلك المحاولة الجادة قولًا وفعلًا، وبدأت دموعه تتساقط، بعد شهادة سيدة قد احتلت مقعد «الكمسرى»، وانتقلت إليها آلياً هيبة الكرسى، وأصبحت فى مركز قوة!!، وقد أنطقها الله بعد هذا العراك الطويل وقالت إنها رأت العجوز «قطع» التذكرة، ثم أخرجها الرجل أخيراً وسط دموعه التى انهالت بعد «طبطبة الكمسرى» الذى جبر بخاطره، وأخرج «ورقة بعشرة» رفض العجوز أن يأخذها، وجلس يبكى: أنا مش شحات.. والله مش شحات ومش عايز فلوس.. سيبونى بس.. أنا فيا اللى مكفينى.

مرت دقائق ثم تركنا العجوز ذاهباً مع دموعه وهمومه، وبدأ «أهل الأتوبيس» فى الدعوات بأن يكون الله فى عون الناس.. ودارت الأحاديث حول «الناس فيها اللى مكفيها»، واستمرت الرحلة بين همهمات وصمت، واستمرت الحكايات واحدة تلو أخرى، واستمر قائد الأتوبيس فى طريقه، لا يلتفت لحوار، ولا ينتبه لصرخات، ولا تشغل باله دعوات.

أخيرًا.. كنت أعددت نفسى ليكون هذا المقال عن «مجزرة الطحين» التى ارتكبها الكيان المحتل فى شارع الرشيد بغزة، فوجدتنى أكتب مشهداً مألوفًا للبعض عن «بتوع الأتوبيس»، دون سبب واضح عن هذا التحول وتغيير المسار.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أشرف عزب حصرى

إقرأ أيضاً:

هل الرجل لو متزوج أكثر من واحدة هل يأخذن تُمن في الميراث بعد وفاته؟

أجاب الدكتور السيد عبد الباري، من علماء الأزهر الشريف، عن مسألة الميراث في حالة وفاة الزوج، ووجود أكثر من زوجة على ذمته هل كل واحدة تأخذ الثمن أم كلهن يشتركن فى الثمن؟.


وأوضح الدكتور عبد الباري، في تصريح له: "القرآن الكريم يوضح تقسيم الميراث بشكل دقيق، حيث يقول: 'لكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد، فإن كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها أو دين'".

 

وأضاف: "في حالة وفاة الرجل ووجود أولاد له، سواء من الزوجة الحالية أو من غيرها، فإن الزوجات يشتركن في الميراث وفقًا لما نص عليه القرآن الكريم. فإذا كان للزوج ولد من أي من الزوجات، فإن كل الزوجات - سواء كانت واحدة أو أكثر - يحصلن على الثمن من الميراث".

 

وأكد أن "حصة الزوجات في هذه الحالة تكون الثمن، سواء كان الرجل متزوجًا بزوجة واحدة أو أكثر، طالما كان له ولد، سواء كان من زوجته الحالية أو من زوجة سابقة. وفي هذه الحالة، يشتركن جميعًا في الثمن".

 

وشدد على أن الميراث يجب أن يُقسم وفقًا لما نص عليه القرآن الكريم، وأنه لا بد من التفريق بين الحالات التي يوجد فيها أولاد أو لا يوجد، حيث يختلف تقسيم الميراث في الحالتين.

 

مقالات مشابهة

  • الحظ يقود "سباكاً" للعثور على كنز ذهب
  • مشهور جزائري يتناول خروفًا خلال نصف ساعة.. فيديو
  • احذر.. فعل شائع بين الرجال نهى عنه النبي يعرضك للعنة 70 ألف ملك
  • أموريم: أنا الرجل المناسب لإعادة مانشستر يونايتد لأمجاده
  • هل الرجل لو متزوج أكثر من واحدة هل يأخذن تُمن في الميراث بعد وفاته؟
  • «الأتوبيس يطلع على النادي».. أول قرار لـ«كولر» بعد تعادل الأهلي والاتحاد السكندري
  • حسين فهمي عن مهرجان القاهرة السينمائي: «تطويره هدفي.. وبدأت التجهيز للدورة المقبلة»
  • القصة الحقيقية للرجل "ذو الألف وجه".. كيف خدع 4 نساء في علاقات جدية؟
  • حسين فهمي: تطوير مهرجان القاهرة السينمائي هدفي.. وبدأت التجهيز للدورة المقبلة
  • عندما تفقد المرأة قيمتها!!