في عيد ميلاده.. قصة حياة الدكتور علي جمعة العلمية
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
يحل علينا اليوم الأحد الموافق 3 مارس، عيد ميلاد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب.
وقال الدكتور علي جمعة، لقد وفقني الله -سبحانه- من غير حول مني ولا قوة إلى أن أدرُسَ علوم الدين على ما تقتضيه العملية التعليمية من أستاذ ومنهج وكتاب وجو علمي، وأدعو الله أن يهب لي الشروط التي نص عليها الإمام الشافعي :
أَخِي لَنْ تَنَالَ الْعِلْمَ إِلَّا بِسِتَّةٍ .
.. سَأُنْبِيكَ عَنْ تَفْصِيلِهَا بِبَيَانِ
ذَكَاءٍ وَحِرْصٍ وَاجْتِهَادٍ وَبُلْغَةٍ ... وَإِرْشَادِ أُسْتَاذٍ وَطُولِ زَمَانِ
ثم مَنَّ الله عليَّ فدَرَستُ من علوم الدنيا والواقع، ثم سافرت عبر الأرض في كل الدول، وشاركت في المؤتمرات والندوات، ودَرَّست علوم الشريعة والقانون والاقتصاد، وناقشت أكثر من مئة رسالة علمية، وساهمت في بناء المؤسسات والجامعات، وتوليت المناصب كأستاذ جامعي وعضو لجنة الفتوى وعضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو مجمع الفقه التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي ثم مفتيًا للديار المصرية ، ثم عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف.
- ومن هذه الرحلة ترسخ في نفسي :
1 - احترام التراث، وتولد في يقيني نظرية واجب الوقت, وأن السلف الصالح قد بذلوا مجهودهم فحافظوا على الإسلام بتوفيق الله، وبنوا حضارة كبيرة ولابد أن نقوم بواجبنا كما قاموا.
2 - احترام الزمان، وأنه دائم التغير، وأن الاتصالات والمواصلات والتقنيات الحديثة غيرت البرنامج اليومي للإنسان، ولم يعد يعيش أمسه في يومه ولا يومه في غده، فهو إذن يتعامل مع نسبي غاية في النسبية.
3 - وإدراك أن الإسلام دين عالمي ودعوة شاملة، وعلى ذلك فلابد من تقديمه بصورته الحقيقية إلى العالم، ولا نكون حائلًا بين الناس والخالق، ولا نكون بسوء فِعالنا وأقوالنا صادين عن سبيل الله بغير علم، وقد حذرنا القرآن من هذه الصفة فقال تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) وهذا الشعور مؤثر في الاختيار الفقهي، وذلك بخلاف من حَصَرَ نفسه في مذهب بعينه يريد حمل الناس أطْرًا عليه، ضاربًا بعالمية الإسلام عرض الحائط، ضاربًا بلا مبالاة بل بلا رحمة بالدعوة إلى الله، والتي كان يلزمه أن يجعلها نُصب عينيه، وهو يظن أنه حارس القديم وكاهن التراث، والله يعلم كم يفسد في الأرض بحسن نية، أو بجهل وفساد عقل، وهذا الصنف من الناس كثير.
4 - وحاولت أن أضع معايير الاختيار الفقهي ففتشت في الفقه الوسيع مُفَرِّقًا بين الظني والقطعي، فلا أخرج عن إجماع حقيقي ولا أحقر مجهود السابقين، ولا أقف عنده جامدًا،؛ بل أستأنس به وأفرح بموافقته، وأجتهد رأيي ولا آلو؛ قيامًا بواجب الشهادة التي أمر الله بها الأمة، فقال تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا).
5 - وأنا أتصور لو أن الأكابر من العلماء عبر العصور قد قاموا في عصرنا لذهبوا ذلك المذهب، ولقد رأينا علماء الشرق والغرب من أهل الإسلام وغير الإسلام يثنون على هذه الطريقة وتلقى قبولًا عامًا، وهكذا كان الحال عبر العصور مع العلماء المسلمين الذين فهموا الإسلام فلم يُفَرِّطُوا فيه ولم يتعصبوا لمذاهبهم، وعلموا أن الإسلام أكبر من المذاهب والأعراف وأكبر من التاريخ والجغرافيا.
وفي ظل هذه الرؤية حاولت أن أستخرج الجديد بمناهج القدماء، وحاولت أن أبنيَ وأستكمل تلك المناهج، والتقطت من الأصول والفقه ما فتح الله به ليكون ذلك عونًا لكل مسلم أن يعيش عصره، وأن يحب دينه، وأن يعمر هذا الكون ويشارك في بناء الإنسان وحضارته على أسس ربانية، وأن يدعو إلى الله على بصيرة كما يحب ربنا ويرضى، نسأل الله -تعالى- أن يتقبل أعمالنا وأن ينفع بها إنه سميع قريب مجيب الدعاء.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
ما حكم التبتل؟.. نائب رئيس جامعة الأزهر يجيب
أكد الدكتور محمد عبد المالك، نائب رئيس جامعة الأزهر، أن الإسلام دين الوسطية والاعتدال، ونهى عن التشدد في العبادة أو المغالاة في ترك الطيبات التي أحلها الله لعباده.
واستشهد نائب رئيس جامعة الأزهر، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الاثنين، بقول الله تعالى: "قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق"، موضحًا أن النبي ﷺ حثّ على التوازن بين متطلبات الروح والجسد.
وأشار عبد المالك إلى تفسير الإمام الفخر الرازي لهذه الآية، مستشهدًا بقصة الصحابي عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - الذي أراد التبتل وترك الدنيا، فجاء إلى النبي ﷺ وقال: "غلبني حديث النفس"، فوجهه النبي ﷺ إلى الاعتدال، مبينًا أن الإسلام لا يحرم الطيبات، بل يدعو إلى التوازن في العبادات والحياة اليومية.
وأوضح نائب رئيس جامعة الأزهر أن هذه القصة تؤكد على وسطية الإسلام، حيث نهى النبي ﷺ عن التشدد في العبادة على حساب الفطرة البشرية، مضيفًا أن القرآن الكريم أكد هذا المنهج بقوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطًا".
ودعا إلى اتباع سنة النبي ﷺ والابتعاد عن التشدد غير المبرر، مؤكدًا أن التوازن في العبادة والمعيشة هو السبيل إلى حياة مستقرة وروح مطمئنة.