من “النووي” إلى أوكرانيا وغزة.. تقويض مُمنهج لمجلس الأمن
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
3 مارس، 2024
بغداد/المسلة الحدث:
محمد صالح صدقيان
كان من المفترض أن أكتب هذا الأسبوع عن الإنتخابات الإيرانية (مجلس الشورى/البرلمان؛ ومجلس خبراء القيادة)، غير أنني سأخصص لها مقالة الأسبوع المقبل، نظراً لأهميتها سواء ببعدها الداخلي ولا سيما الاقتصادي في ضوء التحديات التي تواجهها إيران جرّاء العقوبات الأميركية والغربية وكذلك بعدها الخارجي ربطاً باستحقاقات عديدة أبرزها الإنتخابات الرئاسية الأمريكية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، فضلاً عن التوقف عند نسبة المشاركة كمؤشر بارز يعكس مدی دعم الناخب الإيراني للنظام السياسي الذي يعيش في كنفه.
في مقالة هذا الأسبوع، أتوقف عند دور الأمم المتحدة ولا سيما مجلس الأمن الدولي الآخذ بالتراجع، بدليل أن حرب غزة ستدخل خلال أيام شهرها السادس، مع حصيلة تتجاوز المائة ألف شهيد وجرح، ثلثهم من الأطفال، ناهيك بحوالي العشرة آلاف مفقود، فيما يعجز مجلس الأمن عن إصدار مجرد بيان رئاسي يُعرب فيه عن “قلقه العميق” فقط إزاء المجزرة التي إرتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين الأبرياء في شارع الرشيد بغزة قبل ثلاثة أيام! *
تشهد منطقة الشرق الأوسط تطورات سياسية وأمنية تتوقف على نتائجها معطيات إستراتيجية ستحكم مواقف وخيارات دول المنطقة من قضايا أساسية ولا سيما ما يتصل بالقضية الفلسطينية التي ما زالت تشكل بؤرة التوتر الأساسية في هذا الإقليم من دون أن تنجح القوی الكبری وتحديداً الولايات المتحدة في إيجاد حل يُنهي معاناة الشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت نير الإحتلال طوال العقود السبعة الأخيرة بسبب الدعم اللامحدود الذي يحظى به الكيان الإسرائيلي من قوى كبرى، وهو الأمر الذي تجسّد بشكل واضح بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 (طوفان الأقصى)، بشكل لا يقبل الشك حيث وفّرت الإدارة الأمريكية ومعها بقية الدول الغربية غطاء للسردية الإسرائيلية التي أطلقتها حكومة بنيامين نتنياهو سواء في ما يتصل بحدث السابع من تشرين الأول/أكتوبر أو ما حدث ويحدث بعده من مذبحة إسرائيلية متمادية في قطاع غزة الذي لم يعد يجد سكانه مكاناً لدفن ضحاياهم بعد أن إختفت معظم معالم المقابر وصارت جزءاً من أرض يريد لها الإحتلال أن تكون غير قابلة للحياة.
ما حدث في السابع من تشرين الأول/أكتوبر له أسبابه؛ منها ما يرتبط بالاحتلال وعدوانيته علی الشعب الفلسطيني من حصار وتنكيل وقتل وإرهاب واعتقال ومنها ما يرتبط بالعوامل والظروف الخارجية التي تتعلق بآلية تعاطي الولايات المتحدة مع هذه القضية وغيرها من قضايا الشرق الأوسط ولربما قضايا المجتمع الدولي بأسره. ولو توقفنا عند إنسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من “الإتفاق النووي” مع إيران في العام 2018 استجابة للوعود التي أعطاها لإسرائيل وبعض الدول الإقليمية لأسباب عديدة، أبرزها عدم مروره بنافذة ضمان “الأمن الإسرائيلي”، حسب قادة الكيان الإسرائيلي. ولا أريد الخوض في هذا الإتفاق وبنوده وتأثيره علی الأمن والاستقرار في المنطقة، لكن انخراط الدول الكبرى في مجلس الأمن، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا إضافة إلی ألمانيا والتي شكّلت مجموعة 5+1، جسّد لحظة دولية نادرة في تاريخ مجلس الأمن الدولي لحل نزاع دولي إقليمي بعد الحرب العالمية الثانية؛ حيث استند هذا الحل إلی إرادة أعضاء مجلس الأمن الذي يعنى بإحلال السلام في المجتمع الدولي والذي احتضن الاتفاق مع إيران بالقرار 2231 في 20 يوليو/تموز 2015. غير أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق لم يقضِ عليه فحسب وإنما وجّه ضربة قوية لمجلس الأمن الدولي وللمجموعة الدولية التي احتضنته ولكل منطق حل النزاعات الدولية وتسويتها بالوسائل السلمية؛ لكأن هناك من زرع “فيروس” التقويض داخل هذا المجلس الذي أضحى راهناً مجرد هيكل عظمي يفتقد للحد الأدنى من القدرة على معالجة المشاكل التي تتعلق بالسلام العالمي خصوصاً بعد نشوب الحرب الأوكرانية حيث أصبحت روسيا، وهي عضو دائم في هذا المجلس، طرفاً ندياً للولايات المتحدة! وثمة اعتقاد أن منصة مجلس الأمن الدولي زُرع فيها “فيروس” التصدع منذ انسحاب الولايات المتحدة من “الإتفاق النووي” وتفاقم الأمر مع اندلاع الحرب الأوكرانية.. وبلغت الأمور ذروتها مع المحرقة التي تجري على أرض فلسطين.. ورُبّ سائل: ماذا إذا فاز ترامب بالإنتخابات الأمريكية؛ هل سيمضي أكثر في تهميش مجلس الأمن الدولي أم أنه يريد إعادة صياغته بشكل أو بآخر كما يتحدث راهناً عن حلف شمال الأطلسي “الناتو”، ليصبح أكثر مطواعية عند الأميركيين وغبّ طلبهم! إن خطوة الإنسحاب الأمريكي من “الإتفاق النووي” تتناقض مع المهمة الأساسية لمجلس الامن، وهي احلال السلام في المجتمع الدولي، وبالتالي لم تجعل المنطقة ولا العالم أكثر أمناً بل جعلت الشرق الأوسط يقف علی صفيح ساخن في مواجهة عديد التحديات والإحتمالات. هذا الواقع المتفاقم يأخذ المنطقة والعالم نحو مزيد من الفوضى، خصوصاً عندما يعجز مجلس الأمن عن تحمل مسؤوليته في مواجهة أزمتين هدّدتا السلم العالمي ويمكن لتداعياتهما المستقبلية أن تتركا تأثيرات سلبية أكبر على منظومة العلاقات الدولية والإقليمية، وهذا ما أشار إليه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، يوم الثلاثاء الماضي، عندما قال إن ازمتي غزة وأوكرانيا “رُبما قوّضتا مجلس الأمن بشكل قاتل.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: مجلس الأمن الدولی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
لبنان يتقدم بشكوى جديدة لمجلس الأمن ردا على الاستهداف الصهيوني المتعمد للجيش اللبناني
يمانيون../
قدم لبنان شكوى جديدة أمام مجلس الأمن الدولي، ردا على استمرار استهداف العدو الصهيوني المتعمد للجيش اللبناني منذ بدء عدوانه على لبنان في أكتوبر 2023، والذي شهد تصاعدا ملحوظا خلال الأسابيع الماضية.
وقالت وزارة الخارجية اللبنانية، في بيان نقلته الوكالة الوطنية للإعلام اليوم الثلاثاء”أنها أوعزت إلى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك تقديم الشكوى”، مشيرة إلى الاعتداءات الخطيرة على الجيش اللبناني ومراكزه وآلياته جنوب لبنان خلال الفترة من 17 إلى 24 نوفمبر الجاري، والتي أسفرت عن استشهاد عشرة عناصر من الجيش وجرح 35 آخرين، بينهم حالات حرجة.
وأضاف البيان: “دعا لبنان في شكواه الدول الأعضاء في مجلس الأمن إلى إدانة الاعتداءات الصهيونية المتكررة على الجيش، واعتبارها خرقا فاضحا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة والقرارات الدولية، لا سيما القرار 1701، حيث يشكل الجيش اللبناني الركيزة الأساسية في تطبيق هذا القرار، وضمان الأمن والاستقرار المستدام في جنوب لبنان، من خلال بسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها وحدودها المعترف بها دوليا، بالتعاون الوثيق مع قوات اليونيفيل”.
وشدد البيان على أن “استهداف الجيش يقوض بشكل خطير الجهود الدولية المبذولة حاليا للتوصل إلى وقف إطلاق النار، ويضعف مساعي الوساطة الجارية والهادفة إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة، كما يعد رسالة واضحة من العدو الصهيوني برفضه أي مبادرات للحل، وإصراره على التصعيد العسكري بدلا من الدبلوماسية”.