يحل علينا اليوم الأحد الموافق 3 مارس، عيد ميلاد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب.

وقال الدكتور علي جمعة، لقد وفقني الله -سبحانه- من غير حول مني ولا قوة إلى أن أدرُسَ علوم الدين على ما تقتضيه العملية التعليمية من أستاذ ومنهج وكتاب وجو علمي، وأدعو الله أن يهب لي الشروط التي نص عليها الإمام الشافعي :

أَخِي لَنْ تَنَالَ الْعِلْمَ إِلَّا بِسِتَّةٍ .

.. سَأُنْبِيكَ عَنْ تَفْصِيلِهَا بِبَيَانِ
ذَكَاءٍ وَحِرْصٍ وَاجْتِهَادٍ وَبُلْغَةٍ ... وَإِرْشَادِ أُسْتَاذٍ وَطُولِ زَمَانِ

ثم مَنَّ الله عليَّ فدَرَستُ من علوم الدنيا والواقع، ثم سافرت عبر الأرض في كل الدول، وشاركت في المؤتمرات والندوات، ودَرَّست علوم الشريعة والقانون والاقتصاد، وناقشت أكثر من مئة رسالة علمية، وساهمت في بناء المؤسسات والجامعات، وتوليت المناصب كأستاذ جامعي وعضو لجنة الفتوى وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ثم مفتيًا للديار المصرية ، ثم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

- ومن هذه الرحلة ترسخ في نفسي :

1 - احترام التراث، وتولد في يقيني نظرية واجب الوقت, وأن السلف الصالح قد بذلوا مجهودهم فحافظوا على الإسلام بتوفيق الله، وبنوا حضارة كبيرة ولابد أن نقوم بواجبنا كما قاموا.

2 - احترام الزمان، وأنه دائم التغير، وأن الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة غيرت البرنامج اليومي للإنسان، ولم يعد يعيش أمسه في يومه ولا يومه في غده، فهو إذن يتعامل مع نسبي غاية في النسبية.

3 - وإدراك أن الإسلام دين عالمي ودعوة شاملة، وعلى ذلك فلابد من تقديمه بصورته الحقيقية إلى العالم، ولا نكون حائلًا بين الناس والخالق، ولا نكون بسوء فِعالنا وأقوالنا صادين عن سبيل الله بغير علم، وقد حذرنا القرآن من هذه الصفة فقال تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) وهذا الشعور مؤثر في الاختيار الفقهي، وذلك بخلاف من حَصَرَ نفسه في مذهب بعينه يريد حمل الناس أطْرًا عليه، ضاربًا بعالمية الإسلام عرض الحائط، ضاربًا بلا مبالاة بل بلا رحمة بالدعوة إلى الله، والتي كان يلزمه أن يجعلها نُصب عينيه، وهو يظن أنه حارس القديم وكاهن التراث، والله يعلم كم يفسد في الأرض بحسن نية، أو بجهل وفساد عقل، وهذا الصنف من الناس كثير.

4 - وحاولت أن أضع معايير الاختيار الفقهي ففتشت في الفقه الوسيع مُفَرِّقًا بين الظني والقطعي، فلا أخرج عن إجماع حقيقي ولا أحقر مجهود السابقين، ولا أقف عنده جامدًا،؛ بل أستأنس به وأفرح بموافقته، وأجتهد رأيي ولا آلو؛ قيامًا بواجب الشهادة التي أمر الله بها الأمة، فقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).

5 - وأنا أتصور لو أن الأكابر من العلماء عبر العصور قد قاموا في عصرنا لذهبوا ذلك المذهب، ولقد رأينا علماء الشرق والغرب من أهل الإسلام وغير الإسلام يثنون على هذه الطريقة وتلقى قبولًا عامًا، وهكذا كان الحال عبر العصور مع العلماء المسلمين الذين فهموا الإسلام فلم يُفَرِّطُوا فيه ولم يتعصبوا لمذاهبهم، وعلموا أن الإسلام أكبر من المذاهب والأعراف وأكبر من التاريخ والجغرافيا.

وفي ظل هذه الرؤية حاولت أن أستخرج الجديد بمناهج القدماء، وحاولت أن أبنيَ وأستكمل تلك المناهج، والتقطت من الأصول والفقه ما فتح الله به ليكون ذلك عونًا لكل مسلم أن يعيش عصره، وأن يحب دينه، وأن يعمر هذا الكون ويشارك في بناء الإنسان وحضارته على أسس ربانية، وأن يدعو إلى الله على بصيرة كما يحب ربنا ويرضى، نسأل الله -تعالى- أن يتقبل أعمالنا وأن ينفع بها إنه سميع قريب مجيب الدعاء.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

توفاه الله.. جامعة الأزهر تناقش رسالة دكتوراه وتترك كرسي المشرف فارغا.. صور

ناقشت جامعة الأزهر الشريف، خلال الأيام الماضية رسالتان عمليتان إحداهما لنيل درجة الدكتوراه والأخرى لنيل درجة الماجستير، والعامل المشترك الإنساني بينهما، أن تغيبت الباحثتان أصحاب الرسالتين بسبب الوفاة، ومع ذلك استكملت الجامعة إجراءات المناقشة بحضور أسرتيهما.

إنجاز غير مسبوق.. أستاذ بعلوم الأزهر يكتشف مستخلصات فعالة لعلاج السرطان والبكتيريامدرس مساعد جراحة التجميل بكلية الطب جامعة الأزهر يكشف تفاصيل إنقاذ شاب

أما اليوم فقد تغير الوضع، وناقشت كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر بالقاهرة، رسالة الدكتوراه بتغيب أحد المشرفين على الرسالة بعد أن توفاه الله قبل المناقشة بفترة وجيزة، وهو الدكتور محمود توفيق محمد سعد، أستاذ البلاغة والنقد، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.

وعقدت المناقشة بتخصيص كرسي المشرف على الرسالة وتركه فارغا وكتابه اسمه على مكانه تخليدا له وتتويجا لجهده في الإشراف على رسالة الباحثة: هند ياسين، وهي من الطالبات الوافدات من دولة أستراليا.

الدكتور محمود توفيق سعد “رحمه الله”

وعلقت نهى محمود توفيق، ابنة العالم الراحل، على صورة المناقشة ، وكتبت على فيس بوك (الله يرحمك يا حبيبي، مكانك فاضي يابابا).

وفي 27 فبراير الماضي، توفي الدكتور محمود توفيق سعد، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف.

ونعى الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إلى الأمتين العربية والإسلامية، العالم البلاغي الجليل الأستاذ الدكتور محمود توفيق سعد، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الأزهر، الذي وافته المنية بعد حياة حافلة في دنيا العلم، أوقفها على خدمة كتاب الله، ونشر العلم والدين، وتربية الأجيال، والعمل الدؤوب في الدعوة إلى الله جل وعلا.

ويذكرُ شيخ الأزهر للعالم الراحل أنه كان نقيَّ الضمير، عفَّ اللسان، لا يقول إلا خيرًا، وقد تميَّز بهمة الشباب وحكمةِ الشيوخ ، ولم يطلب أمرًا من أمور الدنيا، فقد عاش منكبًّا على طلب العلم.

تعليق ابنة الدكتور محمود توفيق سعد

مقالات مشابهة

  • لماذا سورة الكهف الوحيدة التى نقرأها يوم الجمعة ؟
  • دعاء آخر جمعة من شوال.. 6 كلمات مستجابة للرزق وقضاء الحاجة لا تغفلها
  • وكيل الأزهر: المرأة أكثر حظا في الإسلام ولكن لمن يفهم الأحكام التشريعية
  • وكيل الأزهر يستقبل رئيس الهيئة العليا للإفتاء بجيبوتي لبحث سبل التعاون المشترك
  • توفاه الله.. جامعة الأزهر تناقش رسالة دكتوراه وتترك كرسي المشرف فارغا.. صور
  • ما المقصود بقول الله تعالى كتب على نفسه الرحمة ؟.. علي جمعة بوضح
  • هل النبي محمد ولد في 22 أبريل؟.. اعرف القول الراجح عند العلماء
  • عضو بـ كبار العلماء: الرئيس السيسي هبة من الله أهداها للمصريين
  • مصر منارة الإسلام الوسطي المستنير.. نص ‏كلمة الرئيس السيسي بحفل تخريج أئمة الأوقاف
  • فى ذكرى ميلاده.. قصة اعتناق عباس فارس الصوفية