كارثة روبيمار.. جريمة حوثية مبيتة واستهتار دولي بحياة اليمنيين
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
لقرابة أسبوعين ظلت السفينة البريطانية روبيمار، التي استهدفتها مليشيا الحوثي، تعوم في عرض البحر الأحمر على غير هدى قبل أن تعلن الحكومة اليمنية عبر خلية الأزمة المكلفة بالتعامل مع التداعيات الناجمة عن الحادث، الغرق الكلي للسفينة على بعد 15 ميلا بحريا من شواطئ المخا.
وخلال هذه المدة أطلقت اليمن نداءات عدة إلى العالم لإنقاذ البيئة البحرية اليمنية من كارثة محققة، لكن هذه النداءات قوبلت بآذان صماء وتركت روبيمار بما تحمله من مواد خطرة لقدرها الأخير والغوص بسمومها الى أعماق المياه اليمنية، الأمر الذي سيلقي بآثاره الكارثية المدمرة على البيئة البحرية وحياة نحو نصف مليون مواطن على طول الساحل الغربي للبلاد الذين يقتصر مصدر رزقهم على الاصطياد.
تأثيرات كبرى..
يؤكد مدير البرامج في فرع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمنظمة "غرينبيس" البيئية جوليان جريصاتي لفرانس برس أن "تسرّب سماد نيترات الأمونيوم إلى البحر ستكون له تأثيرات كبرى عديدة على النظم البيئية البحرية".
ولعل تقادم عمر السفينة وتهالك بينتها هو ما سيعجل بهذا التسرب القاتل، حيث يشير الرئيس السابق لهيئة حماية البيئة الدكتور عبدالقادر الخراز في تغريدة بحسابه على منصة اكس إلى أن الباخرة روبيمار الغارقة في قاع البحر الأحمر بنيت في 1997، أي أنها تعمل منذ 27 سنة وبالتالي تعتبر نفاية يجب التخلص منها وفقا لعمرها الافتراضي.
ونوه الخراز إلى غموض كبير يكتنف المعلومات التي قدمها ملاك الباخرة عن نوع وحجم حمولتها التي أعلن أنها تبلغ 41 ألف طن، منها 20 ألف طن من الأسمدة الكيميائية الخطرة، دون توضيح لنوعية نصف الحمولة المتبقي للباخرة، مع العلم أن هذه الأسمدة تتكون من فوسفات الأمونيا وهي تشمل أيضا على مواد كيميائية أخرى.
جريمة مبيتة..
ومما يثير الشكوك والتكهنات حول طبيعة هذه الباخرة وحمولتها وسياق غرقها الذي خلقته جماعة الحوثي بتكرار الاستهداف بعد نحو عشرة أيام من استهدافها الأول لها بصاروخ إيراني ولعل حديث القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي عن مساومة بريطانيا على إدخال المساعدات إلى غزة، وفق زعمه، في حال أرادت إنقاذ روبيمار من الغرق يفضح النية المبيتة للمليشيا بتنفيذ الجريمة.
وبحسب المعلومات التي أوردها الخراز في تغريدته فإن روبيمار مختصة أساسا بنقل البضائع مثل الحبوب، وتحميلها بمواد كيميائية خطرة يدعو للتساؤل، كما أن الحمولة تعتبر سائبة، أي غير معبأة بأكياس، ما يؤكد وجود تفاهمات بين مليشيا الحوثي ومافيا دولية لدفن نفايات خطرة عن طريق ما يدعوه بضرب السفن العابرة.
ولفت الخراز إلى أن مدير الشركة المالكة للباخرة يقيم في لبنان، مذكرا بانفجار مرفأ بيروت والأسمدة الكيمائية التي كانت السبب، وهذا ما يؤكد اللعبة لدفن النفايات الخطرة وكيف تحصل مليشيا الحوثي على المعلومات وبالتالي كم المبلغ الذي قبضته هذه المليشيا مقابل كل طن يتم إغراقه من النفايات الخطرة.
المصدر: نيوزيمن
إقرأ أيضاً:
التسامح في رمضان.. تراث أصيل عند اليمنيين
يعتبر شهر رمضان المبارك شهر الصفح والعفو وبالتسامح يتحقق السلام الداخلي والمجتمعي وعلى مر الزمان ارتبط شهر رمضان المبارك بالتسامح والتعايش بين أبناء المجتمع بمختلف توجهاتهم
تقرير /زهور عبدالله
التسامح في العرف القبلي
في بلد قبلي مثل بلادنا ما كان ليستقر أو يشهد نشوء حضارات إنسانية ذائعة الصيت عبر تاريخه العريق ما لم يكن أبناؤه يؤمنون بمبدأ التسامح والتعايش ويُعلون من شأن هذا المبدأ الإنساني العظيم في حياتهم وشئونهم العامة والخاصة
لقد ارتبط التسامح بشهر رمضان المبارك حيث لا يحل هذا الشهر الكريم في كثير من القرى إلا وقد تسامح الخصوم وكانت اليمن ولاتزال إلى يومنا هذا من أكثر الدول العربية من حيث نفوذ القبيلة التقليدي ويقدَر باحثون ومهتمون نسبة اليمنيين الذين ينتمون مباشرة لإحدى القبائل بأكثر من 85 % من إجمالي عدد السكان فيما يشير الباحثون الاجتماعيون إلى أن أعداد القبائل اليمنية تبلغ نحو خمسمائة قبيلة ومنها ينحدر معظم أبناء البلاد وكلهم يحتكمون لأعراف وتقاليد القبيلة وطقوسها الخاصة والتي تنطوي في معظمها على قيم العفو والتسامح والتسامي فوق الجراحات والآلام.
وللقبيلة اليمنية وأعرافها الأصيلة حيث يجعلون من شهر رمضان شهرا للتسامح والعفو والتي تعد بمثابة القوانين غير المكتوبة حضورا واسعا في الوقت الراهن كما كان في الماضي البعيد على صعيد إرساء السلام وتعزيز الأمن والسكينة العامة بين القبائل وأفرادها والتغلب على كثير من التحديات والصعوبات الناجمة عن الصراعات والثارات وغير ذلك من الظواهر الاجتماعية السلبية التي عادة ما تكون من أعظم العوائق والعقبات أمام استقرار وتقدم الأمم والشعوب.
وظل ذلك الحضور الإيجابي بالتسامح في شهر رمضان -كما يقول الدكتور محمد السعيدي أخصائي علم النفس التربوي- موجودا ومازال في كل المناطق.
ويضيف الدكتور السعيدي بأن التسامح والعفو قبل شهر رمضان في العرف القبلي ظل على الدوام الرديف والداعم الفعلي للاستقرار على صعيد إصلاح ذات البين وإنهاء الخلافات بين أبناء المجتمع وصيام شهر رمضان ببدن خال من الأحقاد.
ويلجأ معظم اليمنيين إلى العرف القبلي وأحكامه السريعة والحاسمة لحل خلافاتهم وخصوماتهم نظرا لما يوفره هذا القانون غير المكتوب من معالجات عاجلة ومرضية لكل الأطراف مع تغليب قاعدة التسامح وجبر الضرر ونزع البغضاء وتصفية القلوب قبل الصيام
هذه الأعراف القبلية لا يقتصر وجودها وسريان مفعولها على أبناء القبائل وشيوخ العشائر وإنما تمثل ثقافة مجتمعية واسعة، ويقول الشيخ/ حميد الضاوي -وهو احد مشايخ منطقة الحيمة الداخلية بمحافظة صنعاء- إن أي مسؤول في القضاء أو الأمن لا يمكن أن يباشر النظر في أي قضية خصومة إلا بعد أن يعرض على المتخاصمين الصلح والاحتكام إلى العرف القبلي كونه اكثر نجاعة في الحسم والفصل وهذا العرض بمثابة النصيحة الثمينة للفرقاء لتوفير كثير من الجهد والمال، ويشير الشيخ الضاوي إلى أن غالبية قضايا الخصومات يتم حلها قبليا بعد وصولها مباشرة إلى الأقسام والمحاكم بسبب ما يحققه العرف القبلي من حلول وسطية تعلو فيها قيم ومبادئ التسامح الإنساني وذلك بقناعة وتراض من قبل جميع الأطراف وعادة لا يحل شهر رمضان إلا وقد انتهت العديد من القضايا.
الضرورة الغائبة
وعلى كل مناحي الحياة العامة والخاصة يجب أن يكون التسامح هو المبدأ الإنساني الذي نستقبل به شهر رمضان المبارك وجعل هذا الشهر الكريم تذكيرا للتسامح وجعله واقعا معاشا في حياة الناس ليعم السلام والاستقرار كل ربوع البلاد التي عُرفت على مدى العصور بأنها بلاد العربية السعيدة
ويؤكد المختصون الاجتماعيون أن اليمن في الوقت الحالي في حاجة ماسة وأكثر من أي وقت مضى إلى التمسك بثقافة التسامح في جميع المجالات وبالتالي توحيد الجهود للعمل في سبيل نشر وإشاعة ثقافة التسامح مشيرين إلى أنه لا يمكن فهم ثقافة التسامح بمعزل عن إطار الحياة العامة والمجتمعية والفكرية باعتبار أن التسامح يؤدي إلى السلام وإنهاء النزاع والخلاف بين الناس وإزالة البغضاء وليكون الجميع يدا واحدة في مواجهة العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن الذي يتطلب تكاتف جهود جميع أبناء اليمن الشرفاء.