نيكاراغوا تطلب محاكمة ألمانيا أمام العدل الدولية لعدم الوفاء بالتزامات منع الإبادة الجماعية
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
تلقت محكمة العدل الدولية، طلبا من نيكاراغوا طلبت فيه بدء الإجراءات ضد ألمانيا أمام المحكمة بسبب انتهاكات مزعومة من جانب ألمانيا لتعهداتها بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، واتفاقيات جنيف لعام 1949 فيما يتعلق بالأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة قطاع غزة.
وبحسب موقع الامم المتحدة، ذكرت نيكاراغوا في طلبها أن كل دولة عضو في اتفاقية منع الإبادة الجماعية عليها واجب، وفق الاتفاقية، يحتم فعل كل ما يمكن لمنع ارتكاب جريمة الإبادة.
ووفق بيان صادر عن المحكمة، تقول نيكاراغوا إن ألمانيا بدعمها السياسي والمالي والعسكري لإسرائيل وسحب تمويلها للأونروا، تيسر ارتكاب الإبادة الجماعية وتفشل في الوفاء بالتزامها بفعل كل ما يمكن لمنع ارتكابها.
وطلبت نيكاراغوا أيضا إصدار تدابير مؤقتة من المحكمة بأسرع وقت، بانتظار قرارها في حيثيات القضية، فيما يتعلق بمشاركة ألمانيا في “الإبادة الجماعية المرجح استمرار حدوثها، وغيرها من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني” وفق ما جاء في البيان.
وفي قرار صادر يوم 26 كانون الثاني/يناير في القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، شددت محكمة العدل الدولية على ضرورة أن تتخذ إسرائيل كل ما بوسعها لمنع جميع الأعمال التي تتضمنها المادة الثانية من اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة.
يشمل ذلك على وجه الخصوص الأعمال المتعلقة بقتل أعضاء من جماعة أو إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم أو إخضاع الجماعة- عمدا- لظروف معيشية يراد بها تدميرها كليا أو جزئيا.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: ألمانيا إسرائيل فلسطين محكمة العدل الدولية منع الإبادة الجماعية نيكاراغوا الإبادة الجماعیة
إقرأ أيضاً:
صرخة في وجه العالم .. لا للإبادة
لم تكن ساحة السفارة الألمانية في وسط رام الله، عصر السادس والعشرين من أبريل 2025، مجرد مساحة حجرية باردة، بل تحولت إلى بركان يغلي غضبًا ووجعًا. وقف الفلسطينيون هناك، يحملون جراح غزة في عيونهم، وأحلام الحرية في أكفهم المرفوعة. توافدوا من أزقة المدينة وضواحيها، يحملون معهم صوت الأمهات الثكالى والأطفال الجوعى تحت ركام المنازل في قطاع غزة.
مع كل خطوة كانت تهدر الأرصفة تحت أقدامهم،كأن الأرض نفسها تصرخ احتجاجًا على المجازر التي لم تتوقف منذ السابع من أكتوبر 2023. لم يعد الألم الفلسطيني محصورًا في حدود غزة المحاصرة، بل سال عبر الجدران والحواجز ليصل إلى قلب الضفة، إلى رام الله التي ما تزال تنبض رغم كل محاولات الإخماد.
في عيون المتظاهرين، كانت تتجلى صورة واحدة: «شعب يُذبح كل يوم أمام أعين العالم، وسط تواطؤ دولي مشين، ودعم سافر من حكومات ادعت يومًا أنها تحمل قيم العدالة وحقوق الإنسان». وفي مقدمة هذه الحكومات، وقفت ألمانيا، بثقلها المالي والسياسي، تدعم آلة الحرب الإسرائيلية بلا هوادة.
ومن رحم هذا الإحساس بالخيانة والخذلان، ولدت هذه التظاهرة. لم تكن فقط وقفة احتجاج، بل كانت صرخة كونية تقول للعالم: «الدم الفلسطيني ليس رخيصًا.. دماء الفلسطينيين ليس صفقة سياسية».
اصطف العشرات أمام بوابة السفارة الألمانية تحت أعلام فلسطين المرفرفة، والهتافات المدوية. كانت الرايات السوداء المرفوعة ترمز إلى الحداد المستمر، واللافتات المرسومة بعجالة تحمل عبارات الغضب والرفض. صدحت الحناجر بنداءات واضحة: «ألمانيا بترعى الإرهاب. بركان الشعب ما كلّ. يلا سوا للنضال.. لازم نسقط الاحتلال».
فرضت أجهزة الأمن الفلسطينية طوقًا أمنيًا محكمًا حول المتظاهرين، في مشهدٍ بدا وكأنه محاولة لعزل الأصوات الحرة، بدلاً من حمايتها. انتشرت الكاميرات بين الأيدي الأمنية، تسجل الوجوه، تحصي الأنفاس، في إشارة مبطنة بأن التعبير عن الغضب قد تكون له عواقب لاحقة.
رغم ذلك، تحدى المتظاهرون الطوق الأمني بالهتاف أعلى وأقوى. لم تمنعهم نظرات رجال الأمن ولا عدساتهم المتطفلة من ترديد شعارهم الأبدي: «فلسطين حرة حرة..». كانت كلماتهم قذائف حرة تنطلق في وجه صمت العالم المخزي.
طالب المشاركون السلطة الفلسطينية علنًا بالكف عن قمعهم، والانحياز إلى معركة غزة بدلًا من الوقوف عائقًا أمام نصرتها. قال أحدهم بصوت متهدج أمام الجميع: «من المفترض أن تكونوا معنا، لا علينا».
صوت المرأة في وجه القمع
وسط الاحتجاجات، ارتفعت فجأةً صرخة أنثوية شقت هدير الهتافات. كانت علا الصرفندي ناشطة شابة تندفع إلى مقدمة الحشد، تواجه رجال الأمن بشجاعة نادرة. أشارت إليهم بعنفوان، وهتفت بصوت عالٍ مفعم بالمرارة: «شغلكم مش تصوير.. شغلكم تحموا شعبكم! تساندوا شعبكم! هذا شغل الشرطة.. هل الحكومة الألمانية التي ترعى جرائم الحرب في غزة هي شعبكم؟!».
لم تكن كلماتها مجرد احتجاج، بل كانت صفعة على وجه السلطة التي تحولت من راعٍ لشعبها إلى كابح لغضبه. حاول بعض أفراد الأمن تهدئتها، لكن صوتها كان قد انفجر كقنبلة في الساحة، وانعكست صرختها في وجوه الجميع، لتكشف الغطاء عن السياسات التي تحاول خنق كل صوت حر يدعم غزة والمقاومة.
كانت الواقعة دليلاً حيًّا على سياسة إسكات الأصوات، تلك السياسة التي لم تكتفِ بالتضييق على المسيرات بل امتدت لمحاولة تفريغ كل فعل مقاوم من محتواه الوطني الحقيقي، حيث بدا واضحًا أن السلطة الفلسطينية باتت تخشى صدى الكلمات أكثر مما تخشى بنادق الاحتلال.
في قلب ساحة التظاهر، وقف الناشط الفلسطيني المخضرم عمر عساف، يلقي بكلماته كالرصاص في وجه داعمي الاحتلال: «كفى إجرامًا، الحكومة الألمانية تدعم الاحتلال بالمال والسلاح؛ بأموالهم، بقنابلهم، بطائراتهم؛ تُرتكب الجرائم بحق أبناء شعبنا في غزة، وتُدمر مخيمات شمال الضفة الغربية».
يقول، في تصريح لـ«عُمان»، موضحًا خطورة أفعال الحكومة الألمانية ضد الشعب الفلسطيني: «ألمانيا واحدة من الدول التي تحركت في الثامن من أكتوبر بأساطيلها لحماية العدوان، وألمانيا اليوم تزود الاحتلال بكل وسائل الإبادة، جريمة الإبادة التي يتعرض لها شعبنا».
ويتابع عساف بكلمات مفعمة بالغضب: «ألمانيا ترعى الاحتلال، وتدعمه بالأسلحة والاقتصاد، وبالقنابل التي تحصد أرواح الأبرياء. كما تقمع أبناء شعبنا، وتقمع أيضًا أبناء الشعوب العربية وأصدقاءنا الألمان الذين يخرجون في فعاليات احتجاجية دعمًا لفلسطين».
ويعبر عن موقفه الرافض بقوة للسياسة الألمانية الداعمة لنازية الاحتلال: «لذا جئنا هنا لنقول: لا للنازية. لا لحكومات تدعم الإرهاب وجريمة الإبادة الجماعية وتجويع شعبنا وتهجيره». مؤكدًا في كلماته على كرامة الدم الفلسطيني: «دم الشعب الفلسطيني ليس مادة للمساومة بين الدول، ولا وسيلة لتعويض أي دولة عن جرائمها تجاه غيرنا».
ويشيد عساف أخيرًا بالمواقف الدولية الشريفة، التي رفضت الاستمرار في دعم جرائم الاحتلال: «أشيد بالجهود الدولية الداعمة لحقوق شعبنا، والتي تعبّر عن رفضها للإجرام الإسرائيلي في فلسطين. وأوجه تحية خاصة للحكومة الإسبانية على إلغائها عقد بيع أسلحة مع حكومة الاحتلال».
بالأرقام: دعم ألماني للإبادة
وفي خضم التظاهرة، استند المتظاهرون إلى أرقام رسمية كشفت بوضوح حجم التواطؤ الألماني مع الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب الإبادة المستمرة ضد غزة.
فقد أظهرت تقارير صحفية موثوقة، نقلًا عن بيانات حكومية ألمانية، أن برلين صدّرت أسلحة ومعدات عسكرية إلى إسرائيل بقيمة 326.5 مليون يورو خلال عام 2023، وهو ما يمثل زيادة ضخمة بلغت نحو عشرة أضعاف مقارنة بالعام السابق عليه (2022).
وقد شملت هذه الصادرات معدات عسكرية متنوعة، من بينها مكونات لأنظمة الدفاع الجوي، وأجهزة اتصال متقدمة، ومعدات دعم لوجستي، أسهمت بشكل مباشر في تعميق آلة القتل الإسرائيلية في قطاع غزة والضفة الغربية.
وفي عام 2024، وعلى الرغم من الانتقادات الدولية العارمة والدعاوى القضائية التي اتهمت الحكومة الألمانية بالتواطؤ في جرائم الإبادة الجماعية بحق الفلسطينيين، لم توقف برلين دعمها، بل واصلت تصدير السلاح، وإن بوتيرة أقل.وفقًا ما نقلته وكالة «رويترز(Reuters)»، فقد تراجعت قيمة صادرات ألمانيا العسكرية إلى إسرائيل إلى 161 مليون يورو حتى نهاية عام 2024، أي ما يقارب نصف القيمة المسجلة في العام الذي سبقه.ويُعزى هذا الانخفاض إلى الضغوط الدولية المتزايدة، إضافة إلى دعوى قضائية رفعتها دولة نيكاراغوا أمام محكمة العدل الدولية تتهم فيها ألمانيا بالمشاركة الفعلية في دعم الاحتلال الإسرائيلي في ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين الفلسطينيين.
ورغم هذا التراجع النسبي، إلا أن استمرار تدفق السلاح الألماني نحو تل أبيب يُعد، بنظر المتظاهرين «مشاركة مباشرة في جريمة الإبادة الجماعية»، التي باتت مشهودة أمام العالم كله في شوارع غزة المنسوفة ومخيمات اللاجئين المدمّرة.
صوت رام الله.. صدى غزة
لم تكن تظاهرة السفارة الألمانية حدثًا عابرًا، بل كانت محطة جديدة من محطات الرفض الشعبي، حيث يصر الفلسطينيون على أن يقولوا للعالم إن كل رصاصة تنطلق نحو غزة لها شريك، وكل دمعة تسيل من طفل فقد أمه لها داعم في العواصم الغربية.
في شوارع رام الله، كما في أزقة غزة، لا تزال القلوب تنبض بإرادة الصمود. لا تزال الحناجر تصرخ بأن فلسطين ليست للبيع، وأن الألم مهما طال عمره لن يُخضع شعبًا تربى على أن الكرامة لا تعترف بالهزيمة.