كان من الصعب في السابق التمييز بين الانفجارات النووية والزلازل، ولكن دراسة حديثة تشير إلى أنه يمكن الآن أن تصبح التجارب النووية السرية تحت الأرض شيئا من الماضي بفضل التقدم العلمي الكبير في طرق التعرف عليها.

ويعد التمييز بين الانفجارات تحت الأرض والزلازل التي تحدث بشكل طبيعي، أحد التحديات الأساسية لرصد الانفجارات النووية، حيث يمكن أن تولد الانفجارات والزلازل طاقة زلزالية ذات خصائص مماثلة.

يقول علماء الأرض والإحصائيون إنهم يستطيعون الآن معرفة ما إذا كان الانفجار النووي قد وقع بدقة تصل إلى 99%.

ومن الأمور التي دفعت إلى بذل جهود دولية كبيرة لتطوير القدرة على مراقبة التجارب النووية، التجارب الأولية للأسلحة النووية في أربعينيات القرن الماضي والتي انتشرت بعدها في جميع أنحاء العالم، فقد أُجريت 75% من هذه التجارب تحت الأرض، وكانت تظهر من خلال الموجات الزلزالية المتولدة عن الانفجار والتي تنتقل لمسافات كبيرة ويمكن اكتشافها باستخدام أجهزة قياس الزلازل، ولكن كان يصعب التمييز بين كونها انفجارات أم زلازل.

وتعمل شبكات قياس الزلازل العالمية -مثل نظام الرصد الدولي التابع لمنظمة معاهدة الحظر الشامل للتجارب النووية- على مراقبة التفجيرات النووية تحت الأرض في جميع أنحاء العالم، وتوفر معلومات بالغة الأهمية لا يمكن تقديرها بسهولة باستخدام الأساليب الجيوفيزيائية الأخرى.

التقنية المستخدمة

تعتمد هذه الطريقة للتمييز بين الانفجارات والزلازل على موترات العزم، فتوفر موترات العزم أداة تصنيف تعتمد على الفيزياء لتوصيف المصادر الزلزالية المختلفة، وقد مكنت من ظهور تقنيات جديدة للتمييز بين الزلازل والانفجارات.

رسم بياني يُظهر 140 انفجارا نوويا و1149 زلزالا حُللت من باحثين، ويكشف الانفجارات التي حُددت خطأ على أنها زلازل (الأحمر) والزلازل التي صُنفت خطأً أنها انفجارات نووية (الأخضر) (يوريك ألرت)

 

بُني النموذج الرياضي المستخدم في هذه الدراسة من خلال تحليل الاختلافات الفيزيائية في نمط تشوه الصخور عند مصدر الانفجارات النووية والزلازل، مما يسمح للخبراء بتحديد إذا ما كان هذا الحدث زلزالا أم انفجارا.

يقول الدكتور هوغارد أحد الباحثين القائمين على الدراسة، إنه باستخدام بعض الأساليب الرياضية والمعالجة الإحصائية المتقدمة تمكنوا من تحسين معدل نجاح التصنيف من 82 إلى 99% معتمدين على مجموعة بيانات من 140 اختبارا نوويا معروفا في الولايات المتحدة باستخدام موترات العزم الخاصة بها.

كما أن الأمر لا يتطلب أي معدات جديدة ولا يتطلب استخدام أقمار صناعية، فقط يمكن استخدام البيانات السيزمية القياسية.

وأُجري هذا البحث من قبل فريق من علماء الأرض والإحصائيين العاملين في الجامعة الوطنية الأسترالية ومختبر الأبحاث الحكومي في لوس ألاموس بالولايات المتحدة.

نسبة الخطأ

وأخطأ هذا النموذج الرياضي فقط في تصنيف 17 حدثا من إجمالي 1289 من الانفجارات أو الزلازل.

ومن بين 140 انفجارا نوويا شملتها الدراسة، فإن الانفجارين الوحيدين اللذين صُنفا بشكل غير صحيح هما اختبار كراودي النووي تحت الأرض في 5 مايو/حزيران 1983، والانفجار الكيميائي في 20 يوليو/تموز 2018. كما أن تطبيق هذه الطريقة على التجارب النووية في الفترة من 2006 وحتى 2017 في جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية أدى إلى تصنيف دقيق بنسبة 100%.

لذا فإنه يمكن لهذه الطريقة تحقيق معدلات تصنيف تصل إلى دقة بنسبة 99% للانفجارات.

انفجار بادجر في 18 أبريل/نيسان 1953 في موقع اختبار نيفادا (مواقع التواصل) هل يمكن رصد الانفجارات النووية في أي مكان؟

اعتمد تطوير طريقة التمييز بين الزلازل والانفجارات باستخدام موتر العزم في هذه الدراسة على بيانات زلازل وانفجارات وقعت غرب الولايات المتحدة ومفهرسة في كتالوجات أحداث "باسيانوس وتشيانغ 2021" (كتالوج يتضمن موترات العزم لأحداث وقعت غرب الولايات المتحدة)، لذا فإنه من الأفضل تقييم نجاحها في تصنيف الأحداث في مواقع أخرى.

وعلى الرغم من أن الباحثين يتوقعون أن تظل الآليات الفيزيائية التي تحدث في منطقة مصدر الانفجارات والزلازل متسقة في البيئات المكانية المختلفة، فإن هناك مشكلتين قد تؤثران على معدل نجاح التصنيف:

 المشكلة الأولى أنه في كثير من المناطق لا تتوفر كتالوجات للانفجارات والزلازل، وبالتالي فإنه يُقتصر على استخدام المقاييس الواردة بالدراسة التي أمكن الحصول عليها من كتالوجات الأحداث في غرب أميركا.  المشكلة الثانية أنه من المرجح أن تكون قياسات أجهزة قياس الزلازل المحلية أقل دقة في العديد من المناطق، مما يعطي شكوكا في موترات العزم التي ستدخل في المخطط الوارد بالدراسة.

لذا فإن التقييم الكامل لتأثير هذه المشاكل على معدلات نجاح التصنيف يتطلب مزيدا من البحث، لكنه يمكن الحصول على نظرة أولية بشأن قابلية تطبيق الطريقة في مناطق أخرى من خلال تقييم قدرتها على تحديد التجارب النووية المعروفة التي أُجريت خارج الولايات المتحدة.

فقد طُبقت الدراسة على التجارب النووية الست المعلنة التي أُجريت في كوريا الشمالية بين عامي 2006 و2017، بالإضافة إلى الانهيار الذي وقع مباشرة بعد اختبار 2017. كما طُبقت على الزلزالين اللذين وقعا في عامي 2016 و2017 في كوريا الجنوبية.. فكل هذه الأحداث نُشرت الموترات العزمية الخاصة بها، وباستخدام موترات العزم هذه وتطبيقها على هذه الدراسة، فإنها حددت بدقة الاختبارات النووية على أنها انفجارات، بينما حددت الحدثين الآخرين في كوريا الجنوبية بدقة على أنهما زلازل وليسا انفجارات.

ولذا تبدو الطريقة مناسبة لتصنيف الأحداث والانفجارات في مناطق أخرى غير منطقة الدراسة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة التجارب النوویة التمییز بین تحت الأرض

إقرأ أيضاً:

أول سيارة تعمل بالطاقة النووية.. ظهرت قبل 65 عامًا

مع ارتفاع أسعار البنزين وتحول العالم نحو السيارات الكهربائية، يبقى حلم السيارة ذاتية التشغيل بالطاقة الشمسية قائمًا، ولكنه يثير تساؤلات حول كفاءة هذه التقنيات في تلبية الاحتياجات اليومية. ولكن ماذا عن مصدر طاقة آخر؟ ماذا عن سيارة تعمل بالطاقة النووية.

فكرة السيارة النووية

في عام 1958، تخيلت شركة فورد سيارة "Nucleon" مع مفاعل نووي صغير خلف المقصورة.

اعتمدت الفكرة على استخدام التكنولوجيا النووية لتوليد الكهرباء من خلال انشطار اليورانيوم وتسخير طاقة البخار لتشغيل المحركات الكهربائية. 

كان التصور أن السيارة يمكنها السفر 5000 ميل قبل الحاجة إلى "إعادة تزويدها بالوقود النووي".

تحديات التصغير

رغم وجود نماذج صغيرة مثل "كيلوباور" الذي طورته ناسا، والذي يبلغ ارتفاعه 6 أقدام، إلا أنه ينتج فقط كيلوواط واحد، وهو ما لا يكفي لتشغيل سيارة حديثة مثل تيسلا. 

ومع ذلك، تتطلع شركات مثل رولز رويس لتطوير مفاعلات معيارية صغيرة قادرة على تزويد مدن كاملة بالطاقة، ما يظهر إمكانية استخدام هذه التكنولوجيا بطرق مبتكرة مستقبلًا.

مستقبل السيارات النووية

رغم أن السيارات النووية لا تزال بعيدة عن التطبيق العملي، إلا أن التطور المستمر في تصغير المفاعلات النووية قد يجعلها خيارًا مستدامًا في المستقبل. 

وجود نماذج صغيرة مثل "كيلوباور" الذي طورته ناسا، يبلغ ارتفاعه 6 أقدام، إلا أنه ينتج فقط كيلوواط واحد، وهو ما لا يكفي لتشغيل سيارة حديثة مثل تيسلا

يبقى التحدي الأساسي هو تطوير مفاعلات آمنة وصغيرة وفعالة تكفي للاستخدام في المركبات اليومية.

تثير هذه الفكرة الكثير من التساؤلات حول قدرة التكنولوجيا النووية على قيادة ثورة جديدة في عالم السيارات، وهل يمكن أن يصبح امتلاك مفاعل نووي صغير تحت غطاء السيارة حقيقة؟ الوقت كفيل بالإجابة.

مقالات مشابهة

  • أول سيارة تعمل بالطاقة النووية.. ظهرت قبل 65 عامًا
  • الطائرات المسيّرة الصينية.. الحلول الفعالة التي تهدد الأمن القومي الأمريكي
  • هل يمكن إعفاء الحاصل على الدعم النقدي دون وجه حق من رد المبالغ التي صرفها؟.. الضمان الاجتماعي يوضح
  • موقع عبري: الحوثيون لا يمكن ردعهم.. الجماعة التي تتحدى الولايات المتحدة وتتحدى العالم
  • عاصفة ثلجية تضرب البوسنة والهرسك.. تعليق الدراسة وانقطاع الكهرباء في عدة مناطق
  • لاعبو كرة القدم: تعبنا من كثرة المباريات.. وبطولة الفيفا الجديدة هي القشة التي قصمت ظهر البعير
  • انفجارات «بيجر» في لبنان.. شهادات الموساد تكشف أهداف العملية وموقف نصرالله     
  • مستشار لبايدن يقيم خطط إيران النووية بعد سقوط الأسد.. ويرى ميزة في ترامب للتعامل
  • مفاوضات غزة – تفاصيل الملفات التي تم الاتفاق عليها حتى الآن
  • عراب شبكات التمويل السرية..وفاة زعيم تنظيم الإخوان الإرهابي يوسف ندا