جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-10@16:09:34 GMT

فلسطين.. حل الدولتين أم دولة واحدة؟!

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

فلسطين.. حل الدولتين أم دولة واحدة؟!

 

علي الرئيسي

 

"لقد أصبح الأمر أكثر وضوحًا".. هكذا تحدث أنتوني بلينكن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية، خلال زيارته الأخيرة إلى العاصمة القطرية الدوحة، مُشيرًا إلى مسار عملي، ومُحدَّد زمنيًا، ولا رجعة فيه لإقامة دولة فلسطينية تعيش في سلام جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيل.

بالتأكيد بلينكن يدعو إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة، وهذا الأمر يتوافق مع ما يدعو إليه النظام العربي الرسمي منذ فترة بما يسمى "حل الدولتين"، كما دعت السعودية وقطر إلى تسوية شاملة.

وفي المملكة المتحدة أعلن ديفيد كاميرون وزير الخارجية دعمه التام لقيام دولة فلسطينية، كما أصر جوزيب بوريل الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، على أن إقامة الدولة الفلسطينية تمثل الطريقة الوحيدة لإحلال السلام في الشرق الأوسط. ويمكن النظر إلى هذه التصريحات على أنها محاولة محمومة للاحتواء الإمبريالي، وإذا لم يكن من الممكن تجاهل الفلسطينيين بالكامل، كما هو الحال في إطار "الاتفاقيات الإبراهيمية"، فمن الأفضل الدفع باتجاه إقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، ومُجزَّأة، حتى يتسنى المضي قدمًا في التطبيع مع إسرائيل.

الرئيس الأمريكي جو بايدن، شخصيًا وسياسيًا مُلتزم بأجندة السياسي ورجل الأعمال الأمريكي (وصهر دونالد ترامب) جاريد كوشنر، للشرق الأوسط، بعد أن أخرجها "طوفان الأقصى" من المسار في السابع من أكتوبر الماضي.

وكما ذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن حل الدولتين سيسحبُ البساط من تحت أقدام إيران والقوى المتحالفة معها، من حزب الله والقوى الشيعية في العراق وأنصار الله في اليمن، وسيكون المجال مفتوحًا لتحالف عربي سني- إسرائيلي ضد إيران، بحسب المجلة. وترى أن الدعوة إلى قيام دولة فلسطينية سيُخفِّف من الغضب الشعبي الذي يكتسح الجماهير العربية ضد الأنظمة العربية التي لم تستطع أن تقدم أي مساندة فاعلة للشعب الفلسطيني، وتركت أهل غزة يعانون أبشع المذابح، هذا إضافة إلى ممارسات التجويع والقهر.

لكن كيف يمكن للقوى الوطنية والتقدمية الفلسطينية والعربية التعاطي مع عودة موضوع حل الدولتين؟

رد الفعل الأكثر شيوعًا، هو رفضه باعتباره خيالًا إمبرياليًا خطيرًا، وعلى أنه إضفاء للشرعية على نظام الفصل العنصري، ومن ثم الدعوة إلى نظام الدولة الواحدة كخيار استراتيجي. طبعًا خيار الدولة الديمقراطية الواحدة تم طرحه بعد نكسة يونيو 1967، من قبل اليسار الفلسطيني، ومن ثم جرى تبنيه كاستراتيجية سياسية على يد ياسر عرفات وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية. وبعد اتفاقات أوسلو تبنى هذا الخيار تيارٌ من المثقفين الفلسطينيين من بينهم: إدورد سعيد، وغاده الكرمي، ولُمى أبو عودة وآخرون.

فقد كتبت غادة الكرمي في عام 2002: "رغم أن النضال من أجل دولة ديمقراطية يبدو يوتوبيًّا (مثاليًا للغاية)، ولكن ليس أكثر يوتوبيًّا من مشروع إنشاء دولة يهودية على أرض الغير".

إن الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية وكامل فلسطين التاريخية هو من له الحق في اختيار الحل الأمثل لصراعه مع الصهيونية؛ لذلك لا يحق للآخرين تحديد نوع الحل المقبول للفلسطينيين. وحل الدولتين يحدُ من حق العودة للفلسطينيين، وسيحصر الفلسطينيين في كانتونات مُتفرقة تُمزِّقها المستوطنات اليهودية. أما سردية الدولة الواحدة فستفرض عليهم التخلي عن النضال من أجل إنهاء الاستعمار الاستيطاني، وتكوين صداقات مع المُحتلّين والسماح لجميع المستوطنين بالبقاء. كما إن ذلك يبدو أمرًا صعبًا بعد المذابح التي اقترفها الصهاينة، وقرارٌ مثل هذا يجب أن يأتي من الفلسطينيين أنفسهم، ومن هنا تكمن أهمية الطابع الديمقراطي للبنية السياسية الوطنية الفلسطينية، مما سيدعو إلى تمكين المداولات الشعبية الحقيقية للمحافظة على الثوابت الوطنية الفلسطينية.

وقد قالت الباحثة الفلسطينية كرما نابلسي "أنا واقعية للغاية فيما يتعلق بما يجب أن يكون عليه الحل، بعض الناس حريصون جدًا على حل الدولتين، وهناك من يجادل لصالح دولة واحدة ثنائية القومية. أودُ أن أقول إنها أبسط من ذلك بكثير.. صححوا الظلم الذي وقع، وبمجرد أن يتمكن الناس من العودة إلى منازلهم، دعوهم يقررون بشكل ديمقراطي نوع الإطار الذي يريدونه".

لكن بالنظر إلى الوضع الإقليمي الحالي، هل لا يزال خيار الدولة الواحدة هو الخيار الأكثر مبدئيًا وواقعيًا؟

إن مرض مجتمع المستوطنين الذي لا يُمكن علاجه، والذي أصبح أوضح وأكثر رعبًا من أي وقت مضى، قد يكون عائقًا أمام دولة واحدة، بقدر ما تُشكِّل الجغرافيا الاستيطانية الراسخة في الأراضي المحتلة من عوائق. وإذا كان من المستحيل تصور اقتلاع المستوطنين من الضفة الغربية، فمن المؤكد أنه من الأصعب توقُّع قبول إسرائيل بنهاية القومية العرقية العنصرية والتعايش السلمي مع الفلسطينيين.

في عام 1974، أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية ضمن برنامجها الوطني، إقامة سلطة فلسطينية على أي أرض فلسطينية يتم تحريرها بأي وسيلة كانت، ومن هنا تم إنشاء سلطة فلسطينية بعد اتفاقيات أوسلو. لكن من الواضح أنَّ إسرائيل فرَّغت المحتوى الوطني لهذه السلطة وكبّلتها باتفاقيات أمنية.

المفهوم الاستراتيجي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" لم يكن يختلف في جوهره عن مشروع منظمة التحرير، وهي تسعى نحو تحقيق انسحاب إسرائيلي من الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. غير أن عبدالعزيز الرنتيسي، وَجَدَ في انتصار حزب الله وفي قدرته على إجبار الإسرائيليين على الانسحاب من جنوب لبنان، نموذجًا يُقتدى به في تحرير فلسطين.

لا شك أن غزو إسرائيل لقطاع غزة، والمذابح التي اقترفها الصهاينة تطرح مهامًا صعبة على حركة المقاومة، لكن في نفس الوقت فإن "طوفان الأقصى" ضرب الاستراتيجية الإسرائيلية في مقتلٍ. كما فضحت هذه الحرب تواطؤ أنظمة عربية في مخطط تصفية القضية الفلسطينية. وبات واضحًا نفاق الدول الغربية وسياسة ازدواجية المعايير التي تمارسها ضد شعوب الجنوب.

وأخيرًا.. إنَّ التضامن الذي شهدته القضية الفلسطينية على مستوى العالم، أعاد هذه القضية إلى مركز اهتمام الرأي العام العالمي، علاوة على أن صمود المقاومة في غزة منح المقاومة- وبالذات حركة حماس- شرعية ثورية لا يُمكن تجاوزها في أي حل للقضية الفلسطينية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

فلسطين تدعو الأمم المتحدة للتحرك ضد جرائم “إسرائيل” في الضفة وغزة

الثورة نت|
بعث المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، ثلاث رسائل متطابقة إلى كل من: الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر الدنمارك، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن مواصلة “إسرائيل”، القوة القائمة بالاحتلال، ارتكاب جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، وأعمال إبادة جماعية في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وقال منصور، في رسائله، وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية، إنه جرى توثيق ما لا يقل عن 962 انتهاكا “إسرائيليا” لاتفاق وقف إطلاق النار خلال فترة 42 يوما منذ دخوله حيز التنفيذ، ما أدى الى استشهاد 116 مواطنا، بما في ذلك أطفال، وإصابة 490 آخرين، مشيرا إلى استمرار الاحتلال “الإسرائيلي” في انتهاك قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، بما في ذلك القرار 2735 الذي اعتمده المجلس بشأن وقف إطلاق النار في غزة.

وتطرق منصور إلى رفض الاحتلال الانسحاب وفقا للاتفاق، بما في ذلك من ممر فيلادلفيا، إلى جانب قرار رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وقف دخول جميع السلع والإمدادات إلى قطاع غزة، في انتهاك صارخ لأوامر التدابير المؤقتة الملزمة وفي خضم جلسات محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، والإجراءات الاستشارية بشأن الالتزامات القانونية “لإسرائيل” المتعلقة بوجود وأنشطة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كذلك تقديم المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين الفلسطينيين، الأمر الذي يعكس عمق عدم احترام “إسرائيل” للقانون الدولي والمؤسسات الدولية.

وشدد على الحاجة الملحة للتحرك، بما في ذلك مجلس الأمن، الأطراف المتعاقدة السامية في اتفاقية جنيف الرابعة، لضمان المساءلة من خلال تدابير ملموسة، وفرض العقوبات وحظر الأسلحة لمواجهة تحدي “إسرائيل”.. مؤكدا ضرورة قيام المجتمع الدولي بمطالبة “إسرائيل” باحترام اتفاق وقف إطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية للمواطنين الفلسطينيين دون إعاقة.

وأكد منصور مواصلة “إسرائيل” عدوانها الوحشي على مدن الضفة الغربية، بالإضافة الى مواصلة المستوطنين اعتداءاتهم ضد الفلسطينيين.

وقال “بينما تواصل القوة القائمة بالاحتلال حملتها الاستعمارية في الضفة الغربية، بما يشمل مشروع قانون إسرائيلي يقترح إنشاء “القدس الكبرى” بهدف واضح لضم المستعمرات المقامة على أراضي المواطنين المحيطة بالقدس الشرقية المحتلة، مع “تطبيق القانون والقضاء والإدارة” الإسرائيلي على ما يسمى “منطقة القدس الكبرى”، والذي يشكل ازدراء كامل لمجلس الأمن وسلطته وميثاقه وقراراته، بما في ذلك القرار 2334”.

كما شدد منصور في رسائله على ضرورة التحرك العاجل من قبل مجلس الأمن، لضمان استدامة اتفاق اطلاق النار، وتوفير المساعدات الإنسانية دون عوائق وعلى النطاق المطلوب، وتنفيذ الاتفاق بالكامل، والسماح بعودة الشعب الفلسطيني إلى جميع أنحاء غزة والبدء الفوري في جهود التعافي وإعادة الإعمار.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الفلسطينية: قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة “تعميق لحرب الإبادة”
  • الخارجية الفلسطينية تدين قطع إسرائيل الكهرباء عن غزة
  • هآرتس: القانون ضد الأونروا هو جزء من الحرب الإسرائيلية ضد إقامة دولة فلسطينية
  • خبير: نزع سلاح المقاومة الفلسطينية لن يحدث إلا في هذه الحالة
  • حركة المجاهدين الفلسطينية تشيد بمواقف السيد عبد الملك الحوثي بمناصرة المظلومين في فلسطين
  • وزيرة الدولة لشؤون وزارة الخارجية الفلسطينية لـ«الاتحاد»: غزة جزء أصيل من أرض دولة فلسطين
  • مستشار رئيس وزراء فلسطين الأسبق: المقاومة الفلسطينية لم تُحسن إدارة المعركة
  • فلسطين تدعو الأمم المتحدة للتحرك ضد جرائم “إسرائيل” في الضفة وغزة
  • فلسطين تدعو الأمم المتحدة للتحرك ضد جرائم إسرائيل في الضفة وغزة
  • قاضي قضاة فلسطين يُدين جريمة إحراق مسجد "النصر" بنابلس