نزار العقيلي: (التفتيش بالإبرة)

مع صمت اللاسلكي و إنقطاع شبكة الإنترنت و توقف خدمة الإتصالات دخلت السودان عبر منفذ ( اشكيت ) السوداني مع جمهورية مصر العربية بعد رحلة طويلة جدا بدت من اقصى الشمال المصري ( الدلتا ) بمدينة ( المنصورة ) ثم (القاهرة ) ثم (الإسكندرية) ثم القاهرة مجددا و من بعدها للجنوب المصري ( المنيا ) و ( اسيوط ) و ( الأقصر ) و ( قنا) و ( سوهاج ) و ( إسوان ) و في كل محافظة كنت بسجل زيارات لأهلنا و اخوانا النازحين داخل المحافظات المصرية و خاصة ( إسوان ) الحبيبة بكل مراكزها و قراها و وقفت على احوال النازخين في ( الكسارة ) و ( نصر النوبة ) و ( العقاد ) .

. و القاهرة كذلك قعدت مع آلاف النازحين و شربت القهوة السادة معاهم و استمعت لقصصهم و معاناتهم و شهاداتهم .. دخلت للقاهرة شايل معاي ستة كاميرات من احدث كاميرات التصوير عشان اوثق و اسجل للتاريخ لكن للأسف الشديد لقيت حجم المعاناة كبير جدا” و حجم الحوجات اكبر من مساحات التخزين .
دخلت السودان بعد انقطاع الاتصالات باربعة و عشرين ساعة عبر وادي حلفا و وقفت على اوضاع اهلنا النازحين في ( حلفا القديمة) و ( عكاشة ) و ( عبري ) و ( كرمة النزل ) و ( كريمة ) و ( مروي ) و ( القرير ) و ( ام الطيور ) و ( عطبرة ) و ( شندي ) و ( امدرمان ) و ( هيا ) و ( كسلا ) و ( بورتسودان ) .. و في كل مدينة كنت بزور النازحين في احياءها و قراها و اشرب القهوة و استمع ليهم في ( بولاق ) و جمهورية فيصل السودانية بي مطبعتها و طوابقها و مريوطتها و داخل امدرمان في ( المنارة ) و ( مدينة النيل ) .
قعدت مع الزملاء و الأخوان المرابطين في الدفاعات المتقدمة في معظم الحاميات و الفرق العسكرية و قيادات المناطق العسكرية و شربت القهوة مع اخوانا في الشرطة و بقية الاجهزة الامنية المرابطة و المساندة للقوات المسلحة ( الامنية و المكافحة و ابو طيرة و المباحث ) و قوات العمل العدائي الخاص و الإستخبارات و المخابرات .
انقطاع الاتصالات حال بيني و بين ناس كتيرة ما قدرت اتواصل معاهم و اغلبية اللاقيتهم كنت بداهمهم مداهمة في مواقعهم و بيوتهم لانو ما كان في اي وسيلة إتصال نهائي .. في ناس كانوا بيقولو لي تعال داوس معانا و لامن مشيت ليهم لقيتهم ما موجدين في السودان اساسا .. ديل ذي الناس الزمان قالوا لي تعال ادخل معانا القيادة يوم ٦ ابريل ولامن جيت يوم ٦ ابريل و دخلت القيادة العامة لقيتهم ما موجودين .. في ناس كانوا بيقولوا انهم بيدعموا العائلات المتعففة و يساعدوا الناس مشيت لقيتهم ما موجودين و ما قدموا لاي انسان جنيه واحد .. في ناس كانوا بيتواصلوا معانا على اساس انهم داعمين للجيش مشيت لقيتهم داعمين للمليشيا في الحقيقة .. في ناس كانوا بيقولوا لينا المليشيا سرقت بيوتكم و بيوت جيرانكم .. لامن مشيت اكتشفت انهم هم السرقوا بيوتنا و بيوت جيرانا و جات المليشيا لقتها فاضية قاموا حرقوها .. في ناس كانوا بيطمنوا فينا على مناطقنا بالفيديوهات و الصور و لامن مشيت لقيتهم هم الفتحوا البيوت الفاضية لقيادات المليشيا و عندهم تصاريح عبور و تصاريح تصوير من المليشيا .
ح نحكي كل شي و بالترتيب .. ولاية ولاية و محلية محلية و شارع شارع .. دي ما كانت رحلة عادية .. ده كان تفتيش بالإبرة .. بتعرفو تفتيش الإبرة ؟؟ تفتيش الإبرة ده ما للشوك البيدخل في الكرعين .. تفتيش الإبرة بتاعنا ده كان لكل شئ .. للخونة و للحرامية و العملاء .. كان تفتيش لاحوال كل الناس داخل و خارج السودان .
للاصدقاء و الزملاء و الاحباب
بعتذر لاي زول ضللتو في زمان و مكان تحركاتي و إتجاهاتي .. الشعب السوداني ده فيهو طيبة و براءة و بيحبوا يعرفوا ح تسافر وين و قاعد وين و ماشي متين و دي حاجات بتعكس حبهم و إهتمامهم لكن في زمن الحرب لابد من التضليل فارجوا انكم تعفوا عننا و تسامحونا .. ما تقول لي تعال اشرب قهوة و لا تعزمني فطور و عشا .. انا براي بجي اداهمك في حتتك و ح اشرب قهوتك سادة .. اعفوا عني و الله انا الشارع البدخل بيهو ما بطلع بيهو و ده بسبب حجم الخيانة و العمالة الكبيرة جدا” وسط المواطنيين و النظاميين .. و ده ما خوف على نفسي والله .. إحنا مارقين لي الله و خلينا وليداتنا لي الله .. لكن ما بندي فرصة للعدو يشمت او يحقق بينا إنتصار .. قهوتنا بنشربها سادة في القريب العاجل باذن الله مع اهلنا في ( تلس ) و ( زالنجي ) و ( الابيض ) و ( الترتر ) و ( الجنينة ) … ابقوا عافية و ابقوا الصمود .. دعواتكم لانو متحرك هسه ماشي القضارف اشرب قهوة في ( سيدي بيه ) و منها للفاو و الخياري و الشبارقة و الحرقة نور الدين .. اها اديتكم خط السير يا عملاء .. قصرت معاكم ؟؟
انا شايل ( إبرة ) مرتبة و حايم .. إبرة المراتب دي ما بتمرق الشوك .. دي بتمرق المسكيت من جزوره
نزار العقيلي

المصدر: موقع النيلين