إعادة النظر في التأشيرة السياحية
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
حمود بن علي الطوقي
يبدو لي أنَّ التأشيرة السياحية التي تسمح بدخول رعايا نحو 100 دولة إلى سلطنة عُمان من خلال الحصول عليها مُباشرة فور وصولهم إلى السلطنة، تحتاج إلى إعادة نظر من قبل الجهة المانحة؛ بسبب سوء استغلال بعض من هؤلاء القادمين إلى بلادنا لهذه التأشيرة لأغراض بعيدة كل البعد عن الهدف الأساسي من منحهم هذه التأشيرة، وهو غرض السياحة.
إذ إنهم فور وصولهم إلى أرض الوطن الذي يُرحِّب بالجميع، يبدأ هذا الزائر في البحث عن وظيفة وطرق الأبواب ومزاحمة الباحثين عن العمل، وما يزيد من الطين بلة أن هؤلاء يتحوَّلون إلى متسولين يطرقون الأبواب وينتشرون في المجمعات التجارية يطلبون المساعدة. هذا الأمر وهذه المشاهد تتكرر وأصبحت واضحة للعيان، من خلال استغلال فترة إقامتهم في السلطنة من أجل التكسب والعمل. وقد لاحظتُ ذلك مع انطلاق معرض مسقط الدولي للكتاب؛ حيث استغل هؤلاء الزوار فترة إقامتهم لطلب العمل كعارضين في المعرض مقابل أجر يومي. كما يطرق هؤلاء أبواب الشركات والمطاعم ومحلات البيع بالتجزئة من أجل الحصول على العمل ولو بأجر زهيد حتى موعد انتهاء فترة التأشيرة، ومن ثم يُجدِّدون التأشيرة أو يسافرون ويعودون من جديد ويتكرر نفس السيناريو.
هؤلاء الذين يأتون تحت زعم السياحة لا تستفيد منهم الدولة؛ بل قد يمثلون عبئًا، ويجب وضع شروط صارمة للسماح لهم بدخول الأراضي العمانية، فكما هو معلوم أن معظم الدول تضع شروطًا مقابل الحصول على التأشيرة من بين هذه الشروط وجود حجز في أحد الفنادق مع توفر رصيد مصرفي للسائح بالإضافة إلى تذكرة العودة. هذه الشروط يجب أن توضع في الاعتبار كشرط أساسي لكل من يرغب في زيارة بلادنا الحبيبة.
أما ما نراه ظاهرا للعيان من انتشار المئات من هؤلاء من الجنسين يأتون بهدف البحث عن عمل، لذا يجب غلق هذا الباب كليًا؛ لأن المضار من وجودهم أكبر من المنافع المتوقعة، فلن تستفيد البلد من وجودهم؛ بل تتحمل الكثير أثناء تواجدهم.
ونأمل من الجهات الحكومية أن تراقب الوضع، لأنه أصبح مقلقًا ولا بُد من وضع حد لهذا النوع من التأشيرات التي يُساء استغلالها. وكثير من الأحيان نقرأ في الأخبار أنَّ الشرطة استوقفت مجموعة من النساء وعدداً من الرجال بتهمة الإخلال بالأخلاق والآداب العامة ومخالفة قانوني العمل وإقامة الأجانب في محافظات مختلفة، وأغلب هؤلاء كانوا قد دخلوا البلاد بتأشيرة سياحة، وهنا نجد تبعات كبرى مثل الاتجار بالبشر وإلحاق أضرار بالمجتمع. في المقابل، هناك سياح حقيقيون من جنسيات متعددة يأتون إلى بلادنا وتنطبق عليهم الشروط، ويستأجرون السيارات ويتجولون في الأسواق والأماكن السياحية، ويسكنون في الفنادق، ولديهم برنامج سياحي متنوع، ولا شك أن هؤلاء مُرحب بهم؛ لأنهم يعرفون مكانة السلطنة كوجهة سياحية تستحق الزيارة لتنوع المقومات السياحية فيها.
علينا أن ندرك أن السياحة غير المسؤولة لا تجلب لنا إلّا المشكلات، ونحن في غنى عنها؛ إذ لا نُريد أن نرى أجنبيًا دخل البلد تحت زعم "السياحة" لكنه يطرق الأبواب ويمارس التسول أو الأعمال المنافية للآداب، أو أنه لا يجد مكانًا ينام فيه، لأنه لا يملك ثمن الإقامة وينام في الحدائق العامة وعلى الأرصفة داخل الأحياء السكنية، وهذا النوع لا يجب أن نسمح بدخوله.
الأرقام والمؤشرات التي ينشرها المركز الوطني للإحصاء والمعلومات تكشف أن أعدادًا كبيرة من الزوّار دخلوا السلطنة بهدف السياحة، لكن الأرقام لا تنعكس على الواقع السياحي، والتطور الذي ننشده، ومن هنا فإنَّ الضرورة تفرض على كل الجهات المعنية أن تعزز من الشروط الصارمة التي تضمن جدية الزائر وغرضه في السياحة الحقيقية التي تثري لا التي تُضيف إلينا أعباءً اقتصادية واجتماعية.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
أبوبكر الديب يكتب: بعد 12 محاولة فاشلة.. لبنان ينتخب الرئيس وينقذ الاقتصاد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
بعد أكثر من عامين من الفراغ الرئاسي و12 محاولة فاشلة لاختيار رئيس، انتخب البرلمان اللبناني بالأمس قائد الجيش، العماد جوزيف عون، رئيسا للجمهورية، وهي خطوة مهمة للانفراج السياسي بالبلاد، وعودة اقتصاد البلاد للحياة بعد حرب مدمرة استمرت 14 شهرا، بين لبنان وإسرائيل، والتي تركت وراءها اقتصادا هشا، وفاقم الأزمة المالية التي أدت إلى تخلف البلاد عن سداد 30 مليار دولار من سندات اليوروبوند قبل خمس سنوات، لكن ومنذ الأمس شهدت سندات لبنان الدولارية "اليوروباوندز" ارتفاعا ملحوظا، ما يعكس التفاؤل والأماني حول استقرار البلاد.
ويحظى الرئيس عون بدعم أمريكا بسبب الدور المحوري للجيش اللبناني في الحفاظ على وقف إطلاق النار، وهي خطوة مهمة في جهود إعادة الإعمار وتنفيذ الإصلاحات اللازمة للتعافي من الأزمة المالية.
وقدرت الخسائر الأولية لاقتصاد لبنان بسبب الحرب حوالي 20 مليار دولار، وهو ما يتجاوز حجم اقتصاد لبنان الذي بلغ بنهاية العام الماضي 18 مليار دولار، وهنا تبرز أسئلة عدة منها مَن يعيد إعمار لبنان ومَن يدفع الفاتورة؟ وهل يمكن إعادة إطلاق الاقتصاد، وهو الأمر الذي يحتاج لإقرار موازنة تعكس الواقع.
وحسب تصريحات لمسئولين لبنانيين، وصلت خسائر القطاع السياحي والزراعي، حوالي 5 مليارات دولار، والممتلكات 3 مليارات دولار، مع وصول عدد النازحين إلى 1.4 مليون شخص، و1.2 مليون عاطل عن العمل، وتوقفت 30% من المصانع الموجودة في المناطق المستهدفة عن العمل، وانخفض نشاط القطاع الصناعي ككل، بحدود 50 %.
وانخفض النشاط الزراعي في لبنان بأكثر من 40%، وانخفض مستوى الأعمال بحدود 85 % بسبب الحرب، فهناك 15 ألف مؤسسة تضررت بشكل جزئي أو كلي ويعمل فيها نحو 250 ألف موظف وعامل توقفوا عن العمل، فضلا عن الخسائر المباشرة التي شملت الدمار الكلي والجزئي للمباني والوحدات السكنية، بما لا تقل عن 5.2 مليارات دولار، وأضرار في البنية التحتية، مثل شبكات المياه والاتصالات والكهرباء والطرق، بقيمة 600 مليون دولار، في حين بلغت خسائر المؤسسات التجارية والسياحية والصناعية نحو 520 مليون دولار، إلى جانب تكاليف إزالة الأنقاض وإصلاح السيارات المتضررة بما يقدر430 مليون دولار، وقد دمرت الحرب 48 ألفا من الوحدات السكنية كليا و32 ألف بشكل جزئي فيما يصل عدد الوحدات التي بها أضرار بسيطة بـ 150 ألفا.
ووفقا لوزير الاقتصاد والتجارة اللبناني، أمين سلام، فإن الخيار الوحيد أمام لبنان هو تنفيذ التعهدات والالتزامات المطلوبة للحصول على مساعدة المجتمع الدولي، وأن إعادة الإعمار قد تكلف 6 مليارات دولار.
وفي رأيي فإن البداية تكون في الإسراع تشكيل حكومة متوافق عليها دوليا ومحليا، يمكنها تنفيذ الإصلاحات وبدء إعادة الإعمار بشكل فوري، عبر إنشاء لجنة للكشف عن الأضرار الحقيقة بعد ما وضعت الحرب أوزارها، مع عقد مؤتمر دولي لجذب منح واستثمارات أجنبية، ما يعزز خلق فرص العمل ويدفع بعجلة النمو الاقتصادي.
وبعد انتهاء الحرب يجب علي لبنان تحقيق عدة أهداف هي دعم السكان المتضررين وتعزيز العدالة الاجتماعية للجميع، بمن فيهم النساء والفقراء وضمان المشاركة في صنع القرار وإعادة بناء البنى التحتية وتهيئة الظروف الملائمة للتعافي الاقتصادي المستدام، وتنفيذ الإصلاح لدعم إعادة الإعمار والمساعدة على استعادة ثقة المواطن في المؤسسات الحكومية من خلال تحسين أنظمة الحوكمة والشفافية.
وبعد انتخاب الرئيس الجديد، تترقب الأوساط الاقتصادية الخطوات التي سيتخذها العماد جوزيف عون لإعادة بناء الثقة في الاقتصاد، وجذب الاستثمارات، فقد أشار في خطاب القسم، أمام البرلمان إلى تبنيه مفهوم "الاقتصاد الحر"، المبني على حرية التبادل الاقتصادي وحرية التجارة.