بوابة الوفد:
2025-03-05@18:00:42 GMT

«أهل نينوى» قصة مُلهمة يُحييها الأقباط

تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT

 

«دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِى الرَّبَّ، فَاسْتَجَابَنِى. صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ الْهَاوِيَةِ، فَسَمِعْتَ صَوْتِى» هكذا روى سفر (يونان 2: 2)، قصة النبى يونان الذى مكث فى جوف الحوت لعدة أيام وظل يُناجى الله حتى يسمعه ويُخرجه من الظُلمات إلى النور، ولا تزال الكنيسة المصرية تُحييها فى كل عام لترسخ مفهوم التوبة والعظة المكتسبة من أحداث هذه الواقعة الخالدة.

وشهدت الكنيسة الأرثوذكسية الاثنين الموافق 18 أمشير حسب التقويم القبطى، فعاليات «صوم يونان»، التى استمرت لمدة ثلاثة أيام واختتمت بـ«فصح يونان»، ويُعد إحدى العبادات المسيحية التى تتمتع بمكانة روحية خاصة ويسبق الصوم الكبير بخمسة عشر يوماً، يحتل النبى يونان مكانة خاصة لدى المسيحيين بسبب تشابه قصته بما مر به السيد المسيح والمدة المعاناة التى تعرض لها كل منهما، فهذا النبى ظل فى ظلام بطن الحوت لمدة 3 أيام وليالِ، كما ظل المسيح فى القبر المدة ذاته قبل قيامته المجيدة من بين الأموات.

تاريخ صوم يونان

خرج من رحم ظًلمات «الحوت والقبر» فى سيرتى المسيح والنبى يونان درس وعظة لا تزال تنعم بها الأجيال، فقصة النبى يونان حسب ما ورد أنه ظل فى الفترة ما بين 850 إلى 784 ميلادية، وفى عهد البابا إبرام ابن زرعة المعروف كنسياً بـ«إبرام السريانى» البطريرك الذى تولى رعاية الأقباط عام البطريرك الـ62 فى القرن العاشر عام 975م، بدأ تطبيق صوم يونان لمدة 3 أيام متتالية لتعبر عن فترة أهل نينوى بعدما قاموا بأعمال الشر التى أهلكتهم حتى بدأت قصة هذا النبى الجليل.

تروى الكتب المسيحية حول قصة النبى يونان أن الحوت قد ابتلعه وبات فى جوفه لمدة ثلاثة أيام، ونص الكتاب المقدس فى سفر (مت 40: 12) «لأنه كما كان يونان فى بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هكذا يكون ابن الإنسان فى قلب الأرض ثلاثة أيام وثلاث ليال».

أخذت الطقوس الكنسية فى هذه المناسبة حسبما جاء بالكتب المسيحية التراثية، عدة أبعاد تاريخية لصوم يونان، وانطلقت فى بدايتها من الكنيسة السريانية وجعلت له طقوساً متفردة منذ أواخر القرن الرابع الميلادى ولاتزال تُقام الصلوات والقداسات اليومية وصلاة باكر بعد صلاة الشكر والفعاليات الروحية الخاصة حتى الآن، وتنتهى بما يعرف كنسياً بـ«فصح يونان».

قصة «توبة أهل نينوى»

يعتبر المسيحيون قصة أهل نينوى من أكثر القصص إلهاماً الواردة فى الكتاب المقدس وتعكس دلالة كبيرة على عدل الله وحمايته للإنسان من شرور أعماله، بل تروى تفاصيل توبة مدينة بأكملها، وجمعت هذه القصة بين الكثير من الشتات والمفارقات، ونصت على قدرة الله على المحبة التى احتضنت أخطاء البشر الذين أرادوا التوبة.

وكثيراً ما تناول الآباء الأساقفة والكهنة هذه القصة خلال عظاتهم الروحية على مر السنوات، ومن بين الأعلام التى أخذت تناول هذه السيرة كان نيافة الأنبا مكاريوس أسقف المنيا وتوابعها، الله يسعى دائماً لتحذير المخطئ قبل هلاكه حتى يتوب مسرعاً، وأن مناداة يونان لم تكن تهديداً وإنما تحذير، كفعل الأهل الذين يحرصون على تحذير أبنائهم قبل الوقوع فى الأخطاء، وتعكس هذه القصة إرادة الله أن يهدى الجميع فيرسل إليهم نبياً حتى يسيروا على دروب النور ويتركوا ظلام الخطيئة، وكانت قصة هذا النبى الإشارة التى أنارت فى نفس أهل السفينة مخافة من الله والعودة عن الأخطاء.

تنص هذه القصة أيضاً على أهمية الصدق الذى ينجى صاحبه حتى من أخطأ الاتجاه فى بادئ الأمر، فإن إيمان النبى يونان وصدقه كانا عاملين رئيسيين على قبول الله للتوبة، الأمر الذى جاء بالتأثير الإيجابى على أهل نينوى، كما كان تأثير غرابة قصة ابتلاع الحوت لإنسان غير واردة فى أذهان أحد لذا صعقت المعجزة قلوبهم بعدما قذفه من جديد على الشاطئ لذا اهتموا فيما بعد لتصديقه بعدما عاشوا فى رحم غرابة تلك المعجزة.

كان صوم أهل نينوى بمثابة وسيلة الاغتسال من الشرور لكل من فى المدينة من إنسان وحيوان وحتى الجماد، فشملت التوبة الجميع حتى أصبحوا يخشون ضرب الأبرص من شدة خوفهم من الشر، وتذكر الكتب المسيحية أن خبر هذا النبى وحدوث هذه المعجزة قد وصلت إلى حاكم المدينة فكانت الشعوب قد رأت كبيرهم قد تعجب وخاف من قصة الحوت فاتبعه الكثير من أهالى المدينة.

جمعت تلك القصة الكثير من المعانى والتناقضات والعظات بل تعتبر قصة تتناسب مع جميع الأعمار، وتصلح لأن تروى لكافة الشرائح لما فيها من جوانب متعددة وتناسق جميعهم ينصبون فى تأكيد مجد الله ورحمته، كان سبيل عودة وتوبة أهل نينوى إلى الله يعتمد على عاملين رئيسيين وهما «الصلاة والصوم»، وكان الصدق دافعا روحيا كبيرا لتحقيق المعجزة التى ترتكز على رحمة الله الواسعة وقدرته التى تتجاوز التفكير البشرى.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أهل نينوى

إقرأ أيضاً:

عباس شومان: المسلم من يستغل أيام الطاعة.. والصدقة والإنفاق أفضل الأعمال

قال الدكتور عباس شومان، أمين عام هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إننا وإن كنا نستقبل شهر رمضان منذ أيام قليلة، إلا أن أيامه ولياليه المباركة تمضي، فبعد أيام نجد أنفسنا في منتصف الشهر، وبعدها بقليل نستعد لتوديعه، موضحا أن هكذا تمضي الأعمار وتنتهي رحلتها فيكون الإنسان بين يدي الخالق سبحانه وتعالى.


وأضاف أمين كبار العلماء، خلال حديثه اليوم بدرس التراويح بالجامع الأزهر، أن العاقل هو من يستغل أيام الطاعة ليحصل منها بقدر ما يستطيع من الحسنات، ليكفر عن ذنوب كثيرة قد لا يدركها ولا يلتفت إليها في حين أنها مسجلة عليه، موضحا أن شهر رمضان من أشهر الله المباركة ، فمع أنه شهر واحد، إلا أن الإنسان إذا وفقه الله عز وجل لصالح العمل استطاع أن يخرج منه ولا ذنب له حتى ولو كانت ذنوبه مثل الجبال، كما جاء في الحديث الشريف: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ، إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»، كما أنه شهر فيه ليلة واحدة أفضل من عبادة عمر كامل «ليلة القدر خير من ألف شهر»، يدركها الإنسان إذا وفقه رب العالمين لعبادة هذه الليلة


وأضاف شومان أن من أفضل الأعمال في شهر رمضان التصدق والإنفاق، لاسيما وكثير من الناس في حاجة شديدة إلى المال وظروفه الاقتصادية صعبة، موضحا أن التصدق في شهر رمضان عمل لا ينبغي أن نغفل عليه، وكذلك في غير رمضان، وليعلم الإنسان أن المال الذي أكرمه الله به ليس لشطارته ولا لمهارته، وليس المال مملوكا له في الحقيقة، بل هو مملوك لله عز وجل.

مقالات مشابهة

  • سباق السيدة عائشة مرتين| المفتى: النبى كان يمازح زوجاته ويداعبهن
  • بن صالح: خضت معركة لوحدي مدة 3 أيام ضد هرج الأطفال داخل وخارج المسجد
  • كيف يعيش الأقباط روحانية الصوم الكبير؟ طقوس وعادات متوارثة عبر الأجيال
  • الصوم الكبير والعمل.. كيف يتعامل الأقباط مع الصيام في حياتهم اليومية؟
  • من العدس إلى الطعمية.. أكلات الصوم الكبير بين الأصالة والتجديد
  • “السفياني” يعفو عن قاتل ابنه في ثاني أيام العزاء
  • زوجات الرسول.. أمهات المؤمنين ودورهن كبير فى بناء الأمة الإسلامية
  • عباس شومان: المسلم من يستغل أيام الطاعة.. والصدقة والإنفاق أفضل الأعمال
  • موعد السحور وأذان الفجر رابع أيام رمضان.. تعرف عليه
  • حدث في 3 رمضان.. تعرف على أهم الأحداث التاريخية التى وقعت فيه