(إلا المؤتمر الوطني)

هذه العبارة تثير جنون الكيزان وتدفعهم إلى ما يتجاوز تنظيم الحملات على الأسافير ضد القوى المدنية التي أطاحت بحكمهم ومحقت جبروت سلطتهم بقيادتها لجماهير ديسمبر المجيدة .. وسعت إلى مساواتهم مع غيرهم من القوى السياسية بفصل التؤأمة السيامية الممسوخة بين تنظيمهم الحزبي والحكومة وجهاز الدولة مما محى الفوارق والتمايزات التركيبة والوظيفية الضرورية لحيوية هذه الأجهزة.

. والحاسمة في الحفاظ على قدرتها على أداء وظائفها بالكفاءة المطلوبة لاستمرار حياة الناس.

وعُرف ذلك المسعى بإزالة التمكين وهو ضرورة ملحة  ليتثنى  للدولة أجهزتها ومؤسساتها أن تقف على مسافة واحدة من كل مواطنيها إحقاقاً للعدل والمساواة أمام القانون.

وكان يُعتقد أن الهاشتقات والحملات الإعلامية الاسفيرية المنظمة ومسيرات الزحف الأخضر هي وسائل مشروعة ديمقراطياً وهي وسيلة تعبير تسمح لهم بإبداء آرائهم وطرح وجهات نظرهم في القضايا الوطنية  بما يمنحهم الطمأنينة بإمكانية عودتهم إلى الساحة العامة متى ما استوفوا شروط هذه العودة وذلك بعدم حرمانهم من التعبير والتجمهر والتظاهر وهي وسائل مدنية سلمية قد تمنعهم وتعصمنا عن عنفهم عبر الطرق الرهيبة والمأساوية التي خاضوها بنا مثل الانقلابات والحروب وحتى الإرهاب والعمليات التخريبية.

ولكن ما وضح بكل أسف أن هذه الأفعال والأقوال حلقات في سلسلة متصلة متحدة بداية من الهاشتاقات الاسفيرية مروراً بمسيرات الزحف الأخضر إلى انقلاب 25 أكتوبر إلى حرب 15 أبريل نظمها وقام بها جماعة الوطني وسيعيدون تكرارها ضد الشعوب السودانية لو لم يتم تجريدهم من أدوات الهيمنة الإجرامية التي اعتادوا بها السيطرة علينا خلال فترة حكم الإنقاذ والمؤسف أيضاً أنهم قد أدمجوا أنفسهم عميقاً في مكونات الدولة وحقنوا وجودهم كالسم الزعاف في نسيج كثيراً من المجتمعات السودانية  وقد فعلوا ذلك من بداية حكمهم عندما جعل الراحل الترابي عراب الحركة الإسلامية أنجب تلاميذه وأشدهم خبثاً علي عثمان على وزارة الشؤون الاجتماعية بغرض اعادة هندسة المجتمع والإنسان السوداني بشكل جديد يمسح عن وجدانه أي بذرة للتسامح مع التنوع والاختلاف وصبه في قالب شديد الدوغمائية من التصورات القاصرة للحياة والناس بزعم أنها الدين حسب ما يرون وهذا هو دأب النظم الشمولية التي تتخذ من الأيدولوجيا والأفكار والتصورات الأحادية قفصاً من حديد الأنظمة  التعسفية القمعية تحبسهم فيه وتتحكم في مصائرهم ومستقبلهم عبره.

وهذا النهج القمعي الديكتاتوري في الحكم وتغلغل الإنقاذ في عمق النسيج الاجتماعي السوداني هو ما سهل عمليات الثورة المضادة التي بدأت إعلامياً ثم حراكاً عبر المسيرات إلى الانقلاب الذي قاد إلى الحرب الحالية التي حطمت الدولة ولم تسلم منها المجتمعات الآمنة في كل السودان.. وأصبحت تحسب عند المجتمع الدولي والإقليمي كآثار جانبية (collateral damage) للحرب كحادثة فرضها الإسلاميون على واقعنا ومحاولة للتصدي لرفضهم فك الارتباط غير الطبيعي والمؤذي بينهم والجهاز البيروقراطي المدني والأمني والعسكري للدولة.

ولكسر اختراقهم المجتمعات السودانية عبر  تسيس الإدارات الأهلية والطرق الصوفية وخلق الأحزاب والاجسام السياسية الهلامية فيما أشتهر بالتوالي والمؤسسات الإعلامية التقليدية التي كانت تسبح بحمد التنظيم قديماً مما مهد لسيطرتهم على الميديا الحديثة أثناء الحرب الحالية بالاستفادة من قدراتهم القديمة وكوادرهم التي زرعت وسط اعلام ديسمبر (والبعشوم الأنصرافي نموذجاً لها) فضلاً عن خلق واستيعاب المليشيات المسلحة (من الدفاع الشعبي مروراً بجماعة الموز وانتهاءا بمني وجبريل وشيبة ضرار وكافي طيارة وتوماس والبراء بن مالك إضافة للدعم السريع نفسه) كقوات عسكرية موازية للقوات المسلحة والتي نجحت الإنقاذ في تسيسها هي الأخرى وحتى المناهج الدراسية والمؤسسات التعليمية..التي تزيف الوعي وتغيب الإدراك والحس النقدي الذي يحلل الواقع سعياً وراء تقويمه وتغييره.. وتركز على الحفظ والتلقين والترديد والتكرار كعمليات تعلمية دنيا تقتل الملكات وتقضي على الإبداع وإمكانيات التمايز والتميز والاختلاف.

وعليه عبارة إلا المؤتمر الوطني تهدف إلى إزالة أكبر العقبات أمام التحول المدني الديمقراطي والتأسيس الجديد الدولة السودانية وإلى تصحيح الأخطاء التاريخية في بنيتها والتي قادتها إلى الارتباك في أداء وظيفتها وتعثر في علاقتها بالمجتمعات السودانية المتنوعة المتعددة وذلك بفك ارتباط الجماعة الإسلامية العروبية بهذه الدولة واحتكارها بغير وجه حق لجهازها ممثلاً في حكم الإنقاذ قمة مدها وذروة سنامها..وخلاصة تجليات فشلها وعقم نهجها في إدارة التنوع والاحتفاء بالتعددية اجتماعياً والقضاء على التميز وروح التفرد والحرية الإنسانية.

وهي عبارة تختزل في جوفها كثيراً من المعاني والتعقيدات الكامنة خلف النزاع المسلح الحالي واستمراره والعجز المستفحل عن التحكم فيه والسيطرة على تمدده.

أضف إلى ذلك البعد الخارجي للأزمة إذ يرى كثيراً من اللاعبين المؤثرين فيه دولياً وإقليمياً أن وجود جماعة المؤتمر الوطني في الحكم وأجهزة السلطة يعد تهديداً لأمنهم ومصالحهم لعلاقة الحزب المهيمن على النظام بمجموعات سياسية وجماعات إرهابية وأنظمة حكم متطرفة..في المنطقة والعالم فضلاً عن تشكيله لخميرة عكننة وعدم استقرار في الداخل السوداني ويمنع الاستقرار والتنمية واستغلال الفرص الاقتصادية  التي تمثلها البلاد الزاخرة بالموارد والامكانيات والفرص الاستثمارية الواعدة.

عمر البشاري

الوسومعمر البشاري

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: المؤتمر الوطنی

إقرأ أيضاً:

«المؤتمر»: اعتماد الحكومة على مخرجات الحوار الوطني يزيد من ثقة المواطنين

قال اللواء دكتور رضا فرحات نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية، إن الحوار الوطني ساهم في توحيد الجهود نحو بناء مستقبل أفضل لمصر، ومهد الطريق أمام التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي، بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن، مشيرا إلى أن هذه الجهود تمثل خارطة طريق نحو بناء الجمهورية الجديدة وتعزيز الثقة بين الحكومة والشعب المصري. 

مخرجات الحوار الوطني

وأوضح أستاذ العلوم السياسية أن ما أعلنه مصدر مسؤول، أن الحكومة الجديدة ستعتمد على مخرجات الحوار الوطني كجزء من برنامجها التنفيذي يعكس جدية كبيرة من القيادة السياسية في التعامل مع التحديات المستقبلية، والتزامها بالتقدم نحو جمهورية جديدة قادرة على تحقيق التنمية المستدامة وتعزيز العدالة الاجتماعية من خلال حزمة تشريعية شاملة لتنفيذ هذه المخرجات تشمل تحسين مناخ الاستثمار، وتعزيز الحوكمة الرشيدة، وتطوير البنية التحتية، وتعزيز العدالة الاجتماعية.

وأشار إلى أن المتابعة الدائمة لتنفيذ هذه التوصيات ستكون جزءا أساسيا من عمل الحكومة في الفترة المقبلة، بما يضمن التنسيق المستمر بين الحكومة ومجلس أمناء الحوار الوطني لتحقيق أهداف الجمهورية الجديدة.

وتابع نائب رئيس حزب المؤتمر من المتوقع أن تتضمن الحزمة التشريعية أيضا العديد من الإطارات القانونية الضرورية لتحقيق الأهداف التي تم التوافق عليها خلال جلسات الحوار الوطني وهذه الحزمة ستسهم في تعزيز العملية الديمقراطية وتطوير الأطر القانونية بما يخدم مصلحة الوطن والمواطن ويزيد من ثقة المواطنين في الحكومة وتساهم في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي. 

وأشار نائب رئيس حزب المؤتمر، في بيان إلى أن الحوار الوطني الذي انطلق بدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي، شكّل منصة هامة لتبادل الآراء والأفكار حول القضايا الوطنية الحيوية كان فرصة حقيقية لتحديد الأولويات الوطنية ووضع إطار قانوني يعزز الديمقراطية ويعكس تطلعات المواطنين نحو مستقبل أكثر استقرارا وازدهارا.

تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين

وتابع: وتلك التوصيات لن تكون مجرد أفكار على الورق، بل ستكون جزءا حيويا من العمل الحكومي في الفترة المقبلة، إذ ستساهم في تعزيز الثقة بين الحكومة والمواطنين، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي المنشود بما يتماشى مع رؤية الجمهورية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • عضو بـ«الحوار الوطني»: الحكومة المرتقبة عليها استكمال تنفيذ توصيات المؤتمر
  • مؤتمر القاهرة ومحددات الحوار السوداني
  • من اكتر ناس التضرروا في حكم البرهان هم الكيزان تمت مصادرة أموالهم واعتقل قادتهم
  • رئيس جنوب أفريقيا يعلن تشكيلة حكومة الوحدة الوطنية
  • «المؤتمر»: اعتماد الحكومة على مخرجات الحوار الوطني يزيد من ثقة المواطنين
  • انتشال جثمان طفل غرق فى ترعة السلام بالدقهلية
  • وزير الداخلية يلتقي مفوض الشرطة الدولية بالامم المتحدة
  • في رسالة إلى مجلس الأمن.. الإمارات تدفع مجدداً من أجل تعزيز السلام في السودان
  • في رسالة إلى مجلس الأمن .. الإمارات تدفع مجددا من أجل تعزيز السلام، وتشدد على أن استمرار العنف يؤكد بأن أيا من الأطراف المتحاربة لا يمثل الشعب السوداني
  • مؤشر عالمي… اليمن الدولة الأقل سلمية على مستوى العالم