"وول ستريت جورنال": السودان رفض إقامة قاعدة عسكرية إيرانية على البحر الأحمر
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، أن إيرن ضغطت على السودان دون جدوى للسماح لها ببناء قاعدة بحرية دائمة على ساحل البحر الأحمر، الأمر الذي كان سيسمح لطهران بمراقبة حركة المرور البحرية من وإلى قناة السويس وإسرائيل، حسبما نقلته عن مسؤول استخباراتي سوداني كبير.
وقال أحمد حسن محمد، مستشار المخابرات لقائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في مقابلة مع الصحيفة، إن إيران زودت الجيش السوداني بمسيرات متفجرة لاستخدامها في حربه ضد قوات الدعم السريع، وعرضت تقديم سفينة حربية حاملة للمروحيات، إذا سمحت لها السودان بإقامة القاعدة.
وأوضح محمد: "قال الإيرانيون إنهم يريدون استخدام القاعدة لجمع المعلومات الاستخبارية.. لقد أرادوا أيضا وضع سفن حربية هناك"، مؤكدا أن الخرطوم رفضت الاقتراح الإيراني.
وذكرت الصحيفة، أن من شأن وجود قاعدة بحرية على البحر الأحمر أن يسمح لطهران بتشديد قبضتها على أحد أكثر ممرات الشحن ازدحاما في العالم، حيث تساعد مليشيا الحوثيين على شن هجمات على السفن التجارية.
وتقدم إيران أسلحة متطورة بشكل متزايد إلى حلفائها الحوثيين في اليمن، مما يعزز قدرتهم على مهاجمة السفن التجارية وتعطيل التجارة الدولية على الرغم من أسابيع من الضربات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة. كما تم نشر قوة متعددة الجنسيات بقيادة من القوات الأمريكية لحماية حركة المرور البحرية.
ويسلط طلب إيران بناء قاعدة في السودان الضوء على سعي القوى الإقليمية للاستفادة من الحرب الأهلية المستمرة منذ 10 أشهر في البلاد للحصول على موطئ قدم في البلاد، التي تعد مفترق طرق استراتيجي بين الشرق الأوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مع إطلالة ساحلية على ساحل البحر الأحمر تتجاوز 600 كيلومتر.
وقال محمد: "اشترى السودان طائرات بدون طيار من إيران لأننا كنا بحاجة إلى أسلحة أكثر دقة لتقليل الخسائر في الأرواح البشرية واحترام القانون الإنساني الدولي".
وساعدت المسيرات المتفجرة البرهان على عكس الخسائر التي تكبدها ضد قوات الدعم السريع، وفقا لمسؤولين إقليميين ومحللين يتابعون القتال، أشاروا إلى نجاح الجيش، خلال الأسابيع الأخيرة، في استعادة السيطرة على مناطق مهمة في الخرطوم وأم درمان.
واندلع القتال في أبريل من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق، محمد حمدان دقلو. وأدى النزاع إلى مقتل الآلاف ونزوح الملايين والتسبب بكارثة إنسانية.
ويحتاج حوالى 25 مليون شخص، أي أكثر من نصف السودانيين، إلى المساعدات، ويواجه 18 مليونا منهم انعداما حادا في الأمن الغذائي، وفق معطيات الأمم المتحدة.
واتهمت إدارة بايدن كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب. وتتهم الولايات المتحدة هذه الأخيرة أيضا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك القتل والاغتصاب والتطهير العرقي في منطقة دارفور بغرب السودان.
وانتقد مسؤولون أمميون، القوات السودانية بسبب القصف الجوي للأحياء المدنية وحرمان المدنيين السودانيين من وصول المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها. كما اتهمت وكالات الأمم المتحدة قوات الدعم السريع بارتكاب فظائع، بما في ذلك الهجمات ذات الدوافع العرقية في دارفور.
ونفى الجيش السوداني وقوات الدعم السريع اتهامات واشنطن والأمم المتحدة.
وفي فبراير، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن شحنات الأسلحة الإيرانية إلى الجيش السوداني.
وقال جون غودفري، سفير الولايات المتحدة لدى السودان في ذلك الوقت، إن التقارير عن المساعدات الإيرانية للخرطوم "مقلقة للغاية ومصدر قلق كبير بالنسبة لنا".
وعينت وزارة الخارجية الاثنين توم بيرييلو، عضو الكونغرس السابق، مبعوثا أمريكيا خاصا للسودان.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الجیش السودانی البحر الأحمر الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
نھج أمریكي أكثر جرأة لإنھاء الحرب في السودان: معالجة التھدیدات الرئیسیة وتحدید المصالح
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان
بقلم: السفیر دونالد إي. بوث
الأھلیة الدائرة في السودان الیوم تسببت في أسوأ أزمة إنسانیة في العالم وأثارت أعمالًا إبادة جماعیة. كما أنھا تشكل تھدیدات وفرصًا جدیدة للولایات المتحدة. ھنا، یتم توضیح ھذه التھدیدات والفرص لأولئك الذین یقیّمون الإجراءات التي قد تتخذھا الولایات المتحدة، إن وجدت، بشأن الصراع في السودان. من الأھمیة بمكان أن تحدد أي سیاسة تتعلق بالسودان خطوطًا إرشادیة داخلیة واضحة حول المصالح الأمریكیة، وبالتالي تحدید ما یستحق استخدام القوة والنفوذ الأمریكي لتحقیقھ أو منعھ. تحدید المصالح والتھدیدات الأمریكیة في السودان.
یشكل الصراع الحالي في السودان تھدیدات خطیرة محتملة للولایات المتحدة، وأبرزھا خطر عودة الإرھاب. فقد استضاف النظام الإسلامي الذي حكم السودان لمدة ثلاثین عامًا حتى عام 2019 أسامة بن لادن وغیره من المنظمات الإرھابیة التي استھدفت الولایات المتحدة وإسرائیل. ومن السودان، خطط تنظیم القاعدة لھجمات إرھابیة عام 1998 على السفارات الأمریكیة في شرق إفریقیا والھجوم على المدمرة الأمریكیة یو إس إس كول عام 2000. أنھت الثورة الشعبیة في 2018 و2019 ذلك النظام.
ومع ذلك، یعتمد الجیش السوداني (القوات المسلحة السودانیة - SAF) الآن بشكل متزاید على القوى السیاسیة الإسلامیة المتجددة والمیلیشیات المسلحة التي تعود جذورھا إلى النظام السابق في حملتھ ضد قوات الدعم السریع (RSF)، التي ارتكبت إبادة جماعیة في بعض المناطق التي تسیطر علیھا. قد یكون اعتماد قیادة الجیش السوداني على الدعم الإسلامي نتیجة نقص البدائل القابلة للتطبیق أكثر من كونھ بسبب توافق أیدیولوجي. یمكن أن یؤدي عودة حكومة إسلامیة في أعقاب انتصار الجیش إلى إحیاء التھدید الإرھابي للولایات المتحدة. كما قد یؤدي ذلك إلى تنفیذ اتفاق النظام السابق لمنح روسیا قاعدة بحریة على البحر الأحمر، وتعزیز النفوذ الاقتصادي الصیني، وإحیاء التعاون الأمني الإقلیمي مع إیران.
إلى جانب كونھا تھدیدات للمصالح الأمریكیة، بما في ذلك حریة الملاحة في البحر الأحمر، فإن ھذه النتائج غیر مرغوبة لشركائنا الإقلیمیین الرئیسیین – مصر، والإمارات العربیة المتحدة، والمملكة العربیة السعودیة. كما أن التزام السودان باتفاقیات إبراھام سیكون معرضًا للخطر مع عودة القوى السیاسیة الإسلامیة السودانیة. لن یتم ترسیخ النفوذ الأمریكي في السودان وتحقیق الاستقرار إلا من خلال إنشاء حكومة مدنیة دیمقراطیة غیر إسلامیة تعمل مع قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة.
تنسیق نھجنا مع الشركاء الرئیسیین في المنطقة – مصر، السعودیة، والإمارات العربیة المتحدة یكمن مفتاح تحقیق السلام المستدام وتجنب النتائج الضارة بالمصالح الأمریكیة في
تنسیق نھج الشركاء الإقلیمیین. حالیًا، تدعم مصر الجیش السوداني (SAF)، بینما تدعم الإمارات العربیة المتحدة قوات الدعم السریع (RSF). الفرصة المتاحة لجعل مصر والإمارات تتعاونان تكمن في رغبتھما المشتركة في منع عودة النظام الإسلامي. أما المملكة العربیة السعودیة، فھي غیر مھتمة برؤیة السودان یعود إلى الوضع الذي كان علیھ قبل عام 2019، عندما كان بحاجة دائمة إلى الموارد بدلاً من أن یكون وجھة استثماریة مستقرة. ھناك مؤشرات على أن الإمارات قد تعید تقییم دعمھا لقوات الدعم السریع في ضوء انتكاساتھا العسكریة الأخیرة.
یجب أن تركز المشاركة الأمریكیة بشأن السودان أولاً وقبل كل شيء على تحقیق تفاھم مع ھذه الدول الثلاث وبینھا حول كیفیة إنھاء الحرب عبر اتفاق یحمي المصالح الأمنیة والسیاسیة والاقتصادیة الأساسیة للولایات المتحدة وشركائھاالإقلیمیین في السودان. التوفیق بین المصالح الاقتصادیة والحكم المدني والعسكري یتطلب تحقیق المصالح الأمریكیة تعاونًا سودانیًا بالإضافة إلى التعاون الإقلیمي. أثبتت الثورة في 2018-2019 الرغبة العارمة للسودانیین في حكومة مدنیة دیمقراطیة. یمكن لتحالف مدني واسع للسلام أن یسرّع تحقیق السلام وإعادة ھیكلة الحوكمة. ومع ذلك، لا یمكن تحقیق ذلك إلا إذا تم طمأنة قیادة الجیش السوداني بأن القوات المسلحة الموحدة والمھنیة ستظل ركیزة مؤسسیة رئیسیة ولاعبًا اقتصادیًا مھمًا في السودان الجدید.
ھناك بالفعل أدلة على أن أعدادًا متزایدة من المدنیین السودانیین ینظرون إلى الجیش السوداني كمنقذ من الأفعال المفترسة لقوات الدعم السریع. في عام 2021، أطاح الجیش السوداني وقوات الدعم السریع معًا بالحكومة الانتقالیة المدنیة إلى حد كبیر لأن تلك الحكومة بدت وكأنھا تتخذ إجراءات عدوانیة لتقویض المصالح الاقتصادیة للقوات المسلحة وقوات الدعم السریع. في الآونة الأخیرة، أشارت قیادة الجیش السوداني إلى انفتاحھا على حكومة انتقالیة. في المستقبل، قد تكون ھناك فرص للعمل مع تحالف مدني أوسع من الأحزاب السیاسیة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الشعبیة، لا سیما إذا كان ذلك سیسرع من إنھاء الحرب.
كلما طال أمد القتال، زاد اعتماد الجیش السوداني على الإسلامیین ومیلیشیات أمراء الحرب الإقلیمیة، مما یؤدي إلى تكوین تحالفات ھشة وتقلیل سیطرة الجیش السوداني بشكل عام. ھذا یھدد أھداف الجیش السوداني وكذلك المصالح الأمریكیة المستقبلیة. المساعدات الإنسانیة الكبیرة التي قدمتھا الولایات المتحدة في السودان تمنحھا نفوذًا لدى المدنیین السودانیین، خاصة إذا تم توجیھ المزید منھا إلى “غرف الطوارئ الشعبیة”. كما أن العقوبات المفروضة على قیادة الجیش السوداني تمنح الولایات المتحدة القدرة على التوصل إلى اتفاق بین الجیش والمدنیین.
إن وجود سودان مدني یقوده جیش محترف وموحد یمكن أن یمكّن البلاد من الالتزامباتفاقیات إبراھام ویؤسس لشریك أفریقي استراتیجي مستعد للتعاون في مجالات أخرى ذات أھمیة للولایات المتحدة. قوات مسلحة سودانیة موحدة ومھنیة عنصر رئیسي آخر مطلوب لجعل السودان مستقرًا وقابلًا للحكم وجاذبًا للاستثمار الأمریكي والإقلیمي ھو تشكیل جیش وطني واحد مستدام. قد یؤدي إقناع قیادة الجیش السوداني بأن الولایات المتحدة مستعدة، من خلال العمل أساسًا مع شركائنا الإقلیمیین الرئیسیین، للمساعدة في تشكیل قوة موحدة ومھنیة إلى كسب تعاون الجیش السوداني في حمایة المصالح الأمریكیة ووضع السودان على طریق الحكم المدني الدیمقراطي.
قد تنضم بعض المیلیشیات المسلحة المتحالفة مع الجیش السوداني طوعًا، بینما قد تحتاج أخرى إلى حوافز لقادتھا وأفرادھا، في حین قد یكون من الضروري قمع البعض بالقوة. إنشاء جیش وطني موحد ومھني ھو في مصلحة شركائنا الإقلیمیین الذین یریدون شریكًا موثوقًا بھ على طول قناة السویس والبحر الأحمر ونھر النیل، وبالتالي فھم مؤھلون بشكل جید لمساعدة السودان في ھذه المھمة الضروریة.
توفر مشاركة الولایات المتحدة مع السودان فرصة لیس فقط لتجنب نتائج خطیرة محتملة، ولكن أیضًا لبناء تعاون مفید مع الشركاء الرئیسیین في الشرق الأوسط. إن وجود سودان مدني یقوده جیش موحد ومھني یمكن أن یعزز التزام السودان باتفاقیات إبراھام، ویجعل منھ شریكًا أفریقیًا استراتیجیًا مستعدًا للتعاون في المجالات الأخرى ذات الاھتمام الأمریكي.