بوابة الوفد:
2025-03-07@00:30:39 GMT

كيف نفهم روسيا؟ (1-2)

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

قبل طرح السؤال المُختار لعنوان المقال، يتبادر للذهن سؤال أسبق هو: هل يجب أن نهتم بروسيا وما يحدث منها وفيها؟ والإجابة لا تزيد على كلمة واحدة هى: قطعاً، فما نعانيه فى مصر، وربما فى مختلف أنحاء العالم يعود بالأساس لما يحدث هناك فى الكرملين، وما يدور فى أذهان قادته، وما يُترجم عملياً إلى حرب ضارية تسببت فى موجات تضخم كبرى.

لذا، فإن كتاباً مُلهماً، وعلمياً صدر قبل أيام عن دار الشروق، للأكاديمى النابه عاطف معتمد بعنوان: «روسيا وأوكرانيا: حرب عالمية غير معلنة» يمثل إطلالة عظيمة على الحرب الدائرة ومسئوليات القوى الكبرى، ومآلات ذلك الصراع وآثاره علينا.

والكتاب مُهم لأحباء المعسكر الشرقى تاريخياً وأيدولوجياً وعاطفياً، كما أنه مهم لأنصار المعسكر الغربى وأعداء موسكو التقليديين من المثقفين والمفكرين المهتمين بالسياسة. وهو كذلك مهم لمَن يقفون متفرجين، بين بين، مؤمنين بأن مصالحهم تتقاطع يوماً مع موسكو، ويوما آخر مع خصومها مثلى تماماً.

ومؤلف الكتاب هو أستاذ جغرافيا متميز يُذكرنا بزمن الأكاديميين العلماء الذى توارى خلال السنوات الأخيرة، وهو من البارعين فى الكتابات الجيوبولوتيكية، لكنه أيضاً خبير متخصص فى الشأن الروسى إذ حصل على الدكتوراه من جامعة سان بطرسبرج 2001، كما عمل مستشاراً ثقافياً للسفارة المصرية فى موسكو خلال الفترة من 2014 إلى 2016، ورغم ذلك، فإن قراءته للشأن الروسى غير منحازة وإنما أقرب للموضوعية.

وأول ملامح فهم الصراع هو التعرف على أصل الروس، فهم قبائل نشأت بين قارتى آسيا وأوروبا، وكُتب عليها القتال من اليوم الأول فى ظل نموها بين قوى عسكرية كبيرة مثل قبائل اليهود فى آسيا، ودولة بيزنطة، والإمبراطورية الإسلامية، وقبائل التتر، فحاربت لألف عام لتحقق انتصارات وأمجاداً عُظمى تصبغ الشخصية الروسية ببطولات أسطورية، اتسعت مع الإمبراطورية القيصرية، ثُم أصبحت قطباً منافساً فى قيادة العالم زمن الاتحاد السوفيتى.

ورغم انهيار الاتحاد السوفيتى بعد أكثر من سبعة عقود من قيامه، فإن المجد السالف مرتبط بالشخصية الروسية، ومحل استدعاء سياسى مُتكرر، وهو ما حدث مع فلاديمير بوتين، رئيس المخابرات الذى اختاره يلتسين لرئاسة الوزراء، فكشف عن مشروع حقيقى لبعث النهضة مرة أخرى. وللحقيقة، فإن الرجل حقق خلال فترتى حكمه الأوليين نمواً اقتصادياً مبهراً وصل إلى 6.5 فى المائة سنوياً، بعد أن كانت روسيا على وشك الافلاس، ما مكنه من تجديد الأمل فى بعث الامبراطورية العظمى.

وما يطرحه عاطف معتمد يؤكد أن ثمة صراعاً فكرياً دائماً بين بوتين والعالم الغربى، فهو مثلاً يرفض طرح الديمقراطية بالمفهوم الغربى باعتبارها نهاية التاريخ، ويرى أنها لا تصلح فى كثير من المجتمعات، بل إنه يسخر من اتفاقاته مع بعض القادة الأوروبيين على أمور حساسة، ثم يُفاجأ بتغير الرئيس وقدوم شخص آخر مُنتخب بعد أربع سنوات ليبدأ معه الإقناع والاتفاق من جديد. وهو نفسه لا يرى مانعاً من بقاء الحاكم فى الحكم ما دام صالحاً، ومن أجل ذلك فقد تحايل على الدستور الروسى سنة 2008 بعد انتهاء فترتى رئاسته باختيار صديقه ميدفيدف للرئاسة وتعيينه هو رئيساً للوزراء حتى 2012، ثُم عودته للرئاسة بعد تعديل فترتها من أربع إلى ست سنوات. ولما كانت الفترتان ستنتهيان فى 2024 فقد قام بعد الحرب مع أوكرانيا بتعديل الدستور مرة أخرى لتصفير فترات الرئاسة ليبدأ الحساب من جديد باقياً حتى 2036.

وفى رأى بوتين، فإن العولمة التى يروج لها الغرب ما هى إلا استعمار جديد يقوم على الاحتكار المالى والتكنولوجيا، ومحو كل الاختلاف فى الاقتصاد والسياسة وانتزاع كل ميزة يتميز بها كل إقليم لصالح الغرب.

وهذا الخلاف الفكرى يُعزز من هوة الصراع بين روسيا والغرب، لكنه ليس سبباً وحيداً، وإنما علينا فهم الصراع أيضاً فى إطار أشمل يقوم على تأثير روسيا فى خريطة الطاقة، خاصة أنها المنتج الأول للنفط، وأنها المتحكم الأكبر فى خطوط الغاز بأوروبا.

ولا شك أن ذلك كله جعل العالم الغربى، وتحديداً الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية فى صراع مكتوم مع القطب الروسى، وفى تربص دائم، وسعى لاحتوائه والسيطرة عليه، وهو أحد مسببات الحرب. وللحديث بقية.

والله أعلم.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مصطفى عبيد الحرب الدائرة متخصص

إقرأ أيضاً:

روسيا عن قرار ترامب: وقف المساعدات يشجع كييف على السلام

المناطق_واس

في أول تعليق روسي على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف المساعدات العسكرية لأوكرانيا، اعتبر الكرملين أنه قرار جيد يشجع على السلام.

وقال المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف، اليوم الثلاثاء، إن وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا سيشجعها على السلام.

أخبار قد تهمك “الشؤون الإسلامية” تنفذ برنامج هدية خادم الحرمين من التمور في روسيا ومصر 4 مارس 2025 - 5:29 صباحًا اجتماع حاسم لإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن أوكرانيا 3 مارس 2025 - 11:33 مساءً

كما أكد أن بلاده ترحب بأي جهود لحل النزاع في أوكرانيا، مشددا على أن موسكو ترحب بتصريحات ترامب حول رغبته في إحلال السلام.

إلا أنه رأى أن أوروبا ستحاول تعويض كييف عن الخسارة الواضحة للمساعدات الأمريكية.

إلى ذلك، أشار إلى أن كييف تلقت أكبر حصة من الأسلحة من قبل الولايات المتحدة.

أما في ما يتعلق بالتسريبات حول سعي الإدارة الأمريكية إلى رفع العقوبات الأميركية عن بلاده، فاعتبر أنه من السابق لأوانه التعليق عليها، وفق ما نقلت رويترز.

لكنه كرر الموقف الروسي القائلا إن تلك العقوبات غير قانونية أصلا، ورأى أنها شرط ضروري لتطبيع العلاقات بين البلدين.

كما أضاف أن العلاقات بين موسكو وواشنطن بحاجة إلى التحرر من العبء السلبي للعقوبات.

وكان البيت الأبيض أعلن، مساء أمس، تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لكييف. بينما أوضح مسؤول في البيت الأبيض أن قرار التجميد مؤقت، وأنه يطال مساعدات عسكرية تم إقرارها في عهد الرئيس السابق جو بايدن، وسبق لأوكرانيا أن تسلّمت جزءاً كبيراً منها بينما الجزء المتبقّي لم تتسلّمه بعد، وهو يشمل أعتدة وأسلحة.

يذكر أن ترامب جدد أمس، انتقاداته للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، معتبرا أن عليه “أن يكون أكثر امتنانا” للولايات المتحدة، بعدما وبخه الأسبوع الماضي خلال اللقاء العاصف الذي جمعهما في المكتب البيضاوي، حيث اتهم ترامب حينها ضيفه الأوكراني بالسعي لإشعال حرب عالمية ثالثة.

وأتت تلك المشاجرة غير المسبوقة بعد أسابيع من التوتر والانتقادات بين الرجلين، لاسيما بعد اتصال ترامب بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، واللقاء الذي عقد في الرياض الشهر الماضي (فبراير) بين وفدين روسي وأميركي.

كما جاءت مع سعي حثيث يقوم به الرئيس الأميركي من أجل وقف الحرب الأوكرانية، وتطبيع العلاقات مع بوتين الذي وصفه أكثر من مرة بالرجل الذكي والشجاع، مؤكدا أنه يود السلام.

مقالات مشابهة

  • ترامب وآفاق السلام مع روسيا
  • بوتين: روسيا لن تتراجع في أوكرانيا ولن تتخلى عن حقوقها
  • بين المفاوضات والتهديدات.. كيف نفهم استراتيجية ترامب بالتعامل مع حماس؟
  • بوتين: يجب اختيار السلام الذي يضمن أمن روسيا
  • بوتين: روسيا يجب أن تختار السلام الذي يضمن أمنها
  • روسيا : أي وجود عسكري غربي في أوكرانيا سيُعتبر غزواً
  • جامعة موسكو تحتفي بفنان عراقي كـرمز للصداقة بين روسيا والعراق (صور)
  • روسيا توافق على لعب دور الوسيط بين ترامب وإيران
  • روسيا تدعو الى تعليق المساعدات لأوكرانيا للمساهمة في السلام
  • روسيا عن قرار ترامب: وقف المساعدات يشجع كييف على السلام