عربي21:
2025-02-03@04:57:08 GMT

حلول أزمات مصر داخلها لا خارجها

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

مع الترحيب بأي جهد لإنقاذ مصر والمصريين من أزماتهم، إلا أن الفهم الحقيقي للأزمة المصرية بجوانبها المتعددة وخاصة الاقتصادية لن يحلها دخول 24 مليار دولار أو حتى 35 مليار دولار؛ هي كامل قيمة صفقة رأس الحكمة الأخيرة والتي قدمت إسعافا أوليا فقط لا يكفي لإنهاء الألم، وإبراء المرض بشكل دائم.

وحتى لو حصلت مصر على ضعف هذا المبلغ أو حتى ثلاثة أضعافه فإن ذلك سيظل في خانة المسكنات المؤقتة، خاصة إذا نظرنا إلى بعض جوانب الأزمة الصعبة، ومنها مديونية خارجية تبلغ 166 مليار دولار، تحل آجال سداد 42 مليارا منها (أي ربعها) هذا العام، بالإضافة إلى دين داخلي يتجاوز 4 تريليون جنيه (حوالي 135 مليار دولار وفقا لسعر الدولار الرسمي)، ما يعني أن الدين الخارجي والداخلي يبلغ 300 مليار دولار، ناهيك عن فاتورة الاستيراد البالغة حوالي 100 مليار دولار سنويا (يجري حاليا تخفيضها بأساليب مختلفة).



التعاون الدولي لمساعدة بعض الدول في أزماتها هو أمر معتاد، لكنه لا يتم في الغالب لوجه الله، أو بلا أثمان باهظة تصل أحيانا إلى المس بسيادة الدول المحتاجة، وهل نسينا نحن في مصر أن تراكم ديون مصر للدول الكبرى في عهد الخديوي إسماعيل ونجله توفيق كانت سببا لاحتلال مصر لمدة 70 عاما؟! التعاون الدولي لمساعدة بعض الدول في أزماتها هو أمر معتاد، لكنه لا يتم في الغالب لوجه الله، أو بلا أثمان باهظة تصل أحيانا إلى المس بسيادة الدول المحتاجة، وهل نسينا نحن في مصر أن تراكم ديون مصر للدول الكبرى في عهد الخديوي إسماعيل ونجله توفيق كانت سببا لاحتلال مصر لمدة 70 عاما؟!وحتى مشروع مارشال لتنمية دول أوروبا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ورغم أنه بدا مشروعا صديقا من واشنطن، إلا أنه دشن هيمنته على القرار السياسي الغربي منذ ذلك التاريخ وحتى الآن، وقد رفضت روسيا الاستفادة من ذلك المشروع كما دعت الدول التابعة لها في شرق أوروبا لرفضه لإدراكها بما يتضمنه من هيمنة أمريكية.

ولا يستثنى مما سبق الدعم الذي يقدمه بعض من يوصفون بالأصدقاء أو الأشقاء، فنحن في عالم لا يعرف سوى لغة المصالح والمنافع، فمن يدفع دولارا يتوقع أن يسترده دولارين، أو يحقق به مكاسب أخرى بضعف قيمته. ومن هنا، فرغم الزفة الإعلامية التي صاحبت صفقة رأس الحكمة في المنابر الإعلامية التابعة للسلطة، إلا أن الشكوك ظلت هي سيدة الموقف لدى العديد من القوى السياسية والخبراء الاقتصاديين المصريين تجاه الصفقة التي اعتبروها صفقة سياسية لإنقاذ النظام وليس لإنقاذ الدولة، وهي على ما بها من غموض في الكثير من تفاصيلها فإنها واضحة في اقتصارها على جانب التنمية العقارية والسياحية التي تحقق عوائد سريعة لأصحابها، وليس التنمية الصناعية أو التكنولوجية والتعليمية التي تبني الأوطان وتبني اقتصادا حقيقيا.

كتبت من قبل عن أسباب غير اقتصادية للأزمة، وعلى رأسها الظلم المؤذن بخراب العمران بتعبير ابن خلدون، وبتعبير ابن تيمية "إن الله يقيم الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة". ولا يخفى على أحد حجم الظلم الذي عاناه المصريون أو شطر منهم على الأقل خلال السنوات العشر الماضية، وكان من نتائجه آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المعتقلين والمشردين، والثكالى، والميتمين، والآلاف ممن جمدت أو صودرت ممتلكاتهم، وطوردوا في أرزاقهم، وفصلوا من وظائفهم.. الخ، وهذه مظالم كفيلة بخراب العمران.

كالعير في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمول.. بيت شعر يشير إلى وجود الحل لكن صاحب المشكلة لا يراه، مثل تلك العير التي يقتلها الظمأ بينما تحمل الماء على ظهورها، وعلاج أزمات مصر موجود داخلها لا خارجها، يحتاج فقط إلى إرادة حقيقية للتداوي به، لا استسهال الأدوية الأجنبية.

علاج أزمات مصر يبدأ بمصالحة وطنية شاملة، تنتهي بعقد اجتماعي جديد، يتضمنه دستور جديد للبلاد، يضع أسس حكم مدني رشيد، ويتضمن مرحلة انتقالية لخروج الجيش من الحياة المدنية (السياسية والعسكرية) ويفتح الباب لانتخاب رئيس وحكومة جديدة من بين متنافسين حقيقيين..مصالحة تعيد الحقوق لأصحابها، وتفرغ السجون من نزلائها السياسيين، وتفتح الباب لإعلام حر يعبر عن هموم الوطن والمواطن وليس هموم السلطة والحاكم.. مصالحة تعيد الأموال المنهوبة من رجال الأعمال وغير رجال الأعمال بغير وجه حق، مصالحة تفتح أبواب مصر أمام أبنائها المهجرين مصالحة تعيد الحقوق لأصحابها، وتفرغ السجون من نزلائها السياسيين، وتفتح الباب لإعلام حر يعبر عن هموم الوطن والمواطن وليس هموم السلطة والحاكم.. مصالحة تعيد الأموال المنهوبة من رجال الأعمال وغير رجال الأعمال بغير وجه حق، مصالحة تفتح أبواب مصر أمام أبنائها المهجرين..

حين يتحقق ذلك ستحلق الروح المعنوية للشعب في عنان السماء بدون الحاجة إلى إنفاق المليارات على مشروعات لتحسينها، وستنفتح شهية المستثمرين المحليين الذين حبسوا أموالهم تحت البلاط خوفا عليها من المصادرة والتأميم، وسيتهافت المستثمرون الحقيقيون من أنحاء العالم إلى مصر لاقتناص الفرص الواعدة في سوق كبير يضم 110 ملايين نسمة بخلاف انفتاحه على أسواق أفريقيا الأخرى، وستنافس المؤسسات المالية الدولية على التغني بالاقتصاد المصري، وسيتوافد ملايين السياح من كل أنحاء العالم بعد أن يشعروا بالاطمئنان الكامل على سلامتهم في مصر، وستستطيع مصر إسقاط جزء كبير من ديونها (وربما غالبيتها) باعتبارها ديونا فاسدة غير واجبة السداد، وستتدفق الأفكار والإبداعات العلمية والفنية والأدبية، لتستعيد مصر ريادتها في تلك المجالات، ولتصبح عاصمة الشرق فيها.

هذا هو الحل الحقيقي والمستدام، والذي يضع نهاية للأزمة بشكل كامل، بل يفتح المجال لازدهار اقتصادي وسياسي واجتماعي شامل، يشعر به كل مواطن، وتعود به مصر واحة للحرية والكرامة والعدالة، وستصبح بشكل سريع إحدى دول مجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى.

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر الاقتصادية أزمات مصر اقتصاد مساعدات قروض المصالحة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رجال الأعمال ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

مليار دولار أرباح البنك العربي خلال عام 2024

أعلنت مجموعة البنك العربي عن نتائجها المالية للعام 2024 محققة أداءً مالياً متميزاً ونمواً في مختلف قطاعات الاعمال، حيث بلغت أربـاح المجـموعة بـعـد الضـرائب والمخصـصـات 1007.1 مليون دولار أمريكي مقارنة بـ 829.6 مليون دولار أمريكي للعام 2023 وبنسبة نمو بلغت 21%، كما حافظت المجموعة على صلابة مركزها المالي لتصل حقوق الملكية الى 12.1 مليار دولار أمريكي.

وواصلت مجموعة البنك العربي النمو خلال العام 2024 مرتكزة على قوة ومتانة المركز المالي للمجموعة وشبكة فروعها وتواجداتها المنتشرة في العديد من الدول، حيث ارتفعت الأرباح التشغيلية بنسبة 7% لتصل إلى ما يقارب 2 مليار دولار أمريكي.

وباستثناء أثر التغير في أسعار صرف العديد من العملات مقابل الدولار الأمريكي ارتفعت أصول المجموعة كما في نهاية العام 2024 بنسبة 6% لتصل الى 71.2 مليار دولار أمريكي، كما ارتفع اجمالي محفظة التسهيلات بنسبة 6% ليصل الى 38.3 مليار دولار أمريكي، في حين ارتفعت ودائع العملاء بنسبة 5% لتصل إلى 52.2 مليار دولار أمريكي.

وعلى ضوء هذه النتائج المالية الأولية والخاضعة لموافقة البنك المركزي الأردني، فقد أوصى مجلس إدارة البنك العربي بتوزيع أرباح نقدية على المساهمين بنسبة 40% للعام 2024.

قال صبيح المصري – رئيس مجلس إدارة البنك العربي: إن النتائج المتميزة التي حققتها مجموعة البنك العربي خلال العام 2024 تأتي تتويجاً لمسيرته الحافلة بالإنجازات وتعكس نجاح سياساته التي ترتكز على تعدد أنشطة اعماله وتنوع منتجاتها ومصادر التمويل وموارد الايرادات في العديد من الدول التي يتواجد بها. 

وأكد المصري على استمرار المجموعة في وضع العملاء في مقدمة الأولويات والتركيز على استراتيجية المجموعة الرامية الى تحقيق أرباح مستدامة لمساهميها ومواصلة النمو في الأرباح التشغيلية ضمن العديد من المناطق التي تعمل بها وخصوصاً منطقة الخليج العربي.

 وأشار المصري الى الدور الذي تقوم به المجموعة على صعيد الاستدامة البيئية والاجتماعية والحوكمة وبناء ثقافة الاستدامة وتعزيز ممارساتها ضمن عمليات المجموعة. وأضاف المصري أنه وضمن استراتيجية المجموعة بالتوسع والنمو، استكمل البنك العربي الحصول على الرخصة النهائية لممارسة العمل المصرفي في جمهورية العراق حيث سيبدأ العمل ببداية العام 2025، بالإضافة الى تعزيز إدارة الثروات والخدمات المصرفية الخاصة من خلال الاندماج المتوقع بين "بنك غونيه" - المملوك من البنك العربي سويسرا- مع بنك "ONE السويسري". 

 أشارت رندة الصادق المدير العام التنفيذي للبنك العربي إلى أن النتائج القوية التي حققتها مجموعة البنك العربي خلال العام 2024 جاءت مدفوعة بالنمو الملحوظ في مصادر الدخل المتنوعة من مختلف قطاعات وأسواق عملها الرئيسية بالإضافة الى النهج المنضبط في إدارة التكاليف والمخاطر. حيث حققت المجموعة نمواً جيداً في صافي الأرباح التشغيلية مدفوعاً بنمو صافي الفوائد والعمولات نتيجة تحسين مستويات الإقراض وكفاءة إدارة السيولة ومصادر التمويل والاستفادة من انتشار المجموعة في العديد من الاسواق.

وأضافت الصادق أن البنك استمر بتسجيل مؤشرات أداء قوية بالإضافة الى التحسن في جودة محفظته الائتمانية ونسبة تغطية المخصصات للديون غير العاملة والتي تفوق الـ 100% دون احتساب قيمة الضمانات، مشيرة الى أن المجموعة تحتفظ بمستويات سيولة مرتفعة حيث بلغت نسبة القروض إلى الودائع 73%، بالإضافة الى قاعدة رأسمال قوية يتركز معظمها ضمن رأس المال الأساسي حيث بلغت نسبة كفاية رأس المال 17.2% حسب تعليمات بازل 3 وهي أعلى من الحد الأدنى المطلوب حسب تعليمات البنك المركزي الأردني.

 

مقالات مشابهة

  • جريمة فاريا... توقيف والدة المرتكب والفتاة التي كانت برفقته
  • وكيل النواب يحذر من التحديات التي تواجه استخدام الذكاء الاصطناعي «فيديو»
  • سنرد بالمثل.. تنسيق بين الدول التي فرض ترامب رسوماً غير قانونية بحقها 
  • بقيمة 11.5 مليار دولار.. الهند تقدّم «إعفاءات ضريبية» لحماية الاقتصاد
  • مليار دولار أرباح البنك العربي خلال عام 2024
  • EA تعيد إطلاق The Sims وThe Sims 2 احتفالًا بالذكرى السنوية الـ 25
  • بالفيديو.. مسؤولون: الهليكوبتر التي تحطمت كانت ضمن وحدة استعداد في حالة هجوم على أمريكا
  • أمين لجنة العلاقات الخارجية بـ«حماة الوطن»: مصر كانت وستظل السند التاريخي لفلسطين
  • ترامب: المروحية العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت تحلق على ارتفاع عالٍ جدا
  • مُطاردة وإطلاق نار على سيارة كانت في داخلها شابة