فلسطين.. حل الدولتين أم دولة واحدة؟!
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
علي الرئيسي
"لقد أصبح الأمر أكثر وضوحًا".. هكذا تحدث أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة القطرية الدوحة، مُشيرًا إلى مسار عملي، ومُحدَّد زمنيًا، ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.
بالتأكيد بلينكن يدعو إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة، وهذا الأمر يتوافق مع ما يدعو إليه النظام العربي الرسمي منذ فترة بما يسمى "حل الدولتين"، كما دعت السعودية وقطر إلى تسوية شاملة.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، شخصيًا وسياسيًا مُلتزم بأجندة السياسي ورجل الأعمال الأمريكي (وصهر دونالد ترامب) جاريد كوشنر، للشرق الأوسط، بعد أن أخرجها "طوفان الأقصى" من المسار في السابع من أكتوبر الماضي.
وكما ذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن حل الدولتين سيسحبُ البساط من تحت أقدام إيران والقوى المتحالفة معها، من حزب الله والقوى الشيعية في العراق وأنصار الله في اليمن، وسيكون المجال مفتوحًا لتحالف عربي سني- إسرائيلي ضد إيران، بحسب المجلة. وترى أن الدعوة إلى قيام دولة فلسطينية سيُخفِّف من الغضب الشعبي الذي يكتسح الجماهير العربية ضد الأنظمة العربية التي لم تستطع أن تقدم أي مساندة فاعلة للشعب الفلسطيني، وتركت أهل غزة يعانون أبشع المذابح، هذا إضافة إلى ممارسات التجويع والقهر.
لكن كيف يمكن للقوى الوطنية والتقدمية الفلسطينية والعربية التعاطي مع عودة موضوع حل الدولتين؟
رد الفعل الأكثر شيوعًا، هو رفضه باعتباره خيالًا إمبرياليًا خطيرًا، وعلى أنه إضفاء للشرعية على نظام الفصل العنصري، ومن ثم الدعوة إلى نظام الدولة الواحدة كخيار استراتيجي. طبعًا خيار الدولة الديمقراطية الواحدة تم طرحه بعد نكسة يونيو 1967، من قبل اليسار الفلسطيني، ومن ثم جرى تبنيه كاستراتيجية سياسية على يد ياسر عرفات وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد اتفاقات أوسلو تبنى هذا الخيار تيارٌ من المثقفين الفلسطينيين من بينهم: إدورد سعيد، وغاده الكرمي، ولُمى أبو عودة وآخرون.
فقد كتبت غادة الكرمي في عام 2002: "رغم أن النضال من أجل دولة ديمقراطية يبدو يوتوبيًّا (مثاليًا للغاية)، ولكن ليس أكثر يوتوبيًّا من مشروع إنشاء دولة يهودية على أرض الغير".
إن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وكامل فلسطين التاريخية هو من له الحق في اختيار الحل الأمثل لصراعه مع الصهيونية؛ لذلك لا يحق للآخرين تحديد نوع الحل المقبول للفلسطينيين. وحل الدولتين يحدُ من حق العودة للفلسطينيين، وسيحصر الفلسطينيين في كانتونات مُتفرقة تُمزِّقها المستوطنات اليهودية. أما سردية الدولة الواحدة فستفرض عليهم التخلي عن النضال من أجل إنهاء الاستعمار الاستيطاني، وتكوين صداقات مع المُحتلّين والسماح لجميع المستوطنين بالبقاء. كما إن ذلك يبدو أمرًا صعبًا بعد المذابح التي اقترفها الصهاينة، وقرارٌ مثل هذا يجب أن يأتي من الفلسطينيين أنفسهم، ومن هنا تكمن أهمية الطابع الديمقراطي للبنية السياسية الوطنية الفلسطينية، مما سيدعو إلى تمكين المداولات الشعبية الحقيقية للمحافظة على الثوابت الوطنية الفلسطينية.
وقد قالت الباحثة الفلسطينية كرما نابلسي "أنا واقعية للغاية فيما يتعلق بما يجب أن يكون عليه الحل، بعض الناس حريصون جدًا على حل الدولتين، وهناك من يجادل لصالح دولة واحدة ثنائية القومية. أودُ أن أقول إنها أبسط من ذلك بكثير.. صححوا الظلم الذي وقع، وبمجرد أن يتمكن الناس من العودة إلى منازلهم، دعوهم يقررون بشكل ديمقراطي نوع الإطار الذي يريدونه".
لكن بالنظر إلى الوضع الإقليمي الحالي، هل لا يزال خيار الدولة الواحدة هو الخيار الأكثر مبدئيًا وواقعيًا؟
إن مرض مجتمع المستوطنين الذي لا يُمكن علاجه، والذي أصبح أوضح وأكثر رعبًا من أي وقت مضى، قد يكون عائقًا أمام دولة واحدة، بقدر ما تُشكِّل الجغرافيا الاستيطانية الراسخة في الأراضي المحتلة من عوائق. وإذا كان من المستحيل تصور اقتلاع المستوطنين من الضفة الغربية، فمن المؤكد أنه من الأصعب توقُّع قبول إسرائيل بنهاية القومية العرقية العنصرية والتعايش السلمي مع الفلسطينيين.
في عام 1974، أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية ضمن برنامجها الوطني، إقامة سلطة فلسطينية على أي أرض فلسطينية يتم تحريرها بأي وسيلة كانت، ومن هنا تم إنشاء سلطة فلسطينية بعد اتفاقيات أوسلو. لكن من الواضح أنَّ إسرائيل فرَّغت المحتوى الوطني لهذه السلطة وكبّلتها باتفاقيات أمنية.
المفهوم الاستراتيجي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" لم يكن يختلف في جوهره عن مشروع منظمة التحرير، وهي تسعى نحو تحقيق انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. غير أن عبدالعزيز الرنتيسي، وَجَدَ في انتصار حزب الله وفي قدرته على إجبار الإسرائيليين على الانسحاب من جنوب لبنان، نموذجًا يُقتدى به في تحرير فلسطين.
لا شك أن غزو إسرائيل لقطاع غزة، والمذابح التي اقترفها الصهاينة تطرح مهامًا صعبة على حركة المقاومة، لكن في نفس الوقت فإن "طوفان الأقصى" ضرب الاستراتيجية الإسرائيلية في مقتلٍ. كما فضحت هذه الحرب تواطؤ أنظمة عربية في مخطط تصفية القضية الفلسطينية. وبات واضحًا نفاق الدول الغربية وسياسة ازدواجية المعايير التي تمارسها ضد شعوب الجنوب.
وأخيرًا.. إنَّ التضامن الذي شهدته القضية الفلسطينية على مستوى العالم، أعاد هذه القضية إلى مركز اهتمام الرأي العام العالمي، علاوة على أن صمود المقاومة في غزة منح المقاومة- وبالذات حركة حماس- شرعية ثورية لا يُمكن تجاوزها في أي حل للقضية الفلسطينية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عاجل - مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: موقف مصر الداعم للقضية الفلسطينية يؤكد العلاقات الأخوية ودورها الريادي
أشاد مندوب دولة فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور، بالعلاقات المصرية - الفلسطينية فى مختلف المجالات وعلى كافة المستويات، مؤكدا أن الموقف المصرى الداعم للقضية الفلسطينية وحقوقها المشروعة نابع من قوة العلاقات الأخوية والتاريخية بين البلدين.
وقال منصور، في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط بعمان، على هامش أعمال المؤتمر الدولي حول "دور المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز واحترام حقوق الطفل الفلسطيني"، المنعقد بالأردن، إن مصر وفلسطين يربطهما علاقات تاريخية وأخوية نابعة من قوة مصر ودورها الريادي في المنطقة والعالم العربي، مؤكدا أن ما نجده من دعم ومساندة من مصر والأشقاء العرب أيضا هو في إطار الأخوة التي تربط فلسطين بالعالم العربي.
وأضاف أن التنسيق ما بين مصر وفلسطين على كافة المستويات مميز وفي أعلى درجة، مشيرا إلى أنه وكمندوب لفلسطين في الأمم المتحدة، فإن التنسيق مع مندوب مصر الشقيقة في هذا المحفل الدولي على أعلى مستوى ومستمر لحظة بلحظة.
ولفت رياض منصور، إلى أن التنسيق العربي داخل الأمم المتحدة لا ينقطع دائما ويقوم على أسس ونتائج القمم العربية الإسلامية وكذلك القانون الدولي وكافة الأعراف المعمول بها في ذات الشأن،مشيرا إلى أن قرارات محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة وكافة المحافل ذات الصلة ركن أساسي من التنسيق الفلسطيني العربي بشأن القضية المركزية للعرب وهى القضية الفلسطينية.
ودعا السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، إلى ضروة التحرك ضد كافة الإجراءات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة، مؤكدا أن العالم كله وليس العربي فقط، قادر على التحرك ضد هذه الانتهاكات بقوة القانون الدولي.
وأوضح أن قانون محكمة العدل الدولية، وفي فتوتها التاريخية، قالت إن كل الممارسات والإجراءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني غير قانونية سواء فرض الوصاية عليه وعدم حقه في تقرير المصير أو محاولات عزله وتجويعه ونهب إراضيه وبناء المستوطنات، مؤكدا أنه بناء على هذه الفتوة يعد الاحتلال الإسرائيلي غير قانوني ويجب إنهائه في أقرب وقت ممكن.
وأشار إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة وضعت قرارا أوضحت فيه الالتزامات على دولة الاحتلال وكذلك الالتزامات على الدول وعلى الأمم المتحدة وغيرها من شأنها تقصير أمد هذا الاحتلال الغير قانوني، موضحا أن القرار شدد على عدم مساعدة دولة الاحتلال أو تقديم أسلحة لها ولا علاقات مع المستوطنات، بل يجب ملاحقتها في المحاكم الدولية.
ونوه السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة، إلى أن مثل هذه القرارات والالتزامات تتطلب وقف هذا الاحتلال في أقصر وقت ممكن وهو 12 شهرا، مشيرا إلى أنه داخل الأمم المتحدة وضعنا خطة لتنفيذ هذا اقرار ونعمل حاليا على متابعتها، كاشفا أن الأمين العام للأمم المتحدة سيقوم الشهر المقبل بتقديم تقريرا بما تم وما يجب أن يتم من أجل تقصير أمد هذا الاحتلال.
وشدد على ضرورة الاستمرار في الضغط على المجتمع الدولي والمنظمات الدولية خاصة، لوقف جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، وإضافة دولة الاحتلال إلى قائمة دول العار للأمم المتحدة باعتبارها منتهكة لحقوق الأطفال، مشيرا إلى أن أطفال الشعب الفلسطيني يعانون في ظل استمرار آلة الحرب الإسرائيلية سواء في غزة أو الضفة.
وكانت وزيرة التنمية الاجتماعية الأردنية وفاء بني مصطفى، قد افتتحت أمس الأربعاء، أعمال المؤتمر الدولي حول "دور المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في تعزيز واحترام حقوق الطفل الفلسطيني" والذي يستمر لمدة يومين بمشاركة عربية ودولية كبيرة.
ويأتي انعقاد المؤتمر تنفيذا للقرار الصادر عن مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب في دورته العادية (42)؛ بهدف مواصلة التحرك العربي على كافة المستويات لمناصرة قضية الشعب الفلسطيني جراء العدوان الإسرائيلي على دولة فلسطين، وما تبعه من انتهاكات غير مسبوقة بحق الأطفال والنساء والمدنيين، في انتهاك واضح للمواثيق الدولية، وللاتفاقية الدولية لحقوق الطفل.
ويتناول المؤتمر عددا من المحاور المهمة حول الانتهاكات الإسرائيلية ضد حقوق الأطفال في فلسطين، وإجراءات النيابة العامة في توثيق جرائم الاحتلال بحق الأطفال، ودور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حماية حقوق الأطفال بمخيمات اللجوء، فضلا عن دور المجتمع الدولي ومنظمات المجتمع المدني في حماية حقوق الطفل الفلسطيني، إلى جانب عرض شهادات من الأطفال في ظل العدوان الإسرائيلي.
كما يأتي المؤتمر استكمالا للجهود العربية في توفير الحماية القانونية للشعب الفلسطيني، وتأكيدا على حق الطفل الفلسطيني في الحماية والرعاية للعيش في بيئة آمنة، والتمتع بجميع حقوقه المنصوص عليها في كافة المعاهدات والمواثيق العربية والدولية.