بوسيف: الدعوة إلى المساواة الميكانيكية لا يمكن أن يتم في دولة دينها الإسلام
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
عبرت سعادة بوسيف رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية، عن استنكارها لما جاء في مقترحات المجلس الوطني لحقوق الإنسان كمؤسسة دستورية بخصوص تعديل مدونة الأسرة، معتبرة أن هذه المقترحات تخالف بشكل صريح المرجعية الإسلامية والدستورية والملكية والمجتمعية.
وقالت بوسيف خلال مشاركتها في “المهرجان الوطني حول اصلاح مدونة الأسرة من تنظيم حزب العدالة والتنمية” إن هذه المقتراحت تجاوزت كل الخطوط الحمراء لهذا التعديل والاطار العام الذي وضع له اضافة الى التجرؤ غير المعهود على الثوابت الدستورية والدينية والوطنية الجامعة وعدم احترام الاطار الذي حدده الملك محمد السادس في كلمته بمناسبه الذكرى 23 لعيد العرش.
وأشارت إلى أن الملك دعا الى تجاوز الاختلالات والسلبيات المسطرية والقضائية في المدونة وانطلاق المشاورات على مستوى اللجنة التي كلفها جلالته باقتراح تعديلات على المدونة باعتماد مقاربة تشاركية، لكنه حدد مرجعية وإطار وموضوع هذا الاصلاح وجدد تأكيده على أنه بصفته اميرا للمؤمنين لا يمكنه ان يحل ما حرم الله ولا ان يحرم ما احل الله.
وأكدت بوسيف أن “تبني مقاربه النوع بمعناها الايديولوجي بإلغاء الفوارق الخلقية البيولوجية لفائدة العلاقات والأدوار والممارسات الاجتماعية، إنما يتم فرضها بإيديولوجية تبتغي التحكم في الشعوب وخيراتها ومصائرها بضغوط وتوجيه ودعم مالي وإعلامي وديبلوماسي غير مسبوق”.
وأضافت أن “هذا وغيره كثير افرز تناقضا صارخا، فيما يخص موضوع الأسرة في الغرب وما يرتبط بها مع طبيعة الأسرة في عموم الدول الإسلامية، فلا مناص من الانطلاق في قضايا الأسرة على ضوء الاصول الكبرى المؤطرة، والمرجعيات المحكمة، اخذا بعين الاعتبار المالات المنتظرة، وذلك بربط الفروع بالأصول، والجزئيات بالكليات وعدم السقوط في منطقه التقليد الاعمى الى درجة اتباع الغرب شبراً شبراً “.
وسجلت بوسيف وجود نموذجين للأسرة أولهما “نموذج مشرق للأسرة التي ترجع أسسها الفكرية للمرجعية الإسلامية وتستمد مقتضياتها من القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وتحتكم إلى القيم الربانية العليا الحاكمة، من توحيد وتزكية واستخلاف، غايتها عمارة الأرض وابتغاء وجه الله والدار الآخرة، وتنتظم علاقتها مع الله ومع الكون ومع الناس وفق شريعة الله عز وجل”.
وأضافت “ومن جهة أخرى، هناك نموذج مفلس يهدم المجتمع ويهلك الأرض والنسل ويطلق العنان للفرد؛ يقوض الأسرة وَيُسَلِّعُ المرأة؛ يرفع شعار المساواة الميكانيكية ويطلق عنان الشهوات البهيمية؛ ويعزل الأسرة عن المجتمع وعن المرجعية وعن الهوية، نموذج متحلل من القيم الدينية والأخلاقية، يبيح الزنا والفساد بحجة العلاقات الرضائية؛ يلغي التمييز في الزواج على أساس الجنس ويبيح زنا الأطفال والقاصرين ويمنع ويجرم زواج من لهم الأهلية؛ يبيح تعدد الشركاء ويمنع ويجرم تعدد الزوجات؛ يبيح الإجهاض بدون شرط أو قيد ويدعو إلى إلغاء الإعدام عن جرائم القتل العمد؛ كل هذا تحت شعارات مغلوطة حول حق المرأة في أن تتصرف في جسدها كيف تشاء، وتحت عنوان مقاربة النوع وغيرها من العناوين المضللة”.
وأكدت رئيسة منظمة نساء العدالة والتنمية أن الدعوة إلى المساواة الميكانيكية وإلغاء التمييز على أساس الجنس أو الدين في الزواج وكل متعلقاته من خطبة وعقد وقوامة وولاية وطلاق وإرث …، لا يمكن أن يحكم مدونة يحتكم إليها المسلمون في مجتمع مسلم، ودولة دينها الإسلام، وملكها أمير المؤمنين.
كما أكدت أن القضايا القطعية الدلالة والثبوت ومنها قضية الارث هي قضايا ذات بناء نسقي وتفصيلي ضمن منظومة محكمة تحافظ على أسس المجتمع وسلمه واستقراره وتحفظ للجميع حقوقهم، قبل أي حسابات مادية ضيقة أو معطيات رقمية مغلوطة وقصيرة النظر.
كما أكدت أن مدونة الأسرة ليست نصا كسائر النصوص وأن المادة 400 منها هي مادة مركزية لتثبيت المرجعية وفتح الباب للاجتهاد فيما لم يرد في المدونة.
المصدر: اليوم 24
إقرأ أيضاً:
الهوية الإيمانية تحقيق لخير أمة أُخرجت للناس
الهوية الإيمانية تعني الالتزام بتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة للرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وكما أكد على ذلك الشهيد القائد -رحمه الله- :(عين على القرآن وعين على الأحداث)؛ لأن تحقيق خيرية الأمة لا يكون إلا بتلك الأسس لا بغيرها.
الهدف من العودة بالأمة إلى مراتب الخيرية معناه مواجهة الإجرام والفساد والطغيان بكل أشكاله وصوره ونشر قيم الخير والعدالة للناس جميعا، لأن الرسالة المحمدية رحمة للعالمين ((وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)).
الأمة التي تحافظ على هويتها مهما كانت هذه الهوية أو منطلقاتها أو توجهاتها هي التي تستطيع مقارعة الأمم الأُخرى في مضمار البناء الحضاري والتقدم والرقي، ولذلك هي جديرة بالاحترام، أما الأمة التي تستبدل هويتها بهوية زائفة أو لا تتناسب مع قيمها وعاداتها وتقاليدها، يسيطر عليها الآخرون ويسخرونها في خدمة أهدافهم بعد استعبادها وقهرها، وهو ما نشاهده اليوم ماثلاً في سيطرة الأمم وتكالبها على الأمة العربية والإسلامية.
لقد تناست الأنظمة العربية والإسلامية هويتها التي اختارها الله لها ((كنتم خيرامة أخرجت للناس)) وذهبت للبحث عن هويات الأمم الأخرى وبعضها اختارت العودة إلى الهويات الجاهلية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى .
الهويات الشرقية أو الغربية التي يريدها البعض_ بديلاً عن الهوية الإسلامية التي اختارها الله لهذه الأمة هي الأساس في النهوض لو لا فساد الأنظمة وعمالتها التي تريد خدمة أعدائها على حساب الهوية التي فيها عزتها ومجدها ورفعتها وكرامتها.
عندما تستعير الأمم هويات غيرها، فإنها تمكن الاستعمار منها وهو ما يريده المستعمرون الجدد حتى يستفردوا بكل قطر على حدة، كما يفعل المستعمر اليوم الذي دجن الأنظمة ورهن قراراتها وإرادتها، وكانت غزة هي الضحية، فقد تكاتف عليها الإجرام والمجرمون من كل حدب وصوب وخذلتهم معظم الأنظمة العربية والإسلامية باستثناء محور المقاومة؛ بل وصل الأمر بهذه الأنظمة إلى دعم الإجرام والمجرمين من أجل إكمال جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، في سلوك لا يتفق مع الإسلام ولا مع العروبة ولا مع الإنسانية بصلة، مع أن الخذلان بين منزلتين كفر وإيمان وحق وباطل .
من الوثائق السرية التي تحدث عنها المبشر البريطاني -همفر- التي ترمي إلى تحطيم الإسلام والمسلمين خلال قرن واحد تتحدث عن الآتي:
البند(2): التعاون الأكيد مع فرنسا وروسيا في وضع خطة شاملة لتحطيم العالم الإسلامي من الداخل والخارج .
البند (6): زرع الأديان والمذاهب المزيفة في بلاد الإسلام وفق تخطيط دقيق واختيار البلدان المناسبة لكل دين منها؛ المذهب الشيعي يُقسّم إلى أربعة أديان؛ وجعل المذاهب الأربعة السنية أدياناً مستقلة لا ارتباط بينها؛ وإعادة الخلافات الدموية بينها؛ والدس في كتبها أنهم المسلمون وما عداهم كفار يجب قتلهم وإبادتهم.
كانت هذه خطط الإمبراطوريات الاستعمارية قبل دخول أمريكا على مسرح الحياة السياسية، بريطانيا في أوج قوتها وسلطانها ومثل ذلك فرنسا وروسيا وألمانيا وغيرها، وكانوا يطلقون على الخلافة العثمانية الرجل المريض الذي يجب إسقاطه والاستيلاء على الأراضي التي يحكمها ويسيطر عليها باعتبارها غنائم حرب .
الإسلام كان هو الرابط لكل تلك الأمم من إسطنبول شرقا إلى أدغال إفريقيا ومن بخارى إلى المحيط الأطلسي ومن هنا جاءت فكرة تحطيم الإسلام واللغة لتفتيت تلك الروابط حتى يسهل الاستيلاء عليها.
استعملت القوى الاستعمارية أساليب إحياء النعرات القومية والطائفية والإقليمية واللغوية واللونية وغيرها من النعرات الهدامة التي تستطيع من خلالها تفريقهم إلى قوميات وأقاليم ولغات ومع ذلك لازالت هناك صعوبة في تحقيق أهدافها، فمازال الإسلام كدين ورابط لشتات الأمة عائقا أمامها، لأن القرآن الكريم يوجه الأمة إلى الوحدة ((يايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله اتقاكم )) وهي الآيات التي تُليت في البيت الأبيض عقب تنصيب ترامب في ولايته الثانية.
اللغة العربية وُجهت ضدها الحرب بمنعها من الانتشار وتوسيع استخدام اللغات واللهجات المحلية والأجنبية وإحياء اللغات التي اندثرت مثل الامازيغية والآشورية والبابلية والفرعونية وغيرها إلى جانب الفرنسية والإنجليزية وغيرها من اللغات وتم تجنيد الكثير من المثقفين والمفكرين والأدباء والشعراء لتوجيه الاتهامات والعيوب للغة العربية ووصمها بأنها سبب التخلف والانحطاط والتخلف والرجعية، في إسفاف وسخف مدعوم وممول بالثروات والإمكانيات العربية.
أُنشئت المراكز والجامعات التي عهد لها بتخريج ناقمين على العروبة والإسلام وحظيت اللغات واللهجات الأخرى بكل أشكال الدعم والتشجيع وجعلت لغات عالمية ولغة تدريس وتعلّم العلوم في كل الجامعات العربية وحوربت جهود تعريب اللغات في العلوم والإدارة والوظائف، مما جعل مجتمعات وشعوب الوطن العربي والإسلامي لا تفترق عن المجتمعات الغربية وغيرها مع إهمالها للغة القرآن والعلم والإيمان.
لم تكتف الاستراتيجيات الاستعمارية بتوظيف الطوائف واستخدامها لتدمير المجتمعات العربية والإسلامية، تبدأ المسألة بتشجيع الأديان من يهودية ونصرانية وبوذية وغيرها وإعادة عبادة الأصنام واستجلابها وتأسيس ما سميت بالإبراهيمية وإضافة تنمية وتغذية الصراع بين الإسلام والمسلمين وهذه الأديان واستغلالهم والاستعانة بهم في تدمير الإسلام والمسلمين من خلال تجنيدهم تحت عناوين الاضطهاد الديني وبذلك يكونون عونا للأعداء على المسلمين.
ورغم انخراط كثير منهم في المشاريع الإجرامية، إلا أن بعضهم حفظ الود والاحترام للإسلام والمسلمين، حتى أن بعض القساوسة قال: لقد دمروا المسجد ولكني سأجعل الأذان من داخل الكنيسة وهو رد على ما قاله وزير المستعمرات البريطانية (لقد استرجعنا اسبانيا من الكفار-المسلمين-بالخمر والبغاء، فلنحاول أن نسترجع بلادنا بهاتين القوتين العظميين).
هم يعلمون ويدركون خطورة توظيف الخلافات في تدمير الأمم من خلال حروبهم الدينية فيما بينهم؛ وبينهم وبين المسلمين، فيما عُرفت بالحروب الصليبية، لذلك يعملون جاهدين على توظيف الخلافات بين المسلمين سنة وشيعة وسنة فيما بينهم وشيعة أيضا، فإذا دب الخلاف وتعمقت جذوره؛ كل يتعصب لمذهبه وطائفته وإمامه بعيدا عن الحق والعدالة والانصاف، وكما قال الإمام علي -كرم الله وجهه –”اعرف الحق بالرجال ولا تعرف الرجال بالحق؛ واعرف الحق تعرف أهله”.
لقد أثبت التحالف الإجرامي على غزة وفلسطين وغيرها من الحروب الإجرامية على الأمة أن هناك جيوشاً مُعدة ومنظمة تعمل لخدمة إثارة الخلافات المذهبية والدينية في كل شرائح المجتمع تحت مسميات علماء ومحاضرين وسياسيين تمت الاستعانة بهم في الدس وتسويق الخلافات وسخرت لهم كل الإمكانيات وفي مقابل ذلك تمت محاربة كل المنادين بالوحدة والتآلف وغزة كانت المقياس والأساس.
الخطط التي يعدها ويعمل عليها ساسة الإجرام شرقا وغربا ويستهدفون من خلالها الأمتين العربية والإسلامية، لا تخرج عن أساليب المكر والكيد والخداع التي عايشها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم منذ بزوغ الدعوة الإسلامية وحتى انتصارها وسقوط الشرك وعبادة الأوثان وانهيار أعظم امبراطوريتين في ذلك الزمان؛ المنافقون والحاقدون يديرون الحرب من داخل المجتمعات الإسلامية بمختلف مسمياتهم وأديانهم -نصارى ويهود ومنافقين- ويتعاضدون مع القوى الخارجية مهما كانت، حيث أنهم يظهرون في كل محنة ويرجفون وفي كل نصر يصمتون .
في المسيرة القرآنية التي أسسها الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي -رحمه الله- نموذج يؤكد أن الحق لا يُهزم حتى وإن واجه الباطل والإجرام بكل إمكانياته الكبيرة، لأنها مسيرة تعتمد على الله ومن يكن الله معه فلن يُخذل أبداً قال الله تعالى ((ان ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده وعلى الله فليتوكل المؤمنون)) آل عمران-160 .