تنذر بكارثة بيئية.. روبيمار أول سفينة تغرق في مواجهات البحر الأحمر
تاريخ النشر: 3rd, March 2024 GMT
صنعاء – دخلت السفينة روبيمار التاريخ كونها أول سفينة تغرق في البحر الأحمر، إثر تعرضها لهجوم صاروخي من جماعة أنصار الله الحوثيين، وبقاءها جانحة لمدة 13 يوما قبالة السواحل اليمنية.
وأثار غرق روبيمار جدلا كبيرا في الساحة اليمنية بين محذّر من الآثار الكارثية على البيئة البحرية، ومن مخاطر التداعيات الأمنية والعسكرية التي يمكن حدوثها في أعقاب غرق السفينة، وبينما حمَّلت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا جماعة الحوثيين المسؤولية عن الكارثة البيئية لإغراق روبيمار، رمت الأخيرة بالمسؤولية على الولايات المتحدة.
وعدّ أحمد عوض بن مبارك رئيس الحكومة اليمنية غرق السفينة روبيمار كارثة بيئية لم تعهدها اليمن والمنطقة، وقال في تغريدة على موقع إكس "هي مأساة جديدة لبلادنا وشعبنا وكارثة إنسانية تهدد حياة اليمنيين لعشرات السنوات".
وقال رئيس الحكومة إن من سمّاهم "مليشيا الحوثي لم تكتف بإغراق اليمن في كارثة الانقلاب والحرب وما تمخض عنها من مآس لحقت بكل أسرة يمنية".
السفينة روبيمار وهي تغرق قبالة سواحل اليمن بعد أيام من استهدافها من الحوثيين بالصواريخ (رويترز) من المسؤول؟في المقابل، قال القيادي في جماعة أنصار الله الحوثيين عبد الملك العجري، إن "من يتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن أي تلوث بحري محتمل لغرق السفينة البريطانية هو أولا وبالدرجة الأساسية الولايات المتحدة الأميركية".
وأضاف العجري في تغريدة بموقع إكس أن أميركا "مسؤولة عن الحرب في غزة وعن التصعيد الإقليمي الناتج عنها؛ بسبب عرقلتها المتكررة لكل قرارت وقف الحرب في مجلس الأمن الدولي، وهي من تتحمل مسؤولية عسكرة البحر الأحمر".
وأشار القيادي الحوثي إلى أن "الشركة المالكة والشركة المشغلة للسفينة هي التي أصرت على المرور في البحر الأحمر رغم علمها بالمخاطر المترتبة على مرورها، ورفضها الاستجابة لتحذيرات الجيش اليمني".
وأعلن الحوثيون في 18 فبراير/شباط الماضي، إصابة السفينة البريطانية "روبيمار" بعد استهدافها بعدد من الصواريخ خلال إبحارها بالبحر الأحمر أمام ميناء المخاء اليمني.
وكان زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، أفاد الخميس الماضي بأن قواته استهدفت، منذ بدء عملية "طوفان الأقصى"، في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 54 سفينة في البحر الأحمر وباب المندب.
وأكد الحوثي استمرار جماعته في قرارها بمنع السفن المرتبطة بإسرائيل أو المتجهة إلى موانيها من المرور في البحرين الأحمر والعربي وخليج عدن، إسنادا للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة والشعب الفلسطيني الذي يتعرض لحرب إبادة من الكيان الإسرائيلي، حسب تعبيره.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية، قد تحدثت سابقا عن تسرب بقعة زيت بطول 18 ميلا بحريا، واتهمت الحوثيين بالتسبب بكارثة بيئية محتملة في البحر الأحمر، جراء استهدافها بالصواريخ سفينة "روبيمار" المحملة بأكثر من 41 ألف طن من الأسمدة، مؤكدة أن "السفينة راسية ولكن الماء أصبح يتسلل إلى داخلها ببطء".
كارثة بيئية
وقال أستاذ تقييم الأثر البيئي المشارك بجامعة الحديدة الدكتور عبد القادر الخراز، إن غرق السفينة روبيمار يشكل كارثة بيئية كبيرة وخطيرة سواء على الإنسان اليمني أو الأحياء البحرية في المياه الإقليمية اليمنية، ومناطق الصيد البحري في هذه المنطقة الحيوية.
وأكد الخراز، وهو رئيس سابق لهيئة حماية البيئة في اليمن، للجزيرة نت أن المخاطر على البيئة البحرية كبيرة جدا، وتتمثل في تلوت مياه البحر بالأسمدة عالية الخطورة.
وأشار إلى عوامل عدة توضح الكارثة لغرق السفينة روبيمار؛ وهي كالتالي:
المواد التي تحملها السفينة من أسمدة فوسفات الأمونيا ستذوب في مياه البحر وتلوثه، وستؤدي إلى انخفاض نسبة الأوكسجين الذائب في الماء مما سيؤدي إلى موت الكائنات البحرية، في حين أن بعضها -مثل الرخويات والأسماك- ستحمل هذه السموم وستنتقل عبر الصيد إلى السلسلة الغذائية العليا، وسيؤثر في المجتمعات الساحلية وحتى المناطق الداخلية باليمن، وربما يؤدي إلى انتشار أمراض سرطانية. الباخرة روبيمار صُنعت في 1997 أي أنها تعمل منذ 27 عاما، ولذا هي -أيضا- تعدّ نفايات وفقا لعمرها الافتراضي الذي لا يتجاوز الثلاثين عاما. حمولة روبيمار الغارقة تبلغ 41 ألف طن، وأعلن أنها تحمل 20 ألف طن من الأسمدة الكيميائية الخطرة، ولم يوضح نوعية باقي نصف الحمولة للباخرة، مع العلم أن هذه الأسمدة تتكون من فوسفات الأمونيا السائبة غير المغلفة، وهي تشمل -كذلك- مواد كيميائية أخرى.ويوم الخميس 29 فبراير/شباط الماضي، كان عدد من الصيادين من منطقة المخاء قد تجمعوا حول السفينة روبيمار، وضُربت السفينة عبر طيران مسيّر لا يُعرف هل هو تابع للحوثيين أو للقوات الأميركية، وقُتل في الحادث اثنان من الصيادين وجرح الباقي منهم.
الولايات المتحدة تشن غارات تستهدف مقارا لجماعة الحوثي ردا على هجمات الأخيرة في البحر الأحمر (الأناضول) مخاطر أمنيةفي السياق ذاته رأى الخبير في الأمن البحري الدكتور علي الذهب أن هناك تأثيرات كبيرة لحادثة غرق السفينة روبيمار، خاصة على صعيد تدفق ومرور السفن التجارية من باب المندب وقناة السويس، حيث سيزداد توجه السفن إلى التحرك عبر رأس الرجاء الصالح والالتفاف حول القارة الأفريقية.
وفي حديث للجزيرة نت، قال الدكتور علي الذهب إن المخاطر الأمنية الأكبر التي ستمس دول المنطقة هو ما ستتخذته أميركا وبريطانيا ودول الغرب من إجراءات عسكرية لمواجهة هجمات الحوثيين، واستهدافهم للسفن التجارية وناقلات الشحن البحرية.
ويشن تحالف غربي تتزعمه الولايات المتحدة غارات تستهدف مقارا لجماعة الحوثي ردا على هجمات الأخيرة التي تستهدف السفن في البحر الأحمر.
ولم يستبعد المتحدث ذاته أن تتخذ الشركات العالمية البحرية تدابير وفق تحالفات فيما بينها تجاه المواني الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، خاصة مواني الحديدة، وتفرض على السفن الامتناع عن الرسو بها، أو إفراغ حمولاتها وشحناتها التجارية والنفطية بها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة السفینة روبیمار فی البحر الأحمر سفینة روبیمار غرق السفینة کارثة بیئیة
إقرأ أيضاً:
هآرتس: الحرب مع إسرائيل تعزز قبضة الحوثيين على الداخل وتثير قلق دول الخليج (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة عبرية إن الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وجماعة الحوثي يعزز قبضة الأخيرة على الداخل اليمني ويثير في الوقت نفسه قلق دول الخليج العربي.
وذكرت صحيفة "هارتس" في تحليل للباحث تسفي برئيل وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن الحرب المستمرة تحافظ على النظام الصارم للحوثيين في اليمن، وليس هناك يقين من أنه إذا انتهت الحرب في غزة، أو إذا طلبت إيران منهم وقف هجماتها، فإن المتمردين سيتوقفون عن إرهاب إسرائيل والبحر الأحمر.
وقال التحليل إن اتفاق الرواتب، وهو نتاج لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 2022 بين الحكومة اليمنية والحوثيين، يشكل انتصارا مهما للحوثيين لأنه قد يزيل على الأقل عنصرا واحدا من القائمة الطويلة من العوامل التي تشكل تهديدا مستمرا لاستقرار نظام الحوثيين الذي سيطر على صنعاء في عام 2014.
وأضاف "في مواجهة هذه الترتيبات والاتفاقيات التي تدعم نظام الحوثيين، قد يتساءل المرء عن مدى تأثير هجمات إسرائيل على ميناء الحديدة وأهداف أخرى على قدرة النظام على مواصلة الحرب أو ردعه عن إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.
نطاق العمليات الإسرائيلية محدود
وحسب التحليل فإن الأمر الأكثر أهمية هو أنه على الرغم من الصور المثيرة للإعجاب القادمة من المواقع المتضررة وانقطاع التيار الكهربائي المرتبط بها، فإن نطاق العمليات الإسرائيلية في اليمن محدود. ومع ذلك، لا يرجع هذا إلى نقص القدرات العسكرية. فعندما يتم ضرب ميناء الحديدة، لا يتوقف الضرر في مناطق الحوثيين، بل يؤثر على البلاد بأكملها.
وطبقا للصحيفة فإن الحديدة هي ميناء الدخول ليس فقط للأسلحة الإيرانية والمساعدات العسكرية، ولكن أيضًا للمساعدات الإنسانية المخصصة لنحو 70 في المائة من سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر. وكان هذا أيضًا السبب وراء تجنب الولايات المتحدة وشركائها في التحالف العسكري الذي أنشأته في البحر الأحمر لمكافحة التهديد الحوثي مهاجمة الميناء باستمرار.
ووفقا للصحيفة العبرية فإن استراتيجية الاستجابة الأمريكية تقوم على مبدأ "الردع والتدهور" في مواجهة الحوثيين في اليمن، وهو ما يعني عمليًا ضرب القواعد العسكرية ومواقع إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، ولكن ليس البنية التحتية المدنية.
قلق دول الخليج
وترى أن إدارة بايدن، التي لا تخلو إدارتها لحملة البحر الأحمر من التناقضات، سعت دون جدوى إلى اتباع سياسة ثنائية، تعزيز المفاوضات بين شطري اليمن بيد واحدة والعمل بقوة ضد الإرهاب الحوثي الذي شل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد العالمي بشكل عام ودول المنطقة بشكل خاص.
وقالت "للوهلة الأولى، لا تواجه إسرائيل مثل هذه المعضلة، ولا يشكل تدمير البنية التحتية المدنية عقبة في اعتباراتها الاستراتيجية. ولكن أكثر من غزة ولبنان، والآن في سوريا، يجب على اسرائيل أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط المصالح والسياسات الأمريكية، ولكن أيضًا مصالح وسياسات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
وأردفت "لم تنضم هذه الدول إلى التحالف العسكري المناهض للحوثيين الذي أنشأته واشنطن، على الرغم من الأضرار الاقتصادية التي تعاني منها. ويتمثل خوفها الرئيسي في أن يضعها الحوثيون على قائمة أهدافهم ويجددون هجماتهم على الأصول الاقتصادية الحيوية - وخاصة على المنشآت النفطية، كما فعلوا في عام 2019، عندما تضررت منشآت أرامكو".
وأوضحت أن هجمات من هذا النوع دفعت أبو ظبي إلى الانسحاب من التحالف العسكري الذي أنشأته المملكة العربية السعودية في عام 2017 وتوثيق علاقاتها مع إيران مقابل الهدوء من جانب الحوثيين. ولا تزال السعودية ترى نفسها وسيطًا في عملية السلام الداخلية في اليمن، والتي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى إنشاء حكومة يمنية يكون الحوثيون شركاء فيها.
وأفادت أن مصر حاولت التفاوض مع الحوثيين من أجل السماح لحركة المرور في قناة السويس بالتعافي، ولكن حتى الآن دون جدوى.
حرب البحر الأحمر تخدم سياسة الحوثي
وزادت هارتس "النتيجة هي أنه في حين أن إسرائيل شريكة في التحالف العسكري في البحر الأحمر، والذي يعتمد بشكل أساسي على القوات الأمريكية والبريطانية في اختيار أهداف هجماته، إلا أنها مقيدة بـ "الخطوط الحمراء" التي تمليها دول المنطقة، وعلى الرغم من توسيع نطاق الهجمات، إلا أنها لا تزال تبدو ملتزمة بنهج إدارة بايدن "الردع والتدهور".
"ولا يُتوقع أن يضمن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل توسيع القيود المفروضة على الاستجابات العسكرية. لقد دعم ترامب حرب المملكة العربية السعودية في اليمن، وفي عام 2019 استخدم حق النقض ضد مشروع قانون لخفض مبيعات الأسلحة إلى الرياض بسبب الكارثة الإنسانية الشديدة التي تسببت فيها الحرب في اليمن"، حد قول الصحيفة.
"لكن ترامب كان أيضًا الرئيس الذي أجبر السعوديين على بدء مفاوضات مع الحوثيين وحتى صرح بأن الحرب في اليمن لن تنتهي بقوة السلاح بل على طاولة المفاوضات"، وفق التحليل.
في غضون ذلك، لا يزال طموح انهيار النظام الحوثي من خلال استهداف البنية التحتية المدنية ومصادر الدخل -حسب التحليل- بعيدًا عن التحقق. مشيرا إلى إن ميناء الحديدة هو في الواقع مصدر دخل مهم للنظام، لكنه ليس المصدر الوحيد.
وتطرقت الصحيفة الإسرائيلية إلى إعلان الحوثي أن "الأميركيين يدفعون النظام السعودي نحو تصرفات حمقاء وعدوانية لن نقبلها. وحقيقة أننا منخرطون في "نظام الدعم" لغزة (مصطلح يرمز إلى وحدة الجبهات) لا تعني أننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء ضد تصرفاتهم الجنونية. سنرد بالمثل. الموانئ ضد الموانئ، والمطارات ضد المطارات، والبنوك ضد البنوك". وقد نجح التهديد، وتراجعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن قرارها.
وحسب هارتس فإن الحرب في البحر الأحمر تخدم السياسة التي يفرضها الحوثي على مواطنيه، فضلا عن فرض التجنيد العسكري والنضال الدؤوب ضد المنافسين السياسيين.
وخلصت صحيفة هارتس في تحليلها إلى القول "رغم أن صنعاء جزء من "حلقة النار" التي أنشأتها إيران، فإن بقاء النظام يشكل أولوية قصوى بالنسبة للمتمردين، والحرب المستمرة تخدم هذا الهدف. وبالتالي، ليس هناك يقين من أن الحرب في غزة ستنتهي، وحتى لو طلبت إيران من الحوثي وقف إطلاق النار في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، فقد لا يمتثل".